التنفيذ / مخالفة النظام العام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / العودة إلى التحكيم بعد بطلان الحكم ( دراسة مقارنة) / مدي مخالفة النظام العام كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم
مدي مخالفة النظام العام كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم
هل يعد مخالفة النظام العـام حـالـة مـن حـالات قبـول دعـوى بطلان حكم التحكيم ؟
هل الحالات الت حـددها المشـرع "وسبق الاشارة اليهـا" لا تتعلق بالنظام العام ؟
اليس مخالفة واهدار حقوق الـدفاع لأحـد الخصـوم يـعـد أمـراً متعلقاً بالنظام العام ويسمح برفع دعوى البطلان ؟
في الواقع أن المشرع لاعتبـارات غير معلنـه وتتعلـق بحسـن السياسة القضائية وأداء العدالـة بعـد ان حصـر وعـدد الحـالات التـ المحكمة التي يمكن الاستناد عليها لرفع دعوى البطلان ضـد حـكـم التحكيم، خـول تنظر دعوى البطلان سلطة قضائية فـي مراقبـة حـكـم التحكيم وامكانية القضاء ببطلانه ولو لم يتمسك الخصـوم بوجـه تـرى عدالة المحكمة انه يتعلق بالنظام العام.
ومن هنا يثور التساؤل حول مدى اعتبـار مخالفـة النظـام العـام حالة مستقلة من حالات رفع دعوى البطلان ؟
أما انها حالة تندرج في مجال التعـداد الـذي سبق واشــار اليـه المشرع كحالات على سبيل الحصر لرفع دعوى البطلان؟
وهل هنـاك تطبيقـات قضائية لمخالفـة النظـام العـام كـسـبب للقضاء ببطلان الحكم وما هو موقف مركز القاهرة الإقليم مـن هـذه المسألة ؟
مدی اعتبار مخالفة النظام العام حالة مستقلة من حالات رفع دعوى البطلان
ولا تنضم الباحثة الى هـذا الاتجـاه وتـرى أنهـا لا تعـد حـالـة مستقلة بذاتها للرجوع علـى حـكـم التحكــم بـدعوى البطلان - وفقـاً لقانون التحكيم المصري-، بل إنها تتعلق بما يجـب علـى هيئـة التحكــم أن تقوم به، إذا وجدت أن هنـاك سـبـا لـبطلان التحكــم متعلـق بالنظام العام، في إطار الأسباب الواردة فـي المـادة 1/53 علـى سـبيل الحصر، سواء أثار الأطراف هذا السبب أم لا. ولا يثنـى المحكمـة عـن القضاء ببطلان الحكم، في هذا المقـام، حتـ حالـة عـدم تـوافر الصفة في الشخص، الذي يتمسك به.
كما استند "في سبيل تأييـد هـذا المفهـوم أي أن هـذه الحالـة ليست حالة مستقلة بذاتها"، إلى أن الفقـه الـذي يـذهب إلـى أنهـا حـالـة مستقلة، عندما يعطي أمثلة على مخالفة حكم التحكيم للنظـام العـام، نجـد أن هذه الأمثلة تندرج تحـت الحـالات المنصوص عليهـا فـي الفقـرة الأولى من المادة 53. وإذا كان رأيهم من حيث اعتبارهـا حـالـة مستقلة سليماً من الناحية القانونية، فنقـول لـهـم هـاتوا برهانكم، وذلـك بـأن يعطونا مثالاً على مخالفة حكم التحكــم للنظـام العـام، بحيـث لا تكـون مندرجة تحت الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأولـى مـن المـادة 53 من قانون التحكيم.
والملاحظ على هذه القـوانين، أنهـا جـعلـت مـن مخالفـة حـكـم التحكيم للنظام العام حالة مستقلة بذاتها، كسـبب مـن الأسـباب، التـي ينعى بها بالبطلان عليه.
علـى أن نـص المـادة 53 مـن قـانون التحكيم المصـري، يستوجب أن تكون هناك دعوى بطلان منظـورة أمـام القضـاء العـادي من أحد أطراف العملية التحكيمية – دون غيـرهم .
وتجدر الإشارة إلـى وجـوب مراعـاة، أن كـل قاعـدة أمـرة، ليست بالضرورة متعلقة بالنظام العام لكـن العكـس صـحيح، أي أن كـل قاعدة متعلقة بالنظام العام، هي قاعدة آمرة.
والاتجاه السـائـد فـى دول أوربـا الغربيـة والولايات المتحـدة الأمريكية، الاعتداد بأحكام التحكيم، ما دامت متفقـة مـع مفهـوم النظـام العام الدولي، حتى ولو كان حكـم التحكــم مخالف للنظـام العـام القانون الوطني.
