الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / طبيعة الحكم الصادر في دعوى البطلان وطرق الطعن عليه / الكتب / الرقابة القضائية على التحكيم في منازعات العقود الإدارية / طرق الطعن المقررة لأحكام التحكيم

  • الاسم

    سهيلة بن عمران
  • تاريخ النشر

    2015-01-01
  • اسم دار النشر

    مركز الدراسات العربية للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    272
  • رقم الصفحة

    208

التفاصيل طباعة نسخ

يعتبر اتفاق الأطراف على التحكيم عن اتجاه إرادتهم إلى استبعاد كل أشكال تدخل القضاء الوطني بصدد النزاع المثار بينهم والمتفق على حله بطريق التحكيم، غير أن ذلك لا يعني التخلي عن حقهم في الرجوع إلى قضاء الدولة من أجل إصلاح ما شاب حكم التحكيم من أخطاء، فحسن سير العدالة في المجتمع يتطلب دائمًا أن تتاح الفرصة كاملة أمام المحكوم عليه في اللجوء إلى قضاء الدولة لتدارك ما وقع فيه حكم التحكيم من أخطاء لذا فقد عني المشرعون عامة والمشرع الجزائري خاصة بتنظيم طرق الطعن المتاحة لمراجعة حكم التحكيم أمام القضاء الوطني.
ولما كان موضوع الدراسة ينصب على أحكام التحكيم الصادرة في المنازعات الإدارية ذات الطبيعة التعاقدية، فإنه من الأهمية التعرض لطرق الطعن التي قررتها الشريعة العامة للتحكيم لبيان مدى توافقها مع طبيعة تلك المنازعات من جهة، ومع الطبيعة الخاصة لنظام التحكيم والمستندة في أساسها إلى إرادة الأطراف من جهة أخرى، أو بعبارة أخرى تكمن الغاية الأساسية إلى إرادة الأطراف من جهة أخرى أو بعبارة أخرى تكمن الغاية الأساسية من هذا المبحث في إجراء تعادل أو توازن بين خصوصية المنازعة الإدارية من ناحية، وذاتية نظام التحكيم من ناحية أخرى.
إن الطعن بصفة عامة هو وسيلة قانونية تسمح لمن صدر الحكم ضده بأن يطالب بإعادة النظر فيما قضى به عليه بغرض استصدار حكم جديد في صالحه سواء عن طريق تعديل الحكم الصادر ضده أو إلغائه كليًا أو جزئيًا.
وبما أن حكم التحكيم كغيره من الأحكام القضائية يصدر عن بشر، فإنه من المتصور حدوث خطأ فيه سواء تعلق هذا الخطأ بالإجراءات التي نبني عليها الحكم أو بالأوضاع التي لابست صدوره، أو تعلق بالحكم ذاته عن طريق الخطأ في تطبيق القانون على ما ثبت من الوقائع أو في تقديرها واستخلاص النتائج منها، ومن أجل ذلك على المشرع الجزائري بتنظيم طرق الطعن في أحكام المحكمين حتى تتاح الفرصة أمام المحكوم عليه لإصلاح هذا الخطأ.
ولا تختلف طرق الطعن المقررة بالنسبة لأحكام التحكيم من تلك المقررة للأحكام القضائية، وإن كانت هنالك بعض الطرق يفضل استبعادها من نظام التحكم بسبب ذاتية هذا النظام، لذا فإنه من المتعين التعرض لمختلف الطرق التي قررتها الشريعة العامة للتحكم في الجزائر حتى تتمكن من تحديد الطرق المثلى للطعن في أحكام التحكم الصادرة في المنازعات الإدارية ذات الطبيعة التعاقدية.
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري نص في المادة 1032 بأن أحكام التحكيم غير قابلة للمعارضة ويجوز الطعن فيها عن طريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة أمام المحكمة المختصة قبل عرض النزاع على التحكيم .
وإذا كان القانون لم ينص صراحة على بطلان التحكيم في حالة عدم موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة فهل يؤدي تخلف هذا الشرط إلى بطلان الاتفاق على التحكيم؟
جاء في نص المادة 976، "تطبق الأحكام المتعلقة بالتحكيم المنصوص عليها في هذا القانون أمام الجهات القضائية الإدارية.
