الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الأثر المترتب على رفع دعوى البطلان / الكتب / الاثار القانونية لقرار التحكيم التجاري الدولي / أثر رفع دعوى البطلان

  • الاسم

    بشير عبد الهادي التميمي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    285
  • رقم الصفحة

    193

التفاصيل طباعة نسخ

أثر رفع دعوى البطلان

   لاشك ان التمسك ببطلان قرار التحكيم من شأنه أن يؤثر على قوته التنفيذية ، على أن هذا التأثير يتفاوت من قانون لآخر ، مما يرتب أثرا على قيام الخصم الذي له مصلحة في رفع دعوى البطلان على قرار التحكيم التجاري الدولي ، و سنقسم المطلب لمقصدين يكون الأول لبيان أثر رفع دعوى البطلان على تنفيذ قرار التحكيم التجاري الدولي ، ويكون الثاني أثر القضاء ببطلان قرار التحكيم التجاري الدولي .

المقصد الأول

أثر رفع دعوى البطلان على تنفيذ قرار التحكيم التجاري الدولي

   فاتجه المشرع الفرنســــي فـــي المــادة (١٥٠٦ مرافعات ) على أن مدة الإبطال والاستئناف توقف حكم التحكيم، وهذا النص يضيف عبارة " كذلك يوقف تنفيذ الطعن المرفوع خلال المهلة "، وهذا نفس ما أخذ به قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني رقم (٩٠) لسنة ۱۹۸۳ ، والذي خصص في المادة (۸۰۳) منه على إيقاف تنفيذ قرار التحكيم إذا طعن به خلال المدة المقررة للطعن والتي جاء فيها: ما لم يكن القرار التحكيمي معجل التنفيذ فان مهلة كل من الاستئناف والطعن بطريقة الإبطال توقف تنفيذ قرارات التحكيم الداخلية الوطنية". 

   أما الأثر المترتب على التحكيم التجاري الدولي فقد عالجته المادة (۸۲۰) من القانون نفسه والتي نصت على ما لم يكن القرار التحكيمي معجل التنفيذ فان مهلة الطعن توقف تنفيذ الطعن المقدم خلال المهلة"، وعليه يبدو أن ما نصت عليه المادة (۸۲۰) أعلاه يتضح مبدأ إيقاف تنفيذ الحكم خلال مهله الطعن ، كما ان الطعن عليه بالبطلان خلال مدة المهلة يوقف تنفيذ القرار التحكيمي المطعون فيه بشرط ان لايكون القرار التحكيمي مشمول بالنفاذ المعجل ثم عدل المشرع الفرنسي بعض المواد المتعلقة بالتحكيم والواردة في قانون المرافعات الفرنسي بالمرسوم رقم ٤٨ لسنة ۲۰۱۱ وجاء في نص المادة ١٤٨٩ من هذا المرسوم حكما مفاده عدم قابلية حكم التحكيم للاستئناف دون اتفاق الأطراف على استئنافه ، كما جاء في المادة ١٥٢٦ من ذات المرسوم حكما مفاده عدم إيقاف تنفيذ حكم التحكيم حال الطعن به بالبطلان للحكم الصادر في الخارج .

   ويسايره في هذا الموقف المشرع الجزائري في قانون التحكيم الجزائري رقم ۹۳ /۳ لسنه ۱۹۹۳ ، وفي نص المادة ٢٥٨ مكرر ٢٧ والتي جاء فيها: "يوقف أجل تقديم الطعن تنفيذ الأحكام التحكيمية والطعن المقدم في الأجل له أثر موقف كذلك". 

