الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب اخرى / الكتب / بطلان القرار التحكيمي التجاري الدولي الأسباب والنتائج / إذا صدر الحكم التحكيمي بدون وثيقة تحكيم 

  • الاسم

    د. ممدوح عبدالعزيز العنزي
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    440
  • رقم الصفحة

    93

التفاصيل طباعة نسخ

إذا صدر الحكم التحكيمي بدون وثيقة تحكيم 

إن اتفاق التحكيم يعد الأساس الصلب في العملية التحكيمية ومنه يرجع إلى تفاصيل إرادة أطراف النزاع في الإحالة على التحكيم، وسواء ورد ذلك في صورة شرط أو بصورة اتفاق تحكيمي (Arbitration Agreement»، وأنه يتوجب أن تتوافر في اتفاق التحكيم الشروط الموضوعية اللازمة لانعقاده وهي: الرضا والأهلية والموضوع، كذلك يجب أن تتوافر له الشروط الشكلية اللازمة لصحته وهي: : «الكتابة وتحديد موضوع النزاع».

على أنه إذا تخلفت الكتابة، فإن الطعن بالإبطال لعدم وجود اتفاق على التحكيم يكون جائزاً لأي طرف من الأطراف الذي ينازع منذ بدء الخصومة بناء على هذا السبب في صلاحية المحكم في عمله، أن يرفض تماماً أو يساهم أو يشارك في المناقشات أو الحضور أمام الهيئة التحكيمية أو يعلن صراحة بمراسلة مثلا أنه لا يريد محاولة اللجوء إلى التحكيم، أو بأي تعبير صريح أو ضمني يدل على هذه النية .

إذا صدر الحكم التحكيمي بدون توافر الأهلية لدى الطرفين

ونتناول في هذا المبحث ضمن سبعة مطالب أهلية اللجوء إلى التحكيم شكل عام وأهلية اللجوء إلى التحكيم لكل من المفلس والمحكوم عليه بعقوبة جنائية، ووكيل التفليسة والحارس القضائي والوكيل والممثل القانوني، والدولة وأشخاص القانون العام.

أهلية اللجوء إلى التحكيم بشكل عام

لا يكفي لصحة اتفاق التحكيم أن يتوافق الطرفين، وإنما يجب فضلاً - عن ذلك أن تتوافر لهما أهلية الاتفاق على ذلك بمعنى أن تتوافر لهما أهلية ومعلوم أن الرضا يتحقق بين الطرفين بالتقاء إرادتيهما على التحكيم. إرادة حرة لا يشوبها غلط أو خداع أو إكراه بحسب ما جاء في تعريف تلك العيوب في مواد القانون المدني العامة.

على أنه لا يشترط أن تكون هذه الإرادة صريحة وإنما يمكن أن تكون ضمنية تستنتج من معاملات الأطراف السابقة ووضعهم لشرط التحكيم في عقود من نفس نوع العقد الذي أغفلوا فيه ذكر شرط التحكيم لحل ما ينشأ عنه من منازعات، طالما انه لم يستنتج من ظروف هذا العقد وملابساته أنهم تعمدوا إسقاط هذا الشرط بإغفاله، كونهما قصدا عدم اللجوء إلى العملية التحكيمية.

تجدر الملاحظة هنا إضافة لما تقدم، بأن مشكلة الوجود نفسه لاتفاق التحكيم لا يطرح بنفس الشروط عندما يراد ،معرفة ما إذا كان قضاء الدولة أو المحكم هو المختصس برؤية النزاع، وعندما يثار أمام محكمة الاستئناف طبقاً لنص المادة 1/1484 من القانون الفرنسي، فإن احتمال إبطال حكم المحكمين تأسيساً على عدم وجود اتفاق على التحكيم يتوقف على مسلك الخصوم أثناء سير الخصومة التحكيمية، فإذا شارك المدعي رافض الخصومة بدون تحفظ أو اعتراض على عمل المحكم، فهذا التصرف يدل على قبول الجوء إلى التحكيم ما يؤدي إلى رفض طلبه بالإبطال.

والواقع أنه إذا كانت المادة 1449 من قانون المرافعات الفرنسي تنص على أن المشاركة يجب أن تكون مكتوبة، فإن نفس النص يحدد أن هذه الكتابة يمكن أن تظهر في محضر على حدة موقع من المحكوم والخصوم.