عندما يكون التحكيم متعلقًا بالدولة، يتم اللجوء إلى هذا الإجراء بمبادرة من الوزير المعنى أو الوزراء المعنيين.
عندما يتعلق التحكيم بالولاية أو البلدية، يتم اللجوء إلى هذا الإجراء على التوالي بمبادرة من الوالي أو من رئيس المجلس الشعبي البلدي.
عندما يتعلق التحكيم بمؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية، يتم اللجوء إلى هذا الإجراء بمبادرة من ممثلها القانوني أو من ممثل السلطة الوصية التي يتبعها" .
ولاشك أن الأمر يختلف باختلاف نوع التحكيم فإذا كان التحكيم داخليًا فتعتقد أن المحكم سوف يقضي بالبطلان لأنه يسري على النزاع أحكام القانون الجزائري، أما إذا كان التحكيم دوليًا فالأمر يتوقف على القانون المتفق على تطبيقه فإذا كان هو القانون الجزائري فالمحكم سوف يحكم بالبطلان أيضًا، وفي الحالتين فلا شك في أن  عدم حصول الإدارة المتعاقدة على موافقة الوزير أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة الأخرى يرتب مسؤوليتها الإدارية من ناحية، كما يرتب مسؤوليتها أمام المتعاقد معها من ناحية أخرى، أما إذا كان التحكيم دوليًا والقانون المتفق عليه ليحكم النزاع هو قانون غير القانون الجزائري فإن المحكم قد لا يلتفت إلى هذا القيد المتعلق بضرورة موافقة الوزير المختص على التحكيم، حيث إن إغفال موافقة الوزير بالنسبة للعقود الإدارية المحلية يترتب عليه البطلان، كما أنه بالنسبة للعقود الإدارية ذات الطابع الدولي ينبغي عدم إغفال اعتبارات السيادة خاصة إذا تعلق الأمر باستغلال موارد الثروة الطبيعية حيث يترتب على إغفال موافقة الوزير بطلان اتفاق التحكيم. 
أولا : طرق الطعن العادية:
1. المعارضة :
من المعروف أن المعارضة طريق طعن عادي يقصد به المشرع - عندما يقرره - حماية الخصوم من الأحكام الغيابية، وهذه الفكرة بدأت تندثر في قوانين المرافعات الحديثة لما أساء الخصوم استخدامها كضمانة لحمايتهم من صدور أحكام في غيبتهم، وذلك يتعمد الغياب دون غدر بغية تعطيل إجراءات الدعاوى المرفوعة ضدهم أو لمجرد النكاية بخصومهم في هذه الدعاوى، وهو ما حدا بالمشرع الجزائري إلى إلغائها في نص المادة 1/1032 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية التي تنص: "أحكام التحكيم غير قابلة للمعارضة".
وبالإضافة إلى الحجة العملية السابقة فإن اللجوء إلى التحكيم يتم باتفاق الخصوم فلا يتصور أن يدعى أحد الخصوم عدم علمه بقيام خصومة التحكيم، ولا يحق تبعًا لذلك الحديث عن الغياب أو المعارضة.
حقيقة أن الخصم الذي يرفض المشاركة في إجراءات التحكيم أو يتغيب عن حضورها يمكنه الادعاء بأنه لم يبرم أصلًا اتفاقًا على التحكيم وبالتالي يمكنه المنازعة في وجود اتفاق التحكيم أصلًا، ولكن طالما وجد مثل هذا الاتفاق فإنه يلزم أن يشارك في التحكيم كل من وقع هذا الاتفاق.
وقد أكد التشريع هذه القاعدة في مجال التحكيم وأجازت انعقاد إجراءات التحكيم ولو تم الاتفاق عليه في صورة شرط تحكيم، فإذا حدث النزاع بالفعل فإنه يحق للخصم صاحب المصلحة في التعجيل بنظر النزاع أن يبدأ في تحريك إجراءات التحكيم سواء بتعيين أعضاء هيئة التحكيم أو بتحديد موضوع النزاع وإعلانه إلى الخصم الآخر، فإذا تقاعس الخصم عن تعيين المحكم الواجب عليه تعيينه أو رفض المشاركة في إجراءات التحكيم أو تغيب عن حضور الجلسات فإن هذا لا يمنع من بدء أو استمرار إجراءات التحكيم.
