الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب اخرى / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / الطعن بالبطلان على حكم التحكيم لعدم احترام المحكمين للمهمة المخولة لهم من قبل الأطراف

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    529
  • رقم الصفحة

    465

التفاصيل طباعة نسخ

الطعن بالبطلان على حكم التحكيم لعدم احترام المحكمين للمهمة المخولة لهم من قبل الأطراف


تنص المادة ٥٣-١ و، من قانون التحكيم المصري الجديد على إمكانية الطعن بالبطلان على حكم التحكيم "إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو جاوز حدود هذا الاتفاق. ومع ذلك إذا أمكن فصل أجزاء الحكم الخاص بالسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزائه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة فلا يقع إلا على الأجزاء الأخيرة وحدها".
يستمد المحكم سلطته في الفصل في المنازعة المعروضة عليه والتي اتفقت الأطراف المعنية على عرضها عليه للفصل فيها، من إرادة الأطراف التي تعد المصدر الأصلي الذي يشتق منه المحكم كل سلطة وسلطان. ولذلك فإنه يبدو من المنطقي أن يتقيد المحكم عند فصله في المنازعة بإصداره الحكم فيها بحدود المهمة الموكول له القيام بها على نحو يكون معه من الطبيعي أن يؤدي تجاوزه لأداء هذه المهمة وإصدار حكم تحكيمي خارج نطاق المسألة المتنازع عليها والمعهود إليه الفصل فيها أن يكون هذا الحكم محلا للطعن عليه بالبطلان.
والواقع أن نص المادة المذكورة يشمل فرضين: الفرض الأول هو حالة فصل حكم التحكيم في مسائل لم يشملها اتفاق التحكيم، وهو سبب محدد وواضح للطعن بالبطلان على حكم المحكم، لأنه فصل في مسألة تقع خارج نطاق الاتفاق على التحكيم. أما الفرض الآخر الذي تواجهه المادة المذكورة فهو إمكانية الطعن بالبطلان على حكم التحكيم إذا جاوز حدود هذا الاتفاق. وبطبيعة الحال فإن فصل المحكم في مسألة تقع خارج نطاق الاتفاق على التحكيم تدخل في إطار تجاوز المحكم لحدود هذا الاتفاق. ولكن لما كان المشرع قد أورد لها حالة خاصة فإن ذلك أن هذا التجاوز يشمل صورا أخرى ليس من بينها صورة فصل المحكم في مسألة لا يشملها اتفاق التحكيم كأن يغفل الفصل في مسألة اتفق على العهدة إليه بها ليفصل فيها.
والواقع أن الجزء الأخير من المادة المذكورة يتفق مع المادة ١٥٠٢-٣/ من قانون المرافعات الفرنسي الجديد والتي تنص على إمكانية الطعن بالبطلان على حكم المحكم إذا لم يتقيد المحكم بحدود مهمته.
إغفال الفصل بعض الطلبات Infra petite
لا يحترم المحكمون للمهمة الملقاة على عاتقهم والتي تتعلق بالفصل في مجموع الطلبات المفروضة عليهم إذا قام المحكمون بالفصل في بعض الطلبات وإغفال البعض الآخر Infra perita. ولقد انتقد هذه النتيجة بالنظر إلى أنه في هذه الحالة، فإنه يقع على عاتق الطرف الذي اضره هذا الإغفال يشرع إلى عرض المسألة من جديد على المحكم أو في حالة عدم اتفاق الأطراف، إذا كان اتفاق التحكيم عبارة مجرد اتفاق محدود، إلى عرض المسألة على القاضي.