   أما في قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي رقم (۸۳) لسنة ۱۹۸۰ والذي تناول فيه المشرع الكويتي التحكيم في المواد (۱۷۳ ۱۸۸) ولم يرتب وقف تنفيذ حكم التحكيم كأثر مباشر لرفع دعوى البطلان ، إنما أجاز للمحكمة المختصة بنظر بطلان دعوى بطلان الحكم التحكيمي ، وهي المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع بالأوضاع المعتادة، وفقا لنص المادة (۱۸۷) من القانون أن تأمر بناء على طلب المدعى بوقف تنفيذ الحكم إذا كان يخشى وقوع ضرر جسيم من جراء التنفيذ وكانت أسباب البطلان مما يرجح معها القضاء ببطلان القرار التحكيمي المطعون فيه . وهذا يشير إلى أن المشرع الكويتي قد أجاز للمحكمة المختصة بنظر الدعوى أن تأمر بناء على طلب المدعي بوقف التنفيذ جوازاً وليس وجوباً، ويصدر بناء على طلب المدعي وذلك في عريضة خاصة بوقف التنفيذ ما يثبت مخاوفه بأسباب معقولة من وقوع ضرر جسيم يلحق به جراء التنفيذ. مع قناعة المحكمة برجحان نقض قرار التحكيم من خلال الأسباب التي استند إليها مدعي دعوى البطلان.

   نصت المادة (۱۸۸) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي رقم (۳۸) لسنة ۱۹۸۰ والتي جاء فيها: "لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم. ومع ذلك يجوز للمحكمة التي تنظر الدعوى أن تأمر بناء على طلب المدعي بوقف تنفيذ الحكـــم إذا كان يخشى وقوع ضرر جسيم من التنفيذ وكانت أسباب البطلان مما يرجح معها القضاء ببطلان الحكم . ويجوز للمحكمة عندما تأمر بوقف التنفيذ ان توجب تقديم كفالة أو تأمر بما تراه كفيلا بصيانة حق المدعى عليه وينسحب الأمر الصادر بوقف تنفيذ الحكم علـــى إجراءات التنفيذ التي اتخذها المحكوم له من تاريخ طلب وقف التنفيذ".

 أما في القانون المصري فقد كان المشرع المصري يرتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم في المادة (٣/٥۱۳) من قانون المرافعات المدنية والتجاري الملغاة رقم ٧٧ اسنه ١٩٤٩، وكان للمحكمة التي تنظر دعوى السلطة التقديرية باستمرار التنفيذ.

   وما أن صدر قانون التحكيم المصري الجديد رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ، فقد جاء على العكس تماما من موقفه في المادة ٥١٣ /٣ من القانون المرافعات الملغاة، إذ نصت المادة (٥٧) من قانون التحكيم الجديد على أنه : "لا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم ومع ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ إذا طلب المدعي ذلك في صحيفة الدعوى ، وكان الطلب مبنيا على أسباب جدية وعلى المحكمة الفصل في طلب وقف التنفيذ خلال ستين يوما من تاريخ أول جلسه محددة لنظره ، وإذا أمرت وقف التنفيذ جاز لها ان تأمر بتقديم كفالة او ضمان مالي ، وعليها اذا أمرت بوقف التنفيذ الفصل في دعوى البطلان خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا الأمر". 

   وطبقا لهذا النص فأنه لا يترتب وقف تنفيذ قرار التحكيم بمجرد رفع دعوى البطلان وهذا يعني أن إجراءات التنفيذ للحكم تستمر على الرغم من رفع دعوى البطلان ، وبالتالي يقود إلى نتيجة قد تكون غير مرضية ، إذ نصل التي تنفيذ قرار التحكيم وبعد ذلك يصدر الحكم بالبطلان وهي حالة غير مقبولة قانونا . 

  لذا استدرك المشرع المصري هنا الأمر وأجاز للمحكمة ان تأمر بوقف التنفيذ بناء على طلب المدعي إذ خولت سلطة تقديرية بوقف التنفيذ عند تحقق الشروط التي أوجب المشرع توافرها في طلب المدعي ، وهي ان يطلب مدعي البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم في صحيفة دعوى البطلان نفسها ، فلا يحق لطالب الوقف ان يطلب وقف التنفيذ لا قبل ولا بعد رفع الدعوى . كما انه ليس للمحكمة أن تقضي بوقف التنفيذ من  نفسها .

