التنفيذ / اسباب تتعلق بالقانون الواجب التطبيق / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 4 / قواعـد الإبطال أمام القضاء المصري تنطبـق علـى التحكـيـم الـذي يـجـري فـي مـصـر او يطبـق قـانون التحكيم المصري
باتفاق الأطراف على اجراء التحكيم خارج مصر دون الإتفاق على إخضاعه لقانون التحكيم المصري يكونون قد أخرجوا النزاع وإجراءات الفصل فيه من دائرة اختصاص المحاكم المصرية وتطبيقا على ذلك فإن القواعد الخاصة بالبطلان تطبق على الأحكام التي تصدر طبقا لأحكام القانون المصري.
اتفاقية نيويورك ربطت أحكام التحكيم الأجنبية بالنظام القانوني للدولة التي صدر فيها
وقررت اختصاص محاكم هذه الدولة وحدها فيما خص دعاوى بطلان تلك الأحكام
التحكيمية . الحكم التحكيمي الصادر في ستوكهولم وفقا لنظام تحكيم معهد غرفة تجارة وصناعة ستوكهولم وخلت الأوراق من اتفاق على تطبيق القانون المصري، بالتالي فإن هذا القانون لا يطبق على التحكيم المذكور ولا تختص المحاكم المصرية بنظر دعوى بطلانه وبالتالي فإن المحكمة تقضي بعدم اختصاصها .
(محكمة استئناف القاهرة- الدائرة السابعة التجارية - الدعوى رقم 54 تجارية لسنة 125 فضائية القاهرة - جلسة الثلاثاء 2008/12/2)وحيث انه من الأصول المقررة أن للمحكمة سلطة إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني السليم، وأن تنزل عليها صحيح القانون المنطبق عليها ما دامت مقيدة بسببها وما أبداه الخصوم من طلبات، لما كان ذلك وكانت الدعوى المائلة هي في حقيقتها دعوى بطلان حكم التحكيم مثار النزاع، وليست تظلماً من الأمر الصادر بتنفيذ ذلك الحكم وقد خلت الأوراق من الأمر بتنفيذه، ومن ثم فإن المحكمة تقضي في الدعوى على هذا الأساس، وإذ كان ذلك وكان من المقرر أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتقاء ولايتها متعلق بالنظام العام تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، وكان النص في المادة الأولى من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على انه "مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون..... مفاده أن المشرع قد قصر تطبيق أحكام القانون المشار اليه على التحكيم الذي يجري في مصر وعدم سرياتها على تحكيم يجري خارج البلاد باستثناء التحكيم التجاري الدولي إذا اتفق أطرافه على إخضاعه لتلك الأحكام، إذ قضي بتطبيقها عليه في هذه الحالة باعتبارها قانون إرادة الأطراف، وحكم القانون المصري في هذا الخصوص يتفق مع التزام المشرع بنطاق سلطانه الإقليمي في التشريع من ناحية، والتزام الدولة بالإعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها في إقليمها طبقاً لاتفاقية نيويورك سنة 1958 الخاصة بالاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها من الناحية الأخرى، هذا فضلاً عن اتفاق ذلك الحكم مع نص المادة الأولى من القانون النموذجي للتحكيم الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية عام 1985 باعتباره المصدر التاريخي لقانون التحكيم المصري، كما ان موقف المشرع المصري يتوافق كذلك مع إرادة أطراف التحكيم، لأن اتفاقهم على اجراء التحكيم خارج مصر دون الاتفاق على إخضاعه لقانون التحكيم المصري، مؤداه اتفاقهم على إخراج نزاعهم من دائرة الاختصاص القضائي لأية محاكم وطنية وإخضاعه للتحكيم في إقليم دولة أخرى طبقاً للإجراءات المقررة في ذلك الإقليم أو المتفق عليها بينهم، وبذلك يكونون قد أخرجوا النزاع وإجراءات الفصل فيه من دائرة اختصاص المحاكم المصرية، وترتيباً على ذلك قضت المادة (2/52) من القانون المذكور على قصر نطاق تطبيق قواعد الباب السادس منه (الخاصة ببطلان حكم التحكيم) على الأحكام التي تصدر طبقاً لأحكامه.