الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / النظام الإجرائي لتنفيذ أحكام التحكيم / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / التحكيم خارج المحكمة

  • الاسم

    د. أحمد ابو الوفاء
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    منشأة المعارف بالأسكندرية
  • عدد الصفحات

    216
  • رقم الصفحة

    516

التفاصيل طباعة نسخ

 

التحكيم خارج المحكمة

وبالنسبة للنوع الثاني من التحكيم، أي التحكيم الذي يتم خارج المحكمة، فإن الحكم لا يودع لدى قلم كتاب المحكمة ، وإنما يتوجب على المحكم أن يسلم صورة عن الحكم، إلى كل طرف خلال خمسة أيام من صدوره. ولا يترتب أي أثر قانوني على عدم تسليم الحكم خلال هذه المدة . 

ومتى تم تسليم الحكم لأطراف التحكيم، يجوز لأي منهما التقدم بطلب للمحكمة المختصة لإبطاله أو لتصديقه   . وإذا تم تقديم طلبين أحدهما للتصديق والآخر للإبطال، يفترض أن تضم الدعويان بدعوى واحدة ، أو أن توقف إحداهما إلى حين البت بالأخرى، وفقاً للقواعد العامة ولو تقدم أحدهما بطلب لتصديق الحكم، فيجوز للطرف الآخر أن يثير الدفع بعدم التصديق أو بمعنى أصح الدفع بإبطال الحكم، استناداً لإحدى حالات البطلان المنصوص عليها في المادة (216) من القانون. وعلى العكس من ذلك، لو تقدم أحدهما بطلب البطلان استناداً لإحدى هذه الحالات، يجوز للآخر إثارة الدفع برفض الطلب، وفي الوقت ذاته طلب تصديق الحكم. وفي حال التصديق على الحكم بقرار مبرم، ينفذ الحكم كسائر الأحكام القضائية. وعلى غرار التحكيم الذي يتم عن طريق المحكمة، فإن القرار القضائي بتصديق أو إبطال الحكم يخضع أو لا يخضع للطعن وفق ما بيناه سابقاً.

تنفيذ الحكم في القانون السوري 

يتضمن القانون السوري أحكاماً مشابهة للقوانين السابقة من حيث إيداع الحكم. فجميع أحكام المحكمين، يجب إيداع أصلها مع أصل اتفاق التحكيم، بمعرفة أحدهم لدى ديوان المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى لو لم يكن هناك اتفاق تحكيم، ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع . وإذا كان التحكيم وارداً على قضية كانت منظورة في محكمة الاستئناف، أودع حكم المحكمين ديوان هذه المحكمة . ومن هذه الناحية، فإن القانون السوري مطابق لقانون قطر، مع اختلاف الصياغة في بعض الكلمات. لذلك، ما قيل بشأن القانون القطري سابقاً، يقال بالنسبة للقانون السوري، مع مراعاة بعض الأحكام الخاصة في القانون السوري.

إلا أن القانون السوري لا ينص على مدة لإيداع حكم التحكيم، مما يعني جواز ذلك في أي وقت بعد صدور الحكم. كما لم يبين القانون السوري الخطوة أو الخطوات الواجب إتباعها بعد إيداع الحكم، خلافاً للقوانين الأخرى، على النحو المشار إليه سابقاً.

وإذا لم يتم استئناف الحكم خلال المدة المحددة لذلك، أو صدر الحكم وكان غير قابل للاستئناف، فيتم تنفيذه بأمر صادر من رئيس المحكمة التي أودع لديها الحكم، بوصفه قاضي الأمور المستعجلة بناءً على طلب صاحب الشأن، وهو عملاً المحكوم له. وقد تكون هذه المحكمة هي الابتدائية أو الاستئناف أو الصلح، وليس بالضرورة أن تكون مدنية، بل يمكن أن تكون جزائية، مثل محكمة صلح الجزاء  . ولا يكون الحكم قابلاً للتنفيذ الجبري قبل إكسائه صيغة التنفيذ . وإذا تم إيداع الحكــم لــدى محكمــة الاستئناف، فيكون رئيس الاستئناف هو المختص بالنظر في طلب تنفيذ الحكم وليس محكمة الاستئناف ذاتها. وعليه، فإن اشتراك أعضاء الاستئناف بالبت بطلب التنفيذ، موجب للنقض لمخالفته لقواعد الاختصاص، وهي مسألة من النظام العام .

