الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / مخالفة النظام العام / الكتب / بطلان حكم التحكيم / هل تعد مخالفة النظام العام في جمهورية مصر العربية حالة مستقلة من حالات دعوى البطلان في قانون التحكيم المصري

  • الاسم

    د. خالد أحمد حسن
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    666
  • رقم الصفحة

    522

التفاصيل طباعة نسخ

بعد أن تكلمت المادة 1/53 عن حالات رفع دعوى بطلان حكم التحكيم، سواء ما يتعلق منه باتفاق التحكيم أم خصومة التحكيم نصت في الفقرة /۲- أخذا بما تنص عليه المادة 4 ۲/۳/ب/۲ من قانون البونسيترال النموذجي بان تقضي المحكمة المنظور أمامها دعوى البطلان من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم إذا كان هذا الأخير متضمنا ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر العربية.

ويذهب السواد الأعظم من الفقه، إلى أن مخالفة حكم التحكيم للنظام العام، تعد حالة مستقلة مضافة إلى الحالات المنصوص عليها فی الفقرة/1 من المادة 53 .

ولعل فيما أعتقد أنها لا تعد حالة مستقلة بذاتها للرجوع على حكم التحكيم بدعوى البطلان- وفقا لقانون التحكيم المصري ، بل إنها تتعلق بما يجب على هيئة التحكيم أن تقوم به، إذا وجدت أن هناك سببا لبطلان حكم التحكيم متعلق بالنظام العام، في إطار الأسباب الواردة في المادة - ۱/۰۳ على سبيل الحصر، سواء آثار الأطراف هذا السبب ام لا. ولا يتثني المحكمة عن القضاء ببطلان الحكم، في هذا المقام، حتى في حالة عدم توافر الصفة في الشخص الذي يتمسك به .

كما أستند في سبيل تأييد أنها ليست حالة مستقلة بذاتها، إلى أن الفقه الذي يذهب إلى أنها حالة مستقلة، عندما يعطي أمثلة على مخالفة حكم التحكيم للنظام العام، نجد أن هذه الأمثلة تندرج تحت الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 53. وإذا كان رأيهم من حيث اعتبارها حالة مستقلة سليما من الناحية القانونية، فنقول لهم هاتوا برهانكم، وذلك بان يعطونا مثالا واحدا على مخالفة حكم التحكيم النظام العام، بحيث لا تكون مندرجة تحت الحالات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 53 من قانون التحكيم .

وأخيرا وفوق ذلك، فإن اعتبار مخالفة الحكم للنظام العام حالة مستقلة للنعى عليه بالبطلان يخالف صراحة نص المادة 2/53 .

 ولقد أكد بطلان حكم التحكيم، إذا خالف قاعدة من قواعد النظام العام الكثير من القوانين، نذكر منها نص المادة ۲/۹۸ز من قانون التحكيم الإنجليزي ببطلان حكم التحكيم ، إذا صدر الحكم التحكيم نتيجة غش، او بوسائل مخالفة للنظام العام، أو إذا خالف المحكم قاعدة من قواعد النظام العام، والمادة 1484 من قانون التحكيم الفرنسي الداخلى فقرة 6، والمادة ۱۵۰۲ من قانون التحكيم الفرنسي سنة ۸۱ فقرة 5، والمادة ۱۹۰ فقرة ه من قانون السويسري ، والمادة ۸۹۷ فقرة 6 من القانون اليوناني، والمادة ۱۰۰۹د من قانون الإجراءات المدنية الألماني، والمادة 65 ۱/۱۰/ة من قانون الإجراءات الهولندي.

والملاحظ على هذه القوانين، أنها جعلت من مخالفة حكم التحكيم للنظام العام حالة مستقلة بذاتها، كسبب من الأسباب، التي ينعى بها بالبطلان العلية. وهذا بخلاف القانون المصري كما سبق أن أوضحنا.

على أن نص المادة 53 من قانون التحكيم المصري، يستوجب أن تكون هناك دعوى بطلان منظورة أمام القضاء العادي من أحد أطراف العملية التحكيمية - دون غيرهم. وفي هذه الحالة تقضي المحكمة بعدم قبول الدعوى، سواء بناء على طلب من رافع دعوى البطلان، وجدت أنه يتعلق بالنظام العام، أم وجدت المحكمة أن هناك سببا غير الذي يستند إليه رافع دعوى البطلان، أم طلبا لم تتوافر الصفة أو المصلحة بصدده.