إذا تجدر الإشارة إلى أن قاعدة الحضر نص عليها المشرع الجزائري في التحكيم الداخلي ولم يتطرق إليها في التحكيم الدولي وهذا ما يثير إشكالية هل المعارضة كطريق عادي من طرق الطعن ممكنة في التحكيم الدولي أم لا؟.
يمكن القول إن المواد التي تنظم طرق الطعن في أحكام التحكيم الدولي نصت فقط على الاستئناف والطعن بالبطلان والطعن بالنقض وبمفهوم المخالفة نستنتج أن المشرع الجزائري لا يعترف بالمعارضة طريق للطعن في حكم التحكيم الصادرة في منازعة العقود الإدارية.
2. الاستئناف:
وهذا ما نصت عليه المادة 1033 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بالقول: "يرفع الاستئناف في أحكام التحكيم في أجل شهر واحد من تاريخ النطق بها أمام المجلس القضائي الذي صدر في دائرة اختصاصه حكم التحكيم، ما لم يتنازل الأطراف عن حق الاستئناف في اتفاقية التحكيم".
حالة عدم اتفاق الأطراف على التنازل عن حق الاستئناف أو إذا احتفظوا غير أنه إذا تعلق الأمر بعقد إداري والذي يدخل في الاختصاص المقرر للقاضي الإداري، فإن استبعاد طريق الطعن بالاستئناف في حكم التحكيم الصادر بشأنه يبدوا أمرًا دقيقًا ومعقدًا للغاية سواء تعلق الأمر بتحكيم يجد مرجعيته في نصوص قانون الإجراءات المدنية والإدارية أو تحكيم يجد مرجعيته في أية نصوص قانونية.
فالاتجاه الذي اتبعته المادة 1033 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بشأن جواز الاتفاق على استبعاد الطعن بالاستئناف في أحكام التحكيم قد رفضه البعض، فالقاعدة العامة في القضاء الإداري قوامها أن الطعن بالاستئناف في حكم التحكيم أمام القاضي الوطني يعتبر أمرًا متاحًا دائما حتى ولو لم يوجد نص قانوني يقر ذلك، أو وجد نص قانوني يجيز للأطراف الاتفاق على التنازل عن هذا الطريق من طرق الطعن.
ويستفاد من هذا الرأي أن مبدأ التقاضي على درجتين من أحد المبادئ العامة في الإجراءات ولا يمكن إغفاله، ويشكل بهذه المثابة دمائه أساسية لمصلحة المتقاضين ولمصلحة سير العدالة، وأن القواعد التي تعارض ذلك وجود نص تشريعي صريح تشكل اعتداء على ذلك المبدأ.
وكخلاصة يمكن القول إنه طالما لا يوجد نص تشريعي صريح ينص على استبعاد الطعن بالاستئناف في أحكام التحكيم الإداري فإن هذا الطريق من طرق الطعن يعد - دائما - متاحًا للأطراف حتى ولو اتفقوا على خلاف ذلك، وأن المشرع هو الوحيد الذي يملك الخروج عن هذه القاعدة بموجب نص قانوني صريح، وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا يقودنا إلى التساؤل عن مدى إمكانية وملائمة استبعاد تطبيق نظام الطعن بالاستئناف في أحكام التحكيم الإداري؟
في الواقع أنه على الرغم من  أن الطعن بالاستئناف يمثل ضمانة مهمة للمتقاضين، ويتيح للقضاء إجراء رقابة فعالة على حكم التحكيم إلا أنه ينبغي استبعاده بالرغم من ذلك - كقاعدة عامة - من طرق الطعن المقررة لأحكام التحكيم الإداري سواء تعلق الأمر بتحكيم وطني أم دولي، وذلك للأسباب التالي ذكرها:
- إن الدور الذي يلعبه الطعن بالاستئناف في المنازعة الإدارية ومنها ذات الطبيعة التعاقدية وفقًا لرأي البعض يبدو ضئيلًا، ويحتل مكانة متواضعة، فليس هناك مبدأ أو قاعدة عامة في القانون الإداري يكرس مبدأ التقاضي على درجتين ويعطيه عناية خاصة، فالاستئناف لا يشكل سوى وسيلة فنية للطعن في الأحكام القضائية.