هذا ما قالت به محكمة الاستئناف في فرنسا (باريس)، على أن الكتابة بحال عدم وجودها، لا يترتب على ذلك بطلان مشاركة الخصوم وأن الإثبات بالكتابة في مكان النزاع يمكن أن يستنتج من تبادل المراسلات بين الخصوم والمحكم.

الأشخاص الذين مثلهم أحد الأطراف بموجب وكالة اتفاقية أو قانونية أو قضائية، ويجوز لمدير الشركة الذي منحه مجلس الإدارة سلطة إدارة الشركة بشكل عام، حق إبرام اتفاق التحكيم نيابة عن الشركة، طالما كان ذلك من حق مجلس الإدارة الذي فوض بهذه الإدارة، كون التحكيم يعتبر ضرورات إدارة الشركة لفض منازعاتها مع الغير. والأشخاص الذين مثلهم أحد الأطراف بموجب وكالة مفترضة أو ضمنية كالمدين والدائنين من المتضامنين.

ويثور التساؤل هنا حول مدى امتداد أثر اتفاق التحكيم إلى غير أطرافه، وإمكانية التوسع في أطراف خصومة التحكيم بالتدخل أو الإدخال.

في المبدأ، إن خصومة التحكيم تختلف عن الخصومة أمام قضاء الدولة التي قد تشمل، أمام هذا الأخير أطرافاً غير المدعي والمدعى عليه، فيتسع نطاقها فيما بعد أثناء السير في الدعوى، عن طريق تدخل شخص من الغير لم يكن طرفاً فيها، سنداً إلى وجود مصلحة له من تدخله أو لأحد الأطراف من ،إدخاله سواء كان التدخل للدفاع عن أحد الخصوم أو بصدد المطالبة بحق شخصي له في مواجهة المدعي أو المدعى عليه، أو كان إدخاله الدعوى بناء على طلب أحد الخصوم ليكون الحكم حجة عليه، والحكم عليه بنفس الطلبات أو إلزامه بتقديم ورقة أو كان الإدخال بناء على طلب المحكمة أو لإظهار حقيقة النزاع مع توافر عناصر الارتباط بين طلب التدخل أو الإدخال وبين الدعوى الأصلية.

بالمقابل، فإن خصوصية التحكيم، بما لها ما يميزها عن الخصومة أمام القضاء الرسمي، فإن المبدأ، أنه لا يجوز أن يتسع نطاقها لتشمل غير أطراف الاتفاق على التحكيم، حتى ولو امتد أثر هذا الاتفاق والحكم الذي يصدر فيه إلى الغير كنتيجة للرابطة التي تربطه بأحد الخصوم أو كنتيجة لحجية الحكم، ما يعني أنه لا يجوز تدخل الغير أو إدخاله في خصومة التحكيم من صلب المبدأ، ما لم يتفق جميع الأطراف على غير ذلك، سواء باتفاق مسبق التصرف، ذلك أن التحكيم ينطوي على التزامات متبادلة بالنزول على حكم المحكمين، وهذا ما جاء النص عليه مثلاً في المادة 11 من قانون التحكيم المصري بالقول أنه لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف على حقوقه...».

فإذا كان من أبرم الاتفاق وكيلاً عن الأصيل أو ممثلاً له، يجب أن تكون له سلطة إبرام الاتفاق نيابة عن الأصيل، وإلا كان الاتفاق باطلا، فالمحامي الوكيل يجب أن تكون وكالته خاصة تخوله الحق في إبرام اتفاق التحكيم فالوكالة العامة في هذه الحالة غير كافية .

تجدر الاشارة هنا، ولكون الاتفاق لا يقتصر أثره على أطرافه، فإن من المسلم به أيضاً أن الاتفاق يمتد اثره إلى من يعتبر طرفاً فيه، حتى ولو لم يوقع

بنفسه على هذا الاتفاق إذا كان من وقع على الاتفاق يمثله.

إن هذا المبدأ لا شك في وضوحه بحد ذاته، لكن يبدأ الغموض باكتنافه عملياً عند محاولة معرفة وتحديد الحالات التي يمكن القول فيها أن شخصاً في الاتفاق رغم أنه لم يكن طرفاً شخصياً فيه، وما هي حدود ما كان ممثلاً هذا التمثيل؟!

