التنفيذ / النظام الإجرائي لتنفيذ أحكام التحكيم / الكتب / التنظيم القانوني لمراكز التحكيم الدائمة دراسة تحليلية مقارنة / القانون الواجب التطبيق والحكم بإثبات الصلح
الاسم
التنظيم القانوني لمراكز التحكيم الدائمة دراسة تحليلية مقارنة
في كافة مراكز نصت المادة ۱/۲۸ على قاعدة أصبحت مستقرة عالمياً ومعروفة في ميدان التحكيم الدولي، تقضي بأن للأطراف أن يختاروا القانون الموضوعي واجب التطبيق على النزاع، وأنه إذا لم يقم الأطراف بالإتفاق على هذا القانون يتعين على هيئة التحكيم تطبيق القانون الذي تقضي به قواعد تنازع القوانين التي تختارها الهيئة الواقع أن الأصل هو قانون الإرادة أي إرادة الأطراف، وهذا الحكم إستقر عليه الفقه والقضاء والمعاهدات الدولية ولوائح مراكز التحكيم في مختلف أنحاء العالم وعند تخلف الإرادة يكون الإعتداد بقانون مكان التحكيم وفقاً لما مبالد أغلب التشريعات الوطنية وكما في بينا أنفا ان إجراءات التحكيم أن اتفاق الأطراف على تنظيم إجراءات التحكيم يأخذ صوراً عدة فقد يتولوا بأنفسهم وضع قواعد مفصلة للإجراءات في إتفاق التحكيم وقد يتفقوا على تطبيق قواعد الإجراءات المنصوص عليها في قانون وطني معين أو في لائحة أحد مراكز التحكيم وقد يوكلوا هذه المهمة لهيئة التحكيم للقيام بها نيابة هذا حالة التحكيم الحر أو ما يسمى بتحكيم الحالات الخاصة special cases of arbitration). أما إذا إتفق الأطراف على تعيين مركة ركز أو منظمة . من منظمات التحكيم الدائمة ليتولى العملية التحكيمية فإن هذه المراكز لديها لوائح تشتمل على قواعد تفصيلية تحدد الإجراءات الواجبة الإتباع بشأن التحكيم إبتداءً من تقديم طلبات التحكيم ودعوة الخصوم للحضور أمام هيئة التحكيم، وسماع المرافعات وإنتهاء بصدور قرار التحكيم، وهي عادةً تكون قواعد متحررة من الشكليات التي تتطلبها التشريعات الوطنية بما يتناسب مع السرعة التي يهدف إليها الأطراف من اللجوء للتحكيم، لذلك فإن تعيين أي من هذه المراكز لتولي ضمناً الإتفاق على إتباع لوائح هذه المراكز بما تشتمل عملية التحكيم يعني عليه من قواعد تتعلق بالإجرءات.
ولا خلاف في أن الأطراف يكون لهم الحرية التامة في تحديد قواعد. الإجرءات التي يتعين إتباعها لا يقيدهم في ذلك إلا ضرورة مراعاة القواعد الآمرة والنظام العام في الدولة التي يجري فيها التحكيم. نصت الفقرة (۳) على أنه لا يجوز لهيئة التحكيم الفصل في النزاع بالصلح إلا إذا إتفق الأطراف على ذلك صراحة.
وقد أوجبت الفقرة (٤) من المادة (۲۸) على هيئة التحكيم أن تطبق شروط العقد عند إصدار الحكم مع مراعاة العرف التجاري السائد في نوع النشاط التجاري محل النزاع.
وقد يصل أطراف النزاع خلال نظر دعوى التحكيم إلى تسويته بالصلح، وقد إستقرت قواعد التحكيم الداخلي والدولي على أنه في هذه الحالة تصدر هيئة التحكيم حكماً بإثبات هذا الصلح وإعتباره في قوة السند التنفيذي وهذا ما نصت عليه المادة (۳۰) من النظام، وقد أضاف النص أنه يكون لحكم التحكيم في هذه الحالة نفس صفة وأثر أحكام التحكيم التي تصدر دون صلح وحينما لا يوجد اتفاق بين الأطراف على قواعد الإجراءات أو على قانون يطبقه المحكمون في هذا الصدد أو إذا كانت القواعد التي إتفق عليها الأطراف غير كافية في تغطية مسألة أو أخرى من المسائل الإجرائية وعدم إشارتهم إلى قانون يطبق على هذه الإجرءات ففي هذه الحالات لا مناص من الرجوع إلى قواعد التنازع في القانون الدولي حيث يلاحظ أنها قواعد متباينة في التشريعات الوطنية.
