الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / النظام الإجرائي لتنفيذ أحكام التحكيم / الكتب / التحكيم في الصفقات العمومية وفقاً للتشريع الجزائري / طرق الطعن في أحكام التحكيم 

  • الاسم

    أستاذ دكتور دربال عبد الراوق
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    180
  • رقم الصفحة

    135

التفاصيل طباعة نسخ

طرق الطعن في أحكام التحكيم 

    عامل المشرع الجزائري تنفيذ أحكام التحكيم الداخلية او الدولية بنفس الأحكام، غير أنه ميز بين معاملة حكم التحكيم الداخلي وحكم التحكيم الدولي في طرق الطعن.

1. حكم التحكيم الداخلي

  أقر المشرع في المادة 1033 ق إ م إ، حق استئناف حكم التحكيم الداخلي، وذلك في اجل شهر من تاريخ صدوره وعلق ذلك على شرط عدم تنازل الاطراف على هذا الحق في اتفاقية التحكيم.

   كما أن استئناف حكم التحكيم له أثر ناقل يقضي بتحويل النزاع برمته أمام مجلس الدولة للنظر فيه من جديد، وهذا ما يجعل اللجوء إلى التحكيم الداخلي في منازعات الصفقات العمومية دون جدوى، باعتبار أن إتفاق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم يهدف إلى تفادي إجراءات التقاضي الطويلة والمعقدة، فكيف بهم يعدون إليه للنظر في حكم هيئة التحكيم؟ 

   هذا وقد أشار المشرع إلى طريقين غير عاديين للطعن في أحكام التحكيم الداخلية فقد نص على الطريق الأول في المادة 1032 ق إ م إ بقوله يجوز الطعن في أحكام التحكيم عن طريق اعتراض الغيـر الخـارج عن الخصومة أمام المحكمة المختصة قبل عرض النزاع على التحكيم"، فالمحكمة المختصة للفصل في منازعة الصفقة العمومية قبل عرضها على التحكيم، المحكمة الإدارية وبالتالي هي المختصة للفصل في هذا الطعن، مع التحفظ طبعا ما لم يوجد نص خاص في حالات معينة يقضي بخلاف ذلك.

   ولم يحدد المشرع أجلا معينا لرفع هذا الطعن وعليه تطبق عليه احكام المادة 384 ق إ م إ ، والتي حددت أجل هذا الطعن بـ 15 سنة تسري من صدور حكم التحكيم ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

   ونشير ان الحكم الذي يفصل في الاعتراض يقبل الطعن بكافة طرق الطعن، غير أنه متى رفض الاعتراض فإن المعترض يُغرّم مع مصادرة مبلغ الكفالة، إضافة إلى حق المعترض ضدهم في التعويض وعن الضرر الناتج من جراء هذا الطعن.

كما أنه يمكن ملاحظة أنه لا يمكن الطعن بالنقض في قرارات المحاكم الإدارية الفاصلة في استئناف أحكام التحكيم أمام مجلس الدولة، وذلك اعتبارا أن المادة 11 من القانون العضوي (11-13 المعدل والمتمم للقانون العضوي 01-98 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله نصت على أنه: "يختص مجلس الدولة بالنظر في الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة في آخر درجة عن الجهات القضائية الإدارية، ويختص أيضا بالنظر في الطعون بالنقض المخولة له بموجب نصوص خاصة، وقد جاء في رأي المجلس الدستوري المتعلق بمراقبة مطابقة القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي 98-01 للدستور أن : المادة 11 منه تعد دستورية مع تحفظ أن عبارة نصوص خاصة القصد منها نصوص تكتسي نفس طابع القانون العضوي تأسيسا على المادة 153 من الدستور والتي نصت على: " يحدد قانون عضوي .... ومجلس الدولة .... واختصاصاتهم الأخرى" ، وعلى اعتبار أن آراء وقرارات المجلس الدستوري نهائية وملزمة للكافة .