إذا كانت الإجابة تبدو واضحة في الحالات التي تتوافر فيها وكالة حقيقية، سواء كانت قانونية أو اتفاقية، فإنها لا تكون كذلك في الحالات التي تبدو فيها فكرة التمثيل أقرب إلى التصور منها إلى الحقيقة، كما هو الحال بالنسبة للدائنين أو المدينين المتضامنين أو الدائنين والمدينين في التزام لا يقبل التجزئة أو الانقسام، ما أثار بعض الخلاف حول ذلك فقها وقضاء. خلاصة القول بهذه المسألة، أنه يعتبر ممثلاً في اتفاق التحكيم، خلف الخصوم، سواء كان خلفاً خاصاً أو خلفاً عاماً ومن في حكمهما من الدائنين، الموكلون وهؤلاء ينقسمون إلى مجموعتين كذلك تتواجد دولياً شركات ذات نشاط عالمي ينتج عنها فروع تابعة لها منتشرة في أنحاء العالم وتأخذ طابعاً محلياً.

في هذا النوع من الشركات وفي مثل هذه الأحوال، فإن اتفاق التحكيم المبرم مع الشركة الأم إلى امتداد أثره إلى الفروع، فيصبح الفرع طرفاً في هذا الاتفاق يحق له أن يلجأ على أساسه إلى التحكيم، كما يمكن على ضوئه أن توجه إليه إجراءات التحكيم.

وكما يكون الاتفاق على التحكيم بين الأشخاص الطبيعيين، فإن لشخص الاعتباري الخاص أو العام يمكن أن يكون طرفاً في التحكيم، شرط أن تكتمل لدى هذا الشخص مقومات وجوده وقت إبرام الاتفاق على التحكيم، وإن المرجع في بيان مدى أهلية أطراف التحكيم يعود إلى قانونهم الشخصي، كما أن التمسك بالبطلان لنقص الأهلية يقتصر على صاحب المصلحة فيه دون غيره من أطراف التحكيم المباشرين أو غير المباشرين. وبالعودة إلى اتفاقية نيويورك لعام 1958، فإن انعدام الأهلية أو نقصها يعتبر سببا في عدم تنفيذ حكم التحكيم، وذلك سنداً إلى المادة الخامسة الفقرة الأولى منها.

فإن هذا الشرط أثار بعض الصعوبة في التطبيق في كل من فرنسا وإيطاليا ( ) وإذا كانت مسألة الأهلية واضحة وسهلة في القانون اللبناني والمصري إذ فرضت الأولى قيودا على التحكيم بالنسبة للدولة والمؤسسات العامة بينما فرضت الثانية قيودا بالنسبة إلى جنسية الأطراف وموطنهم.

بالنسبة إلى فرنسا: فقد أورد القانون المدني فيها حظراً على أن تكون الدولة أو المؤسسات أو الهيئات العامة طرفا في التحكيم (المادة (2060) غير أنه في تعديل لاحق لهذه المادة بموجب القانون رقم 596 تاريخ 1975/7/9 أجيز للمؤسسات العامة ذات الطابع الصناعي والتجاري أن تكون طرفا في التحكيم بشرط صدور مرسوم يجيز لها ذلك مسبقا.

على قيام النزاع أو باتفاق لاحق عليه ، كأن يتفقا على إمكانية تدخل الكفيل أو الضامن لأحدهما أو للغير للمطالبة بحق شخصي له يرتبط بخصومة التحكيم، أو يتفق على طلب أحدهما إدخال شركة التأمين مثلاً، إنما يجب هنا التأكيد على أن يكون مبنى الحكم، اتفاق جميع الأطراف، فليس للمحكم شخصاً بالمثول أمامه لم يكن طرفاً في الاتفاق التحكيمي، وهذا يذكرنا بالمبدأ القائل بمحدودية تدخل القاضي المدني الرسمي بالدعوى التي ينظرها، فكيف بالمحكم(.

