الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / أثر الحكم الصادر في دعوى بطلان حكم التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48 / عقد تنفيذ أعمال مشروع - شرط حل النزاع عن طريـق التحكيم – إدلاء بأن هيئة التحكيم غير مختصة للحكم عن أعمال الهيكل المعدني والمظلة المعدنية - الأعمـال متصلة بالمشروع - لا خـروج عـن صـلاحية هيئة التحكيم - هيئة التحكيم طبقـت القـانون المتـفـق عـليـه - إشـارتها إلى وثيقـة جمعية البنـاء البريطانية كمرجع علمي لتفسير بعض المصطلحات العلمية ليست خرقا لإتفاق الطرفين.

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية العدد 47-48
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    266

التفاصيل طباعة نسخ

عن كون هيئة التحكيم غير مختصة للحكم عن أعمال الهيكل المعدني والمظلـة المعدنية نجد أن هذه الأعمال متصلة بأعمال المشروع ولم تكن المطالبة بأجر العمـل لتنفيـذ المظلـه وبالتالي فإن الحكم بها لم يكن خروجا من هيئة التحكيم عن مجال تفويضها وصلاحياتها بالنظر والحكم بكل الأمور المتصلة بالعمل الذي قام به المقاول. بالنسبة لتطبيق القانون المتفق عليه بين طرفي التداعي نجد أن محكمة الإستئناف توصلت إلى أن هيئة التحكيم قد طبقت القانون المدني وقانون أصول المحاكمات المدنية، بالإضافة إلـى قانون الإثبات وأصدرت قرارها مستندة إلى هذه القوانين ولا تعتبر إشارتها إلى وثيقة جمعيـة البناء البريطانية كمرجع علمي لتفسير بعض المصطلحات الفنية خرقا للاتفاق المبــرم بـين الطرفين حول تطبيق القانون المتفق عليه. التحكيم نظام قانوني لفض المنازعات يقوم أساساً على مبدأ سلطان الإرادة، فيمقتضاه يـتم إخراج النزاع من إختصاص جهات القضاء صاحبة الولاية وطرحه على أشخاص عاديين ليست لهم ولاية القضاء ولا يتبعون أي سلطة من سلطات الدولة، فيصدرون حكما ينهي النزاع ويتمتع بحجية الشيء المقضي به مثله في ذلك مثل الحكم الذي تصدره محاكم السلطات القضائية فـي الدولة، ومن هنا فإن نظام التحكيم ذو طبيعة قضائية ولا شك فيها، فالمحكم يؤدي وظيفة القاضي، وإن لم يكن من بين رجال القضاء، كما يستمد ولايته أساساً من حكم القانون الذي أجاز اسـتثناءا سلب إختصاص جهات القضاء والإلتجاء إلى التحكيم وسيلة لفض المنازعات، وسمح لأشخاص من خارج السلطة القضائية القيام بوظيفة القاضي، ولما كان المحكمون يقومون بعمـل القاضـي يترتب على الحكم الذي يصدرونه ذات الآثار التي تترتب على أحكام القضاء دون أن تكون لهـم سلطة الأمر بتنفيذها جبرا، ومن ثم فقد كان لزاما على المشرع أن يتدخل في نظام التحكيم فيضع القواعد القانونية التي تتحقق بموجبها الضمانات الأساسية للتقاضي، وتعاون أطراف النزاع على إنجاز إتفاقهم على اللجوء إلى التحكيم، وفي الوقت ذاته تضمن صدور حكم بريء مـن أوجـه العوار التي قد تبطله، كما تسمح بالطعن في حكم التحكيم، كما تسمح بالطعن على حكم التحكـيم حتى لا يتحول أداة للتحكم.