وقرار القاضي بتنفيذ الحكم أو عدم تنفيذه يخضع للطعن أمام محكمة الاستئناف. وإذا كان رئيس الاستئناف هو الذي أمر بالتنفيذ، فلا يخضع قراره للاستئناف . ولا يكون قرار محكمة الاستئناف في الحالة الأولى، ولا قرار رئيس الاستئناف في الحالة الثانية خاضعاً للطعن بالنقض، حتى لو تضمن خطأ في القانون، ما لم تخرج محكمة الاستئناف عن اختصاصها وولايتها. ومثال ذلك، أن مهمة قاضي الأمور المستعجلة هي، كما تقدم، إما المصادقة على القرار والأمر بتنفيذه أو عدم المصادقة عليه، بعد التأكد من توفر الشروط الشكلية في الحكم، وخاصة أن الحكم لا يخالف النظام العام، وليس له البحث في موضوع النزاع أو جزء منه ثانية والحكم به. وإذا لم يتقيد القاضي بذلك، وصادقت محكمة الاستئناف على قراره، أو تقيد بذلك ولكن عند استئناف القرار، دخلت محكمة الاستئناف في موضوع النزاع بعد نقض قرار القاضي، يكون حكمها عرضة للطعن في كلا الحالين ومتى أصبح قرار المصادقة على حكم التحكيم قطعياً على هذا النحو ينفذ باعتباره أصبح عملياً حكماً قضائياً وليس حكم تحكيم.

 وإذا تم رفض اكساء الحكم صيغة التنفيذ، يبدو أن اتفاق التحكيم يسقط حسب اجتهاد محكمة النقض السورية. وفي هذه الحالة، يصبح من حق صاحب الشأن، رفع دعوى بموضوع النزاع أمام المحكمة المختصة .

تنفيذ الحكم في القانون العراقي 

حسب القانون العراقي، فإنه يجب على المحكمين بعـد إصـدار الحكم، إعطاء صورة منه لكل من الطرفين وتسليم الحكم مع أصل اتفاق التحكيم إلى المحكمة المختصة بنظر النزاع خلال ثلاثة أيام التالية لصدوره، وذلك بوصل يوقع عليه كاتب المحكمة، وهو ما تقضي به المادة (271) من القانون. واستناداً للمادة (1/272)، فإن حكم التحكيم لا ينفذ لدى دوائر التنفيذ سواء كان تعيينهم قضاء أو اتفاقاً، ما لم تصادق عليه المحكمة المذكورة بناءً على طلب أحد طرفي الخصومة. وفي هذه الحدود، فإن الإيداع والتصديق في القانون العراقي، مشابه لما هو منصوص عليه في القوانين الأخرى، ولا شيء ذا أهمية خاصة يمكن أن يضاف هنا. 

وما يستحق الإشارة إليه في القانون العراقي، هو ما نصت عليه المادة (273) بقولها أنه بعد طرح حكم التحكيم على المحكمة المختصة، ويقصد بذلك بعد تقديمها له، فإنه يجوز للخصوم أن يتمسكوا ببطلانه، وللمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها، حتى لو لم يتمسك به الخصوم في الحالات التالية. ثم قامت بتعداد هذه الحالات، على النحو المبين في بطلان الحكم سابقاً. وبربط المادتين (1/272 و 273) ببعضهما ، يقتضي التسلسل المنطقي، أن تقوم المحكمة المختصة بإبلاغ طرفي الخصومة بحكم التحكيم المودع لديها، حتى يتمكن الطرف المعني منهما ( عادة المحكوم عليه) من الطعن ببطلان الحكم. وبخلاف ذلك ، لا يستطيع ممارسة هذا الحق. وفي الوقت ذاته يعطى الطرف الآخر المحكوم له الرد على الطلب بالبطلان، أو يقدم دفاعه ليحول بين المحكمة وإبطال الحكم من تلقاء نفسها. 

فإذا وجدت المحكمة المختصة أن لا وجه لإبطال الحكم تقوم بالتصديق عليه، وإلا تقوم بإبطاله. وقرارها في كلا الحالين، يخضع للطعن استئنافاً كما يخضع حكم الاستئناف للتمييز وفق القواعد العامة. ومتى صدر القرار القضائي بالتصديق على حكم التحكيم وأصبح قطعياً، ينفذ القرار، ومن خلاله الحكم التحكيمي، كسائر القرارات القضائية.

