الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب تتعلق بالقانون الواجب التطبيق / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / عدم تطبيق القانون الموضوعي 

  • الاسم

    محمد علي فرح
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    284

التفاصيل طباعة نسخ

عدم تطبيق القانون الموضوعي 

  حسب نص المادة (1/42/د) من قانون التحكيم لسنة (2016م) يكون حكم التحكيم باطلا إذا استبعد الحكم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع فهذه الحالة ومن استعراض نصوص حالات البطلان التي أخذت بها التشريعات العربية والأوروبية والاتفاقيات الدولية والإقليمية تكاد تكون محل اتفاق بينهم.

  وفقا للمادة (21) من قانون التحكيم فانه يجب على هيئة التحكيم أن تطبق القوانين الاجرائية والموضوعية التي اتفق عليها طرفا النزاع في اتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم وإذا لم يتفقا طبقت هيئة التحكيم الإجراءات والقواعد الموضوعية التي تراها مناسبة في القانون الأكثر ارتباطا بموضوع النزاع.

   كما أن للأطراف الاتفاق على تحديد موضوع النزاع الذي يطرح على المحكمين فقد خولهم القانون أيضا الاتفاق على القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع وطالما أن التحكيم يرتكز على اتفاق الأطراف فإن على هيئة التحكيم تطبيق قواعد القانون التي اختارها الأطراف فإذا تجاهلت تطبيقها كان ذلك بمثابة تجاوز واضح في استعمال السلطة الممنوحة لها ولاتفاق التحكيم.

لتوافر هذه الحالة يشترط الآتي:

1- أن يكون الأطراف قد اتفقوا صراحة على تطبيق قانون معين على موضوع النزاع:

   فلا تتوافر هذه الحالة إذا لم يوجد اتفاق صريح بين الأطراف على تطبيق قانون معين، فطبقت هيئة التحكيم القواعد القانونية في القانون الذي وجدته أكثر ارتباطا بموضوع بالنزاع وفقا للمادة (21) أعلاه ولو كان اختيارها للقانون الأكثر ارتباطا جاء خاطئا، ومن ناحية أخرى لا تتوافر هذه الحالة إذا لم تطبق هيئة التحكيم القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه بالنسبة لإجراءات التحكيم وذلك لأن نص المادة قصر ذلك على القانون المطبق على موضوع النزاع.

2 - أن يستبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه 

  لا تتوافر هذه الحالة إذا طبقت هيئة التحكيم القانون ولكنها خالفت قاعدة قانونية فيه أو أخطأت في اختيار القاعدة القانونية الواجبة التطبيق أو اختارت القاعدة القانونية الواجبة التطبيق ولكنها أخطأت في تطبيقها أو تأوليها.

   في تطبيق قضائي قضت محكمة استئناف القاهرة أن الاتفاق الحاصل بين طرفي التحكيم أمام هيئة التحكيم بجلسة (1999/9/22م) هو المرجع في بيان نطاق التحكيم، وكان هذا الاتفاق الموقع من كل من طرفي التحكيم قد تضمن أن القانون المصري هو الواجب التطبيق على موضوع النزاع وهو ما يعني الطرفين قد اختاروا القواعد الموضوعية التي يتضمنها القانون للفصل في المسائل المتنازع عليها فيما بينهما والمطروحة على التحكيم، فإن الثابت من حكم هيئة التحكيم المطعون عليه أن الهيئة فصلت في موضوع النزاع على مقتضى قواعد العدالة والإنصاف دون التقيد بإحكام القانون، وإذ نعت الشركة المدعية ببطلان حكم التحكيم لاستبعاده وتجاهله وفقا للمادة (1/53/د) من قانون التحكيم يعتبر استبعاد القانون الذي اتفق الطرفان على تطبيقه سببا لبطلان الحكم بما يوجب على المحكمة والحال كذلك أن تقضي ببطلان الحكم التحكيمي المطعون فيه .

  في نقـض مـدنـي قـررت محكمة النقض المصرية إذا لم يتفق الطرفان علـى القـواعـد القانونية الواجبة التطبيق على موضوع النزاع طبقت هيئة التحكيم القواعد الموضوعية في القانون الذي ترى أنه الأكثر اتصالا بموضوع النزاع، فالمحكم في هذه الحالة كالقاضي يفصل في النزاع وفقا لأحكام القانون الوطني حتى ولو لم يتفق الأطراف على القانون الواجب التطبيق باعتبار أن هذا القانون هو الأكثر اتصالا بموضوع النزاع .