 

المحور الأول- خضوع مشتملات الخلاف للتحكيم :

 

والأصل أن، يحـرر إنفـاق التحكـيم فـي وثيقـة يوقعهـا الطرفـان تتضمن كافـة

 

ما اتفقـا عليـه، فتكـون بنـود هـذه الوثيقـة هـي محـور مـعـالم التحكيم المتفـق المحور الأول- خضوع مشتملات الخلاف للتحكيم : والأصل أن، يحـرر إتفـاق التحكـيم فـي وثيقـة يوقعهـا الطرفـان تـضمن كافـة ما اتفقـا عليـه، فتكـون بنـود هـذه الوثيقـة هـي محـور مـعـالم التحكيم المتفـق عليه، وقد يزيد الطرفان من كلمات الشرط بما يضمن تفسيره بصورة أوضح، مثل مكان ولغـة التحكيم، والقانون الواجب التطبيق على النزاع، وعدد المحكمين وصفاتهم ومؤهلاتهم، كإشتراط

 

أن يكون إثنان من المحكمين قانونيين، في حين يكون رئيس الهيئة مهندسا. غير أن الأمر ليس دائما بهذه البساطة فكثيراً ما تكون هناك وثـائق أخـرى قـدمهـا أحـد الطرفين للآخر، قبل التعاقد، أو خلال التفاوض لإتمامه، أو بعد إتمامه وأثناء تنفيذه وقد يستفاد إتفاق التحكيم من المراسلات المتبادلة بينهما، أيا ما كان نوعها وفي هذه الحالة يثور التساؤل عن مدى إعتبار مختلف الوثائق المتبادلة بين الطرفين جزءا من الإتفاق، والإعتماد عليها في تحديـد معالم التحكيم المتفق عليه.

 

وفي هذه القضية فقد تمسك الطاعن بتخطئة محكمة الإستئناف بالنتيجة التي توصلت إليهـا برد دعوى المدعية (المميزة) والتي موضوعها بطلان حكم التحكيم الصادر عن هيئـة التحكـيم كون حكمها تضمن أمورا لا تدخل في صلاحياتها، ولم تطالب بها المحتكمـة بلائحـة دعواهـا

 

(كأعمال الهيكل المعدني والمظلة المعدنية) ولم تكن موضوع خلاف. وقد ردت المحكمة مصدرة الحكم محل التعليق على هذا السبب من أسباب الطعن بقولها: "... عن كون هيئة التحكيم غير مختصة للحكم عن أعمال الهيكل المعدني والمظلة المعدنية نجد أن هذه الأعمال متصلة بأعمال المشروع ولم تكن المطالبة بـأجر العمـل لتنفيـذ المظلـة وبالتالي فإن الحكم بها لم يكن خروجا من هيئة التحكيم عن مجال تفويضها وصلاحياتها بـالنظر والحكم بكل الأمور المتصلة بالعمل الذي قام به المقاول..... ونحن نتفق مع المحكمة مصدرة الحكم محل التعليق في صحة هذه النتيجة التي توصـلت

 

إليها لأن المقصود بالمسائل التي يشملها التحكيم، والتي يتعين تحديدها في وثيقة التحكـيـم هـي العلاقة القانونية التي يكون النزاع الناشئ حولها محلا للتحكيم بحيث يكون تحديدها بذاتـه كـافيـاً لإعتبار وثيقة التحكيم صحيحة، وإن لم تتضمن بيانا لماهية النزاع الـذي قـام بالفعـل بـشأنها والمطلوب عرضه على التحكيم، ولئن كان التحكيم يجب قصره على ما تم الإتفاق عليه، إلا أنـه يجوز لكل من طرفي التحكيم إثارة كل ما يكون متعلقا أو متصلاً أو مرتبطاً أو داخلاً في النزاع المتعلق بشرط التحكيم، وتقدير ذلك مما يدخل في تفسير شرط التحكيم الذي تخضع فيه محكمـة الموضوع لرقابة محكمة التمييز.

 

ثم إن الشرط التحكيمي هو عقد إجرائي قائم بذاته دو تنفيذ متتابع، وإن إستمراره قائما يكون نتيجة نشوء نزاعات مرتبطة بموضوعه بالإستناد إلى الإتفاق الحاصل سابقا بشأنه بين الطرفين، بحيث يكفي أن يتمسك أحد هذين الطرفين بالإتفاق المذكور كي يخرج النزاع من دائرة إختصاص المحاكم العادية بالنسبة إلى كل أمر له علاقة سببية أو تلازمية مع موضوعه، ولا سيما أن النزاع المعروض على المحكم قابل للتطور أثناء المحاكمة التحكيمية، مما ينفي وجود أي مبرر لتحديـد نطاق الاختصاص التحكيمي في هذه الحال بإتفاق جديد بين الطرفين .؟ وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه إذا تضمن شرط الإتفاق على التحكيم فـي جميـع المنازعات التي تنشأ أثناء تنفيذ العقد فإنه يخضع للتحكيم، وفقا لهذا الشرط، طلب فسخ العقد لعدم التنفيذ وطلب التعويض عن عدم التنفيذ لأنها منازعات تتعلق بتنفيذ العقـد والمسؤولية العقديـة (نقض فرنسي تجاري 13 مارس 1978)

