الأصل في الأهلية الوجود، فكل شخص أهل للتعاقد، مالم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون، استنادا لأحكام المادة 489 مدني فرنسي، والمادة 109 مدني مصري، والمادة 84 مدني كويتي، فكمال الأهلية هو الأصل ولكن استثناء قد تكون أهليته معدومة أو ناقصة إما بسبب طبيعي أو بسبب طاريء، أما السبب الطبيعي فيرجع إلى تأثر تمييز الإنسان وإدراكه بحسب مراحل العمر التي يمر بها في حياته.
ولقد أثارت حالة بطلان حكم التحكيم بسبب عارض من عوارض الأهلية من خلال عبارة النص "... إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته " جدلا بين شراح القانون المصري فمنهم من رأي التزيد الذي لا طائل منه من العبارة السابقة.
وباستقراء للمادة (53) من قانون التحكيم المصري بنصها على أنه :" لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية ... إذا كان أحد طرفي إتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهميته..."، نجد أن عبارة "... وفقا للقانون..." تعني أمران:
الأول: أن تكون الأهلية شرط من شروط التعاقد يقررها القانون .
الثاني: تحديد القانون الواجب التطبيق على أهلية المتعاقد، ذلك أن المادة 11 من القانون المدني المصري بنصها على أنه " الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم يسري عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم، ومع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في مصر وترتب آثارها فيها إذا كان أحد الطرفين ناقص الأهلية وكان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه فإن هذا السبب لا يؤثر في نقص أهليته " ، تفيد بأنه إذا كانت الأهلية متعلقة بالاتفاق على التحكيم، إلا أنها لا تخضع للقانون الذي يحكم هذا الاتفاق، فمن المستقر عليه عند فقه القانون الدولي الخاص خضوع الأهلية للقانون الشخصي للطرف المتعاقد، مما نفهم منه، انه إذا كان أحد أطراف اتفاق التحكيم دولة، أو هيئة عامة تابعة للدولة، فان قانون هذه الدولة يسري في شأن أهليتها للتعاقد، وهذا ما تشير اليه المادة (2/11) مدني مصري بنصها: " أما النظام القانوني للأشخاص الإعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فيسري عليها قانون الدولة التي إتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي ومع ذلك فإذا باشرت نشاطها الرئيسي في مصر فإن القانون المصري هو الذي يسري.