تنحصر مهمة المحكمة إما في إبطال الحكم، أو العكس رد دعوى الإبطال، وما يعنيه ذلك من مصادقة على الحكم وتنفيذه وكأنه حكم قضائي. ولا تتضمن قوانين الإمارات والبحرين نصاً حول الأثر القانوني الذي يترتب على إبطال الحكم وكما ذكرنا سابقاً، فإننا نؤيد الاتجاه الذي يذهب إلى القول بأن إبطال الحكم في قوانين هذه الدول، يؤدي إلى سقوط شرط التحكيم كلياً أو جزئياً على النحو المبين سابقاً. ويكون لصاحب الشأن عندئذ ، الحق برفع دعوى قضائية في موضوع النزاع ذاته.
وفي السعودية، فإن قبول الاعتراض على حكم التحكيم، يؤدي حكماً إلى إعطاء الصلاحية للمحكمة لفصل النزاع في دعوى الاعتراض ذاتها المرفوعة ،أمامها، بناءً على طلب الطرف الآخر في الدعوى كما يفترض .
وفي القانونين العراقي والقطري، إذا رأت المحكمة إبطال الحكم كلياً أو جزئياً ، ووجدت أن موضوع النزاع صالح للفصل فيه، فإنها تقوم بذلك بنفسها أو تعيد الحكم للمحكم كما هو مبين أعلاه . والمحكمة هي صاحبة الصلاحية بتقرير أحد هذين الأمرين. وفي حال قررت فصل النزاع، نرى قصر ذلك على حدود مهمة المحكم المبينة في اتفاق التحكيم، وفي طلبات الخصوم كما هو الحال في القانون اللبناني. فهذا القانون، يوجب على محكمة البطلان إذا قررت إبطال الحكم، أن تنظر في موضوع النزاع في حدود مهمة المحكم ، وليس لها الخيار في ذلك.
وحسب المادة (771) من القانون الليبي، إذا قبلت المحكمة الطعن بالبطلان، فإنها تحكم بموضوع النزاع إذا وجدت أن القضية صالحة للحكم. وإذا كان النزاع لا زال بحاجة إلى تحقيق أحالته إلى أحد قضاتها لاكتمال هذا التحقيق وبعد اكتماله، يفترض أن القضية أصبحت جاهزة للحكم، فتفصل فيها المحكمة والقانون الكويتي تضمن حكماً واضحاً وقاطعاً بشأن هذه المسألة، بالنص في المادة (187) ، على أنه إذا قضت المحكمة ببطلان حكم المحكمين، تعرضت لموضوع النزاع وقضت فيه .
وبدون شك، فإن وضع المحكمة يدها على القضية لتفصل فيها بعد إبطال حكم التحكيم، يعني سقوط اتفاق التحكيم، على الأقل في حدود النزاع المطروح على هيئة التحكيم، بافتراض أن هذا الموضوع يدخل في نطاق اتفاق التحكيم.
ويكون الحكم القضائي بإبطال الحكم ومن ثم الفصل بالنزاع من قبل المحكمة، خاضعاً للطعن وفق الطرق المعتادة للطعن بالأحكام حسب القواعد العامة، في كل ما لم يرد بشأنه نص خاص. وقد نص القانون العراقي على ذلك في المادة (275) ، في حين نص القانون القطري في المادة (209) على جواز استئناف حكم المحكمة، ولم ينص على عدم جواز الطعن به عن طريق النقض، مما يعني جواز ذلك. والقانون اللبناني نص صراحة في المادة (804)، على أن حكم الاستئناف في مثل هذه الأحوال يقبل التمييز والقانون الإماراتي نص أيضاً على أن الحكم الصادر بإبطال الحكم، يجوز الطعن فيه، كقاعدة عامة ، بطرق الطعن المناسبة .