الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب تتعلق بالقانون الواجب التطبيق / الكتب / قضاء التحكيم - الكتاب الثاني / استبعاد تطبيق القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع

  • الاسم

    م.د محمد ماهر ابو العنين
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    مكتبة القانون والاقتصاد
  • عدد الصفحات

    692
  • رقم الصفحة

    216

التفاصيل طباعة نسخ

استبعاد تطبيق القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع

    تنص المادة ١/٥٣/ د من قانون التحكيم المصرى على جواز رفع دعوى البطلان " إذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع .. وتعتبر هذه الحالة فريدة من نوعها في القانون المصرى؛ إذ لم يرد النص عليها في قانون التحكيم النموذجي أو في اتفاقية نيويورك.

    فلم يرد مطلقا في قانون التحكيم ۱۹۹٤/۲۷ ، ما يجعل من استبعاد القانون الإجرائي المتفق على تطبيقه ، سببا من أسباب البطلان ، باستثناء حالة تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الأطراف المــادة ١/٥٣/هـ تحكيم مصرى) . أما إذا لم يتفق الأطراف على قواعد معينة تطبــق على إجراءات التحكيم ، فهنا خول القانون هيئة التحكيم ، تطبيق الإجراءات التي تراها مناسبة ، مع مراعاة أحكام القانون المادة (٢٥) ، فإذا استبعدت هيئــة التحكيم ، تلك القواعد ، فلا غبار على حكمها ، ما عدا وقوع بطلان في إجراءات التحكيم ، مما تؤثر فى الحكم - وهو ما سنتناوله فيما بعد - والقواعد المتعلقة بالنظام العام ، والموجودة فى قانون التحكيم وقانون المرافعات.

    وهذا بخلاف الوضع ، في قانون التحكيم الانجليزي، الذي يقضي ببطلان حكم التحكيم ، إذا خالفت هيئة التحكيم القواعد الإجرائية ، التي اتفق الأطراف عليها (المادة ٢/٦٨/(جـ) ، بل إن قانون التحكيم يقضى ببطلان حكم التحكيم ، إذا جاوز مركز التحكيم ، أو مؤسسة التحكيم ، أو أى شخص آخر ، خوله الأطراف ، صلاحيات متعلقة بإجراءات التحكيم ، أو الحكم (المادة ٢/٦٨/هـ).

دور إرادة الأطراف في اختيار القواعد القانونية الواجبة التطبيق :

    وتكاد تجمع ، مختلف أحكام القضاء، وقرارات التحكيم التجاري الدولي وبعض الفقه، على أحقية الأطراف فى الاتفاق على تطبيق قانون دولة ما ، علـــى موضوع النزاع، حتى ولو لم يكن هناك أدنى صلة بينه وبين العقد مثار المنازعة، كما أن لهم استبعاد بعض نصوص هذا القانون ، وذلك كله مشروط ، بعدم مخالفة النظام العام أو الغش نحو القانون . مع الأخذ في الاعتبار أن كل قاعدة متعلقة بالنظام العام، هي قاعدة آمره، أما العكس فهو غير صحيح كما سبق أن أوضحنا.

    ووفقا لقواعد القانون الانجليزي ، إذا أراد الأطراف ، التهرب من أحكام القانون الآمرة ، وذلك عن طريق اختيار هم قانون معين ، ففي هذا الصدد فإن للمحكم ، أن لا يتقيد بما اتجهت إليه إرادة الأطراف، ويرد عليهم مقصودهم .

    كما يمكن للأطراف الاتفاق ، على تطبيق قانون معين ، ولكن بحالته فــــي تاريخ توقيع العقد، أى مع استبعاد ، أية تعديلات قد تطرأ على ذلك القانون ويجب أن يكون الاتفاق على ذلك صريحا .

    على أنه إذا اتجهت إرادة الأطراف ، إلى اختيار قانون دولة معينة ليطبق على موضوع النزاع ، فإن القواعد الموضوعية في هذا القانون ، هي التي تطبق دون قواعد التنازع ، إلا إذا اتجهت إرادة الأطراف ، إلى غير ذلك (المادة ۳۹). وهذا ما يتفق مع نص المادة ٤٦ من قانون التحكيم الانجليزي . 

     كما أن نص المادة ٣٩، يسمح للأطراف باختيار القانون الواجب التطبيــــق ، عن طريق إعمال هيئة التحكيم ، قواعد التنازع . وعلى ذلك ، إذا لم تلتزم هيئة التحكيم بذلك ، فيمكن الرجوع على حكم التحكيم ، بدعوى البطلان لهذا السبب .