إصدار الحكم وضوابطه التحكيمية
نص المادة (٢٩) بقاعدة مستقرة عالمياً وهي أن يصدر الحكم بأغلبية أعضاء هيئة التحكيم، ولكنه أجاز إتفاق الأطراف على خلاف ذلك،
وقضى النص بأنه في المسائل الإجرائية يجوز أن يصدر رئيس الهيئة قرارات فيها وإشترط النص لذلك أن يأذن له أطراف النزاع أو باقي أعضاء الهيئة.
إن هذا النص قد جانبه التوفيق إذ أن صدور بالأغلبية قاعدة تعتبر من النظام العام الدولي وتتعلق بحسن سير أحكام هيئة التحكيم لدى هذا القضاء الخاص وليس مفهوما جواز إتفاق الأطراف على خلاف قاعدة الأغلبية، فإن كان المفهوم انه يجوز لرئيس الهيئة إصدار الحكم النهائي في النزاع فهذا يلغي دور المحكمين الآخرين في المداولة ويجعل حجج باقي المحكمين لا فائدة منها، ولو كان الأطراف يفضلون أن. يصدر الحكم شخص واحد لإتفقوا منذ البداية على إختيار محكم فرد للفصل في النزاع ويلزم قبول حكمه.
ومن ناحية أخرى، فإن النص أجاز لرئيس هيئة التحكيم أن. القرارات في المسائل الإجرائية ومثال ذلك إعلان الجلسات وتحديد مواعيد تقديم الدفوع والمستندات، ولكنه إشترط موافقة الخصوم وإما موافقة باقي المحكمين.
حتى يباشر الرئيس هذه المهمة وبذلك فإن النص غير منضبط وغير دقيق فإما أن يحول الرئيس سلطة القرارات الإجرائية المطلقة دون حاجة إلى موافقة أحد، وإما أن يخوله هذه السلطة ويترك الموضوع لتطبيق القواعد العامة فتصدر قرارات الإجراءات بالأغلبية الواردة في اليونسترال. ويرى الفقهاء أنه يكون للمحكمين حرية وضع قواعد إجرائية أو إتباع أي نظام إجرائي معتمد في أحد المراكز الدائمة للتحكيم، كما هو الأخذ بالقواعد الآمرة والنظام العام في قانون الدولة مكان التحكيم، وكذلك يجب على المحكمين إحترام حدود السلطة المخولة لهم في إتفاق التحكيم بشأن تنظيم إجراءات التحكيم كما يجب عليهم أن يضعوا في الإعتبار أيضاً القواعد الإجرائية في قانون الدولة التي يرجح أن يتم تنفيذ القرار فيها.
ولم يتعرض نص المادة (۲۹) لحالة تحدث عملياً وهي إنقسام رأي المحكمين عند المداولة بأن كان لكل محكم رأي مخالف لباقي المحكمين، وفي هذه الحالة يتعذر الوصول إلى الأغلبية. وقد عالجت التحكيم الدولي الأخرى هذه المشكلة بأن يصدر رئيس الهيئة الحكم بمفرده منسوباً إلى الهيئة بتكوينها الكامل.
في المداولة فلا حل لذلك فإنه طبقاً للنظام إذا حدثت هذه المشكلة لها سوى ثبوت عجز الهيئة عن إصدار الحكم وعرض النزاع على القضاء ليقرر ما يراه، فإما أن يحال إلى هيئة تحكيم أخرى تكون من جديد، وإما أن يتصدى القضاء للفصل في النزاع.