 

وهو أيضاً ما قرره حكم هيئة التحكيم بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، إذ قضى بأنه إذا كان شرط التحكيم في العقد ينص على سريانه على كل المنازعات التي تنشأ عـن تنفيذ العقد فإن المنازعات التي تتعلق بالإخلال بتنفيذ العقد تدخل في نطاق شرط التحكيم (القضية وهو ما إستقر عليه قضاء محكمة استئناف القاهرة، إذ قضت بأن: النص على النزاع بشأن تنفيذ العقد يشمل كل المنازعات التي تنشأ بين طرفي العقد بمناسبة العقد ولهذا فهي تشمل طلـب فسخ العقد وإخلاء المكان المؤجر. (الدائرة 8 تجاري جلسة 1/19م2009 في الدعوى رقـم 41

 

التحكيمية رقم 96 م1997 – منشور في مجلة التحكيم العربي - العدد الأول – ص 151) وقد قضي أنه إذا تضمن العقد شرط تحكيم ينص على عرض جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذه على محكمين، فإن هذا يشمل كل المنازعات التي تقع بين المتعاقدين بشأن التنفيذ سواء وقت قيام العقد أو بعد إنهائه (حكم محكمة الإستئناف - الدوحة - 2009/1/29 في الإستئناف رقم 2009/9 - مجلة التحكيم العالمية - العدد 14 أبريل 2012 - ص 259.

 

لسنة 125 ق. تحكيم). كما قضت إذا ورد شرط التحكيم في أي نزاع ينشأ عن تنفيذ العقد"، فإن النص على التحكيم يتسع للنزاع حول إنتهاء العقد وحول مدته وأثر ذلك في التزامات الطرفين". الدائرة 8 تجـاري جلسة 2008/11/19 في الدعوى رقم 57 لسنة 125 ق. تحكيم) . المحور الرابع- إختيار الأطراف للقانون الموضوعي الذي يحكم العقد : لقد جاء في حيثيات الحكم ما يلي: "... بالنسبة لتطبيق القانون المتفق عليـه بـيـن طـرفـي التداعي نجد أن محكمة الإستئناف توصلت إلى أن هيئة التحكيم قد طبقت القانون المدني وقـانون أصول المحاكمات المدنية، بالإضافة إلى قانون الإثبات وأصدرت قرارها مستندة إلى هذه القوانين ولا تعتبر إشارتها إلى وثيقة جمعية البناء البريطانية كمرجع علمي لتفسير بعـض المصطلحات الفنية خرقا للإتفاق المبرم بين الطرفين حول تطبيق القانون المتفق عليه.... ونحن من جانبنا نتفق مع المحكمة مصدرة الحكم محل التعليق في هذا النهج الـذي قررتـه لأن إختيار الأطراف للقواعد القانونية يتم التعبير عنها إما بمقتضى بند في العقد أو بمقتضى إتفاق مستقل عن العقد. وإنما يعمل في إطار إرادة الطرفين، فتكون هذه الإرادة وحدها هي القيد الذي يقيده. وإنطلاقا من هذه الحقيقة فإذا إختار الطرفان قانوناً معيناً للتطبيق على موضوع النزاع تعين عليه إعمال قواعد هذا القانون برمته. وهناك من يرى أن السماح لطرفي العقد في إختيار القانون الواجب التطبيق يجد تبريره في أن القانون يحظى برضاء الطرفين، لهذا فهو يستجيب لمقتضيات العدالة، ومن شأنه أن يسصون توقعاتهم فلا يفاجأ المتعاقدان بقانون لم يخطر على بالهما، ويعزى التسليم بهذا المبدأ إلى أسباب عملية أكثر منها نظرية، إذ تستجيب فكرة حرية الأطراف في إختيار القانون الذي يسري علـى عقدهم للتعدد الكبير وللإختلافات في التعاملات العقدية الدولية، ذلك أنها تسمح للمتعاقدين بإختيار القانون الملائم لتحقيق النتيجة التي يرغبان في تحقيقها، كان يختارا قانون دولة أخـرى أجنبيـة عنهما نظراً لما يتضمن من أحكام تنظم عقدهما بصورة معينة أو بصورة تفصيلية وأفضل مـن مجلة التحكيم العالمية 2020 - العدد السابع والأربعون والعدد الثامن والأربعون