ولم ينص القانون العراقي على وجوب إيداع الحكم لدى محكمة الاستئناف إذا تم الاتفاق على التحكيم في هذه المحكمة أثناء نظر النزاع من قبلها ، خلافاً لما نصت عليه بعض القوانين العربية. واكتفى بالقول أن الحكم يودع لدى المحكمة المختصة بنظر النزاع، أي التي كانت مختصة أصلا بنظره لو لم يكن هناك اتفاق تحكيم، وهي محكمة الدرجة الأولى المختصة. وبمعنى آخر، يجب إيداع الحكم دوماً لدى هذه المحكمة، حتى ولو تم الاتفاق على التحكيم أثناء نظر محكمة الاستئناف للنزاع. كما لم يبين القانون فيما إذا كان يجوز ابتداءً رفع دعوى أصلية لتصديق الحكم أو لإبطاله، في حال أغفل المحكمون إيداع الحكم لدى المحكمة المختصة. فإيداع الحكم، كما تقدم، من واجبات المحكم وليس الأطراف. فإذا قصر المحكم بواجبه لأي سبب، فلا دخل للأطراف، مبدئياً، بذلك. وعندئذ، إما أن يعطى كل من الطرفين الحق بهذا الإيداع، وهو إجراء شكلي بحت،وما يستتبع ذلك من ممارسة حقه القانوني بطلب تصديق الحكم أو إبطاله، ابتداءً بدعوى أصلية، أو يعطى ابتداءً الحق برفع دعوى أصلية بالتصديق أو الإبطال. ومن جانبنا، نرى جواز كلا الأمرين، أي الإيداع من جانب أحد الطرفين، أو رفع دعوى أصلية على النحو المذكور. فكل منهما مناسب ، ويتماشى مع منطق العدالة والقول بغير ذلك، يؤدي إلى إنكار العدالة دون وجه حق، وهي مسألة من النظام العام، لا يجوز تجاهلها بالتمسك بحرفية النصوص. 

تنفيذ الحكم في القانون اللبناني

حسب المادة (793) وما بعدها من القانون اللبناني، فإن حكم التحكيم لا يكون قابلاً للتنفيذ إلا بعد إكسائه الصيغة التنفيذية ولهذا الغرض، يجب إيداع أصل الحكم لدى الغرفة الابتدائية الكائن في منطقتها مركز التحكيم المتفق عليه، وإلا لدى الغرفة الابتدائية في بيروت. ويقصد بمركز التحكيم المتفق عليه مكان التحكيم حسب ما هو محدد في اتفاق التحكيم أو المقرر من هيئة التحكيم فعلياً، في حال عدم اتفاقهم على هذا المكان. ويرفق بأصل القرار صورة عن اتفاق التحكيم مصدقاً عليها بمطابقتها للأصل من قبل هيئة التحكيم، أو أي سلطة رسمية مختصة مثل الكاتب بالعدل، أو رئيس القلم بعد اطلاعه على أصل الاتفاق. وبدون شك، فإن هذا لا يمنع من إيداع أصل اتفاق التحكيم، ويكون ذلك عادة عندما يبرم الاتفاق على أكثر من أصل.

والذي يتوجب عليه الإيداع أحد المحكمين، وعادة ما يكون رئيس الهيئة إذا كانت مكوّنة من أكثر من محكم، ولكن ليس بالضرورة ذلك. ويجوز أن يقوم بالإيداع، الخصم الأكثر عجلة كما يقول النص . وهذه العبارة ، منتقدة، وكان يمكن القول بدلاً منها، أحد طرفي الخصومة، دون وصفه بالشخص الأكثر عجلة أو غير ذلك  مما لا معنى له.

وبعد عملية الإيداع، يحرر كاتب المحكمة محضراً به. ويفترض أن يدوّن بالمحضر كافة البيانات الأساسية المتعلقة بالإيداع، مثل اسم الشخص  المودع، والحكم الذي تم إيداعه، وربما أيضاً بعض البيانات الموجزة الخاصة بهذا الحكم كما يظهر منه ذاته، مثل أسماء المحكمين، والخصوم، وتاريخ الحكم إن وجد. ولكن العبرة بأي بيان حول الحكم من حيث النتيجة، ليس لما دوّنه الكاتب، وإنما لما ورد في الحكم ذاته. إذ يفترض في الكاتب أنه ناقل حرفي أمين لما في الحكم من بيانات، بصرف النظر عن صحتها. فإن أخطأ في ذلك، لا يجوز القول بأنها بيانات رسمية لا يجوز الطعن بها إلا بالتزوير ما دامت العبرة، كما تقدم، لما ورد في الحكم من بيانات، وليس لما دون نقلاً عنه.

