فصـل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم او تجاوزه لحدود هـذا الاتفاق :
ان السلطة التي تخول هيئة التحكيم اصدار حكم منه للنزاع لا تجد سندها الا في « اتفاق الأطراف » ، وهـذا ما حدا بنا منذ البداية الى ترجيح الطبيعة العقدية للتحكيم. وهيئة التحكيم تنعقد للنظر في « النزاع » الذي اتفق الأطراف عـلى عرضه عليها ولا تملك مد نظرها خارج حدود هـذا النزاع فهي لیست « قاضـيا » ينطبق عليها مبـدأ أن قاضي الأصل هو « الفرع »لذلك رأينا ان المشرع يلزم الهيئة بوقف الاجراءات اذا عرضت عليها مسألة أولية يتوقف عليها الفصل في النزاع ، لحين تولى الجهة القضائية المختصـة أمـر الفصل في هذه المسائل الأولية .
ويترتب على ما سبق أن الهيئة تلتزم عند اصدار حكمها بالفصل في المسـائل المطروحة عليها ، والتقيد بدقة في تحديد نطاق اختصاصها ولذلك قضى بأنه يعد خروجا على حدود « مهمة » هيئة التحكيم الحكم ببطلان عقد الشركة ، اذا كان المطروح عليها طلب الفصل في منازعات ناشئة عن تنفيذ عقد الشركة ، وإذا كان اتفاق التحكيم منصبا على تحديد نطاقه بالمنازعات الناشئة عن تفسير نصوص العقد المبرم بين المهندس ورب العمل ، فان المنازعة بشأن استحقاق المهندس لباقى اتعابه مسألة لا شأن لها بتفسير العقـد ، وتكون من اختصاص القضاء. ولكن اذا تصدت هيئة التحكيم لمسائل مطروحة عليها ومسـائل أخرى ترتبط بها فان البطلان يقتصر على ما قضت فيه في المسائل المرتبطة ولا يمتد لما تصدت له من مسـائل تضمنها اتفاق التحكيم الا اذا أقيم الدليل على عدم الانفصال بين الشقين.
ويقتضى اصدار الحكم ببطلان حكم التحكيم تأسيسا على هذا السبب ، تمسك ذي المصلحة به ، فان المحكمة لا تقضى بالبطلان من تلقـاء نفسها ، لأن المسألة لا تتعلق بالنظام العام ، وانما يجب أن يتمسك أحد الأطراف بطلب البطلان تأسيسا على تجاوز الهيئة للحدود الواردة في اتفاق التحكيم.