 

وقد قرر مجمع القانون الدولي في دورة انعقاده بمدينة Balle في سويسرا عام 1991 على أن "شرط إختيار القانون الواجب التطبيق إذا كان مدرجاً ضمن الشروط العامة للعقد الأصـلي فإنه يتعين أن تكون موافقة الأطراف على هذا الشرط كتابة أو أن تتم هذه الموافقة فـي ضـوء معاملاتهم السابقة أو طبقا للعادات المهنية التي يعرفها المتعاقدون". وكما هو معلوم فإن المحكم الدولي لا يعمل في إطار قانون معين تكون أحكامه قيداً عليـه

 

ويكون الإختيار صريحاً إذا ما تم الإتفاق على القانون الواجب التطبيـق بموجـب شـرط صريح يدرج ضمن شروط العقد أو بمقتضى إتفاق مستقل عنه.وهناك من يرى أن السماح لطرفي العقد في إختيار القانون الواجب التطبيق يجد تبريره في أن القانون يحظى برضاء الطرفين، لهذا فهو يستجيب لمقتضيات العدالة، ومن شأنه أن يسصون توقعاتهم فلا يفاجأ المتعاقدان بقانون لم يخطر على بالهما، ويعزى التسليم بهذا المبدأ إلى أسباب عملية أكثر منها نظرية، إذ تستجيب فكرة حرية الأطراف في إختيار القانون الذي يسري علـى عقدهم للتعدد الكبير وللإختلافات في التعاملات العقدية الدولية، ذلك أنها تسمح للمتعاقدين بإختيار القانون الملائم لتحقيق النتيجة التي يرغبان في تحقيقها، كان يختارا قانون دولة أخـرى أجنبيـة عنهما نظراً لما يتضمن من أحكام تنظم عقدهما بصورة معينة أو بصورة تفصيلية وأفضل مـن تلك التي كانت ستحققه الأحكام التي وردت في قوانينهما الوطنية، كأن يختارا القانون السويسري مثلا ليسري على عقدهما لما يحققه ذلك من قيود أقل". ومن أمثلة الإختيار الصريح ما نصت عليه المادة ( مـن العقد المبرم بين شركة Atlantic Triton Company Limited ودولة غينيا من أن القانون الغينـي هـو الواجـب التطبيق على العقد". وكذلك المادة 39 من العقد المبرم بين شركة Vacuum Salt Productc Ltd وحكومة غانا التي نصت على تطبيق القانون الثاني على هذا العقد" وأيضا ما ورد في العقد بين حكومة جامايكا وشركة Alepa minerals of Jamaica من أن "محكمـة التحكـيم سوف تطبق القانون الجامايكي وقواعد القانون الدولي التي يمكن تطبيقها".

 

وإذا قام الطرفان صراحة بإختيار القانون الذي يريدان أن يحكم العقد، فمن الواجـب علـى المحكمة أن تنفذ إختيارهما، وذلك على أساس أن أطراف العقد أحرار في إختيار القانون الـذي

 

يحكم عقدهم بشأن المسائل التي تدخل ضمن صلاحياتهم التعاقدية بإعتبارهم الأقدر على إختيـار القانون الملائم لطبيعة العلاقة القائمة بينهم 10 وبثور التساؤل أيضاً حول مدى حق الأطراف في إختيار أكثر من قانون ليحكم العقد؟ كـان بختاروا القانون السوري لأجل تطبيقه على شروط إنشاء وصحة العقد والقانون الفرنسي علـى

 

مسألة تنفيذه. وقد إتجه بعض الفقه إلى ضرورة إخضاع العقد الدولي إلى نظـام قـانـونـي واحـد وذلـك

 

للإعتبارات الآتية:

 

1- إن إختيار الأطراف لعدة قوانين لتحكم العقد تؤدي إلى إختلال التوازن العقـدي، فـإذا تضمن العقد التزامين وأخضع كل منهما لقانون مختلف، قد يؤدي ذلك إلـى الإطاحـة بالإنسجام اللازم للرابطة العقدية. 2- ان قاعدة الإسناد في العقود الدولية، تقرر حق الأطراف في إختيار قانون وليس قوانين.