كما ويثور التساؤل هنا حول موضوع آخر لجهة من يعتبر طرفاً التحكيم، خاصة مع تكاثر الوسائل الحديثة لتنفيذ المشاريع الكبيرة والتي تنتمي لجنسيات مختلفة. فهل يعتبر التجمع هو الطرف دون يكون له وحده الحق في اللجوء للتحكيم أم هل يجوز لكل شركة عضو في هذا "التجمع" أن تلجأ منفردة إلى التحكيم أو توجه إليها منفردة إجراءاته سنداً إلى العقد المبرم معها والذي ينص على التحكيم؟

لقد حصل وعرضت هذه المسألة بصورها المختلفة على هيئات التحكيم، وانتهت إلى أن هذه الشركات بمسمياتها المذكورة لها الحق باللجوء إلى التحكيم منفردة على أساس أن التجمع لا كيان قانوني مستقل له ويفتقر إلى سلطة تمثله في تعامله وتقاضيه، وبمعنى آخر لا يتمتع هذا النوع من النشاط المشترك بشخصية معنوية وذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء.

او نقصان اهلية الشخص الطبيعي الطرف في التحكيم وقت إبرام الاتفاق طبقاً للمادة الخامسة من الاتفاقية للقانون الشخصي لهذا الطرف. تخضع طبقاً ذلك  بحسب هذا النص فإنه لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ الدليل على أن أطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة 2 أي اتفاق التحكيم كانوا طبقاً للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الاتفاق المذكور غير وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقاً لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم».

هذا يعني أن اتفاقية نيويورك جعلت المرجع في انعدام أو عدم صحة اتفاق التحكيم أو إعلان بطلانه لاحقاً، فيما عدا الأهلية، للقانون الذي اختاره الأطراف لتحكيم اتفاقهم على التحكيم ذاته أو لتحكيم العقد الأصلي الوارد اتفاق التحكيم في إطاره أو إلى قانون البلد الذي صدر فيه الحكم عند عدم وجود هذا الاختيار، وذلك وفقاً لقاعدة إسناد موحدة دولياً تكفل لهذا القانون وحده دون غيره الاختصاص بحكم الاتفاق التحكيمي في كل ما يتصل بالشروط الموضوعية اللازمة لوجوده وصحته وترتيبه لآثاره، فيما عدا الأهلية التي تخضع للقانون الشخصي لطرف التحكيم الذي يدور البحث حول اكتمال أو نقصان أهليته وقت إبرام اتفاق التحكيم أو العقد الأصلي المتضمن شرط التحكيم.

هذا يعني أيضاً أن اتفاق التحكيم يكون سليما ومنتجاً لآثاره إذا كان الشخص الذي أبرمه يعد وفقاً لقانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسية كامل الأهلية. أما إذا كان الشخص الذي أبرم اتفاق التحكيم، يعد وفقاً لقانون جنسيته فاقد الأهلية أو ناقصها، فإن حكم التحكيم الصادر بناء على هذا الاتفاق، يكون قابلاً للطعن فيه عن طريق وسيلة البطلان .

ثم صدر القانون رقم 279 تاريخ 1986/8/19 حيث استجاب لما دعا إليه الاجتهاد الفرنسي من جعل منع الدولة والمؤسسات العامة أن تكون طرفاً في التحكيم يقتصر على التحكيم الداخلي دون الدولي، فنص في المادة التاسعة منه على السماح للدولة والمؤسسات العامة أن تكون طرفاً في التحكيم بالنسبة للعقود التي تبرمها مع الشركات الأجنبية لإنجاز عمليات تتعلق بالمصلحة العامة، وذلك لتسوية ما ينشأ عن هذه العقود من منازعات عند تنفيذها وتفسيرها.

وبالنسبة إلى إيطاليا : فقد أثيرت المسألة بمناسبة ما تنص عليه المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات فيها من بطلان أي اتفاق على التحكيم خارج إيطاليا بين شخصين إيطاليين أو مقيمين في إيطاليا: ما يعني أنه لا يجوز سلب اختصاص القضاء الوطني في إيطاليا لصالح تحكيم خارجي إلا إذا كان طرفاه من الأجانب أو كان أحدهما إيطالياً، ولكن ليس له موطن أو محل إقامة داخل إيطاليا.

غير أن المحكمة العليا في إيطاليا استبعدت تطبيق هذا النص الداخلي ودعت إلى إعمال اتفاقية نيويورك، التي انضمت إليها إيطاليا وصارت جزءا من تشريعها الداخلي تسمو قواعدها على القانون الداخلي منتهية إلى صحة الاتفاق على التحكيم الخارجي، سواء أبرم بين إيطاليين أو بين أجانب مقيمين في إيطاليا أو تم بين أجانب باعتبار أن اتفاقية نيويورك لم تشترط لصحة

اتفاق التحكيم انتماء أطرافه لجنسية معينة أو إقامتهم في دولة ما .

