التنفيذ / أثر الحكم بالبطلان على تنفيذ الحكم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / حكم التحكيم بين الإنعدام والبطلان / أثر دعوى البطلان على تنفيذ حكم التحكيم في ظل المواد ٥٠١: ٥۱۳ ملغاه من قانون المرافعات
أثر دعوى البطلان على تنفيذ حكم التحكيم في ظل المواد ٥٠١: ٥۱۳ ملغاه من قانون المرافعات
جري نص المادة (510 ملغاة) من قانون المرافعات علي أن أحكام المحكمين لا تقبل الطعن فيها بالإستئناف، وأجاز لطرفي التحكيم طلب بطلان حكم التحكيم لأسباب حددها بالمادة (٥١٢ ملغاة) من هذا القانون، والتي حصرها فيما يلي:
- إذا كان قد صدر بغير وثيقة تحكيم أو بناء على وثيقة باطلة أو سقطت بتجاوز الميعاد أو إذا كان الحكم قد خرج عن حدود الوثيقة.
- إذا خولفت الفقرة الثالثة أو الرابعة من المادة 501 أو الفقرة الأولى من المادة
إذا صدر الحكم من محكمين لم يعينوا طبقاً للقانون أو صدر من بعضهم دون أن يكونوا مأذونين بالحكم في غيبة الآخرين.
- إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم.
وقد رتب المشرع علي رفع دعوي بطلان حكم التحكيم في ظل هذه النصوص وقف تنفيذ الحكم بمجرد رفع الدعوي ما لم تقض المحكمة المختصة بنظر الدعوي بالإستمرار في تنفيذه.
وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض، بأن مفاد نص المادة 3/513 من قانون المرافعات، أن ما يترتب علي رفع الدعوي ببطلان حكم المحكمين هو وقف تنفيذ هذا الحكم المطعون فيه بالبطلان ولا يقتضي ذلك وقف السير في دعوي أخري يثور فيها نزاع يتصل بهذا الحكم" .
أثر دعوي البطلان على تنفيذ حكم التحكيم فـي ظـل قـانون التحكيم الحالي :
جرى نص المادة 57 من قانون التحكيم الحالي على أنه:"لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب منها المدعى ذلك في صحيفة الدعوى وكان الطلب مبنياً على أسباب جدية...".
ومفاد هذا النص أن المشرع وعلى خلاف ما كان عليه الأمر في مواد التحكيم الملغاة من قانون المرافعات، لم يجعل لرفع دعوى البطلان ثمة أثر على تنفيذ حكم التحكيم، فلا يترتب - من حيث الأصل- على رفعها وقف التنفيذ، ولكن يجوز إستثناء من هذا الأصل لمحكمة البطلان أن تأمر بوقف التنفيذ إذا توافر شرطان:
الأول: أن يطلب المدعى ذلك في صحيفة الدعوى.
الثاني: أن يكون الطلب مبنياً على أسباب جدية.
فإذا أمرت المحكمة بوقف التنفيذ تعين عليها الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر.
وتعتبر دعوي البطلان مرفوعة من تاريخ إيداع الصحيفة قلم كتاب المحكمة المختصة بنظرها، ولا يقف التنفيذ إلا إذا أمرت به المحكمة.
وقضت محكمة النقض تطبيقاً لذلك، أن النص في المادة 57 من قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة 1994..، يدل على أن مجرد رفع دعوى بطلان حكم المحكمين لا يؤدي إلى وقف تنفيذه، إلا أنه يجوز لمحكمة البطلان بناء على طلب المدعي في صحيفة الدعوى، وتوافر أسباب جدية أن توقف تنفيذ حكم المحكمين، ويجب أن تفصل في هذا الطلب خلال ستين يوماً من تاريخ أول جلسة، على أن هذا الميعاد تنظيمي يراد به حث المحكمة على الفصل في طلب وقف التنفيذ دون تأخير، فلا يترتب على مخالفته بطلان أو سقوط. وتجدر الإشارة إلى أنه وبالرغم مما قرره المشرع من عدم ترتيب ثمة أثر لرفع
دعوى البطلان علي تنفيذ حكم التحكيم، إلا أن المشرع وبنص المادة 1/58 قرر بأنه لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إلا إذا إنقضى ميعاد رفع دعوى البطلان، وهو ما یعنی وقف القوة التنفيذية لحكم التحكيم لحين إنتهاء مدة التسعين يوماً، حتى ولو تم رفع دعوى البطلان خلالها فعلاً، وهو ما يمثل تعارضاً من وجهة نظرنا مع نص المواد ١/٥٧ و٥٥ و ٥٢ من قانون التحكيم.