وبناءً على طلب من أحد طرفي الخصومة، يصدر رئيس المحكمة أمراً بتنفيذ الحكم بعد اطلاعه عليه وعلى اتفاقية التحكيم. ويتضح من المادة (796) ، بأن الأمر بالتنفيذ يتم بأمر على عريضة من رئيس المحكمة .. ويوضع هذا الأمر على نسختين من حكم التحكيم، أحدهما يبقى في ملفات المحكمة، والثاني يسلم للطرف الذي تقدم بطلب التنفيذ وذلك لمتابعة التنفيذ . وبإكساء الحكم الصيغة التنفيذية على هذا النحو، لا يعني أن الحكم أصبح قابلاً للتنفيذ الفوري ما لم يكن الحكم معجل النفاذ . وما عدا ذلك، يبقى الحكم قابلا للطعن بطريق الاستئناف أو الإبطال . وبمعنى آخر، فإنه بعد أمر الرئيس بتنفيذ الحكم، يتم تبليغ الحكم مع أمر التنفيذ رسمياً عن طريق القضاء لطرفي الخصومة وما يعنينا هنا المحكوم عليه الذي يكون من حقه استئناف الحكم إذا كان قابلاً للاستئناف أو الطعن ببطلانه وله اختيار أحد الطريقين، على أن يتقدم بطعنه خلال ثلاثين يوماً من تبليغه الحكم المعطى الصيغة التنفيذية. وبخلاف ذلك، يصبح الحكم قطعياً وقابلاً للتنفيذ الفوري. وفي كلا الحالين، يرفع الطعن لمحكمة الاستئناف الصادر في نطاقها حكم التحكيم، أي في نطاق المنطقة الجغرافية التي صدر فيها الحكم، والتي تكون من اختصاصها مكانياً حسب أحكام القانون. وقرار الاستئناف، سواء كان بالتصديق على الحكم المعطى صيغة التنفيذ، أو رفضه يخضع للطعن أمام محكمة التمييز. ولكن قرارها برفض الاستئناف أو الإبطال كلياً أو جزئياً، يؤدي إلى منح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم في حدود الجزء الذي تم رفض الاستئناف أو الإبطال بشأنه، حتى لو تم تمييز قرار الاستئناف .

وإستناداً للمادة (796) ، لرئيس المحكمة صلاحية رفض إعطاء الأمر بتنفيذ الحكم، إذا توفرت فيه أحد أسباب البطلان المنصوص عليها في المادة (800) من القانون. ولكن هذه الأسباب منها ما يتعلق بالنظام العام، ومنها ما يتعلق بحقوق الخصوم. وكان يفضل قصر هذه الصلاحية على الحالة الأولى دون الثانية. أما الحالات الأخرى، المتعلقة بحقوق الخصم، مثل خروج المحكم عن حدود مهمته، فلا دخل للقضاء بها لأن الطرف المعني، قد يكون تنازل عن حقه فيها ولا يريد الطعن بالحكم لهذا السبب. ومع ذلك، أعطي الرئيس صلاحية عدم تنفيذ الحكم لهذا السبب حسب ظاهر المادة (796) المشار إليها. وفي جميع الأحوال، يجب أن يكون الحكم قابلاً للتنفيذ، مثل أن لا يكون متناقضاً لدرجة الاضطراب، أو لا يكون منطوقه واضحاً وحاسماً بصورة تحول دون تنفيذه.

ومهما يكن من أمر، فإن قرار رئيس المحكمة الابتدائية برفض التنفيذ قابل للاستئناف، أيضاً خلال ثلاثين يوماً من تبليغ القرار للطرف المعني، وهو عملياً المحكوم له في الحكم التحكيمي. وفي هذه الحالة، كما تقول المادة (806) ، يكون لمحكمة الاستئناف أن تنظر، بناءً على طلب الخصوم، في الأسباب التي كان بإمكان هؤلاء التذرع بها ضد حكم التحكيم بطريق الاستئناف أو الإبطال حسب الأحوال. ويفهم من هذا النص، أن لكل من طرفي الخصومة، بسط الأسباب التي تحول دون تنفيذ القرار بالنسبة لأحدهما، والأسباب التي يستند إليها لطلب تنفيذه بالنسبة للآخر. فالمحكوم له الذي رفض طلبه بتنفيذ الحكم لسبب أو أسباب معينة، سيستأنف قرار رئيس المحكمة لهذه الأسباب. والمحكوم عليه، قد يستأنف القرار أيضاً بالرغم من أنه لصالحه، ولكن لأسباب أخرى لم يوردها قرار عدم التنفيذ.

