الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / مخالفة النظام العام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / المسائل التي لايجوز فيها التحكيم والتي ينظمها قانون يتعلق بالنظام العام

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    258

التفاصيل طباعة نسخ

المسائل التي لايجوز فيها التحكيم والتي ينظمها قانون يتعلق بالنظام العام

   القاعدة، لا يجوز التحكيم في المسائل التي تتعلق بالقوانين الخاصة بالنظام العام كذلك يحظر التحكيم في المنازعات المتعلقة بأموال خارجة عن دائرة التعامل كالمخدرات أو المنازعات المتعلقة بأمور محظورة قانوناً أو تتعارض مع الآداب العامة كالمنازعات الناشئة . عن ممارسة الدعارة أو المعاشرة غير المشروعة. ومن ذلك أيضـا المنازعات التي يتطلب فيهـا القـانـون عنـد عرضها على قضاء الدولة تدخل النيابة العامة، إذ أن النيابة العامة انما تباشر دورها أمام القضاء ولا تباشره أمام المحكمين.

   كذلك يدخل الفقه الحقوق التي يتدخل فيها القانون بنصـوص لحماية الطرف الضعيـف فـي اطار المنازعات الخارجة عن نطاق التحكيم ومن ذلك حقوق المستاجر في تحديد الأجرة أو في الامتداد القانوني لعقد الإيجار أو حقوق العامل في الأجر وملحقاته والمزايا العمالية، ولكـن يـجـوز التحكيم بالنسبة للمسائل التي تنظمها عقود يجوز التحكيم فيها على ما ترتبـه هـذه النصوص من حقوق مالية اذا تم التحكيم بعد إنتهاء العقد واتخذ صورة اتفاق تحكيم لاحق للنزاع، الا اذا منع القانون التحكيم بصورة مطلقة حتى ولو بعد انتهاء العقد.

   وننوه هنا أن مشروع قانون العمل الموحد الجديد والمعروض حاليا أمام مجلس الشعب يجيز التحكيم الإختياري – الذي تقصده دراستنا هذه – بين أصحاب الأعمال والعاملين لديهم بعد أن كان التحكيم بالنسبة لهذه العلاقة قاصرا على التحكيم الإجباري .

   ويضيف الفقه الى ما سبق مؤخرا عدم جواز التحكيم بالنسبة لقوانين حماية المستهلكين. ونحن نضيف بدورنا إلى ذلك قوانين حماية البيئة

   ولا يبطل اتفاق التحكيم لمجرد تعلق موضوع النزاع بقانون يتعلق بالنظام العام بشكل عام، ولكن يبطل اذا خالف الموضوع نص معين في هذا القانون يتعلق بالنظـام العـام. كما اذا اتفق الخصوم على تحويل المحكم سلطة تحديد أجرة مسكن أو أرض زراعية على خلاف القواعد الأمره التي ترد في القوانين التي تنظم هذه المسائل حيث يكون اتفاق التحكيم باطلاً في هذه الحالة لعدم شرعية محله ، لذلك ينبغي دائما تحليل خصائص النص الذي خولف وغايته للقول لمخالفته للنظام العام أو مخالفته عدم وتخضع محكمة الموضوع في تقرير هذا الأمر لرقابة محكمة النقض.

ثامناً: قابلية وعدم قابلية المسائل للتحكيم في التشريعات الوضعية المقارنة واتفاقية نيويورك لسنة ١٩٥٨ والقانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي "Model Law":

   كما سبق القول هناك أنواع من النزاعات في مختلف القوانين لا يمكن احالتها الا الى المحاكم القضائية. وعليه فان اللجوء الى التحكيم فيما يتعلق بهذه النزاعات باطل. واذا اتفق في عقد ما على احالتها الى التحكيم فيكون هذا الاتفاق باطلاً. واذ جرى التحكيم رغم ذلك فـان حـكـم التحكيم يكون قابلا للابطال. فهل حـددت التشريعات والاتفاقيات الدولية المسائل القابلة للتحكيم والمسائل التي لا تقبله؟

1- التشريعات الوضعية المقارنة:

    لم تتفق قوانين بلدان العالم حول المسائل التي تقبل وتلك التي لا تقبل التحكيم، والمسائل التي تقبل التحكيم الداخلي هي غير التي تقبل التحكيم الدولي أو على الأقل فان حقل المسائل القابلة للتحكيم الدولي هو أكبر بكثير من حقل المسائل القابلة للتحكيم الداخلي.

   ويرى الفقه المقارن أن الإتيان بتعداد أو حصر كامل للمنازعات الداخلة في إطار مسألة الحالة الشخصية والنظام العام هو في نظرهم من الأمور التي يشق فيهـا البحـث بـل تكـاد تـكـون مستحيلة. ونوضح مسألتان هامتان في هذا الصدد:

    الأولى هي: المسائل القابلة للتحكيم وتنقسم اجمالا في قوانين التحكيم في العالم بين:

( أ ) قوانين تعتبر جواز اللجوء الى التحكيم هو القاعدة، والاستثناء وارد على سبيل الحصر وفى أضيق نطاق، كقوانين الدول الانجلو أمريكية والاسكندنافية وسويسرا وهولندا والمانيا الغربية.