ما تجدر ملاحظته هنا أنه بعد أن استقر الأمر بفرنسا وإيطاليا على الأخذ بقواعد اتفاقية نيويورك فيما يتعلق بأهلية الدولة والمؤسسات العامة لأن تكون طرفاً في التحكيم ذات الطابع التجاري أو الصناعي وبالتالي التخلص من القيود التي فرضها نص المادة 2 من قانون أصول المحاكمات المدنية الإيطالي بشأن جنسية أطراف التحكيم، فإن معرفة مدى اكتمال الأصلية تنص على الترخيص للأطراف بأن يمثلوا بمحامين أو وكلاء، ولكن هذه الصياغة ألغيت وصار الاتفاق على النص الحالي الذي يسمح بأن يختار الأطراف للدفاع عنهم ولمساعدتهم أي شخص وبدون شروط إجرائية الأمر الذي يجعلهم أصحاب أهلية مقبولة في هذا المجال .

وقد اعتبر الاجتهاد أن أهلية رفع الدعوى لا تستند إلى النظام العام الدولي كما هو معروف في فرنسا، فإن محكمة الاستئناف المدنية، يكون باستطاعتها أن ترفض الدفع بالإلغاء على حكم التحكيم المؤسس على الخطأ في أهلية الشركة الإيرلندية أورال» هدسون وشطبها المؤقت من السجل التجاري دون الالتفات إلى صدوره بوسيلة غير فعالة، كما أن الحكم المطعون فيه يقوم على أساس قانوني سليم.

وكانت شركة أورال هدسون» قد شطبت من السجل التجاري في دبلن لأنها لم تراع بعض الإجراءات الرسمية، ولم تعد قيدها في السجل المذكور، إلا بعد النطق بقرار تحكيمي صدر لصالحها وتأييداً لطعنها بالإلغاء فإن شركة «أيتون» استندت من جهة إلى الطعن بسبب غياب أهلية الشركة المنافسة لها «أورال هدسون».

إضافة إلى الإخلال بالنظام العام الدولي مستنداً على واقعة أن الحكم صدر لصالح شركة فاقدة الأهلية ولم تستعد أهليتها الكاملة إلا بعد صدور الحكم، وقد رفضت محكمة الاستئناف الفرنسية هذا الطعن وقررت عدم قبول الطعن القائم على عدم الأهلية والذي لم تنص عليه المادة 1052 من أصول المحاكمات الفرنسي).

كذلك الطعن المؤسس بطريقة غير صحيحة، إذ اعتبرت المحكمة إياها أن إعادة التسجيل لشركة أورال هدسون في السجل التجاري قد من مبادئ القانون الدولي نجد أنها أوصت بتطبيق قواعد الأسناد لقانون مكان التحكيم بحيث تكون قواعد الأسناد الدولية موحدة . ولكن النص الصريح الواضح الذي يحسم الوضع في اتفاقية دولية لم يتضح بعد والأهلية تبقى بين قانونين قانون الموطن وقانون الجنسية. وبالخلاصة: يبقى أن هناك ثلاثة احتمالات لتطبيق ثلاثة قوانين

يرجع في كل منها إلى قواعد الإسناد :

- القانون المطبق على أساس النزاع.

- قانون المحكمة القضائية.

- قانون مكان إجراء التحكيم.

وبرأينا، تبقى الاحتمالات واردة التطبيق في حالات مختلفة وأمر اختيار أي منها يعود إلى الهيئة التحكيمية بحسب ما ترى أي من تلك القوانين أنسب وأكثر ملاءمة للتطبيق بحسب المعطيات الواقعية لكل قضية تحكيمية-على بعين الاعتبار العادات والتقاليد وأعراف التجارة الدولية.

تبقى الإشارة إلى أن اتفاقية نيويورك لم تضع قواعد دولية بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، القاعدة الوحيدة التي وضعتها هي قاعدة إسناد مفادها رفض الاعتراف بحكم التحكيم إذا أقام المنفذ عليه الدليل على أن أطراف العقد التحكيمي كانوا عند التوقيع على هذا العقد. ووفقاً للقانون الذي يطبق عليهم، في إحدى صور عدم الأهلية .

