التنفيذ / اسباب تتعلق بالقانون الواجب التطبيق / الكتب / التحكيم وبطلانه بين التشريع الإسلامي والتشريعات الوضعية / في حال إذا ما أستبعد حكم التحكيم تطبيق القانون التطبيق والذي أتفق الاطراف تطبيقه على موضوع النزاع
يواجه هذا السبب خروج هيئة التحكيم على إتفاق أطراف التحكيم بإستباعادها للقانون الذي أتفقوا على تطبيقه صراحة على موضوع النزاع ، أو ضمناً لللقانون الذي أسفرت عنه قواعد تنازع القوانين كما أتفق الطراف وتطبيقها لقانون آخر ، الأمر الذي يبطل حكمها لكونه بني على قانون مخالف لإرادة الطرفين. والتحكيم كما سبق أن رأينا قوامه ما يتفق عليه الطرفين .
ولأن السبب الذي نحن بصدده يواجه فقط مخالفة هيئة التحكيم للقانون الواجب تطبيقه على موضوع النزاع ، ذهب بعض الفقهاء إلى ان مخالفة حكم التحكيم للقانون الإجرائي الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على إجراءات التحكيم لا تعد سبباً لبطلان الحكم إلا في الحالات التي حددها القانون ، كتعيين هيئة التحكيم على نحو مخالف لاتفاق الأطراف أو لنصوص القانون .
راي الباحـث
وفي اعتقادنا، أن مخالفة القانون الإجرائي الذي أتفق الطراف أو نص القانون على ان يحكم التحكيم يدخل تحت نص البند "ز" من الفقرة الأولى من المادة (53) التي تتحدث على بطلان حكم التحكيم لبطلان إجراءات التحكيم دون حاجة لتاويل السبب الذي نحن بصدده ليشمل مالا يتسع له أو تحديد هذه الحالات بما لا يتسع لغيرها بالضرورة ..
ومن ناحية اخرى ، يدخل في عموم هذا السبب الخطأ في تطبيق القانون أو تفسيره أو تاويله ، كما سبق أن نوهنا لأنه يعتبر ضرباً من ضروب إستبعاد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع ، الأمر الذي يبطل الحكم ، والقول بغير ذلك يجعل تحديد الأطراف للقانون الواجب التطبيق على النزاع ضرياً من العبث .
بيد أنه أنه تجدر دائماً ملاحظة ، أنه لا يجوز الإتفاق على تطبيق قانون ينطوى مخالفة النظام العام في مصر طبقاً للمادة (28) من القانون المدني التي تنص ، على أنه لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي إذا كانت أحكامه مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر ، الأمر الذي يكون مبرراً لعدم إصدار أمر بتنفيذه طبقاً للفقرة الخامسة من المادة الثانية من إتفاقية نيويورك وليس رفع دعوى بطلان ، أي أن مجرد تطبيق هيئة التحكيم للقانون الذي اتفق الأطراف على تطبيقه على موضوع النزاع لن يكون مبرر لإستصدار أمر بتنفيذه .
تداعيات استبعاد القانون المصري الواجب التطبيق وشروط المعاملة بالمثل
يثير الفرض الذي نحن بصدده إذا أستبعد حكم التحكيم الأجنبي القانون المصري الواجب التطبيق ، وأريد تنفيذه في مصر ، فهل يمكن في هذه الحالة رفع دعوى ببطلان هذا الحكم ؟ وتبرز المشكلة أكثر حينما ينتج ذلك عن هوي وإستعلاء على نحو ما سبق رأينا .
للإجابة على ذلك ، ينبغي مراعاة ما تنص عليه المادة الأولى من قانون التحكيم من ان سريان قانون التحكيم مقيد بعدم الإخلال بأحكام الإتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية ، كما تنص المادة (301) من قانون المرافعات بشأن تنفيذ الأحكام الأجنبية بأن العمل بنصوص قانون المرافعات لا يخل باحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول في هذا الشأن .
وعليه فإن نصوص إتفاقية نيويورك التي انضمت إليها مصر تعلو على نصوص القانون الداخلي سواء كانت نصوص قانون المرافعات أو قانون التحكيم أو غيرها من القوانين الداخلية، وهو ما أكدته محكمة النقض حتى ولو تعلق الأمر بمخالفة نص آخر طالما أنه لا يتعلق بمخالفة النظام العام بمدلولة الواسع، وعليه فإن مجرد إستبعاد القانون المصري الواجب التطبيق ليس من الأسباب التي حددتها المادة الخامسة من الإتفاقية لعدم الإعتراف وعدم تنفيذ حكم التحكيم .
ومن ثم ، فإن السبيل الوحيد في هذه الحالة ، ليس التمسك بنصوص قانون التحكيم المصري لرفع دعوى ببطلان حكم التحكيم ، لأنه يصطدم بالإتفاقية ، وإنما الصحيح هو التمسك بنص المادة الرابعة عشر التاب من إتفاقية نيويورك ذاتها التي تنص على انه لا يجوز لإحدى الدول الطرف في الإتفاقية ان تحتج بنصوص هذه الإتفاقية في مواجهة دولة أخرى متعاقدة إلا بالقدر الذي ارتبطت به هى في الإتفاقية . بمعنى التمسك طبقا للإتفاقية بمبدأ المعاملة بالمثل لعدم تنفيذ الحكم ، بل والحكم ببطلانه ، لأنها لا تملك ان تطلب من غيرها اكثر مما تلزم به نفسها .
وهذا المعنى ، هو ما كرسه نص المادة 296) من قانون المرافعات المصري بنصه على أن الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقرة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه .
ينبني على ما تقدم، أنه في حالة إستبعاد القانون المصري الواجب التطبيق ، فإنه يمتنع تنفيذه طبقاً لمبدأ المعاملة بالمثل كما يمكن رفع دعوى ببطلانه على هذا الأساس .