من البديهي أن يتضمن نظام الطعن ببطلان القرارات التحكيمية تحديدا لمهلة الطعن وكيفية حسابها تماماً كما هو الشأن تجاه الأحكام القضائية. ذلك أن فتح باب الطعن إلى غير نهاية يؤدي إلى عدم الاستقرار بين الخصوم بالنظر إلى أنه إذا جاز الطعن في أي وقت – وجاز بالتالي المساس بالحجية - فإن المراكز القانونية التي حددها القرار تظل قابلة للتغيير لحين رفع الطعن والفصل فيه .
وعادة ما تكون مهلة الطعن في أحكام القضاء أو التحكيم حتمية لا يملك الأطراف تغييرها. ولكن قد يتساهل النظام القانوني للتحكيم في هذا الشأن. من ذلك مثلاً القانون البلجيكي حيث جعل مهلة الطعن في القرار التحكيمي بالاستئناف شهراً من تاريخ تبليغه إلا إذا اتفق الأطراف على غير ذلك هذا مع ملاحظة أنه من ناحية أخرى فإن مهلة الطعن بالإبطال وهو طعن جائز أيضاً تجاه القرار التحكيمي - وفقاً لهذا القانون حتمية ولا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها.
إنه من الضروري في هذا الفصل أن نبدأ أولاً بدراسة مقدار مهلة الطعن ثم بدء سريانها ضمن مبحثين مستقلين.
أما في مصر، فقد حددت المادة 1/54 من قانون التحكيم الميعاد الذي أن ترفع خلاله دعوى البطلان بتسعين يوماً من تاريخ إعلان حكم التحكيم للمحكوم عليه، ولا يحول دون قبول دعوى البطلان نزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم، ولقد وضع المشرع ميعاداً المصري طويلا بشكل ملحوظ للطعن في حكم التحكيم، إذ يتجاوز هذا الميعاد في مدته جميع المواعيد المقررة للطعن في الأحكام القضائية في القانون المصري في الظروف العادية، وهو الأمر الذي لا يتلاءم مع طبيعة نظام التحكيم وما يهدف إليه من سرعة الفصل في المنازعات المعروضة عليه والتي تؤدي طول مدة الطعن في حكم التحكيم إلى التقليل من هذه الفرصة .
وينتقد بعض الفقه المصري هذا الميعاد الطويل المتراخي، لأنه يتعارض مع ما قرر القانون المصري رقم 27 لسنة 1994 في المادة 58 منه من أنه لا يقبل تنفيذ حكم التحكيم طالما لم ينقض الميعاد المذكور المحدد للطعن في هذا الحكم بالبطلان ويعزو جانب من الفقه اختيار المشرع المصري لهذا الميعاد الطويل إلى أن واضعي قانون التحكيم قد تأثروا بقانون المرافعات الذي لم يحدد ميعاداً معيناً لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم، ومع ذلك يرى هذا البعض أن هذا النقص الذي كان ماثلا في نصوص التحكيم بقانون يبرر تحديد ميعاد طويل للطعن بالبطلان في حكم التحكيم على النحو الذي قرره قانون التحكيم المصري الجديد لعدم ملاءمة ذلك الميعاد والميزة السرعة التي تلتمسها الأطراف التي تلجأ إلى التحكيم هروباً من المرافعات إجراءات التقاضي زمام المحاكم التي تستغرق عادة أوقاتاً طويلة .
أما في دولة الكويت فقد أجازت الفقرة الثالثة من المادة 186 مرافعات مدنية وتجارية لكل ذي شأن أن يطلب بطلان حكم المحكم الصادر نهائياً، والحكم الانتهائي هو الذي يصبح غير قابل للطعن فيه بالاستئناف،
مهلة الطعن في القرار التحكيمي هي الفترة الزمنية التي يجوز خلالها الطعن، ويترتب على عدم مراعاتها سقوط الحق في الطعن وكذلك جواز التنفيذ وإذا فرض وكانت مهلة الطعن موقفة له.
وعادة ما يراعي المشرع معقولية المهلة بحيث تكون في حدود القدر الكافي لكي يتمكن المحكوم عليه من الإضطلاع على القرار المراد الطعن عليه وإعداد طعنه، فإذا انقضت المهلة جاز للخصم التمسك بهذا السقوط بوسيلة إجرائية هي الدفع بعدم القبول، والذي يجوز الإدلاء به في أية حالة كانت عليها محاكمة الطعن، وعلى المحكمة أن تثير هذا الدفع من تلقاء نفسها نظراً لأن عدم مراعاة مهلة الطعن يعد من النظام العام.
