ينفذ حكم التحكيم البحري الدولي في مصر بموجب أمر تنفيذ صادر عن قاضي التنفيذ في المحكمة المصرية المختصة وهو كما قررت المادة السادسة والخمسون من قانون التحكيم المصرى 1994 -رئيس محكمة استئناف القاهرة أو من يندبه من قضاتها، أو رئيس أية محكمة استئناف مصرية أخرى يتفق عليها الطرفان أو من يندبه من قضاتها للقيام بهذه المهمة.
الفرض الأول) أن يكون القانون المطبق على التحكيم هو قانون التحكيم المصري 1994، أو أي قانون تحکیمی اخر يستوجب إجراء مثل هذا الإيداع. وفي هذه الحالة ينبغي تنفيذ هذا الإيداع حتى يصير الحكم ملزما للأطراف كما قررت اتفاقية نيويورك 1985.
الفرض الثاني : أن يكون القانون المطبق على التحكيم هو قانون آخر خلاف القانون المصري، ولا يتطلب مثل هذا الإيداع وفى هذه الحالة نفضل عدم اشتراط الإيداع وبالتالي عدم اشتراط تقديم المستند الدال عليه لإلزام الحكم لأطرافه دون هذا الإيداع.
فإذا كان ميعاد الطعن بالبطلان مازال مفتوحا فإن القاضي المصرى لن يقبل طلب تنفيذ الحكم التحکیمی، وذلك كما قررت الفقرة الأولى من المادة الثامنة والخمسين من القانون المصرى تنفيذا للشرط الخامس من الشروط الواردة في اتفاقية نيويورك 1958.
وأما عن الشروط الواجب على القاضي المصري التحقق منها للأمر بتنفيذ الحكم فهي كما قلنا ثلاثة شروط هي :
أ) عدم تعارض حكم التحكيم مع حكم سبق صدوره من المحاكم المصرية في موضوع النزاع.
ب) عدم مخالفة حكم التحكيم للنظام العام في مصر.
ج) إعلان الحكم للمحكوم عليه إعلان صحيحاً.
ولنا على هذه الشروط الملاحظات الآتية :
أ) أن هذه الشروط الثلاثة يمكن إدماجها تحت شرط واحد وهو الشرط
الثاني حيث إن تعارض حكم التحكيم مع حكم قضائي سابق في موضوع النزاع يعد مخالفة للنظام العام المصرى، وكذا عدم إعلان الحكم للمحكوم عليه بعدم مخالفة للنظام العام لخرقه حقوق الدفاع بالنسبة للمحكوم عليه بعد تمكينه إما من تنفيذه اختيارية أو من الاعتراض عليه قبل فوات ميعاد الطعن.
فإذا أمر القاضي المصري بتنفيذ الحكم التحكيمي، فإن هذا الأمر بعد نهائياً حيث قررت الفقرة الثالثة من المادة الثامنة والخمسين من القانون المصرى عدم جواز التظلم من هذا الأمر، وبالتالي فإن القانون المصري يقرر للمطلوب ضده التنفيذ طريقة واحدة للاعتراض على الحكم وهي طريقة الطعن المباشر عليه كما ذكرنا في الفصل السابق، بحيث لا يجوز له الطعن غير المباشر على الحكم بالتظلم من أمر القاضي المصري بتنفيذ الحكم.
أما إذا رفض القاضي المصري تنفيذ الحكم، فإن الفقرة الثالثة من المادة الثامنة والخمسين من قانون التحكيم المصري قد أجازت لطالب التنفيذ - بالطبع - التظلم من أمر رفض التنفيذ الصادر عن القاضي المصري إلى محكمة استئناف القاهرة أو أية محكمة استئناف مصرية أخرى يتفق عليها الطرفان خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إصدار الأمر برفض التنفيذ.
وبالتالي فإن جهة الاختصاص بنظر التظلم هي محكمة الاستئناف المصرية التي يتبعها قاضي التنفيذ الذي أصدر أمرا برفض التنفيذ حيث إنها ستكون من البداية حتى النهاية هي المحكمة التي اتفق عليها الطرفان.
وأما عن كيفية فصل محكمة الاستئناف في تظلم طالب التنفيذ من أمر رفض التنفيذ، فإنه رغم أن قانون التحكيم المصرى لم يقرر هل تنظر المحكمة في التظلم بمثل ما نظر قاضي التنفيذ من قبل أي نظرة خارجية بناء على الوثائق أو المستندات فقط، أم يجب عليها أن تنظر في التظلم بنظام الدعوى الحضورية في مواجهة الأطراف، إلا أننا نرى أن الكيفية الثانية هي المقصودة لأن التظلم أمام المحكمة الاستئنافية وليس أمام قاض في المحكمة الاستئنافية.