الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب اخرى / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / استقلال شرط التحكيم بين النظرية والتطبيق / بطلان شرط التحكيم لتوافر عيوب الإرادة في العقد الأصلي

  • الاسم

    أشرف محمد محسن خليل الفيشاوي
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    403
  • رقم الصفحة

    234

التفاصيل طباعة نسخ

بطلان شرط التحكيم لتوافر عيوب الإرادة في العقد الأصلي

أولاً: الغلط:

   ويعتد بالغلط بشكل عام سواء كان غلطا في الشيء محل العقد أم في شخصية المتعاقد أو في صفة من صفاته أم في القانون أم في الواقع على أن يكون حسب الشروط سالفة الذكر. فالغلط يعد سبباً في إبطال العقد، ويترتب على الحكم بوجود غلط ترتيب كافة الآثار المترتبة على البطلان.

   والغلط في الشخص يؤثر في عقود التبرع. ولا يؤثر في عقود المعاوضة إلا إذا كان شخص المتعاقد محل اعتبار، كما في الشركة والمزارعة. 

  والغلط الذي يعيب الإرادة يجب أن يكون غلطاً جوهرياً واقعاً على غير أركان العقد، وأن يكون متصلا بالمتعاقد الآخر.

   ومعيار الغلط الجوهري في القانون المصري معيار ذاتي: وبهذا المعيار أخذ الفقه والقضاء في مصر. فالغلط الجوهري وفقا لنص المادة ١٢١ من القانون المدني هو الغلط الذي يبلغ، في نظر المتعاقد الذي وقع في الغلط، حداً من الجسامة بحيث كان يمتنع عن إبرام العقد لو لم يقع في الغلط. فهو إذا وقع في صفة للشيء وجب أن تكون هذه الصفة جوهرية في اعتبار المتعاقدين، وإذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وجب أن تكون تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد. وفي فرنسا تطورت نظرية الغلط عما هي عليه في نصوص القانون المدني، وحصل التطور على يد القضاء الفرنسي الذي لم يقتنع بما انتهت إليه النظرية التقليدية في تطورها، فأطلق (النظرية الحديثة في الغلط) لأنه أراد أن يقيم معيارا مرنا يؤخذ به في جميع الحالات، لا فرق في ذلك بين أن يقع الغلط في مادة الشيء أو شخصية متعاقد أو في القيمة أو في الباعث، فيجب النظر في جميع الحالات إلى ما هو جوهري في نظر المتعاقد وتقديره بصرف النظر عن موضوع الغلط، وذلك بأن يكون الغلط هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد (( أي المعيار أو الغرض الذاتي للمتعاقد))، فأيا كان الأمر الذي يهتم به المتعاقد ويتعاقد من أجله فإن الغلط فيه قد يكون غلطاً جوهرياً يعيب الإرادة . وبهذا يصبح المعيار ذاتياً شخصياً يطبق في جميع الحالات .

    وبتطبيق معيار الغلط الجوهري على الغلط في شخص المتعاقد، فإن الغلط لا يؤثر في صحة العقد إلا إذا وقع في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته وكانت تلك الذات أو هذه الصفة السبب الرئيسي في التعاقد كما هو نص المادة ١٢١. مثل هذا الغلط إنما يقع في العقود التي تكون فيها شخصية المتعاقد محل اعتبار كعقود التبرع بوجه عام وبعض عقود المعاوضة. وهو قد يقع في ذات المتعاقد إذا كانت هي محل الاعتبار، كالغلط في شخص الموهوب له أن الوكيل أو المزارع أو الشريك. وقد يقع في صفة جوهرية من صفات المتعاقد كانت هي الدافع إلى التعاقد كأن يهب شخص لآخر مالا معتقداً أن هناك رابطة قرابة تربطه به فيتضح أن الأمر غير ذلك، ومثاله أن يؤجر شخص منزلا لامرأة يعتقد أن سلوكها لا ريبة فيه فيتضح أنها امرأة تحترف العهارة حتى لو لم تكن تباشر مهنتها في المنزل، ومثاله أن يتعاقد أحد الفنيين (مهندس أو صانع في عمل يقتضي مهارة فنية) وهو شخص مع يعتقد أنه يحمل شهادة فنية فيتضح أنه لا يحملها وأنه غير ماهر في فنه. وتقدير ما إذا كانت شخصية المتعاقد أو صفته كانت محل الاعتبار وهي هي التي دفعت إلى التعاقد مسألة من مسائل الواقع لا من مسائل القانون، ينظر فيها إلى ظروف الدعوى مما يمكن أن يستدل به على نية المتعاقدين. فالمعيار ذاتي. وهو المعيار الذي يطبق في جميع نواحي نظرية الغلط. 

 الإكراه :

 الإكراه ضغط تتأثر به إرادة الشخص فيندفع إلى التعاقد. والذي يفسد الرضاء ليس الوسائل المادية التي تستعمل في الإكراه، وإنما الرهبة التي تقع في نفس المتعاقد. 