ومن المبادئ المسلم بها فقهاً وقضاءاً في القانون المقارن مبدأ حرية أطراف التحكيم في إختيار القانون الذي يطبقه المحكم على موضوع النزاع، ولا تكاد تخلو لائحة . لوائح مراكز التحكيم الدائمة أو معاهدة دولية متعلقة بالتحكيم من نص على تطبيق القانون الذي يتفق الأطراف عليه بشأن موضوع النزاع، وتؤكد على هذا المبدأ أيضاً قرارات التحكيم الصادرة في هذا المجال حيث تعطى الأولوية دائماً للقانون الذي إتفق أطراف النزاع على تطبيقه حتى أصبحت قاعدة ملزمة لأي محكم أيا كان نوع التحكيم الذي يعمل في إطاره أي سواءً كان تحكيم حالة خاصة أو كان تحكيم مؤسسي. فالأصل إذن أن يطبق المحكمون القواعد القانونية التي يتفق عليها الأطراف وهذا ما اكدته المادة (۲۸) من قانون اليونسترال وتعبر عنه كذلك النزاع، ولو كان قانوناً أجنبيا عن مكان التحكيم أو جنسية أطرافه أو المحكمين كما قد يتفقوا على تطبيق نظام قانوني معين و إن لم ينتم إلى دولة معينة كالإتفاق على تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية.
ویری جانب من الفقه أنه إذا إتفق الأطراف على تطبيق قانون دولة معينة فإنه يتعين على المحكم تطبيق القواعد الموضوعية في هذا القانون دون قواعد الإسناد فيه أي دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين، وقد أخذ بهذه القاعدة القانون النموذجي مادة (۱/۲۸)؛ بينما يرى جانب آخر الفقه أنه على الرغم من حرية طرفي التحكيم في إختيار القانون الواجب النفاذ على موضوع النزاع فإن الحاجة إلى قاعدة إسناد لتحديد القانون الواجب النفاذ تشكل قائمة خاصة في الأحوال التي تخرج بطبيعتها عن سلطان قانون الإرادة هو الحال بالنسبة للأهلية والشكل اللازم لإفراغ التصرف فيه، وكذلك الحالة التي يضطر فيها المحكم إلى إستبعاد القانون الذي إتفق عليه الأطراف إذا كان يتعارض مع النظام العام. أما إذا لم يتفق الأطراف صراحةً على القواعد القانونية واجبة النفاذ فإنه عندئذٍ يترك لهيئة التحكيم إختيار هذه ذلك تحت مسميات عديدة فتارةً يبرر ذلك بفكرة الإرادة الفنية للأطراف التي تستخلصها الهيئة من مختلف ظروف النزاع وتارةً يبرر الفكرة الإرادة الضمنية المفترضة أو تطبيق المبادئ العامة للقانون.
وقد ذهبت المادة (۳۱) لتسبيب أحكام التحكيم، وأجازت لأطراف النزاع الإتفاق على خلاف ذلك، وأجاز النص عدم التسبيب في حالة أخرى وهي صدور الحكم بإثبات الصلح الذي أبرمه الخصوم أثناء نظر الدعوى تطبيقا للمادة (۳۰) من النظام وهو بمثابة تسوية للقضية موضوع النزاع. وقد نصت المادة ۱/۳۱ من النظام على أنه يكفي توقيع غالبية أعضاء هيئة التحكيم على الحكم، مع وجوب بيان سبب عدم توقيع العضو الذي لم يوقع عليه يبين النص المكان الذي يجب ذكر سبب عدم التوقيع فيه، هل هو معلل أم لا لمنطوق الحكم أو في أسبابه أو في محضر خاص بالمداولة. وأوجبت المادة ٣/٣١ أن يذكر في الحكم تاريخ صدوره ومكان نظر التحكيم ونصت المادة ۳/۳۲ على قاعدة هامة وهي إنتهاء ولاية هيئة التحكيم بإصدار الحكم أو إصدار قرار بإنهاء الإجراءات طبقاً للمادة ٢/٣٢ في حالة سحب المدعى لدعواه أو إتفاق الأطرف على ذلك أو وجدت هيئة التحكيم أن إستمرار نظر الدعوى أصبح مستحيلاً أو غير ذي جدوى.