الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / النظام الإجرائي لتنفيذ أحكام التحكيم / الكتب / الأثر المانع لإتفاق التحكيم ومدى تأثيره على الاختصاص القضائي / نفاذ حكم التحكيم في مواجهة الغير

  • الاسم

    هات محيي الدين يوسف اليوسفي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    312

التفاصيل طباعة نسخ

نفاذ حكم التحكيم في مواجهة الغير:

 إذا كنا اتفقنا على أن حجية الشيء المحكوم فيه كأثر لحكم المحكمين تبقى نسبية، فإنه لا يخلو من أثر بالنسبة للغير، ولا يجوز لمن لم يكن طرفا في التحكيم أن يتجاهل الحكم استنادا إلى نسبية الأحكام، وقصر أثر الحكم على من كانوا أطرافا في الخصومة فقط. فالحكم بما له من قوة ثبوتية يكون حجة على الكافة سواء كانت لا تقبل إثبات العكس كما بين الخصوم أو تقبل أثبات العكس بالنسبة للغير. 

 ونظرا لتشابك العلاقات القانونية وتعقد المعاملات في وقتنا الحاضر وتعدد أطرافها، فإنه يمكن القول بأنه ورغم نسبية الأحكام فإن الغير يمكن أن يطار من نتيجة حكم لم يكن طرفا فيه، إذ يمكن توقيع حجز تحفظي بموجب حكم التحكيم على ما للمدين طرف التحكيم لدى الغير، حتى وإن لم يصدر بعد

اذن من القاضي بالحجز أو رفع دعوى صحة حجز، باعتبار حكم التحكيم و النفاذ، وفقا للمادتين ۲/۳۲۷ ، ۳۳۳ من قانون المرافعات النسبة لحجز ما للمدين لدى الغير. وتجدر الإشارة هنا إلى أن دعو المصري قد ساوى بين الحجز الواقع على ما للمدين لدى الغير الواقع على المنقول لدى الغير، فلم يلزم موقع الحجز في الحالة الأخيرة بوجوب استصدار إذن من القاضي.

ونظرا لأهمية حماية الغير الذي يمكن أن يضار بنتيجة حكم لم يكن طرفا فيه، فقد اهتمت كافة النظم القضائية بتلك المسألة، إذ أن القاضي المختص بالفصل في النزاع، لا يمكنه أن يمتنع عن الفصل في الدعوى لأنها تضر بشخص آخر غير أطراف النزاع، فالقاضي ملزم بالفصل في النزاع متجاهلا ارتباط المراكز القانونية. وجاءت التشريعات متضمنة عدة طرق يستطيع المتضرر من الأحكام من غير أطراف الدعوى أن يحمي نفسه من أثر تلك الحكم، مثل اعتراض الخارج عن الخصومة، وهو طريق طعن مقرر المصلحة الغير يهدف إلى تعديل الحكم أو إلغائه، كما أجازت التشريعات للغير بالتدخل في الدعوى، فضلا عن تمكينه من اللجوء إلى وقف تنفيذ الحكم بالطرق القانونية لوقف التنفيذ.

وبناء عليه سيتم تخصيص الباب الثاني من هذا البحث عن مفهوم الغير ودوره في الاعتراض على حكم التحكيم، سواء عن طريق الطعن العادي الاستئناف

في التشريعات التي تجيز ذلك ومدى ملائمة هذا النوع من الطعن مع نظام التحكيم، أو عن طريق الطعن غير العادي كالتماس إعادة النظر والتمييز، وإذا لم يلجأ الغير المتضرر من الحكم إلى تلك الطرق، هل يستطيع رفع دعوى بطلان الحكم الصادر من هيئة تحكيم، وإذا ما استصدر المحكوم له امر بتنفيذ الحكم، ما الذي يستطيعة المتضرر من ذلك التنفيذ فعله تجاه عملية التنفيذ؟.

 مفهوم الغير ودوره في الاعتراض على حكم التحكيم:

محكمة النقض المصرية أن "التاريخ الذي يثبته المحكم لحكمه ة على الخصم، ولا يستطيع جحده إلا باتخاذ طريق الطعن بر في الحكم، لأن حكم المحكم يعتبر ورقة رسمية شأنه في ذلك شأن الأحكام التي يصدرها القضاء".