 

إلا أن هناك إتجاهات حديثة تسمح بتطبيق أكثر من قانون على العقـد خـصوصاً العقـود الدولية، وحججها في ذلك:

 

ا - إن النصوص القانونية والإتفاقيات الدولية تؤكد على حق الأطراف في إختيار أكثر من

 

قانون ليحكم العقد.

 

فقد نصت المادة الثانية من التوصية التي أصدرها مجمع القانون الدولي في دورة إنعقاده، عام 1979 على أنه: "يمكن للأطراف أن يختاروا قانوناً أو أكثر لحكم عقدهم، أو المبادئ المشتركة بين هذه القوانين، والمبادئ العامة للقانون، أو المبادئ المطبقـة على العلاقات الإقتصادية الدولية، أو القانون الدولي، أو مزيج من هذه الأنظمة".. وقد اعتمد قانون التحكيم المصري ذات الإتجاه، حيث نص في المادة 1/39 من القانون رقم 27 لسنة 1994 على أنه: "تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي اتفق عليها الطرفان....2 - إن بعض العقود تدفع المتعاقدين إلى إختيار أكثر من قانون لحكم العقد، كعقد القـرض الدولي، وعقد بيع الآلات اللازمة لمصنع معين، وعقد التحكيم". وقد لاحظ هذا الفقه أن تطبيق أكثر من قانون على العقـد يؤيده أنـصار النظرية الشخصية والموضوعية معا، ولكنهم يشترطون لذلك: أس أن تتوافر في كل من هذه القوانين الصثلة المتطلبة بالعقد . ب- أن لا تؤدي تجزئة العقد إلى الإخلال بالسجام العقد.

 

ويتفق الدكتور هشام صادق مع الفقيه باتيفول، بتحويل القاضي الحق بعـدم الإعتـداد بـالقـانون المختار إذا ما تبين له أن هذا القانون ليس مثبت الصلة بالعقد، وبالتالي عدم الإحتجاج بما قد ينطـوي عليه هذا المسلك من إخلال بتوقعات المتعاقدين، على أساس أن هؤلاء كان يجب عليهم أن يتجنبـوا من البداية الإختيار غير المنطقي لقانون العقد، إذ لا يعقل أن ينصاع القاضي وراء أهـواء الخـصوم أو رغباتهم غير المشروعة ليبارك إختيارهم المخطئ الذي خرجوا به عن أهداف قاعدة الإسناد التـي منحتهم حق الإختيار مقيدا بضرورة تحقيق غايتها وإدراك مقاصدها في حل مشكلة تنازع القوانين الموضوعية للعقد، كمحل الإبرام أو محل التنفيذ أو قانون موطن الأطراف أو قانون جنسيتهم 1. 13

 

وبالمقابل، يذهب إتجاه آخر؟ إلى القول بأن حرية الأطراف في إختيار القانون الواجـب التطبيق هي حرية مطلقة، وليس للقاضي تغيير القانون بإدعاء أنه يفتقد الصلة المزعومة بينـه وبين الرابطة العقدية، لأن من شأن ذلك أن يخل بتوقعات الأطراف ويهدد المصالح الفردية التي يسعى القانون الدولي الخاص إلى حمايتها. 15

 

ويذهب رأي آخر إلى أنه لا ضرورة لوجود اتصال مادي وثيـق بين العقـد والقـانون

 

المختارة انما يكفي تحقيق مصلحة مشروعة حقيقية وحدية للأطراف في إختيارهم لقـانون معــن يحكم عقدهم، وهذه المشروعية تتحدد بهذه الأوصاف من خلال المزج بين القانون المختار وقانون دولة القاضي، بهدف تحقيق المصلحة الجدية مع مصلحة التجارة الدولية، مما يتطلب من القاضـي إبداء المرونة في التقدير، ومن شأن ذلك أن يهدر كل إختيار مغشوش أو مصطنع، ومتى توافرت هذه الأوصاف، وهي المصلحة الجدية المشروعة ومصلحة التجارة الدولية وكذلك هـدر الاختيـار المغشوش والمصطنع، فعند ذلك تتحقق الصلة المعقولة والمنطقية بين العقد والقانون المختار.

