تنفيذ حكم التحكيم البحري الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية
أما عن كيفية فصل المحكمة الأمريكية المختصة في طلب التأييد فإنه يتم على وجه مخالف لفصل قاضي التنفيذ الفرنسي في طلب أمر التنفيذ، حيث إن المحكمة الأمريكية تنظر في الطلب بنظام الفصل في الدعوى القضائية وذلك في حضور الأطراف وتقديمهم لدفاعهم وأدلتهم إلى غير ذلك.
أولاً : بطلان اتفاق التحكيم :
ويبطل اتفاق التحكيم كما ذكرنا عند تخلف احدى شروطه الموضوعية أو الشكلية كأن ينعدم الرضا أو يشوبه عـيـب مـن غلط أو غيره أو يكون أحد أطراف اتفاق التحكيم ناقص الأهلية.
هذه النظرة الضيقة لفكرة بطلان اتفاق التحكيم والتي وردت في المادة الثانية في فقرتها الثالثة من اتفاقية نيويورك ١٩٥٨ يطبقها القضاء الأمريكي بنفس مفهومها ونفس معاييرها بشأن السبب الأول أسباب رفض تنفيذ حكم التحكيم والوارد في المادة الخامسة في فقرتها الأولى / أ من نفس الاتفاقية .
ثانياً: عدم احترام المبادئ الأساسية للتقاضي:
وذلك بعدم إعلان المطلوب تنفيذ الحكم عليه إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بأى إجراء من إجراءات التحكيم، أو بعدم احـتـرام حقوق الدفاع بعدم تمكين أحد الأطراف من تقديم دعواه تقديماً كاملاً إلى غير ذلك من متطلبات العدالة التي تفرضها المبادئ الأساسية لأى فصل في نزاع سواء أكان قضائياً أم تحكيمياً..
ثالثا : تجاوز المحكمين لسلطاتهم :
وذلك بأن يفصل الحكم في نزاع غير وارد في اتفاق التحكيم أو يغفل الفصل في إحدي النقاط التي يثيرها هذا الاتفاق كما ورد في المادة الخامسة في فقرتها الأولى / جـ من اتفاقية نيويورك ١٩٥٨.
وهنا يبحث القضاء الأمريكي في النزاع للتأكد أن كل النقاط من التي يثيرها اتفاق التحكيم قد فصل فيها الحكم، ومن أن الحكم لم يفصل في مسألة لا يشملها اتفاق التحكيم، وذلك شريطة ألا يتخذ القضاء من هذا الفصل ذريعة للتدخل في فصل المحكم في موضوع النزاع أو للتدخل في مسبباته وتفسيراته فتفسير من اختصاص العقد المحكم وليس المحكمة.
رابعاً : مخالفة تشكيل هيئة التحكيم أو إجراءات التحكيم للاتفاق أو القانون
وذلك كمخالفة تشكيل هيئة التحكيم لما اتفق عليه في اتفاق التحكيم من حيث عدد المحكمين أو عدم أهليتهم للفصل في النزاع بأن كان المحكم قانونياً وليس تاجراً كما اتفق في اتفاق التحكيم، أو عند عدم احترام الإجراءات التحكيمية المتفق عليها مباشرة أو بالإحالة إلى لائحة تحكيمية أو قانون مطبق على الإجراءات.
سادسا : مخالفة الحكم للنظام العام :
أخذ القانون الأمريكي في هذا الصدد بالحكم الوارد في المادة الخامسة في فقرتها الثانية من اتفاقية نيويورك ١٩٥٨ والذي يقرر حق السلطة المختصة في البلد المطلوب اليها الاعتراف وتنفيذ الحكم أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها أن قانونها لا يجيز تسوية النزاع. عن طريق التحكيم، وأن في الاعتراف بالحكم وتنفيذه ما يخالف النظامالعام في هذا البلد
والخلاصة أن تنفيذ حكم التحكيم البحري الدولي الصادر في الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها يتم تنفيذه فيها بموجب طلب تأييد للحكم يقدمه طالب التنفيذ إلى المحكمة الفيدرالية الأمريكية في الولاية التي يختارها تبعاً لارتباطها بالمدعى عليه خلال ثلاث سنوات منذ إصدار الحكم للأسباب المحددة التي وردت في المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك ۱۹٥٨ ، والتي كساها القضاء الأمريكي لباساً أكثر تحديداً في صالح تسهيل تنفيذ الأحكام التحكيمية الدولية.