أما لجهة قواعد «اليونيسترال»، فإن المادة 4 منها لا تشترط أن يكون ممثلو الأطراف من المحامين كما لا تشترط أي أوضاع رسمية أو غير رسمية لنيابتهم عن الأطراف أو مساعدتهم لهم، وكانت صياغة المادة المذكورة

 إلا أن صحة اتفاقات التحكيم المعقودة قبل إعلان الإفلاس ليست مطلقة من حيث المبدأ ، ذلك أن المشترع ينص على بطلان بعض التصرفات التي يجريها المدين في فترة الريبة بطلاناً وجوبياً في الحالات الواردة في المادة 507 (تجارة لبناني)، وبطلانا جوازياً في الحالات الواردة في المادة 508 (تجارة لبناني)، الأمر الذي يستنتج منه أن تقرير بطلان العقود الحاصلة في إحدى هذه الحالات ينسحب بدوره على اتفاق التحكيم المتعلق بتلك العقود فيمكن إعلان بطلانه.

والجدير ذكره هنا، هو أن منع المفلس من اللجوء إلى التحكيم لا يشمل سوى الأموال والحقوق المرفوعة يده عنها، بمعنى آخر، يكون للمفلس اللجوء إلى التحكيم بشأن بعض الحقوق التي تتعلق بآثاره الفنية أو الأدبية مثلاً والتي لم تنشر بعد فهذه الحقوق بوجه عام من الأموال التي لا تدخل في التفليسة، أي الأموال التي لا يجوز الحجز عليها، يكون ممكناً اللجوء إلى التحكيم بشأنها مسح بطريقة رجعية عدم الأهلية لهذه الشركة طبقاً للمستندات المقدمة

يستنتج مما تقدم أن مسائل الأهلية لا تعد مبدئياً من مسائل النظام العام الدولي إذا أخذنا بالاعتبار الطبيعة الضيقة والمقيدة للنظام العام الدولي.

وبالإجمال بالإمكان الخروج ببعض المبادئ التالية، في ضوء مراجعتنا لبعض المصادر القانونية الوطنية أو الدولية

1 - يمكن القول إن أهلية اللجوء إلى التحكيم هي أهلية التصرف بالحقوق، وسند ذلك أن بعض التشريعات ومنها التشريع اللبناني على سبيل المثال - اشترط في بعض الحالات ضمناً ضرورة توافر أهلية التصرف بالحقوق انطلاقاً من منعه بعض الأشخاص التصرف بالأموال التي يملكونها، وهذا ما نراه بحالتي المفلس والمحكوم عليه بعقوبة جنائية، فكلاهما بالغ لسن الرشد ومتمتع بأهلية التعاقد، ومع ذلك يكونان ممنوعين من التصرف بحكم القانون تحت طائلة عدم نفاذ العقود المبرمة منهم.

2- بمراجعة المصادر الفقهية لبعض البلدان العربية، يتبين وجود شبه اتفاق على وجوب توافر أهلية الشخص في التصرف بحقوقه (2)، فلا يكفي أن تكون للشخص أهلية التعاقد فحسب، وإنما يجب أن يكون أهلاً للتصرف في الحق المتنازع عليه لإبرام اتفاق التحكيم ومن ثم لا يكفي إزاء النص الصريح توافر الأهلية اللازمة للقيام بأعمال الإدارة، ولا تكفي أيضاً أهلية اللجوء إلى القضاء الرسمي، بل يجب تمتع من يريد إبرام اتفاق تحكيم بالأهلية المدنية الكاملة أي إمكانية إجراء الأعمال القانونية على المال الذي يتناوله التحكيم، بصرف النظر عن طبيعة هذا المال، وذلك لأن الاتفاق على التحكيم يعني التنازل عن رفع النزاع إلى القضاء الرسمي، الأمر الذي قد يعرض الحق المتنازع عليه للخسارة.