- إذا كان مبدأ التقاضي على درجتين له قيمة تشريعية وليس دستورية فإنه لا يعد من ناحية أخرى من الأمور المتعلقة بالنظام العام بل يعتبر إحدى الضمانات المقررة لأطراف الخصومة والتي يمكن التنازل عنها بموجب اتفاق صريح يصدر عنهم.

أما بالنسبة للاستئناف في التحكيم الدولي فحددته المواد من 1055 إلى المادة 1057 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، فجاء في المادة 1055 أنه:
"يكون الأمر القاضي برفض الاعتراف أو برفض التنفيذ قابلا للاستئناف".
وعلي أي حال من الأحوال فقد عددت المادة حالات رفع دعوى البطلان ونتناولها تبعًا:
1- إذا فصلت محكمة التحكيم دون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مده الاتفاقية.
2- إذا كان تشكيل محكمة التحكيم أو تعيين المحكم الوحيد مخالفًا للقانون.
3- إذا فصلت محكمة التحكيم بما يخالف المهمة المسندة إليها.
4- إذا لم يراع مبدأ الوجاهية.
5- إذا لم تسبب محكمة التحكيم حكمها، أو إذا وجد تناقض في الأسباب.
6- إذا كان حكم التحكيم مخالفًا للنظام العام الدولي.

ومن الحالات المحددة حصرًا في المادة 1056 يستدعي الأمر شرحها:
1. إذا فصلت محكمة التحكيم دون اتفاقية تحكيم أو بناء على اتفاقية باطلة أو انقضاء مدة الاتفاقية:
فعدم وجود الاتفاق التحكيمي يعني انعدام مصدر الالتزام وكذلك الأمر بحال وجود اتفاق باطل منذ نشوئه أو كانت مهلة صدور القرار المعينة من المتحاكمين قد انقضت فصدر القرار بعد انقضائها وبخصوص وجود الاتفاق تثار في الواقع مسألة إثبات الوجود شكلًا حيث إنه في التحكيم الدولي كما سبق الإشارة تعتبر الكتابة وسيلة إثبات وليست شرطًا، وطالما أن اتفاقية التحكيم مستقلة عن العقد الأساسي وتعتمد كليًا مبدأ حرية الإرادة وكانت القاعدة في القانون الدولي التي تجعل شكل العقود خاضعًا لقانون المكان الذي أنشأت فيه ليست آمرة.
وبخصوص وجود اتفاق باطل منذ نشوئه تثار مسألة أي قانون يحكم أهلية
الفرقاء للتقاضي.
أما بخصوص سقوط القرار بانقضاء المهلة المعينة لصدوره دون أن يصدر خلالها إذ إن الفرقاء يلتزمون بنتيجة التحكيم شرط صدور القرار خلال المهلة المعينة له من قبلها فماذا يكون الأمر إذا لم يعينوا للمحكم مهلة؟
2. صدور القرار عن محكمين لم يعينوا طبعًا للقانون:
فالمحكم المعين بصورة مخالفة للقانون، لم تنصرف نية الفرقاء إلى اعتماده، ولكن أي قانون هو المقصود؟
في التحكيم الدولي، يجب أن يصدر القرار عن محكمين عينهم الأطراف مباشرة أو بالإحالة إلى نظام للتحكيم اختاروه بإرادتهم والعقد التحكيمي هو  شريعة المتعاقدين وهو القانون المقصود، فبالنسبة للتحكيم الصادر في الخارج في غير تحكيم دولي، يجب العودة إلى قانون أصول المحاكمات في البلد الأجنبي الصادر فيه القرار التحكيمي، لمعرفة ما إذا كان تعيين المحكم مخالفًا لأصوله.
3. خروج القرار عن المهمة المعينة للمحكمين:
من البديهي أن خروج المحكمين عن المهمة المعينة لهم من المتحاكمين تخرج هؤلاء من دائرة التزاماتهم، وبالتالي يتحتم إعلان سقوط التحكيم بما تجاوز المهمة.