  وبهذا يلاحظ أن المشرع المصري قد سار على هدي القانون النموذجي حيث نصت المادة (٢/٣٦) منه على : "إذا قدم طلب بإلغاء قرار التحكيم او بإيقافه إلى المحكمة مشار إليها في الفقرة (٥/١) من هذه المادة جاز للمحكمة المقدم إليها طلب الاعتراف او التنفيذ ان تؤجل قرارها اذا رأت ذلك مناسبا ويجوز لها بناء على طلب الطرف طالب الاعتراف بقرار التحكيم او تنفيذه ان تأمر الطرف الأخر بتقديم الضمان المناسب".

   إما في القانون الأردني للتحكيم رقم ۳۱ لسنة ۲۰۰۱ ، فقد خول المشرع الأردني المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان لقرار التحكيم ان تأمر بتنفيذه اذا قضت بتأييد الحكم وفقا لنص المادة (٥١) والتي نصت على: "إذا قضت المحكمة المختصة بتأييد حكم التحكيم وجب عليها أن تأمر بتنفيذه ويكون قرارها قابلا للتمييز خلال ثلاثين يوما من اليوم التالي للتبليغ ويترتب على القرار القطعي ببطلان حكم التحكيم سقوط اتفاق التحكيم".   

  أما ما جاء في قانون المرافعات المدنية العراقي رقم ٨٣ لسنه ١٩٦٩ المعدل ، فقد عالج المشرع العراقي الأثر المترتب على رفع دعـوى بطلان قرار التحكيم وجعل له آثارا حيث أشارت المادة (۲۷۳) بالجواز لأحد الخصوم عند طلب تصديق قرار التحكيم إلى المحكمة المختصة ان يطلب إبطال قرار التحكيم وفقا لأحد الأسباب التي نصت عليها المادة أعلاه (۱) . وللمحكمة ان تبطل قرار التحكيم كلا او جزءا وفقا المادة (٢٧٤) من القانون ذاته، ولها ان تعيد القضية إلى المحكمين الإصلاح ما شاب قرار التحكيم من أخطاء ، ولها الصلاحية ان تفصل بنفسها في النزاع اذا كانت القضية صالحة للفصل فيها .

 نصت المادة (۲۷۳) من قانون المرافعات المدنية رقم ۸۳ لسنة ١٩٦٩ الناقد على أنه: "يجوز للخصوم عندما يطرح قرار المحكمين على المحكمة المختصة ان يتمسكوا ببطلانه وللمحكمة من تلقاء نفسها ان تبطله في الأحوال التالية :

 أ . اذا كان قد صدر بغير بينه تحريرية أو بناء على اتفاق باطل او اذا كان القرار قد خرج عن حدود الاتفاق .

ب . اذا خالف القرار قاعدة من قواعد النظام العام أو الآداب او قاعدة من قواعد التحكيم المبينه في هذا القانون

ج . اذا تحقق سبب من الأسباب التي يجوز من أجلها إعادة المحاكمة.. اذا وقع خطاً جوهري في القرار او في الإجراءات التي تؤثر في صحة القرار .

   والحكم الذي تصدره المحكمة المختصة سواء كان بالتصديق او الإبطال أو بالحسم من قبلها لا يقبل الطعن بطريق الاعتراض (الاعتراض على الحكم الغيابي) وإنما يقبل الطعن بالطرق الأخرى المقررة في القانون وحسب قيمة الدعوى ونوعها حسب ما نصت عليها المادة (٢٧٥) مـــن القانون أعلاه .

   وكذلك القانون لا يرتب على رفع دعوى بطلان قرار المحكمين وقف قف تنفيذه، مما يثير كثيرا من الصعوبات ، كما لو قام المحكوم له بتنفيذ قرار التحكيم، ثم أبطل القرار لاحقا. بالإضافة لذلك أن إبطال قرار التحكيم من قبل المحكمة المختصة يعني عدم إعطاء القرار الصيغة التنفيذية ، أي أن قرار التحكيم يصبح كأنه لم يكن ، ويحق للخصوم اللجوء إلى التحكيم مرة ثانية أو إحاله موضوع النزاع إلى القضاء بموجب دعوى ترفع إلى المحكمة المختصة وفقا لقواعد قانون المرافعات المدنية .

107