    وإذا سكت الأطراف عن اختيار تطبيق قانون معين ، على موضوع النزاع ، فقام المحكم بتطبيق القانون ، الذي تشير إليه قواعد التنازع . الأكثر وثوقا بموضوع النزاع . فهنا لا غبار على حكم التحكيم من الناحية القانونية . أما إذا طبق المحكم قانونا له صلة فقط بالنزاع - ولم تكن الصلة غير وثيقة – فإن حكمه في هذا المقام ، يجوز النعى عليه بدعوى البطلان .

    وإذا لم تتجه إرادة الأطراف الصريحة ، أو الضمنية لتطبيق قانون مــا على موضوع النزاع ، فقام المحكم بتطبيق قانون التجارة الدولية . فهنا يمكن القول بأن حكم المحكم ، يجوز النعى عليه بدعوى البطلان ، لأن قانون التجارة الدولية ، لكى يطبق على موضوع النزاع ، يجب أن تتجه إرادة الأطراف صراحة ، إلى تطبيقه على موضوع النزاع .

    ويثار تساؤل ، فى حالة ما إذا اتفق الأطراف ، على تطبيق القانون المصرى مثلا ، وكان العقد من طبيعة إدارية ، وقامت هيئة التحكيم مثلا، بتطبيق قواعد القانون المدنى ، فهل يمكن القول بأن هيئة التحكيم هنا ، قامت باستبعاد القانون ، الذي اتفق الأطراف ، على تطبيقه على موضوع النزاع ،أم لا ؟.

     عدم تطبيق قواعد القانون الإدارى على العقد الإدارى بعد اختيار المتعاقدين لهذه القواعد من خلال تطبيق القانون المصرى یعنی استبعاد القانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه بوصف أن المستقر عليه في الفقه والقضاء الاحادى والإدارى فى مصر على تطبيق قواعد القانون الادارى على العقود الإدارية وما تتضمنه من امتيازات لجهة الإدارة وأيدت محكمة الاستئناف هذا الفهم على النحو الذي سنعرضه فيما بعد وإذا استبعد المحكم تطبيق مادة من قانون ما مثل القانون المدنى مثلا وطبق أخرى بدلا منها فإن ذلك لا يعد استبعادا للقانون الواجب التطبيق بل خطأ في تطبيق القانون وهو ما لا يعد ضمن أسباب النعى على حكم التحكيم بالبطلان وهذه ثغرة كبيرة من شأنها أن تهدر العدالة في خصوص القرارات الصادرة من الهيئات التحكيمية وتعمد المشرع استبعاد هذا السبب من أسباب الطعن بالبطلان حتى لا يكون الطعن لهذا السبب مماثلا للطعن بالاستئناف أو النقض وهذا يؤدى إلى الاخلال بالعدالة .

    ووفقا لنص المادة ۳/۳۹ من قانون التحكيم المصرى ، يجب على هيئة التحكيم عند الفصل في النزاع، حتى ولو كان الأطراف ، هــم الذين اختاروا القانون الواجب التطبيق ، على النزاع ، أن تراعى في موضوع النزاع ، شروط العقد محل النزاع ، والأعراف الجارية ، في نوع المعاملة .

    ووجوب مراعاة الأعراف الجارية ، منصوص عليه في المادة ٢٨ فقرة ٤ من قواعد اليونسيترال ، والمادة ۱۳ فقرة ٥/ من لائحة غرفة التجارة الدولية الصادرة سنة ۸۸ ، والمادة ١٤٩٢ فرنسى ، والمادة ١٠٥٤ من قانون الإجراءات المدنية الهولندى والمادة ۳/۳۹ من قانون التحكيم المصرى .

     ويثار تساؤل هنا هل ، إذا لم تراع هيئة التحكيم ، شروط العقد ، والأعراف الجارية ، فهذا يعنى أنها ، استبعدت تطبيق القواعد الواجبة التطبيق أم لا؟ .

    أعتقد أن ظاهر نص المادة ۳/۳۹ ، يدفعنى إلى القول بأن استبعاد هيئــة التحكيم لشروط العقد ، والأعراف الجارية ، يشكل مخالفة ، تستدعى تطبيق نص المادة ١/٥٣/د ، خاصة أن نص المادة ۳/۳۹ ، يقضى بأنه (يجب أن تراعى) .