وتجدر الإشارة إلى ما سبق أن قلناه من وجوب مراعاة، أن كل قاعدة آمرة، ليست بالضرورة متعلقة بالنظام العام لكن العكس صحيح، ای أن كل قاعدة متعلقة بالنظام العام، هي قاعدة آمرة والذي أسلفنا الحديث عنها.

وإذا كان حكم المحكم قابلا للتجزئة، فإن بطلانه لمخالفته النظام العام، لا يعتري كل الحكم، بل يسري على الجزء المعيب فقط .

 على أن قيام القاضي المصري برفض تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي لا يعد متناقضا، مع نصوص اتفاقية نيويورك سنة 58، بل يعد متجاوبا معها لأنها تتص في المادة الخامسة ۲/ب برفض الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين، وذلك إذا كان مخالفا للنظام العام في الدولة المطلوب تنفيذ الحكم فيها .

موقف قضاء النقض المصرى

وإذا تطرقنا لموقف محكمة النقض المصرية)، من هذه المسالة، نجد أنها قضت بان المستفاد من المادة 841 من قانون المرافعات الجديد، التي أوجبت أن يصدر حكم المحكمين في مصر، وإلا اتبعت في شأنه القواعد المقررة للأحكام الصادرة في بلد أجنبي. فالمستفاد من ذلك أن المشرع المصرى، لا يرى في الاتفاق على محكمين يقيمون في الخارج، ويصدرون أحكامهم هناك، أمرا يمس النظام العام .

ولقد قضت محكمة النقض المصرية أيضا، بأن اتفاق المتعاقدين على الالتجاء إلى التحكيم النظر ما ينشا بينهم من نزاع، لا يتعلق بالنظام العام، ومن ثم يجوز النزول عنه صراحة، أو ضمنا، ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعمال هذا الشرط من تلقاء نفسها، وإنما يتعين التمسك به قبل الكلام في الموضوع.

وقضت أيضا بأنه لمحكمة النقض، أن تثير من تلقاء نفسها أي سبب يتعلق بالنظام العام، ولو لم يرد صحيفة الطعن، شريطة أن يكون واردا على الجزء المطعون عليه من الحكم، ولا يخالطه عنصر واقعي، لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.

موقف قضاء مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم من المسألة :

ولما كان الطرفان قد اتفقا على إحالة أي نزاع بينهما، بخصوص أي بند من بنود العقد، أو تنفيذه، أو تفسيره إلى التحكيم بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. لذا حرك المحتكم التحكيم ضد الشركة .

وفي المرحلة الأولى من التحكيم دفع محامي المحتكم ضدها ببطلان التحكيم لتعلق الأمر بالنظام العام استنادا إلى عدم إمكانية البناء على الأرض الزراعية حيث يكون ذلك جريمة جنائية وأنه لا يجوز الصلح في الجرائم الجنائية وبالتالي لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح. ولم تر هيئة التحكيم في هذا الدفع أية جدية فمن ناحية قامت المحتكم ض دها بالدخول في تعاقد تعرف أنه يرد على أرض زراعية ولها معاملات كثيرة مع غير المحتكم في هذا الشان كما ثبت من الحوافظ التي قدمتها لحالات خاصة بها تتعلق بالأراضي الزراعية كما أن الهيئة استوثقت مما قدم من مستندات ومناقشات مع الأطراف أنه لم يكن هناك أية نية لمخالفة القانون الخاص بملع البناء على الأراضي الزراعية وأن المحتكم قد حصل على موافقة وزارة الزراعة نفسها على تغيير طبيعة الأرض التي يقام عليها المشروع إلى أرض مشروعات الأمر الذي تري معه الهيئة رفض هذا الدفع.

ملاحظة على حكم هيئة التحكيم :

وإذا تأملنا هذا الحكم جيدا، نجد أنه يتعلق بعدم القابلية للتحكيم. وهذا دليل على صحة ما قلناه من أن مخالفة النظام العام، ليست حالة مستقلة بذاتها، وفقا لقواعد قانون التحكيم المصري الجديد (۲۷ لسنة 14)، بل تتعلق بسلطة المحكمة عند نظر النزاع.