ويذهب جانب من الفقه إلى القول بأن مثل هذا الحل لا يمكن الاقتناع به اللهم إلا إذا كانت محكمة التحكيم قد أصدرت حكما جزئيا، إذ أنها بمقتضى هذا الحكم تكون قد انتهت من الفصل في المنازعات واستفدت ولايتها وحينئذ فإنه يكون من الممكن، وفقا للمبادئ العامة التي تحكم التحكيم الدولي، أن عليها هذه المسألة من جديد، من أجل أن تفصل في النقاط التي أعملت التعرض لها والفصل فيها.
ويذهب هذا الجانب من الفقه الفرنسي إلى القول بأن الحل العكسي الذي يعمل به في إطار التحكيم الداخلي نزولا على حكم المادة ١٤٧٥ فقرة ٢ لا محل لإعماله بشأن التحكيم الدولي إلا إذا كانت الأطراف تخضع إجراءات التحكيم للقانون الفرنسي.
ويرى جانب من الفقه الفرنسي أن هذا السبب من أسباب الطعن بالبطلان المنصوص عليها في المادة ۱۵۰۲ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد يتسم إلى حد كبير بعموميته ولا سيما إذا ما فسر هذا السبب على نحو موسع. إذ أنه سوف يسمح بهذه المثابة إلى توجيه الانتقاد إلى المحكمين لمجرد عدم احترامهم لأية قاعدة من القواعد الحاكمة لسير إجراءات التحكيم أو أية قاعدة من قواعد القانون الواجب التطبيق على موضوع المنازعة. فوفقا للمفهوم العام لمهمة المحكم، فإن هذه المهمة تتعلق أساسا بإقامة العدل بين الأطراف مع احترام القواعد التي تحكم الإجراءات والموضوع.
والواقع من الأمر أن القضاء في فرنسا وضع مفهوما أكثر ضيقا من المفهوم السابق، فوقع الجزاء على إغفال المحكمين بشكل أو آخر لنطاق الطلبات المقدمة من الأطراف، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لتجاوز المحكمين للسلطات المخولة لهم من قبل الأطراف وتتعدد الصور التي يمكن أن يشملها تجاوز المحكم لنطاق المهمة المنوط به القيام بها وعدم التقيد بها. فقد يأخذ هذا التجاوز إغفال الفصل في بعض الطلبات المقدمة من قبل الأطراف أو الفصل في مسائل لم تطلب الأطراف من المحكم الفصل فيها. كذلك فإن عدم تقيد المحكم قد يأخذ صورة عدم احترام الإجراءات التي طلب الأطراف منه اتباعها أو عدم احترام القانون الواجب التطبيق على المنازعة بالنسبة للدول التي لا تقر هذا السبب كسبب مستقل للطعن بالبطلان على حكم التحكيم كما هو الحال في فرنسا، وعلى عكس الحال القائم الآن في مصر على نحو ما أوضحناه سابقا.
وتذهب بعض القوانين الأجنبية إلى تقرير جزاء أكثر صرامة في حالة مخالفة المحكم للمهمة المنوط به القيام بها بإغفاله الفصل في بعض النقاط المفروض أن يفصل فيها وذلك بذكرها إمكانية إبطال حكم التحكيم في هذا الفرض فنص المادة ۱۹۰ فقرة ٢ حرف ج من القانون الدولي الخاص السويسري على أنه "يمكن إبطال حكم التحكيم إذا أغفل الفصل في أحد الطلبات".
والواقع أن أغفال الفصل في أي النقاط المفروض عليه أن يتصدى لها قد يكون مبعثه سوء تقدير من قبل المحكم لنطاق ومدى اختصاصه. ومن المعروف أن المحكمين عند تجاوزهم لحدود اتفاق التحكيم، فإن الحكم التحكيمي يمكن الطعن عليه إعمالا لنص المادة ١٥٠٢-١. إلا أنه بالنظر لأن هذه المادة لا توافق إل في الفرض الذي لا يوجد فيه اتفاق على التحكيم فإنها لا تسميح بتوقيع الجزاء على خطأ المحكم المتمثل في الشكل الآخر لمخالفة اتفاق التحكيم والمنصب على التقليل من حجم ومضمون اتفاق التحكيم. ومن هنا فإن مثل هذا الخطأ يمكن العكس توقيع الجزاء عليه إعمالا لنص المادة 1502-3.

