الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / مخالفة النظام العام / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان احكام التحكيم الدولية من منظور الاختصاص الدولي والوطني / مخالفة حكم التحكيم للنظام العام

  • الاسم

    غانم عبدالله صالح
  • تاريخ النشر

    2018-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    485
  • رقم الصفحة

    223

التفاصيل طباعة نسخ

مخالفة حكم التحكيم للنظام العام

   إن معظم التشريعات الوطنية تشتمل على قواعد خاصة تسمى قواعد النظام العامة التي بدورها تحقق المصلحة العامة سواء أكانت الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية للمجتمع من التجاوزات التى قد تلحقها هيئة التحكيم عند اختيارها للقانون واجب التطبيق على النزاع سواء تعلق بقاعدة موضوعية أم إجرائية، وتعد سداً منيعاً لتنفيذ أى قرار تحكيمى أجنبي أو وطني يخالفها.

أولاً: مفهوم النظام العام الداخلي في حكم التحكيم

   قد اتخذ المشرع المصرى من النظام العام معياراً للتفرقة بين القواعـــــد الآمرة والقواعد المفسرة ولكنه لم يضع تعريفاً له، وقد حاول الفقه تعريف فكرة النظام العام، حيث يرى بعض الفقهاء أنَّ القواعد القانونية التي تعتبـــر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية .

  فكل عمل إرادى أو اتفاق يخالف هذه القواعد يكون مصيره البطلان، ولذلك نجد أنَّ كثيراً من تشريعات الدول قد نصت على عدم جواز التحكيم فيما لا يجوز التصرف فيه، وعدم جواز التحكيم فيما لا يجوز الصلح فيه (م ۱ من قانون التحكيم المصرى)، وجميع المسائل المتعلقة بالنظام العام (م ۵۳ من قانون التحكيم المصـــــرى) والمــــادة (1) من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي، حيث نصت على أنـــه:

(لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح كالحدود واللعــــان بــين الزوجين وكل ما هو متعلق بالنظام العام).

   هذا ونجد أنَّ محكمة النقض الفرنسية قد أيدت ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف في حكم لها بمنع التحكيم في كافة المسائل التي تمس النظـــام العام، فقررت أن موضوع النزاع المعلن فى مشارطة التحكيم قد فرض على المحكمين البحث عن التطبيق الصحيح لنص اللائحة الداخلية لشركة محاماه على اعتبار أنَّ هذه اللائحة كانت مخالفة للنظام العام، فإنَّ مشارطة التحكيم كانت باطلة بالتطبيق للمادة (٢٠٦٠) من القانون المدنى الفرنسي التي تمنع التحكم في كافة المسائل التي تمس النظام العام، وبعد أنَّ تم الطعن بالنقض رفضت الدائرة التجارية بمحكمة النقض الطعن وقررت في ذلك أنَّ محكمة الاستئناف أحسنت تطبيق القانون.

   اما المسائل المتعلقة بالجرائم والعقوبات، فإنَّ الدولة وحدها تملك حق الفصل فيها، كونها تتعلق بالنظام العام، فلا يجوز التحكيم في أي موضوع متعلق بالجرائم وإلا كان البطلان مصيره.

  ويلاحظ أنَّ كلا من المشرعين المصرى والأردني قد أفرداً حكماً خاصاً لهذه الحالة، حيث نصت المادة (٢/٥٣) من قانون التحكيم المصـــرى على أنه (وتقضى المحكمة التى تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذ أنه من ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية، ونصت المادة (٤٩ /ب) من قانون التحكيم الأردني على أن تقضى المحكمة المختصة التى تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم فيما تضمن ما يخالف النظام العام في المملكة أو إذا وجدت أنَّ موضوع النزاع من المسائل التي لا يجوز التحكيم فيها).

   ونعتقد أنَّ هذه الحالة جاءت مفردة وليست ضمن التعداد الذي عـــدده النص من المادة (١/٥٣) كون هذا البطلان مطلقاً وتحكم به المحكمــة مـــن تلقاء نفسها دون حاجة إلى إثارة هذا الدفع من قبل الخصم، فإذا كان الحكم يتضمن أي مخالفة للنظام العام في مصر أو الاردن فإنَّ حكم التحكيم يتعرض للبطلان.

   أما النظام العام الدولي في مجال الإجراءات فهو يتمثل في الاصول العامة أو المبادئ الأساسية في التقاضي التي لا يتصور تحقيق العدالة دون الالتزام بها و من أهمها مبدأ المساواة بين الأطراف، حيث تقضى العدالة أنَّ تسمح لكل طرف بعرض دعواه (يعامل طرفاً للتحكيم على قــــدم المساواة وتهيأ لكل منهما فرصة متكافئة وكاملة لعرض دعواه) (م ٢٦ من قانون التحكيم المصرى، والمادة ٢٥ من قانون التحكيم الأردني).

   التفريق بين النظام العام الداخلي في مصر والنظام الدولى الخاص، ذلك أنَّ فكرة النظام العام في القانون الداخلي تهدف ضمان عدم الخروج الإرادي عن أحكام القواعد القانونية الآمرة، أمــا مجال القانون الدولي الخاص فإنَّ فكرة النظام العام تهدف أساساً إلى استبعاد تطبيق القانون الأجنبى الذى أشارت قواعد الإسناد باختصاصه.

   ونعتقد أنَّ المشرع المصرى عند وضعة لقانون التحكيم قد قرر أنهـا تسرى على كل أنواع التحكيم سواء اكان داخلى أو تجارى دولي، كما يتضح من نصوص المواد (۱-۳) من ذات القانون، وبالتالي فإنَّ فكرة النظام العام يقصد بها فكرة النظام العام الداخلى فى مصر، والنظام العام في القانون الدولي حسب الأحوال فيما إذا كنا بصدد تحكيم داخلى أم دولى، وبالتالي فإنَّ ما قصده المشرع هو النظام العام في مصر مقرراً ذلك صرا راحة في المادة (٢/٥٣) من ذات القانون عند ذكره، وإذا تضمن ما يخالف النظام العام فـــي جمهورية مصر العربية، فلو كان المشرع يقصد النظام العام في القانون الدولي لذكر ذلك.

  خلاصة القول إنه من الضرورى ألا يتضمن قرار التحكيم ما يتعارض مع قواعد النظام العام في البلد المراد تنفيذ الحكم فيه، وهذا ما يدعو المحكم أنَّ يأخذ بنظر الاعتبار عند إصداره لقراره بمبدأ احترام قواعد النظام الدولى، فإذا ما وقع تعارض أو مخالفة لمدة القواعد، فإنهلا يؤدى إلى إبطال الحكم، وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها دون حاجة لتمسك الخصم بالبطلان.

107