(ب) قوانين حذرة من التحكيم، بحيث تعتبره منافساً للقضاء وتتشدد في اجازة المسائل القابلة للتحيكم، كدول أمريكا اللاتينية والدول العربية وايران واليونان.

(جـ) الأنظمة القانونية التي أخذ الاجتهاد فيها دوراً هاما في توسيع الأمور التي تقبل التحكيم، ولا سيما التحكيم الدولي، كفرنسا وايطاليا واليابان.

   والثانية هي: المسائل التي تقبل التحكيم الدولي وينظر اليها من زاويتين:

( أ ) تنازع القوانين لايجاد القانون الذي يطبق لتحديد المسائل القابلة للتحكيم.

(ب) تحديد حقل المسائل القابلة للتحكيم بعد ايجاد هذا القانون.

2 - الاتفاقيات الدولية

(أ) كانت اتفاقية جنيف المعقودة في ظل عصبة الأمم سنة ١٩٢٣ تعتبر المسائل القابلة للتحكيم المتعلقة بالتجارة أو بأي موضوع يقبل الحسم عن طريق التحكيم وترجع كل دولة متعاقدة لقانونها الذي يحدد حقل ومفهوم التجارة.

(ب) لم تتمكن اتفاقية نيويورك من وضع قاعدة دولية موحدة تحدد المسائل التي يـجـوز التحكيم فيها وتلك التي لا يجوز فيها ذلك، فقد عجزت عن وضع قائمة شاملة لتلك المسائل غير القابلة للتحكيم، رغم أن هذه الاتفاقية قد جعلت لمسألة القابلية للتحكيـم أثراً حاسماً في مجال الإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين.

   ورفضت الاتفاقية اقدام فكرة النظام العام في هذا الحقل. كمـا امتنعت من اعطاء تعريف لمفهوم التجارة، متخذة موقفاً صريحاً من هذا الأمر اذ تجعل حكم التحكيم غير قابل التنفيذ في حال جون قانون البلد المطلوب الاعتراف أو التنفيذ بواسطة قضائه لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التصميم الروب اذن العودة الى قانون الدولة التي يطلب من قضائها التنفيذ لمعرفة ما اذا كـان موضوع النزاع المحال الى التحكيم يجوز أم لا يجوز في قانونها احالته للتحكيم. ولمعرفة ما اذا كان هذا القانون يعتبر النزاع ناشئاً عن روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية (المادة أ/٢/٥).

   والاتجاه في فته واجتهاد التحكيم الدولي الصادر في ظل اتفاقية نيويورك يميل اجمـالا نحـو تضيق حقل المسائل التي لا يجوز التحكيم بشأنها، وبنوع خاص في فقه واجتهاد القوانين المدنيـة التي أصبحت  توسع أكثر فأكثر حقل التحكيم الدولي، وكذلك في فقه واجتهاد القوانين الانجلو أمريكية التي لم تكن أصلا تضيق حق التحكيم الدولي، وهي أخذه في حصـر عـدم اجازة التحكيم في الأمور السياسية وأمور الحالات الشخصية فقط، بحيث يكاد يصبح بالامكان احالة أي موضوع آخر للتحكيم الدولي.

3- القانون النموذجي "Model Law"

   لم يشر القانون النموذجي الى المسائل التي لا يجوز التحكيم فيهـا وترك هذا الأمر تحدده كل دولة حسب نظامها القانوني وتحدد الإطار الذي يمكن أن يجرى ا لتحكيم في دائرته وأن يكون هذا الإطار محدوداً بدائرة النظام العام فيها.

   ومن جهة أخرى فانه اذ يشترط القانون النموذجي أن يكون التحكيم تجارياً ودوليـاً فـانـه يكتفي باعطاء تعريفا "لمفهوم التجارة الدولية" فينص على أنه ينبغي تفسير مصطلح "التجـاري تفسيراً واسعاً، بحيث يشمل المسائل الناشئة عن جميع العلاقات ذات الطبيعة التجارية تعاقدية كانت أو غير تعاقدية. وكما يعطى القانون النموذجي ضوءا لمفهوم التجارة كذلك يعطى تعريفاً لمعنى دولية التحكيم..

   وبعد أن يضع القانون النموذجي هذه القواعـد يـعـود فيدخلها كلها في صندوق الاحتياط ويرجح أي قانون آخر، كالقانون المطبق على التحكيم أو قانون محكمة التنفيذ لتحديد ما اذا كـان موضوع النزاع يقبل التحكيم أم لا، بحيث لا يرجع الى هذه القواعد الا اذا لم يكن القانون المطبـق أو قانون محكمة التنفيذ يخالفان هذه القواعد، وبالتالي فهي لا تطبق الا على سبيل الاحتياط.

   ونرى أن محاولة عقد اتفاقية دولية تحدد المسائل القابلة للتحكيم وتلك التي لا يمكن احالتها الى التحكيم هي محاولة غير واقعية. فالحكمة تفرض أن تترك لكل دولة أن تقرر أي نوع من النزاعات قابلة للتحكيم وفي حال الاتفاق على عكس ذلك تزول كل امكانات في رؤية التصديق على الاتفاقيات الدولية.