  في حالة عدم تحديد الأطراف في اتفاق التحكيم للقانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع فإن هيئة التحكيم في اختيارها للقانون الذي ستطبقه ليست طليقة فهذا الاختيار من جانبها محاط بقواعد وضوابط يجب رعايتها فعلى سبيل المثال إذا كان النزاع حول صحة عقد ، فإن القانون الأكثر اتصالا بالنزاع هو قانون الدولة التي تم بها إبرام هذا العقد، كما أن هيئة التحكيم مطالبة أيضا برعاية الأعراف التجارية السائدة على المعاملة موضوع النزاع بالإضافة إلى شروط العقد.

  قضت محكمة استئناف سفيا بالسويد بإبطال حكم تحكيم صادر في ظل قواعد مركز إستوكهولم على أساس تجاوز هيئة التحكيم لحدود سلطتها وقد كان الحكم المذكور صادرا بالإجماع في عام (2008م) من هيئة تحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين لصالح شركة مشروبات سويدية إذ حكم بتعويضها بمبلغ مقداره (5.6) مليون دولارا أمريكيا بعد أن قرر أن الطرف الآخر ( شركة عامة سويدية) قد أنهى عقد بيع المشروبات المبرم بين الطرفين بشكل غير قانوني، وقد توصلت محكمة الاستئناف أن هيئة التحكيم خالفت المادة (34) من قانون التحكيم السويدي على أساس تجاوزها لحدود مهمتها نظرا لاستناد حكم المحكمين إلى وقائع لم تتم إثارتها سلفا من قبل أي من الطرفين وقد اعتبرت محكمة الاستئناف أن هيئة التحكيم أقامت قضاءها على أساس أن الطرفين قد اتفقا على استبعاد تطبيق القاعدة العامة في القانون المدني السويدي التي تمنحهما الحق في إنهاء العقد في حين أن ذلك لم يتم التمسك به إطلاقا من جانب شركة المشروبات السويدية أمام هيئة التحكيم بينما تمسك الطرف الآخر بحقه في إنهاء العقد مدعيا بوجود فساد .

  الملاحظ أن المشرع السوداني في قانون التحكيم (2016م) قد عالج القصور التشريعي السابق لحالات البطلان في قانون (2005م) فحالة بطلان حكم التحكيم لفصله في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق لم تكن تغطي العيوب المتمثلة في الحالات التي يكون فيها اتفاق التحكيم غير موجود أو كان هذا الاتفاق باطلا أو قابل للإبطال أو سقط بانتهاء مدته، فكل العيوب التي تعدم اتفاق التحكيم والمتعلقة بالرضا كانعدام الأهلية اللازمة الطرفي الاتفاق أو أحدهما أو عدم توافر شروط صحة المحل أو السبب أو العيوب التي تلحق بالرضا كالغلط والإكراه والتدليس وتجعل الاتفاق قابلا للإبطال، لم يفردها المشرع السوداني في قانون التحكيم لسنة (2005م) ضمن حالات البطلان المنصوص عليها في المادة (1/41) وذلك على غرار العديد من التشريعات العربية الأوروبية والاتفاقيات الدولية والإقليمية .

وقد كنت وجهت النقد للمشرع لإغفاله لتلك العيوب التي تلحق باتفاق التحكيم وأغفل المشرع إيرادها باعتبارها لا تقل أهمية عن حالة فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق، وأوردت بأنه وفي الحالات التي يكون فيها اتفاق التحكيم غير موجود أو باطلا أو قابل للإبطال أو سقط بانتهاء المدة فإنه يمكن الطعن في حكم التحكيم تحت حالة تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان على ما سنرى لاحقا عند مناقشتنا لتلك الحالة.

   فإن الذي نقوله في هذا هو ذات ما سنقوله في حالة فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حدود الاتفاق فهي أيضا يمكن أن تدخل تحت حالة تضمن الحكم ما يخالف النظام العام في السودان وبالتالي أن كان هدف المشرع بذلك الإيراد والاقتصار هو تجنب ما يثيره تعديد حالات بطلان من تداخل بين بعضها البعض فالأولى كان أن يختصر كل حالات البطلان تحت حالة تضمن الحكم ما يخالف النظام العام، وهي كما سنرى لاحقا تستوعب وتتداخل مع حالات البطلان الأخرى الواردة في الفقرات (أ، ب، ج، د) من المادة (41) من قانون (2005م) الملغي.

107