وإنه لمن الواضح أن القرار الذي يمنح الاعتراف، أو الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي الدولي الصادر في فرنسا، هو غير قابل لأية طريقة من طرق المراجعة، ولا يبقى بالنتيجة أمامه إلا طريق الإبطال أي إبطال القرار التحكيمي نفسه، بهدف أن ينتج عن ذلك إلغاء القرار الذي منحه الاعتراف أو الصيغة التنفيذية، وذلك استناداً إلى القاعدة التي بموجبها الفرع يتبع الأصل. وهذه المراجعة يمكن قبولها فور صدور القرار التحكيمي، ولا تعود مقبولة بعد مهلة شهر من تاريخ تبليغ القرار التحكيمي القابل للتنفيذ بحسب المادة 1505 من قانون المرافعات الفرنسي الجديد.
وفي لبنان، فإن القرار الذي يمنح الإعتراف أو الصيغة التنفيذية للقرار التحكيمي الدولي الصادر في لبنان، هو غير قابل لأية طريقة من طرق المراجعة. ولا يبقى بالنتيجة كما في فرنسا، سوى طريق إبطال القرار التحكيمي نفسه، ضمن مهلة ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغ القرار التحكيمي المعطى صيغة التنفيذ.
للقواعد الواردة في المادة 149 مرافعات كويتي. فإذا كان الطعن بسبب تناقض أجزاء المنطوق أو القضاء بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه احتسب الميعاد طبقا للقواعد العامة الواردة في المادة 1/187، أما إذا كان البطلان عيب آخر كالغش فلن يبدأ الميعاد إلا من اليوم الذي ظهر فيه الغش للمحكوم ضده. ويبدأ الميعاد في حالة بناء الحكم على ورقة ثبت تزويرها وفي حالة شهادة الزور من يوم الحكم بالتزوير أو بشهادة الزور. وفي حالة حصول الطاعن على ورقة كان الخصم قد احتجزها فإن الميعاد يبدأ من اليوم التالي الذي ظهرت فيه هذه الورقة للمحكوم عليه. وإذا صدر حكم المحكمين على شخص طبيعي أو معنوي لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحا في الخصومة فيبدأ الميعاد من اليوم الذي يعلن فيه الحكم إلى من أصبح ممثلا للخصم تمثيلا قانونياً صحيحاً.
ويرى هذا البعض ذاته أنه إذا لم يعلن المحكوم له الحكم للمحكوم عليه الذي يريد رفع دعوى بطلان فإن الأخير يملك رفع الدعوى ولو لم يعلن. ولا يتقيد بميعاد الثلاثين يوماً طالما لم يعلن ولا يسقط حقه في رفع الدعوى إلا بمضي ثلاثين يوما من اليوم التالي لإعلانه بحكم المحكمين إعلاناً صحيحاً طبقاً للقواعد العامة. ويعد ميعاد رفع الدعوى ميعاداً ناقصاً لذلك يترتب على فواته سقوط الحق في رفع دعوى البطلان وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بالسقوط لأن الميعاد يتعلق بالنظام العام ويقف هذا الميعاد طبقاً للقواعد العامة في حالة وفاة المحكوم له أو فقد أهليته للتقاضي أو زوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه بسبب قوة قاهرة.
التحكيم أو الوثيقة المنظمة للعلاقة التى يتناولها التحكيم وإذا تعذر معرفة كان الإعلان بكتاب مسجل إلى آخر مقر عمل أو محل إقامة معتاد أو عنوان أحد هذه العناوين بعد إجراء التحريات اللازمة يعتبر التسليم قد تم بعنوان بريدي معروف للمرسل إليه (م2/7 تحكيم مصري).
كما يرى بعض الفقه المصري أنه عند رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة وأثناء سيرها يتم الإعلان طبقا لقواعد قانون المرافعات وليس طبقاً القانون التحكيم، حيث تنص الفقرة الثالثة من المادة 7 من قانون التحكيم على أن قواعد الإعلان التي نص عليها هذا القانون في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 7 لا تسري أحكامها على الإعلانات القضائية أمام المحاكم. ويبدأ حساب هذا الميعاد طبقاً لقواعد قانون المرافعات من اليوم التالي لتاريخ الإعلان، ويمتد بسبب المسافة أو العطلة الرسمية، ويوقف طبقا للقواعد المقررة فى هذا الشأن في قانون المرافعات ويترتب على فوات الميعاد سقوط الحق في رفع الدعوى، كما يسقط الحق في رفع الدعوى بقبول مدعي البطلان لحكم التحكيم، سواء كان قبولا صريحا أو ضمنيا باقدامه على تنفيذ الحكم مثلا، ما لم يتعلق البطلان بالنظام العام، بينما لا يعتد بنزول مدعي البطلان عن حقه في رفعها قبل صدور حكم التحكيم، دفعاً لمغبة الإذعان عن الطرف الضعيف في التعامل.