   والإكراه وإن كان يفسد الرضاء، إلا أنه لا يعدمه، فالمكره إرادته موجودة، ولو انتزعت منه هذه الإرادة رهبة؛ لأنه خير بين أن يريد أن يقع به المكروه الذي هدد به، فاختار أهون الضررين وأراده، إلا أن الإرادة التي صدرت منه إرادة فاسدة، لأنها لم تكن حرة مختارة.

    وإنما يعدم الإكراه الرضاء إذا انتزع الرضاء عنوة لا رهبة، كما إذا أمسك المكره بيد المكره وأجرى القلم في يده بالتوقيع على التزام. ففي هذه الحالة يكون العقد باطلا لانعدام الرضاء وفي هذا الفرض يبطل شرط التحكيم أيضا لانعدام الرضاء .

    وتنص المادة ١٢٧ من القانون المدني على أنه: " 1 - يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق وكانت قائمة على أساس. 2 – وتكون الرهبة قائمة على أساس إذا كانت ظروف الحال تصور للطرف الذي يدعيها أن خطرا جسيما محدقا يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال. 3 - ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه".

   ويتحقق الإكراه باستعمال وسيلة مشروعة في ذاتها في التهديد بخطر جسيم في نفس المتعاقد بهدف الوصول إلى شيء غير مستحق، وفي ذلك قضت محكمة النقض بأن " المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مؤدى نص المادة ١٢٧ من التقنين المدني أن الإكراه المفسد للرضا يتحقق باستعمال وسيلة مشروعة في ذاتها في التهديد بخطر جسيم في نفس المتعاقد بهدف الوصول إلى شيء غير مستحق، ذلك أن مشروعية الوسيلة لا تنفي وقوع الإكراه المفسد للرضا بمعناه القانوني متى ثبت أن الدائن لم يستعملها للوصول إلى حقه واستيفاء دينه، وإنما استغلها بغرض الحصول من المدين على ما يجاوز ما في ذمته من دين فإن استعمال الوسيلة المشروعة حينئذ يكون تعسفياً غير مشروع، ويستوي أن يكون الخطر بتهديد المتعاقد المكره نفسه أو أحد أقاربه أو غيرهم ممن ينزلهم المتعاقد منزلة نفسه إذا ثبت أن الخطر الذي هدد هذا الغير كان من شأنه أن يؤثر في المتعاقد إلى حد إفساد رضائه، كما أنه يستوي وقوع الإكراه المبطل من نفس المتعاقد أو من شخص غير المتعاقدين متى تحقق علم المتعاقد الآخر أو من المفروض حتماً علمه بهذا الإكراه وفقاً لما تقضي به المادة ١٢٨ من التقنين المدني، ويقع عبء إثبات الإكراه على من يدعيه ويجوز له إثباته بطرق الإثبات كافة بما فيها البينة والقرائن". 

وإذا وقع الإكراه على الشخص المتعاقد بغية إبرام عقد ما وكان هذا العقد متضمنا شرط تحكيم، فإن قابلية إبطال العقد يترتب عليه قابلية إبطال اتفاق التحكيم لوحدة المتعاقد المكره في العقد، إلا إذا كان الشرط قد تم الاتفاق عليه باتفاق لاحق بعد زوال أثر الإكراه.

 ثالثاً: التدليس: 

التدليس كما بينا سابقا هو استعمال أحد الطرفين لطرق احتيالية لإيقاع الطرف الآخر في غلط يدفعه إلى التعاقد

. ومن ثم فإن التدليس بسبب الوقوع في غلط جوهري، وهذا الغلط قد يكون غلطا في الواقع أو في صفة من صفات الشيء، أو في شخص المتعاقد أو في الباعث أو فى القانون

    ومن ثم، نرى أنه إذا أدى التدليس إلى وقوع المتعاقد في غلط في شخص المتعاقد أو في صفة من صفاته، فإن هذا الغلط يؤثر في شرط التحكيم كما يؤثر في العقد الأصلي. أما إذا وقع الغلط في حالات أخرى فلا يتأثر بذلك شرط التحكيم.

    أما الاستغلال كعيب من عيوب الإرادة إذا ثبت استغلال أحد الطرفين فى العقد الأصلي حالة ضعف في الطرف الآخر وهي طيشه البين أو هواه الجامح ما جعله يقبل التعاقد بالرغم من عدم التعادل الفادح بين الأداءات، فإن إبطال العقد الأصلي لا يؤثر في شرط التحكيم. 

   فاتفاق التحكيم ينشئ التزامات متعادلة بين الطرفين تتمثل في عدم لجوئهما إلى قضاء الدولة في النزاعات التي نص عليها شرط التحكيم، ومن ثم لا يمتد بطلان العقد الأصلي إلى شرط التحكيم.