كان لابد من هذا الاستشهاد البيان أهمية ما يثبته حكم التحكيم، فإذا

سلمنا بأن الحكم الصادر من المحكم يتمتع بالطابع الرسمي الذي تتمتع به الأحكام القضائية، وبالرغم من أن قوة إثباتها على الغير ليست كإثباتها على أطراف الخصومة الذين لا يستطيعون مناقشة ما فصل فيه، وأن الغير يستطيع إثبات عكس ما قرره الحكم، إلا أن ذلك يعني أن الحكم ليس مجرد ورقة بيضاء في مواجهته، بل وسيلة إثبات قد تستخدم في مواجهته كورقة رسمية لها من القوة الإقناعية ما لأحكام القضاء.

وبناء على ما سبق نعتقد بأنه يتحتم الاعتراف للغير الذي يتضرر من حكم التحكيم بالاعتراض عليه بشتى الوسائل التي ينظمها القانون، لاسيما وأن الواقع العملي وبما يشهده من تداخل العلاقات وتشابكها فرض على التشريعات تنظيم تلك الوسائل، حتى لا تكون الأرض خصبة لصدور أحكام متعارضة، ذلك أن أي فرد يتضرر من حكم التحكيم سيلجا بحكم الأصل العام إلى القضاء بدعوي جديدة للمطالبة بحقه، لكنه إذا وجد من الوسائل ما يغنيه عن تلك الإجراءات المعقدة والمواعيد المطولة، فإنه بلا شك سيباشر أسهل إجراء يمكنه من خلاله تحقيق ذات الغاية.

وإذا كانت معظم التشريعات لا تؤمن بفكرة العيش المشترك بين التحكيم والطعن، لذلك نجدها تتبنى موقفا محافظا للغاية تجاه الطعن في القرار التحكيمي مثل المشرع المصري، فإننا نجد المشرع الكويتي يقتن فكرة التعايش المشترك بينهما على أوسع نطاق، تماما كالتعايش بين الحكم القضائي وخضوعه لطرق الطعن المختلفة.

الغير وتمييز حكم التحكيم :

ويختلف عمل محكمة التمييز الكويتية عن نظيرتها النقض المصرية الد تتحلد سلطة محكمة التمييز إما بتأييد الحكم أو بتمييزه، أما محكمة النقض فإنها قد تحيله إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه فتحكم فيه مجددا بناء على طلب الخصوم، والطعن بالتمييز مثل غيره من الطعون يجب أن تتوافر فيه شروط قبوله التي تنقسم إلى شروط عامة الصحة والصفة) و شرط خاص يتعلق بالميعاد.

وحيث أن حكم المحكمين ليس صادرا من محاكم الدولة فضلا أنه قد يكون غير نهائي لاتفاق الخصوم على جواز الاستئناف ل قانون المرافعات الكويتي)، لذلك لا يجوز الطعن فيه بالتمييز، في محكمة التمييز هي ضمان وحدة القضاء أو وحدة الأحكام الصادرة .. المحاكم التي تندرج في التنظيم القضائي للدولة، ولا يشمل هذا التنظی أحكام هيئات التحكيم.

وطبقا للمادة العاشرة من قانون التحكيم القضائي الكويتي رقم ( السنة 1995، فإنه يجوز الطعن في الحكم الصادر من هيئة التحكيم بالتمييز في الأحوال التالية: مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر على الحكم، إذا قضت هيئة التحكيم على خلاف حكم سبق صدوره بين ذات الخصوم حاز حجية الأمر المقضي سواء صدر من المحاكم العادية أو إحدى هيئات التحكيم، وأخيرا إذا تحقق سبب من الأسباب التي يجوز من أجلها التماس إعادة النظر. وتجدر الإشارة إلى أن القانون المذكور يمنع الطعن في الحكم الصادر من هيئة التحكيم القضائي بأي طريق أخر من طرق الطعن.