 

-ويعد الطعن بالبطلان طريق مغاير لطرق الطعن المعهودة بالنسبة للأحكام القضائية، ولا  تشكل دعوى البطلان في هذه الحالة جزءا من هيكل خصومة التحكيم أو مرحلة من مراحلها ، وقد أقر المشرع على هذا المعنى في المادة 1031 ق إ م إ، بقوله أن احكام التحكيم لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون إجراءات المدنية والادارية ،كما أن القضاء المختص في هذه المناسبة لا يملك تغيير أو تعديل حكم التحكيم، فهو يملك سوى الحكم بصحة حكم التحكيم او الحكم ببطلانه ، ولا يهم درجة عدم عدالته أو جسامة الأخطاء في التقدير الواردة فيه، فالقاضي لا يملك غير تقرير مشروعيته من عدمها وفق أسباب محددة.

 ويتعلق الطعن بالبطلان بحكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر فقط، وقد خصه المشرع بشروط خاصة وآجال خاصة، فقد نصت المادة 1058 ق إم إ على أنه يمكن أن يكون حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر موضوع طعن بالبطلان في حالات محددة على سبيل الحصر في المادة 1056 من نفس القانون، وأجاز المشرع إقامة دعوى البطلان بمجرد صدور حكم التحكيم، غير أن هذه الدعوى ترفع في أجل شهر يبدأ من يوم التبليغ الرسمي للأمر القاضي بتنفيذ حكم التحكيم، وهذا ما نصت عليه المادة  1059 ق إ م إ .

   ويبقى أن نتساءل عن القضاء المختص بالنظر في دعوى البطلان في هذه الحالة، خاصة ونحن أمام منازعة تتعلق بالصفقات العمومية، هل تكون نفس الجهة القضائية التي يستأنف أمامها أحكام التحكيم الداخلي على اعتبار أن الطعن بالبطلان يخص حكم التحكيم الدولي الصادر في الجزائر فقط؟، هل يكون أمام نفس الجهة القضائية التي يطلب منها إمهار حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية، على اعتبار أن رفض الطعن بالبطلان هو منح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم بقوة القانون؟ وفي ظل غياب أساس قانوني دقيق لا يمكن الجزم بأمر محدد في هذا الشأن.

   غير أنه تجدر الإشارة أن المادة 1056 ق إ م إ أقرت أن الطعن ببطلان حكم التحكيم يرتب بقوة القانون الطعن في امر التنفيذ، متى فصلت فيه المحكمة الإدارية طبعا، أما في حالة عدم فصلها فإنها تتخلى عنه في حالة الطعن بالبطلان .

   ويترتب على الطعن بالبطلان إما أن يبطل حكم التحكيم ويعتبر كأن لم يكن، أو يرفض الطعن فيمنح القرار التحكيمي الصيغة التنفيذية.

    اما في ما يخص أحكام التحكيم الصادرة خارج الجزائر فيطعن فيها عن طريق الاستئناف غير المباشر، وهو طريق طعن يوجه ضد الأمر القضائي الذي يرفض الاعتراف أو تنفيذ القرار التحكيمي، كما يوجه أيضا ضد الامر القاضي بالاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم، هذا ويكون الاستئناف بناء على الحالات الواردة في المادة 1056 ق إ م إ على سبيل الحصر والمذكورة سابقا. ونشير أن المشرع جعل الطعون في أحكام التحكيم الدولي موقفة لتنفيذها، ولا تحتاج لدعوى وقف تنفيذ ، وجعل من آجال ممارسة هذه الطعون موقفة للتنفيذ أيضا، وهذا ما نص عليه في المادة 1060 ق إ م إ، وهو ما يتعارض مع المبادئ التي تحكم تنفيذ الأحكام الإدارية.

   ومما تقدم يمكن ملاحظة ان المشرع جعل أسباب البطلان هي نفسها أسباب الاستئناف، وحرص على إمكانية استخدامهما في مرة واحدة خلال مدة واحدة وأمام نفس المحكمة، وهذا رغبة منه في إيجاد أسلوب واحد لإصلاح حكم التحكيم المعيب خاصة في مجال الصفقات العمومية، التي لا تقبل التعطيل بحكم طبيعتها وأهدافها، إلا أن طريق الطعن بالنقض امام مجلس الدولة غير ممكن مما يثير تساؤلا عن الجهة التي يؤول لها الطعن بالنقض في الأحكام التي طعن فيها بالاستئناف امام مجلس الدولة؟