تنص المادة الخامسة فقرة (٢) من معاهدة نيويورك على أنه" یجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد".
يلعب النظام العام دوراً هاماً في إطار النظرية العامة للقانون الدولي الخاص في مفهومه الواسع. فهو أداة لاستبعاد القانون الأجنبي الذي تشير قاعدة الاسناد الوطنية بتطبيقه، كما أنه بعض الأحيان وعلى سبيل الاستثناء يعد وسيلة لتثبيت الاختصاص لقانون القاضي. وأيضاً تعد مخالفة النظام العام أحد الأسباب التي تنص عليها القوانين الوطنية لرفض تنفيذ الحكم الأجنبي وكذلك لرفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم.
وتخص النظرية العامة للقانون الدولي الخاص فكرة النظام العام بمفهوم محدد مفاده أن النظام العام المشار إليه فيه هو النظام العام الدولي وليس النظام العام الداخلي. ويقصد بالنظام العام الدولي لدولة القاضي مجموعة المبادئ والمصالح الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي يتعين حمايتها وعدم المساس بها.
وفي ضوء الحقائق المتقدمة يتعين فهم فكرة النظام العام الواردة في المادة الخامسة فقرة (۲) (ب) من معاهدة نيويورك فعلى الرغم من أن هذه المادة لم تشر إلا إلى النظام العام، فإن هذا اللفظ يقيده ما جرى عليه العمل في إطار القانون الدولي الخاص من صرف هذا المصطلح إلى مفهوم النظام العام الدولي وليس النظام العام الداخلي.
ولعله مما تجدر الإشارة إليه أيضاً أن فكرة النظام العام الواردة في نص المادة الخامسة فقرة (٢) (ب) من معاهدة نيويورك لا تشمل بأي حال من الأحوال فكرة النظام العام الدولي المشترك بين العديد من الدول أو ما يطلق بالفرنسية ordre public réellement international فهذه الفكرة، كمبدأ عام، لا تجد لها صدى إلا أمام المحكمين على اعتبار أن ليس لديهم قانون اختصاص lex fori .