ولقد عبرت محكمة استئناف باريس في حكميها الصادرين في ١٦ يونية ۱۹۸۸ و۲1يونية ۱۹۹۰ عن هذا المعنى صراحة. فلقد لاحظت في الحكم الأول أن سلطة الرقابة المقررة المحكمة الاستئناف بالتطبيق النصوص المادة ١٥٠٢ - ١ من قانون المرافعات الفرنسي الجديد في حالة ما إذا تمك المحكمون باختصاصهم، لا يمكن إنكارها في حالة إذا ما قرر المحكمون عدم اختصاصهم، وإلا أدى ذلك إلى الحساس باعتبارات التوازن في الضمانات المخولة إلى المتقاضين.

ولقد ذهبت محكمة الاستئناف في الحكم الثاني إلى تقرير أن الفاق الأطراف يشكل الأساس القانوني للتحكيم، ويعد قرار المحكم بشأن اختصاصه خاضعاً بالضرورة لرقابة محكمة الاستئناف من خلال الطعن عليه بالبطلان وهذه الرقابة تنصب في حالة ما إذا قضى المحكمون بعدم اختصاصهم، على ملاحظة احترام المحكمين للمهمة المنوط بهم القيام بها.

أو الرفض المتعمد ومن واغفال المحكم الفصل في النقاط المعروضة عليه قد ينشا، مستقلاً عن كل مشكلة تتعلق باختصاصه، ولمجرد إغفال المحكمين الفصل في أي من ادعاءات الأطراف سواء اتخذ الأمر صورة السهو الأهمية بمكان تحديد أن المحكمين غير ملزمين بالفصل في كل مسألة واقعية أو قانونية تقوم الأطراف المعنية بعرضها عليهم، كذلك فإن المحكمين غير ملزمين بالفصل في كل حجة قامت الأطراف بعرضها، ولكن ملزمون فقط بالفصل في الطلبات الأساسية المعروضة عليهم.

ولقد قضى في فرنسا أن الطعن على حكم التحكيم بإغفال الإجابة عن الطلبات الختامية لا تدخل في أي فرض من الفروض التي عقدتها المادة ١٥٠٢ من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد للطعن بالبطلان ومن ثم فإن محكمة التحكيم تكون قد احترمت المهمة المنوط بها القيام بها.

ونظراً للطابع العام الذي يميز هذا السبب من أسباب الطعن بالبطلان على الحكم التحكيمي، فإن الأطراف تلجأ إلى إثارته بشكل دائم، إلا أنه من الأمور الجديرة بالملاحظة أن هذا السبب لا يتم قبوله من قبل المحكمة المرفوع أمامها الطعن إلا في حالات قليلة.

فصل الحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم Ultra Petita

يعد المحكم مخالفاً للمهمة التي عهد بها الأطراف إليه في حالة فصله في مسائل تخرج عن نطاق هذه المهمة. وهذا السبب من أسباب الطعن لا يختلط ذلك المتمثل بمجاوزة المحكم لحدود اتفاق التحكيم الذي تعالجه المادة 1502-1.

وقد يحدث أنه يكون من الممكن أن يكون اتفاق التحكيم اتفاقاً عاماً، وعلى الرغم من الترام المحكم بحدود هذا الاتفاق فإن المحكمين يتصدون للفصل في مسائل وطلبات لم تقم الأطراف بعرضها على المحكم وإقدام المحكم على الإتيان بمثل ذلك المسلك، يجعل من حكم التحكيم الصادر عنه معيباً بوجه من أوجه البطلان هو ذلك الذي تنص عليه المادة ١٥٠٢ - ٣ .

والواقع أن مجرد اعتماد المحكم في حكمه على وسائل وحجج لم تقم الأطراف بإثارتها لا يشكل في حد ذاته إغفالاً من قبل المحكم لمهمته. فالمحكم لا يعد متجاوزاً للمهمة التي يقوم بها إلا إذا خول لأحد الأطراف ميزة طلبها هذا الطرف نفسه.

ولذلك فإن محكمة استئناف باريس على سبيل المثال، أبطلت حكماً تحكيمياً على نحو جزئي لأنه حدد بداية حساب الفوائد التأخيرية في تاريخ سابق على ذلك الذي تمسك به الطرف المدعي.

وأيضاً قضت محكمة استئناف باريس ببطلان حكم تحكيمي فصل في الحقوق العقارية لأحد الأطراف بينما لم يكن مختصاً إلا بتحديد مصير النظام القانوني للشركة.

119