التنفيذ / أثر الحكم بالبطلان على تنفيذ الحكم / الكتب / نطاق الرقابة القضائية على التحكيم فى منازعات العقود الإدارية / أثر الطعن بالبطلان على تنفيذ حكم التحكيم
وقد تجلى موقف المشرع المصري فيما أوردته المادة ٥٧ من قانون التحكيم بقولها .. لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى، وكان الطلب مبنيا على أسباب جدية، وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ستين يوماً من تاريخ أول جلسة محددة لنظره ، وإذا أمرت بوقف التنفيذ جاز لها أن تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي، وعليها إذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر".
وباستقراء النص السالف إيراده يتضح أن المشرع المصري ـ خـلافـــا لنظيره الفرنسي قد أرسى قاعدة عامة مفادها أن رفع دعوى البطلان لا يؤدى إلى وقف تنفيذ حكم التحكيم، واستثناء من تلك القاعدة أجاز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم متى توافر شرطان هما الاقتران والجدية.. ويقصد بالاقتران فيما نحن بصدده أن يطلب رافع دعوى بطلان حكم التحكيم وقف تنفيذ الحكم في صحيفة دعوى البطلان بحيث لا يجوز له تقديمه كطلب عارض أو بدعوى مستقلة ... بينما يقصد بالجدية أن يستند طلب وقف التنفيذ على أسباب جدية تبرره، بمعنى أن يكون هناك احتمال لأحقية المدعى فيما يطلبه بحسب الفحص الظاهري لأسباب وقف التنفيذ التي يستند إليها المدعى في صحيفة دعوى البطلان ، وتقدير هذا الأمر متروك لسلطة المحكمة التي تنظر دعوى البطلان .
وإذا كان مسلك المشرع المصري في قانون التحكيم بشأن عدم ترتيب الأثر الواقف لدعوى البطلان على تنفيذ حكم التحكيم مسلكاً محموداً من تلك الزاوية، إلا أنه معيباً من زاوية أخرى وهى عدم أحقية المحكوم لصالحه في الحصول على أمر تنفيذ حكم التحكيم فور صدوره حيث قيد ذلك بمرور مـــــدة تسعين يوماً وهى المدة المحددة لرفع دعوى البطلان ، وذلك إعمالا لنص الفقرة الأولى من المادة ٥٨ من قانون التحكيم التي تقضى بأنه..." لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى".
فطالما أن رفع دعوى البطلان لا يوقف تنفيذ حكم التحكيم فإن إلزام المحكوم له بانتظار تسعين يوماً من قيامه بإعلان الحكم إلى المحكوم عليه يُفضي إلى تأخير حصوله على حقه من ناحية، وتفاقم ما قد يصيبه من أضرار جراء تأخر الحماية القضائية التي يستحقها من ناحية أخرى.. ذلك أنه ليس هناك ثمة صلة بين دعوى بطلان حكم التحكيم والأمر بتنفيذه بحيث يتوقف أحدهما على الآخر، والقول بغير ذلك سيدفع كل من صدر ضده حكم تحكيم نحو المبادرة برفع دعوى ببطلانه فور صدوره للحيلولة بين المحكوم لـــه واستصدار الأمر بالتنفيذ قبل الفصل في تلك الدعوى، وهو ما يتعارض مع الفلسفة التي يقوم عليها التحكيم ويفقده أهم ميزاته المتمثلة في السرعة والبساطة، والبعد عن لدد الخصومة.