وحيث ان جمهورية مصر العربية قد انضمت إلى اتفاقية نيويورك سنة 1958 السالفة البيان طبقا لقرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وأصبحت نافذة في مصر باعتبارها من قوانين الدولة، وقد ألزمت المادة الثالثة من هذه الاتفاقية الدول المتعاقدة بالاعتراف بحجية حكم التحكيم الذي يصدر خارج إقليمها، وأوجبت عليها تنفيذه طبقاً لقواعد المرافعات المعمول بها في إقليمها، وفي نفس الوقت حظرت مادتها الخامسة على الدول الأطراف رفض الاعتراف بحكم المحكمين الأجنبي أو رفض تنفيذه، الا اذا قدم الخصم الذي يحتج به عليه الدليل على ان الحكم المطلوب الإعتراف به او تنفيذه لم يصبح ملزماً للخصوم أو ألغته أو أوقفته السلطة المختصة في الدولة التي صدر في إقليمها أو طبقاً لقوانينها، وبذلك ربطت هذه الإتفاقية أحكام التحكيم الأجنبية بالنظام القانوني للدولة التي صدرت فيها، وقررت قاعدة اختصاص محاكم هذه الدولة وحدها بدعاوى بطلان تلك الأحكام، ومؤدى ذلك كله ولازمه أن محاكم الدولة التي صدر حكم التحكيم داخل إقليمها تكون هي المختصة دون غيرها- بنظر دعوى بطلانه، أما محاكم الدول الأخرى فليس لها ان تعيد النظر في ذلك الحكم من ناحية صحته او بطلانه، وليس لها أن تراجع قضاءه في موضوع النزاع، وكل مالها -إن طلب منها الاعتراف به او تنفيذه- أن ترفض ذلك استناداً الى أحد الأسباب التي تجيز لها ذلك في القانون المعمول به في إقليمها أو الأسباب الواردة في تلك الاتفاقية حسب الأحوال دون أن يكون لمثل هذا الرفض أي أثر على حجية الحكم موضوع الطلب، ولا ريب في أن احكام هذه الاتفاقية واجبة التطبيق لو تعارضت مع نصوص قانوني المرافعات والتحكيم، وبذلك تعتبر قاعدة عدم اختصاص المحاكم المصرية بدعاوى بطلان أحكام المحكمين الأجنبية متعلقة بالولاية ومن ثم تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها عملا بنص المادة (109) من قانون المرافعات .
وحيث انه لما كان ما تقدم جميعه، وكان البين من الأوراق المقدمة في الدعوى ولا خلاف عليه بين الطرفين- أن حكم التحكيم موضوع التداعي قد صدر باستوكهولم - السويد وفقاً لنظام تحكيم معهد غرفة تجارة وصناعة استوكهولم، وقد خلت الأوراق من اتفاق طرفي النزاع التحكيمي على إخضاعه لقانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994، ومن ثم فإن أحكام هذا القانون لا تسري على حكم التحكيم المذكور، كما لا تختص المحاكم المصرية دوليا بنظر دعوى بطلانه، لذلك تقضي هذه المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى الماثلة وتقف بقضائها عند هذا الحد دون الخوض في موضوعها، وإذ كان الثابت من الأوراق ايضاً ان الشركة المدعية وعلى الرغم من عدم اختصاص المحاكم المصرية ولائياً بنظرها قد تعمدت رفع دعواها الماثلة طالبة إبطال حكم التحكيم المشار اليه فإن هذه المحكمة بما لها من سلطة مقررة بموجب المادة (110) من قانون المرافعات تأمر بتغريم هذه الشركة مبلغ مائتي جنيه، مع إلزامها مصروفات دعواها شاملة مقابل أتعاب المحاماة، وقد أخفقت فيها، عملا بالمادتين 184 و240 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بعدم اختصاصها ولانياً بنظر الدعوى، وبتغريم الشركة المدعية مبلغ مائتي جنيه، وبإلزامها المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.