ويبدو هذا التعارض جلياً في أن حكم المادة 57 من قانون التحكيم أنفة البيان، يقوم علي شرط مفترض هو وجود حكم تحكيم قد اكتسب القوة التنفيذية بصدور الأمر بتنفيذه، وهذا الشرط يستحيل تحققه في ظل الصياغة الحالية لهذا النص، إذ أن المشرع بنص المادة 58 من قانون التحكيم يقرر بعدم قبول طلب تنفيذ حكم التحكيم إلا بعد انقضاء المدة المقررة لرفع دعوي البطلان.
ونري أن المشرع لم يكن بحاجة من الناحية الفنية إلي النص علي هذا الأثر لدعوي البطلان، طالما أن الشرط المفترض المتطلب لإعماله لم يوجد بعد، فحكم التحكيم علي الرغم من أنه حكم نهائي حائز لقوتة التنفيذية من تريخ صدوره، إلا أن هذه القوة تبقي كامنة ولا تكفي بذاتها لتنفيذه، ويبقي تفعيلها معلقاً علي شرط واقف هو صدور الأمر بتنفيذه عملاً بالمادة 1/58 من قانون التحكيم، والتي تشترط إنقضاء المدة المقررة لرفع دعوي البطلان كشرط لقبول هذا الطلب، وتبعألذلك فإن رفع دعوي البطلان يكون بين أحد فرضين:
الفرض الأول: أن ترفع الدعوي خلال مدة التسعين يوماً المقررة قانوناً التي يبدأ إحتسابها من اليوم التالي لإعلان الحكم إلى المحكوم ضده وفقاً لقواعد الإعلان المقررة في قانون المرافعات، وفي هذه الحالة لن يكون للدعوي ثمة أثر من الناحية الفنية في وقف أو علم وقف تنفيذ حكم التحكيم، لإنعدام الشرط المفترض وهو الحصول علي أمر بتنفيذ الحكم لكون الأخير غير قابل للتنفيذ الجبري.
في أما الفرض الثاني: وهو رفع الدعوي خلال الميعاد القانوني، ثم تمام مدة التسعين يوماً، وقيام الصادر لصالحه الحكم المدعي عليه في دعوي البطلان بالتقدم بطلب الحصول علي أمر التنفيذ، وهنا أيضاً لا يتصور أن يكون لدعوي البطلان ثمة أثر التنفيذ، ويستطيع المدعي عليه أن يقوم بالشروع في إجراءات التنفيذ ضد المحكوم عليه، ولا يكون أمام هذا الأخير إلا أن يطلب من المحكمة المختصة بنظر الدعوي منحه الحماية الوقتية بإصدار قرارها بوقف تنفيذ الحكم، بشرط أن يكون طلبه وارداً في صحيفة الدعوي وأن يكون له من الأسباب الجدية ما يكفي لحمله وقبوله.
والواقع من وجهة نظرنا، أن المشرع بموجب نص المادة 57 من القانون قد رتب أثراً مانعاً لطلب الحصول علي أمر التنفيذ من السلطة المختصة لتفعيل القوة التنفيذية الكامنة لحكم التحكيم التي تولدت من تاريخ صدوره، ويبقي هذا الأثر قائماً طوال المدة المحددة لرفع دعوي البطلان ورتب علي مخالفة ذلك عدم القبول، وهو ما نري معه أهمية التدخل التشريعي بإجراء التعديل اللازم لإزالة هذا التعارض بين المادة 57 والمادة ٥٢ والمادة 1/58 من قانون التحكيم، علي أن يتضمن هذا التعديل إقرار تعطيل الأثر المانع لميعاد رفع دعوي البطلان فور قيام المحكوم عليه برفع دعوي بطلان حكم التحكيم، أي من تاريخ إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة المختصة بنظرها، لأن العلة من وجهة نظرنا التي إبتغاها المشرع من ذلك الأثر المانع تكون قد إنتفت بقيام المحكوم عليه برفع الدعوي، ويكون الربط بين إستمرار هذا الأثر المانع من قبول طلب الأمر بالتنفيذ وتاريخ رفع دعوي البطلان ضرورة يقتضيها نظام التحكيم والفاعلية المرجوة للحكم الصادر فيه فضلاً عن تعزيز ثقة الأفراد في فاعلية هذا النظام كوسيلة ودية لتسوية المنازعات .