وعلى سبيل المثال، قد يكون الحكم صدر لصالح (أ) ضد (ب). وعندما طلب (أ) من رئيس المحكمة إكساءه صيغة التنفيذ، رفض الرئيس ذلك لأن الحكم، مثلاً، كان قد صدر بعد المدة المحددة لذلك قانوناً. فيستأنف (أ) قرار عدم التنفيذ لهذا السبب، بادعاء أن الحكم التحكيمي صدر خلال المدة، خلافاً لقرار الرئيس في فرض كهذا ، يكون من حق (ب) أيضاً استئناف القرار، لأن هناك أسباباً أخرى لعدم التنفيذ كان من المفروض أن يغطيها القرار، مثل مخالفته للنظام العام، أو عدم اشتماله على بياناته الإلزامية، أو لعدم مراعاة حقوق الخصوم في الدفاع أو غير ذلك. وأبعد من ذلك، فإن بإمكان (ب) إضافة أي سبب آخر لاستئنافه غير ما هو منصوص عليه في حالات بطلان الحكم حسب المادة (800) ، وبإمكانه بسط أي سبب للاستئناف، سواء كان هذا السبب في القانون أو الواقع أو البينات في حدود ما تنص عليه القواعد العامة في استئناف الأحكام القضائية. 

على أية حال، فإن حكم التحكيم بحد ذاته، يكون قابلاً للاستئناف أو الطعن ببطلانه منذ صدوره، ويبقى الباب مفتوحاً لأي وقت ما دام رئيس المحكمة الابتدائية لم يصدر الأمر بتنفيذ أو رفض تنفيذ الحكم بعد " . ويطبق ذلك بشكل خاص، على الحالة التي لا يودع فيها الحكم ، أو يودع فيها ولكن يتأخر الرئيس بإصدار قراره. ولكن متى صدر هذا القرار، سلباً أو إيجاباً بالنسبة لحكم التحكيم، تحدد مدة الطعن بثلاثين يوماً من تاريخ تبليغ أمر الرئيس لطرفي الخصومة .

وكما نرى، فإن رئيس المحكمة الابتدائية له صلاحية الأمر بتنفيذ أو عدم تنفيذ الحكم جزئيا وليس كلياً متى كان ذلك ممكناً، وهذا من المبادئ المستقرة في التحكيم كما ذكرنا. ومثال ذلك أن يتعلق الحكم بشقين، أحدهما لا يجوز التحكيم فيه تحت طائلة البطلان، مثل بيع مخدرات، والآخر مشروع مثل بيع بضاعة أخرى يجوز التعامل بها، ويستند الحكم في كلا الشقين لاتفاق التحكيم ذاته في هذا الفرض يمكن للرئيس الأمر بتنفيذ الشق الثاني ورفض تنفيذ الشق الأول والشيء ذاته يمكن أن يقال بالنسبة لحكم الاستئناف وهو ما يتضح صراحة من المادة (807) التي أجازت رفض الاستئناف أو رفض الطعن بالبطلان لكل حكم التحكيم أو لجزئه كما هو الحال في المثال المذكور.

وبناء على ما سبق يمكن القول أن حكم التحكيم في القانون اللبناني، يكون قابلا للتنفيذ في ثلاث حالات : الأولى - أن يصدر الحكم ولا يتم إيداعه لدى المحكمة الابتدائية، ويقوم المحكوم عليه باستئنافه حيث يكون ذلك جائزاً ، أو الطعن ببطلانه أمام محكمة الاستئناف، إلا أن المحكمة في أي من الحالين أو كليهما ، ترفض الطعن به. فإذا أصبح قرار الاستئناف قطعيا إما لعدم تمييزه، أو بتمييزه إلا أن محكمة التمييز ردت الطعن، ينفذ القرار القضائي القطعي عندئذ وكأنه تنفيذ الحكم التحكيم. وفي وضع كهذا ، نرى أنه لا موجب لإيداع الحكم، وما يترتب على ذلك من أحكام وفق ما هو مبين سابقاً ، ما دام لم يتم إيداعه قبل الطعن به استئنافاً أو بالبطلان، ويصبح الإيداع عندئذ لا معنى له، أو لا يحقق الغرض منه. الثانية - أن يتم إيداع الحكم، ويعطى الصيغة التنفيذية تبعاً لذلك. ولا يتم الطعن به استئنافاً أو بالبطلان، خلال المدة المحددة لذلك، وهي ثلاثين يوماً من تبليغ الطرف المعني من طرفي الخصومة، بقرار رئيس المحكمة الابتدائية بإكساء الحكم صيغة التنفيذ. الثالثة - أن يستأنف الطرف المعني حكم التحكيم بعد تبليغه قرار رئيس المحكمة بالأمر بتنفيذ الحكم، ويرد الطعن ويصبح قرار الاستئناف قطعياً على النحو المبين في الحالة الأولى.