 

ويرجع سند هذا الرأي إلى أن المادة 25 من القانون المدني السوري - على سبيل المثـال

 

التي حولت القاضي الرجوع إلى المبادئ العامة للقانون الدولي الخاص فيما لم يرد بشأنه قاعـدة

 

إسناد تشريعية وهو فيد مرن. وقد أخذت إتفاقية روما 1980 في شأن القانون الواجب التطبيق على الإلتزامات التعاقديـة بالإتجاه الثاني، حيث حولت المتعاقدين حرية مطلقة في إختيار القانون الواجب التطبيق، ولا تتقيد المحكمة في تطبيق القانون المختار إلا بما تقرره القواعد الآمرة في قانون الدولة الأوثق صلة.

 

بيد أن القضاء إتخذ مواقف متباينة في هذا الصدد، ويلاحظ أشد هذه الإتجاهات مـا تبـتـه المحكمة الفيدرالية السويسرية التي لم تكتف بوجود مصلحة معقولة من وراء هذا الإختيـار بـل أوجبت أيضاً أن تكون هناك رابطة إقليمية بذلك القانون، في حين يشترط القضاء الإنكليزي توافر صلة حقيقية، وهو الإتجاه ذاته في ألمانيا، ومع ذلك فقد يكون المقصود بالصلة، الصلة الذهنيـة التي تكشف الإرتباط بين العقد ونظام قانوني معين.

 

والجدير بالذكر هنا أن جانب من الفقه" يرى أن التنازع لا يقوم إلا بين قوانين دول تتمتـع

 

كل منها بصفة الدولة وفقا لمبادئ القانون الدولي العام، ومن ثم فإن فكرة قانون الإرادة لا تعنـي

 

غير اختيار المتعاقدين في العقد الدولي لقانون دولة معينة".

 

وبالمقابل يرى جانب آخر من الفقه، وإستناداً إلى التطورات وحاجات التجارة الدولية، إلـى تصور قيام ع بين شرائع لا تنتمي لسيادة إقليمية، العقد، وبناء عليه يمكن للمتعاقدين، عملا بقاعدة التنازع التي تحولهم حق إختبار قانون العقد، الإختيار بين قواعد مأخوذة من نظام وطنـي معين وكذلك قواعد ذات صبغة عالمية لا تنتمي لسيادة إقليمية معينة، كالأعراف الجاريـة فـي ميدان التجارة الدولية ومن التشريعات التي أخذت بالإتجاه الثاني، التشريع الفرنسي، حيـث نصت المادة 1496 من قانون المرافعات الفرنسي على أنه: "يفصل المحكم في المنازعـة وفقـاً للقواعد القانونية المختارة من قبل الأطراف". وقد أخذ بهذا الاتجاه أيضاً المشرع المصري في قانون التحكيم رقم 27 لعام 1994 عندما منح الأطراف سلطة تحديد القواعد الواجبة التطبيق على موضوع النزاع، إذ نصت المادة 39 على أنه: 1- تطبق هيئة التحكيم على موضوع النزاع القواعد التي يتفق عليها الطرفان، وإذا إتفقـا على تطبيق قانون معين اتبعت القواعد الموضوعية فيه دون القواعد الخاصة بتنازع القوانين، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك . 2- إذا لم يتفق الطرفان على القواعد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر إتصالاً بالنزاع..". وكما هو ملاحظ أنه يحق للمتعاقدين إختيار قواعد لا تنتمي للقانون الداخلي لدولـة معينة حيث استخدم المشرع مصطلح (القواعد) بدلاً من إصطلاح (القانون) مما ينبئ تماماً عن نيـة المشرع في هذا الشأن.إلا أن الفقه الغالب، يرى مع ذلك، أن تدويل العقد، لا يتصور إلا أمام قضاء التحكيم أنـا القضاء الداخلي فلا يقبل خضوع العقد إلا للقانون الوطني لدولة ما . ذلك على إعطائهم الحق في تغيير طبيعة القانون المختار من نصوص تشريعية تكتسب قوتها من صدورها عن مشرع وطني أو دولي معين لتكتسب إلزاميتها من كونها شروطا تعاقدية، إذ يسمح المبدأ للأطراف بأن يدرجوا القواعد القانونية التي اختاروها في مشارطتهم مثلها مثل أي شرط آخر من الشروط التعاقدية، بل إن للأطراف المتعاقدين أن يذهبوا إلى أكثر من هذا بالإتفاق على تجزئة النظام القانوني الذي يركزون في ظله على علاقتهم، ليطبق من بعض نصوصه مـع استبعاد ما دون ذلك".