على أن قيام القاضـي المصـري بـرفض تنفيـذ حكـم التحكــم عند مخالفته للنظـام الـعـام المصـري، لا يعـد متناقضـا، مـع نصوص اتفاقية نيويورك سنة 58، بل يعد متجاوباً معهـا لأنهـا تـنص في المادة الخامسة/٢/ب برفض الاعتـراف وتنفيذ حكـم المحكمـين، وذلك إذا كان مخالفاً للنظام العام في الدولة المطلوب تنفيذ الحكم فيها. الأجنبي
موقف القضاء من اعتبار مخالفة النظام العام حالة مستقلة من حالات رفع دعوى البطلان
وإذا تطرقنا لموقف محكمـة الـنقض المصـرية(1)، مـن المسألة، نجد أنها قضت بـأن المستفاد مـن المـادة ٨٤١ مـن قـانون المرافعات الجديد، التي أوجبت أن يصدر حكـم المحكمـيـن فـي مصـر، وإلا اتبعت في شأنه القواعد المقررة للأحكام الصـادرة فـي بلـد أجنبـي. فالمستفاد من ذلك أن المشـرع المصـري، لا يرى فـي الاتفـاق علـى محكمين يقيمون في الخارج، ويصدرون أحكـامهم هنـاك، أمـراً يمـس النظام العام.
ولقـد قضـت محكمـة الـنقض المصرية أيضـاً، بـأن اتفـاق المتعاقدين على الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما ينشـأ بيـنـهم مـن نـزاع، لا يتعلق بالنظام العام، ومن ثم يجـوز النـزول عنـه صـراحة، أو ضـمنا، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعمال هـذا الشـرط مـن تلقـاء نفسـها، وإنما يتعين التمسك به قبل الكلام في الموضوع.
وقضت أيضاً بأنه لمحكمة النقض، أن تثيـر مـن تلقـاء نفسـها أي سبب يتعلق بالنظام العام، ولو لم يـرد صحيفة الطعـن، شـريطة أن يكون وارداً علـى الجـزء المطعـون عليـه مـن الحكـم، ولا يخالطـه عنصر واقعي، لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع(1).
ويلاحظ أن القضـاء يتصدى لأحكـام التحكــم التـي تـخـالف النظام العام ويبادر الى ابطالها دون الافصاح عما اذا كـان هـذا المـنهج يعد اقراراً بشأن هذه الحالة تعد حالة مستقلة مـن حـالات بطـلان حكـ التحكيم من عدمه لأن هذا التفسير يعـد مـن قبيـل التحليـل والتأصـيل للنصوص القانونية، وهذا ليس عمـل القضـاء الـذي يـنـص فقـط علـى تطبيق النصوص القانونية اعمالاً لإرادة المشرع.
موقف مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي من اعتبار مخالفة النظام العام حالة مستقلة من حالات رفع دعوى البطلان
ومن قضايا التحكيم في هذا الصـدد القضية المتعلقـة بموضـوع مخالفة النظام العام في النزاع بـيـن السـيد/ إسماعيل إبـراهيم ثابـت - محتكم – وشركة أكسون مويـل مـصـر باعتبارهـا خلفـاً لشـركة اسـو استاندرد (الشـرق الأدنـى مصـر - مـحـتكم ضـدها – والمتعلـق بموضوع عقد إيجـار قطعـة أرض فضـاء لإقامـة مبـان علـى نفقـة المستأجر – المحـتكم ضـدها – لاستخدامها كمحطـة لخدمـة وتمـوين السيارات الكائنة على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي.
ولما كان الطرفـان قـد اتفقـا علـى إحالـة أي نزاع بينهمـا، بخصوص أي بند من بنود العقـد، أو تنفيـذه، أو تفسـيـره إلـى التحكـيـم بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجـاري الـدولي. لـذا حـرك المحـتكم ضد الشركة دعوى التحكيم.
وفي المرحلة الأولى من التحكيم دفـع مـحـامي المحـتكم ضـدها ببطلان التحكيم لتعلق الأمر بالنظام العـام استناداً إلـى عـدم إمكانيـة البناء على الأرض الزراعية حيث يكون ذلـك جريمـة جنائيـة وأنـه لا يجوز الصلح فـي الجـرائم الجنائيـة وبالتـالي لا يجـوز التحكــم فـي المسائل التي لا يجوز فيها الصلح. ولم تر هيئة التحكــم فـي هـذا الـدفع أية جدية فمن ناحية قامت المحتكم ضـدها بالـدخول فـي تعاقـد تعـرف أنه يرد على أرض زراعية ولها معاملات كثيرة مع غيـر المـحـتكـم فـي هذا الشأن كما ثبت من الحوافظ التي قدمتها لحـالات خاصـة بـهـا تتعلـق بالأراضي الزراعية كما أن الهيئـة اسـتوثقت ممـا قـدم مـن مسـتندات ومناقشات مع الأطراف أنه لم يكـن هنـاك أيـة نيـة لمخالفـة القـانون الخاص بمنع البناء على الأراضي الزراعيـة وأن المحـتكـم قـد حصـل على موافقة وزارة الزراعة نفسها على تغيير طبيعـة الأرض التـي قـام عليها المشروع إلى أرض مشروعات الأمـر الـذي تـرى مـعـه الهيئـة رفض هذا الدفع.
ويبدو للباحثة أن هذا الحكم يتعلق بعـدم القابليـة للتحكـيم. ومـن ثم يمكن اعتباره كدليل علـى أن مخالفـة النظـام العـام، ليسـت حـالـة مستقلة بذاتها، وفقاً لقواعد قانون التحكيم المصـري الجديـد (۲۷ لسـنة ٩٤)، بل تتعلق بسلطة المحكمة عنـد نـظـر النـزاع. فـي تقـديـر مـدى جواز التحكيم في النزاع من عدمه. وبمعنى آخر ان الـدفـع مـن الممكـن ان يكون له تكييف آخر.