فإذا عين المتحاكمون للمحكم قواعد خاصة أو بالإحالة إلى قواعد نظام تحكيم معين، أو بالإحالة إلى أحكام قانون إحدى الدول، فهو ملزم بأن يتقيد بهاء 
فالمادة 1043 تنص على جواز أن تحدد اتفاقية التحكيم مباشرة أو بالإحالة إلى نظام للتحكيم الأصول التي تتبع في الخصومة التحكيمية ويجوز أيضًا إخضاع هذه الخصومة لقانون معين من قوانين أصول المحاكمة بعدد في اتفاقية، يطبق المحكم بحسب مقتضى الحال، الأصول التي يراها مناسبة إن مباشرة أو بالالتجاء إلى القانون المعين أو إلى نظام التحكيم.
4. إذا لم يراعي مبدأ الوجاهية: 
لأن أي تهاون في التزام القاضي أو المحكم باحترام مبدأ المواجهة فإن النتيجة النهائية كما يقول HRBRAUD هو بقاء الخصوم بلا ضمان.
حيث إن التزام القاضي أو المحكم بإحاطة الخصوم علمًا بما يتوصل إليه من عناصر واقع وما يضيفه إليها من عناصر قانون ضمان للخصوم ضد المفاجأة .
5. مخالفة حكم التحكيم للنظام العام الدولي:
يتم تقدير المخالفة بالاستناد إلى المفهوم المعتمد للنظام العام الدولي وهو السبب الوحيد الذي يخرج عن سلطان الإرادة، فبينما النظام العام الداخلي يتولى الحفاظ على المصلحة العليا الاجتماعية والاقتصادية ولا سيما الخلقية للدولة فإن النظام العام الدولي يرتبط بالمصلحة العليا الاجتماعية والاقتصادية والخلقية لجميع الدول، فالنظام العام الداخلي إذا هو نسبي إذ يختلف من دولة إلى أخرى أما النظام العام الدولي فهو واحد بالنسبة لكل الدول.
ثانيا: طرق الطعن غير العادية
1. اعتراض الغير الخارج عن الخصومة:
يعد هذا الطريق من طرق الطعن غير العادية المقررة لمراجعة أحكام التحكيم الإداري، وهو عبارة عن وسيلة بمقتضاها يجوز أن يقدم كل شخص لم يكن طرفا في الخصومة أو ممثلا فيها اعتراضا على الحكم الصادر فيها والذي يكبده أو يعرضه لضرر.
ولقد أخذ المشرع الجزائري بهذه الوسيلة كإحدى الطرق المتاحة لمراجعة حكم التحكيم الداخلي وذلك في نص المادة 1032-2 التي تنص: "يجوز الطعن فيها عن طريق اعتراض الغير الخارج عن الخصومة أمام المحكمة المختصة قبل عرض النزاع على التحكيم".
ووفقًا لنص المادة 960 يهدف اعتراض الغير الخارج عن الخصومة إلى مراجعة أو إلغاء الحكم أو القرار الذي فصل في أصل النزاع.
والملاحظ أن المشرع الجزائري لم يأخذ بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة في التحكيم الدولي وكان الأجدر أن يتدخل المشرع وينص على إمكانية الطعن في أحكام التحكيم بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة وذلك لمواجهة الحالات العملية التي تضع الغير ذا المصلحة بين شقي الرحى، فلا هو طرف يملك ما يملكه الأطراف من حق الحضور وأداء أوجه دفاعه، ولا هو أجنبي من الغير، اللذين لا تمتد إليهم آثار حكم التحكيم.
ولكن لما كان من الجائز أيضًا أن يضار الغير من مثل هذا الحكم فقد أجاز له المشرع تقديم اعتراض الغير الخارج عن الخصومة وطبقًا لنص المادة 381 التي تنص على أنه: "يجوز لكل شخص له مصلحة ولم يكن طرفًا ولا ممثلا في الحكم أو القرار أو الأمر المطعون فيه، تقديم اعتراض الغير الخارج عن الخصومة" ،إذا يجوز تقديم الاعتراض من كل شخص له مصلحة شرط أن لا يكون طرفًا في الخصومة أو ممثلا فيها.
ولكن تحديد المقصود بالغير بالنسبة للتحكيم أمر لا يخلو من الصعوبة وأول 
ما يتبادر إلى الذهن في هذا الصدد هو أن الخصم الذي يمتنع عن المشاركة في 
إجراءات التحكيم لا يعتبر من الغير حتى لو كان منكرا لاختصاص المحكمين أو منازعا في مرأه، كما أن من يتدخل في خصومة التحكيم بموافقة الخصوم جميعًا لا يعتبر من الغير ويكون الحكم الصادر فيها حجة له أو عليه.