 

وقت الإختيار والحق في تعديله: كما سبقت الإشارة فإن قانون الإرادة هو القانون الذي تشير إليه إرادة الأطراف لحكم عقدهم المبرم بينهم. إلا أن التساؤل الذي يثور هنا عن الوقت الذي يتعين فيه على الأطراف ممارسة حقهم في إختيار قانون العقد لكي يعتد به. فإذا كان عدم إختيار القانون الواجب التطبيق عند إبرام العقد لا يحول دون إمكانية إبرام العقد فهل يجوز للأطراف بعد إبرام العقد الحـق فـي إختيـار القانون الواجب التطبيق على العقد في وقت لاحق؟

 

تذهب غالبية الفقه إلى تحويل المتعاقدين الحق في الاختيار اللاحق لقانون العقد، حيث يمكنهم تحديد قانون العقد بعد إبرامه في إتفاق مستقل عن العقد، وحتى ولو في مرحلة متأخرة وعند طـرح النزاع القائم بينهم أمام المحكم المختص أو أمام المحاكم وقبل الفصل في النزاع. فمـا دام تحديـد القانون الواجب التطبيق هو من مهمة الأطراف بالدرجة الأولى فإنه يتعين الإقرار بحقهـم فـي الإختيار اللاحق لهذا القانون، وكذلك فإن الممارسات التحكيمية تضفي أهمية على إتفاقـات إختيـار القانون الواجب التطبيق، حتى ولو في مرحلة لاحقة أثناء النظر في النزاع. حيـث إعتـدت هيئـات التحكيم بإتفاقات الأطراف بين شركة AAPL وحكومة سريلانكا حيث لم يتفق الأطراف عند إبـرام العقد على القانون الواجب التطبيق، لكنهم إستندوا في تنفيذ العقد على الإتفاقيـة الثنائيـة للإستثمار الموقعة بين المملكة المتحدة وسريلانكا، وعندما ثار النزاع بين الطرفين وتم عرضه على المركـز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار، فقد صرحت هيئة التحكيم عند نظـر مـسألة القانون الواجـب التطبيق بما يلي: " في ظل هذه الظروف الخاصة سوف تتجسد عملية إختيار القانون عقـب ظهـور النزاع، وذلك عن طريق ملاحظة وتأصيل سلوك وتصرف الأطراف عبر وقائع التحكيم، وفي حالتنا هذه تصرف كل من الطرفين بشكل يظهر الموافقة المتبادلة على إحترام ومراعـاة بنود الإتفاقيـة السريلانكية - البريطانية (ثنائية الأطراف) لتكون المصدر الأساسي للقواعد القانونية واجبة التطبيـق وهذه القواعد الأساسية استند عليها الطرف المدعي وقوبلت بموافقة تامة من قبل المدعى عليه 2.

 

والأمر ذاته ينطبق فيما يتعلق بقضية أخرى تم طرحها على المركز الدولي لتسوية منازعات الإستثمار، وتتعلق بالعقد المبــرم بـين S.A.R.L, Benvenuit & Bon Fantv. People's Republic of The cong ففي غياب نص يتعلق بإختيار القانون الواجب التطبيق بعـد نـشوء النزاع، وذلك عندما فوض الأطراف في إحدى الجلسات هيئة التحكيم للفصل في نـزاعهم طبقـاً لقواعد العدالة والإنصاف 25ex acque et bono والجدير بالذكر هنا أن الإعتراف للمتعاقدين بحق الإختيار اللاحق لقانون العقد، يتضمن قدرتهم على تعديل القانون الذي سبق لهم أن إختاروه بشرط أن يتم هذا التعديل قبل الفصل بالنزاع، ويترتب على هذا التعديل سريان القانون بأثر رجعي يرتد إلى وقت إبرام العقـد، بإستثناء الغير الذين وجد لهم وضعا ظاهرا فلا يسري عليهم التعديل. ولا يجوز أن يؤدي تعديل القانون المختار إلى إيطال العقد، أما إذا كان هذا التعديل يـؤدي إلى صحة العقد الذي كان باطلاً من حيث الشكل وفقا للقانون الذي كان واجب الإعمـال، فإنـه يتعين التسليم بصحة العقد في هذا الفرض2. وفي ذلك بنص القانون الدولي الخاص الألماني الصادر في عام 1986 فـي المـلاة 2/27 على أنه: "يجوز للأطراف في أي وقت، الإتفاق على إخضاع العقد لقانون غير ذلك الذي كـان

