التنفيذ / الأثر المترتب على رفع دعوى البطلان / الكتب / بطلان حكم التحكيم ومدى رقابة محكمة النقض عليه (دراسة مقارنة) / الاثر المترتب علي رفع دعوى البطلان
حيث أكدت على أن رفع دعوى البطلان لا يترتب عليه وقف تنفيذ حكم التحكيم بقوة القانون، إلا إنه يمكن وقف التنفيذ نتيجة لطلب المدعي في صحيفة الدعوى، وفي حال إن كان هذا الطلب مبنية على أسباب جدية تقدرها المحكمة المختصة بنظر الدعوى، ويجوز في هذه الحالة للمحكمة أن تطلب من المدعي تقديم كفالة، أو ضمان مالية للحكم بوقف التنفيذ.
والجدير بالملاحظة أن المشرع المصري بالرغم من أنه قد قرر ضرورة البت في طلب وقف تنفيذ حكم التحكيم المقدم ضمن صحيفة الدعوى، خلال ستين يوماً من تاريخ أول جلسة محددة لنظره، إلا أنه لم يرتب أي أثر على عدم تقييد المحكمة بهذا الميعاد، مما يعني أن هذا الميعاد؛ میعاد تنظيمي، وضعه المشرع في محاولة لتلافي تأخير الفصل في الطلب.
كما تجدر الملاحظة بأن المشرع المصري وإذا لم يجعل وقف التنفيذ بقوة القانون أثرا لرفع دعوى البطلان، إلا أنه قد جعل هذا الوقف أثرا بقوة القانون خلال ميعاد رفع دعوى البطلان، فقد نصت المادة (1758) من قانون التحكيم على أنه: "لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذا لم يكن ميعاد رفع دعوى بطلان الحكم قد انقضى"؛ وعليه فإنه لا يجوز للمحكوم له طلب تنفيذ حكم التحكيم إلا بعد مرور التسعين يوماً المحددة لرفع دعوى البطلان.
وفيما يتعلق بموقف قانون التحكيم الأردني من الأثر المترتب على رفع دعوى البطلان، فالملاحظ أن موقفه يكتنفه الغموض؛ إذ إنه لم يأت بنص واضح وصريح يحسم هذه المسألة، حيث نجد أن الفقرة (أ) من المادة (53) قد نصت على أنه: "لا يقبل طلب تنفيذ حكم التحكيم إذ لم يكن موعد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم قد انقضى
ويمكن أن يفهم من هذا النص أمرين:
الأول: إن طلب تنفيذ حكم التحكيم لا يقبل، ما لم يكن موعد رفع دعوى البطلان قد انقضى.
والثاني: بمجرد انقضاء موعد رفع دعوى البطلان، يجوز طلب تنفيذ حكم التحكيم، سواء أكانت دعوى البطلان قد رفعت فعلاً أم لم ترفع.
ويترتب على هذا إن رفع دعوى البطلان لا يوقف تنفيذ حكم التحكيم بقوة القانون بعد انقضاء مدة الطعن، وإن كان قد جعل هذا الوقف أثرا بقوة القانون خلال میعاد رفع دعوى البطلان.
ثم إننا نجد أن نص المادة (51) من ذات القانون تنص على أنه: "إذا قضت المحكمة المختصة بتأييد حكم التحكيم، وجب عليها أن تأمر بتنفيذه ويكون قرارها في ذلك قطعيا...".
ويفهم من هذا النص؛ إن رفع دعوى البطلان يوقف تنفيذ حكم التحكيم بقوة القانون، ويبقى الأمر كذلك خلال نظر المحكمة المختصة لدعوى البطلان؛ إلى حين أن تقضي المحكمة بتأييد حكم التحكيم، فإذا قضت بذلك، فإنه يتوجب عليها أن تأمر بتنفيذه، ويكون قرارها في ذلك قطعياً.
أما نص المادة (51) فهو يقتصر على الحالة التي ترفع فيها دعوى البطلان، فاذا ما رفعت خلال الميعاد المحدد لذلك؛ فإن هذا يترتب عليه عدم قابلية حكم التحكيم التنفيذ بقوة القانون، إلى حين أن تنتهي المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان إلى تأييد حكم التحكيم، وعندئذ ألزمها المشرع بأن تأمر بتنفيذه.
والنتيجة التي تصل إليها إن قانون التحكيم الأردني قد جعل لرفع دعوى - البطلان أثرا مانعا يحول دون تنفيذ حكم التحكيم، ولا يخفى أن هذا الأمر سيبيح للطرف صاحب المصلحة في تعطيل التنفيذ أن يصل إلى هدفه بمجرد قيامه برفع دعوى البطلان، فضلا عن زيادة عدد الطعون في حكم التحكيم أمام القضاء.
لذا نعتقد أن موقف المشرع المصري كان أكثر توفيقاً، من المشرع الأردني في هذا المضمار، خصوصاً أنه ربط بين قرار المحكمة بوقف تنفيذ الحكم، والأمر بتقديم كفالة، أو ضمان مالي كتأمين يكفل أي ضرر يلحق المحكوم لصالحه من جراء وقف التنفيذ، إذا كان قرارها برد دعوى البطلان.
وإذا انتقلتا لنسلط الضوء على موقف القانون الكويتي في هذا المضمار، نجد أن مهلة رفع دعوى بطلان حكم التحكيم وفقا لأحكام قانون المرافعات هي ثلاثين يوماً تبدأ من تاريخ إعلان الحكم للمحكوم عليه.
ولا يترتب على رفع دعوى البطلان وقف تنفيذ حكم التحكيم بقوة القانون، إلا أنه يحق للمحكوم عليه (المدعي في دعوى البطلان) أن يطلب من المحكمة المختصة، التي تنظر الدعوى، أن تأمر بوقف التنفيذ، وفي هذه الحالة يعود الأمر لتقدير المحكمة.
وقد أجاز القانون الكويتي للمحكمة عند الأمر بوقف التنفيذ أن توجب تقديم كفالة، أو تأمر بما تراه كفيلا بصيانة حق الطرف طالب التنفيذ، وينسحب الأمر الصادر من المحكمة بوقف تنفيذ حكم التحكيم؛ على جميع إجراءات التنفيذ التي اتخذها المحكوم له من تاريخ طلب وقف التنفيذ.
وواضحا من هذه المادة بأنه لا يوجد ما يمنع من أن يتقدم المحكوم عليه برفع دعوى البطلان قبل تبليغه القرار المعطى الصيغة التنفيذية، وواضحا - أيضا - أن دعوى البطلان لا تقبل إذا رفعت بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغ القرار المعطى الصيغة التنفيذية. -
ويتضح من خلال هذا النص أنه لا يجوز طلب تنفيذ قرار التحكيم خلال مدة الطعن بقرار التحكيم، وكذلك إذا تم رفع دعوى البطلان، فإن ذلك يوقف تنفيذ قرار التحكيم، ما لم يكن قرار التحكيم معجل التنفيذ، إذ إنه إذا كان قرار التحكيم معجل التنفيذ لن تكون مهلة رفع دعوى البطلان، أو رفع دعوى البطلان موقفة للتنفيذ.