ولكننا نتساءل بالنسبة للمطلوب ضده التنفيذ بالنسبة لحكم التحكيم البحرى الدولى الصادر في الولايات المتحدة عن إمكانية التعارض بين نظام الطعن المقرر له على الحكم والذي بحثناه في الفصل السابق، ونظام دفاعه في دعوى تأييد الحكم تمهيدا لتنفيذه، وعن الفرق بالنسبة له بين النظامين خاصة وأننا ذكرنا بصدد الطعن على حكم التحكيم البحرى الدولى الصادر في الولايات المتحدة الأمريكية في المبحث السابق أن ميعاد رفع الطعن هو ثلاثة أشهر منذ أصدار الحكم .
رد القضاء الأمريكي على مسألة التعارض بين ميعاد رفع الطعن على حكم التحكيم البحرى الدولى الصادر في الولايات المتحدة الأمريكية وهو ثلاثة أشهر منذ إصدار الحكم، ومـيـعــاد تقديم طلب التأييد أو التصديق على حكم التحكيم البحرى الدولى الصادر في الولايات المتحدة الأمريكية مقرراً أن الكونجرس الأمريكي لم يكن غافلاً عن هذا التعارض ولم يكن ليسمح به حيث إنه إذا كان يجوز للطرف الخاسر أن يرفع طعناً على حكم التحكيم البحري الدولي الصادر في الولايات المتحدة الأمريكية أمام القضاء الأمريكي خلال ثلاثة أشهر من إصدار الحكم وفقا للأسباب المقررة في المادتين العاشرة والحادية عشرة من قانون التحكيم الفيدرالى الأمريكي ۱۹۲۵ والتي قد تكون نتيجتها إما تأييد الحكم أو إبطاله أو تعديله أو تصحيحـه.
أما مدة الثلاثة أعوام المقررة لطالب التنفيذ فهي مقررة لمصلحته بحيث يعد تقديم المطلوب ضده التنفيذ لدفاعه في هذه الحالة بعد انقضاء مدة الثلاثة أشهر التي كانت مقررة له للطعن على الحكم من قبيل الدفاع ضد طلب تأييد الحكم أو التصديق عليه وليس طعنا على الحكم مباشرة.
وفى هذا فرق للطرف الخاسر المطلوب ضده التنفيذ من ناحيتين :
الناحية الأولى هناك فرق بالنسبة لأسباب الطعن على الحكم حيث إن أسباب الطعن المباشر على الحكم وفقاً لنظام الطعن والواردة فى المادتين العاشرة والحادية عشرة من قانون التحكيم الفيدرالي ١٩٢٥ هي أسباب أكثر اتساعاً من الأسباب المقدمة كدفوع لرفض الاعتراف والتنفيذ، فإذا كان القضاء الأمريكي يميل في الحالتين إلى تفسير الأسباب تفسيراً ضيقاً ، وإذا كان النظامان يشتركان في بعض الأسباب مثل تخطى المحكمون لسلطاتهم أو احترام المبادئ الأساسية للتقاضي أو النظام العام، فإن الطعن على الحكم طعناً مباشراً تتسع أسبابه لبعض الأسباب القانونية فضلاً عن الأسباب القضائية.
وأما عن الأسباب القضائية فنقصد بها السبب القضائي وهو الإهمال الواضح للقانون، حيث إن هذا السبب القضائي للطعن بالإبطال على حكم التحكيم وإن لم يكن محدد المضمون بعد، إلا أن القضاء الأمريكي لا يقبل من المطلوب ضده التنفيذ أن يدفع به بصدد الدعوى التي تنظر في طلب طالب التنفيذ تأييد الحكم أو تنفيذه .
وأما عن الناحية الثانية التى تمثل فرقا بين الطعن المباشر على الحكم والدفع برفض التنفيذ فتتمثل فى نتيجة الطعن والدفع.
والخلاصة أن الطعن المباشر على حكم التحكيم البحري الدولي في الولايات المتحدة الأمريكية لا يكون إلا على الأحكام التحكيمية الصادرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأما طلب التنفيذ واستئناف الحكم الصادر بشأنه فيجوز بالنسبة لأحكام التحكيم البحري الدولي سواء صدرت فى الولايات المتحدة الأمريكية أم خارجها.