ونعتقد في هذا الصدد أن قانون التحكيم القضائي وبما نظمه من اجراءات يؤكد ما سبق وأشرنا إليه، بأنه ليس سوى محاولة من السلطة القضائية للهيمنة على منازعات التحكيم، تحت ذريعة تفادي السلبيات التي انتجت عن التطبيقات العملية للمادة ۱۷۷ من قانون المرافعات، فالمشرع الكويتي توسع في اختصاص هيئة التحكيم القضائي حتى أصبح الأصل هو التحكيم القضائي إذا لم يشر العقد إلى غير ذلك، ولما كانت الغلبة في بشكل هيئة التحكيم القضائي للعناصر القضائية المعينة من الدولة، وتتم الإجراءات بشكل لا يختلف كثيرا عما هو مطبق فعلا في محكمة و ان الغاية المترجاة من اللجوء إلى نظام التحكيم تتضاءل بل سرعة الفصل في المنازعات، ولعل المشرع الكويتي يسارع إلى تشريع مستقل للتحكيم العادي لأن التحكيم القضائي لن يكون بديلا انه في حال من الأحوال، وقد أكدت ذلك هيئة التحكيم القضائی (۱۲۹) بنفسها في حكم لها تقول فيه " وحيث أن القانون رقم۹۰/۱۱ في شان التحكيم القضائي في المواد المدنية والتجارية الذي يحكم اختصاص هذه الهيئة قد نص على أن تختص

هيئة التحكيم بالمسائل الآتية: 1. الفصل في المنازعات التي يتفق ذوي الشأن على عرضها عليها، كما تختص بالفصل في المنازعات الناشئة عن العقود التي تبرم بعد العمل بهذا | القانون وتتضمن حل هذه المنازعات بطريق التحكيم ما لم ينص في العقد أو في نظام خاص بالتحكيم على غير ذلك، ومفاد ذلك أن حل المنازعات بطريق التحكيم القضائي وفيما يتعلق بتلك التي تنشب بين الأفراد تحديدا، ليس إلا طريقا اختياريا لفض النزاع مرده رغبة الطرفين في اختصار إجراءات التقاضي متى التقت إرادتهما على إعمال أحكام القانون مشكورة بعرض نزاعها على هيئة التحكيم القضائي المشكلة بموجبه، والبر في حكم اتفاق ذوي الشأن على عرض نزاعهما على هيئة التحكيم الي ان يكون عقد النزاع المتضمن شرط التحكيم قد أبرم بعد العمل الون، وان لا ينطوي على ما يحول دون اختصاص تلك الهيئة أو عرض مع إجراءاتها كأن ينص في العقد على اختيار إجراءات أخرى خلف إجراءات التحكيم القضائي وغير ذلك مما يفهم معه انصراف در ادهم إلى إعمال التحكيم الاختياري، فيتوجب عندئذ اخترام تلك الإرادة. لك أن نظام التحكيم القضائي ليس بديلا عن التحكيم العادي المنصوص عليه في المواد (۱۷۳-۱۸۸) من قانون المرافعات المدنية والتجارية او الإجراءات التقاضي العادي أمام المحاكم... لما كان ذلك وكان الثابت ۔ الإطلاع على عقد الاستثمار المبرم بين الطرفين والمؤرخ ۱۹۹۶/۸/6 من حل أي نزاع ينشب بينهما عن طريق التحكيم وفقا لقواعد الصلح والتحكيم المعمول بها في دولة الكويت، مما يدل على أن إرادة الطرفين اتجهت إلى اللجوء إلى التحكيم العادي المنصوص عليه في الباب الثاني عشر من قانون المرافعات المدنية، إذ أنهما لو قصدا حل نزاعهما عن طريق التحكيم القضائي لنص في العقد صراحة ودون لبس أو غموض على ذلك في العقد المبرم بينهما، خاصة وأنه قد أبرم بعد العمل بالقانون رقم ۹۰/۱۱ في شأن التحكيم القضائي ومن ثم تنتهي هذه الهيئة إلى القضاء بعدم اختصاصها ولائيا بنظر طلب التحكيم المائل عملا بالمادة 1/3 من قانون رقم ۹۰/۱۱ في شأن التحكيم القضائي". 

ولعل هذا الحكم المهم يوجب علينا التوقف أمامه