ومن ناحية أخرى يحتفظ القضاء بسلطة تقديرية في تحديد مفهوم الطرف في التحكيم، وذلك بالبحث في مدى اتحاد المصالح محل النزاع أو تعارضها مع من يدعى أنه من الغير وذلك حسب ظروف كل حالة على حدة.
2. التماس إعادة النظر:
فمن جهة يمكن تأييد هذا الرأي أو المسلك من قبل المشرع على اعتبار ندرة الحالات التي تبيح اللجوء إلى هذا الطريق وحتى على فرض حدوثها فإن هناك وسائل أخرى يمكن للخصوم الاستناد إليها للوصول إلى نفس النتيجة فيمكنهم الطعن في الحكم على أساس أن اكتشاف مثل هذه الأمور يعد أحيانًا إخلالًا بحق الدفاع وأحيانًا أخرى إخلالًا بالنظام العام.
3. الطعن بالنقض:
ويستبعد من مجال التحكيم الطعن بطريق النقض، وهذه القاعدة يبررها اعتباران:
الاعتبار الأول:
هو طبيعة الطعن بالنقض فمن المعروف أن الطعن بالنقض لا يكون ضد الأحكام القضائية الانتهائية، صحيح أن حكم التحكيم يصدر حائزًا لقوة الشيء المقضي به ، كما أن الخصوم يملكون استبعاد الطعن بطريق الاستئناف - حسب نص المادة 1033 – إلا أن هذه الانتهائية وهذا الاستبعاد لا يعني أبدا قابلية حكم التحكيم للطعن بالنقض، لأن الطعن بالنقض لا يكون إلا بالنسبة لأحكام المحاكم العادية.
فضلًا عن ذلك فإن مجلس الدولة هو توحيد المبادئ القانونية التي تطبقها المحاكم الإدارية منعًا من الاختلاف حول تطبيق أو تفسير النص القانوني الواحد، وهذا الاعتبار لا ينطبق على الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم، لأنها لايعتبر من محاكم الدولة ولا درجة من درجات التقاضي كما أن التحكيم يعتبر قضاء خاص بحكم حالات متباينة تحكمها أيضًا قواعد وقوانين متباينة، ومن ثم فلا محل لوحدة تطبيق القانون بشأنها، وإذا كانت القاعدة هي عدم جواز الطعن بطريق النقض في أحكام المحكمين فإن ذلك لا ينفي إمكانية الطعن بهذا الطريق في حكم نهائي صادر عن محكمة قضائية في طعن بالاستئناف أو ببطلان حكم التحكيم وبالتالي فإن الطعن بطريق النقض يكون جائزًا في الأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف أو البطلان وهذا ما يؤدي إلى خضوع حكم التحكيم لرقابة غير مباشرة من خلال الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة البطلان باعتبارها صادرة عن محكمة آخر درجة أمام مجلس الدولة باعتبار أن الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة تقاس بالأحكام الصادرة عن محكمة النقض، ذلك أن المقصود بهذا الحظر هو عدم جواز الطعن المباشر في أحكام التحكيم بطريق النقض، وهذا أمر طبيعي لأن الطعن بطريق النقض لا يمكن أن يوجه إلا إلى الأحكام الانتهائية.
إذا فالمشرع الجزائري استبعد هذا الطريق من طرق الطعن غير العادية سواء في التحكيم الداخلي أو الدولي وأجازه حسب نص المادة 1034: "تكون القرارات الفاصلة في الاستئناف وحدها قابلة للطعن بالنقض طبقًا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون ".
وبالنسبة للتحكيم الدولي فجاء في المادة 1061: " تكون القرارات الصادرة تطبيقًا للمواد 1055 و1056 و1058 أعلاه قابلة للطعن بالنقض بطريقة غير مباشرة أي في القرارات الفاصلة في الاستئناف بالنسبة للتحكيم الداخلي والقرارات الفاصلة في الاستئناف أو الطعن بالبطلان بالنسبة للتحكيم الدولي.