 المتعلق بنظام الخبراء ووكلاء التفليسة ومراقبي الصلح الاحتياطي) حتى الأموال التي يمكن أن يحرزها في مدة الإفلاس ورفع يد المفلس عن إدارة أمواله لا يؤدي إلى بطلان الأعمال والتصرفات التي يقوم بها، إنما إلى عدم نفاذها بحق جماعة الدائنين وبكلام أوضح لا تكون نافذة بحق الدائنين العقود التي يجريها المفلس من بيع أو شراء أو إجازة أو رهن... إلخ، وبالتالي لا يكون ممكناً اللجوء إلى التحكيم بشأن هذه العقود المبرمة من قبل المفلس نفسه فهذه الأعمال تدخل بموجب المادة 501 المذكورة أعلاه ضمن سلطات وكيل التفليسة، بحيث يحق له وحده القيام بهذه الأعمال، واللجوء إلى التحكيم بشأنها تحت رقابة القاضي المشرف وبتراخيص منه تطبيقاً لأحكام المادة 544/ تجارة لبناني.

إن هذا الشخص يكون ممنوعا من التصرف ومن ثم اللجوء إلى التحكيم، لا لنقص في أهليته أو لانعدام التمييز لديه، بل لأنه محجوز عليه طيلة مدة تنفيذ العقوبة، وذلك بموجب المادة 50 من قانون العقوبات اللبناني (على سبيل المثال) والتي تنص على أن كل محكوم عليه بالأشغال الشاقة أو بالاعتقال يكون خلال تنفيذ عقوبته في حالة الحجز وتنقل ممارسة حقوقه وفقاً على أملاكه ما خلا الحقوق الملازمة للشخص، إلى وصي الأحكام الأحوال الشخصية المتعلقة بتعيين الأوصياء على المحجور عليهم، وكل عمل إدارة أو تصرف يقوم به المحكوم عليه يعتبر باطلاً بطلانا مطلقاً الاحتفاظ بحقوق الغير من ذوي النية الحسنة ولا يمكن أن يسلم إلى المحكوم عليه أي مبلغ من دخله ما خلا المبالغ التي تجيزها أنظمة سجون.. وعليه، فإن اتفاق التحكيم، كبقية التصرفات يكون باطلا متى أبرم من قبل المحكوم عليه بعقوبة جنائية.

وكيل التفليسة هو الوكيل القضائي الذي يعين من قبل المحكمة لتسلم إدارة أموال المفلس ( )، وتنص المادة 501/تجارة لبناني، على أن الحكم بإعلان الإفلاس ينتج حكماً منذ صدوره، تخلي المفلس لوكلاء التفليسة عن إدارة جميع أموال المفلس (حسب المادة 6 من المرسوم الاشتراعي رقم 65/ هنا بسلطة مجلس الإدارة في هذه الشركة باللجوء إلى التحكيم ). أما رئيس مجلس الإدارة، وفي بعض الأحيان المدير العام، فمعروف عنه أنه يمثل الشركة لدى الغير وينفذ مقررات مجلس الإدارة ويسير أعمال الشركة اليومية بمراقبة وإشراف مجلس الإدارة، فهل له أن يلجأ إلى التحكيم عند نشوب نزاع بين الشركة والغير؟

لقد ذهب بعض الفقه إلى نفي هذه الإمكانية  للجوء إلى التحكيم باعتبار أنه لا يمكن اعتباره من الأمور الداخلة في عداد الشؤون اليومية، إضافة إلى أن الاختصاص المعطى لرئيس مجلس الإدارة هو اختصاص استثنائي وبالتالي يقتضي تفسيره حصراً ما يعني أن اللجوء إلى التحكيم يستدعي أن يقرره مجلس الإدارة وليس رئيسه أو المدير العام للشركة، إلا إذا كان نظام الشركة ينص على اعتبار اللجوء إلى التحكيم من عداد الأعمال اليومية أو العادية

أما في فرنسا، فإنه بعد أن صدر القانون الخاص بالشركات التجارية عام 1966 وبالشركات المدنية عام 1978، فقد تم التخلي عن الاستناد إلى النصوص المتعلقة بالوكالة وأصبح بالإمكان اعتبار أن ممثلي سلطات الأشخاص المعنوية يستمدون سلطاتهم من القانون وليس من إرادة الشركاء المساهمين أو نظام هذه الشركات وعليه فإن سلطة اللجوء إلى التحكيم المعترف بها لمدراء الشركات، أصبحت ترتكز على النصوص القانونية التي تحدد اختصاصات الهيئات الإدارية فيها مهما كان نوع تلك الشركات.