 

يحكمه سابقا". وفي ذات السياق فقد نصت المادة 2/3 من إتفاقية روما بشأن القانون الواجـب التطبيـق علـى الإلتزامات التعاقدية، والمادة 2/7 من إتفاقية القانون الواجب التطبيق على البيع الدولي للبضائع 1986 ويعتبر أهم المشاكل التي يواجهها المحكم في تطبيقه لقواعـد القـانـون الـذي إختـاره الأطراف تفسير بعض الإصطلاحات الغامضة في العقد، خاصة إذا كانت هذه الإصطلاحات غير مستعملة في القانون الموضوعي الواجب التطبيق على النزاع أو كانت تعطي مدلولاً مختلفاً عـن المدلول المعروف دوليا، ومن هذه المشاكل ما يعرف في العمل بالنسبة لعقود الإنشاءات الدوليـة بإسم التعويض النقدي وكذلك غرامة التأخير، إذ أن التعبير الأول يقصد به وفقا لقواعد الفيديك أنه يستحق التعويض بالقدر المحدد في العقد بغض النظر عن تحمل الطرف الدائن التعويض لأيـة أضرار فعلية، بينما المادة 225 من القانون المدني السوري تنص على أنه لا يكـون التعويض الإتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن التقدير مبالغ فيه إلى درجة كبيرة، أو أن الإلتزام الأصلي قد نفذ جزء منه، ومما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام أنه لا يعتبر خطأ في تفسير القانون إستبعاد المحكم الدولي أثر القواعد الأسرة التي يحتويها القانون المختار في إيطال التصرف وذلك لأن

 

القانون المختار يعد بمثابة شروط تعاقدية ملحقة بالعقد . كما أن المحكم قد يلجأ في ظروف معينة، لتفسير بعض مصطلحات العقد، لأحكام قانون آخر غير القانون المطبق على العقد، ولا يعتبر ذلك خروجا منه على قانون الإرادة، أو أي قانون أخـر مطبق على العقد إستناداً لأحكام القانون، ومثال ذلك، أن تكون هناك مصطلحات معروفة في قانون معين، وغير معروفة في قانون آخر، فيضطر المحكم إلى اللجوء للقانون الأول لمعرفة المقصود منها، فقد يبرم عقد مقاولة في بريطانيا بين شركة مقاولات بريطانية وصاحب عمل قطري، يتفقان فيه على تطبيق القانون القطري، ولكن يرد في العقد مصطلحات مثل breach of the contract Waiver, anticipatory, estoppel, rescission وكلها لها مدلول في القانون الإنجليزي، غيـر معروفة في القانون القطري، في هذا الفرض، قد يجد المحكم أن من واجبه الإستعانة فـي تفسير هذه المصطلحات بالقانون الإنجليزي لفهمها فهما صحيحاً وليس القانون القطري. وأبعد من ذلك فقد يلجأ المحكم في تفسير العقد لقواعد دولية تتضمن عادات وأعراف تجارية لفهم مصطلحات عقدية معينة، ومثاله إتفاق الأطراف على أن يكون العقد فوب FOB أو سيف CIF، أو يكون إعتماداً مستنديا يتضمن مصطلحات معروفة في التجارة الدولية، وغير معروفة في القانون القطري بإعتباره القانون المطبق على العقد. في مثل هذه الظروف، قد يلجأ المحكـم في تفسير هذه المصطلحات للأعراف والعادات التجارية الخاصة بها، ولا يعتبـر ذلـك أيـضاً

 

خروجا منه على قانون العقد،