حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعـي الطاعنـة بالأولين منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فـي تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول أنها تمـسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف ببطلان حكم التحكيم المقيد بـرقم ۱۸ لسنة ١٩٩٢ بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي على سند من أنها لم تعين محكماً عنها في هيئـة التحكيم المختصة بنظـره وقصرت موافقتها على تعيين الأستاذ محكماً عنها في طلـب التحكيم رقم ۱۰۰ لسنة ١٩٩١ أمام هيئة التحكيم، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بما لا يصلح رداً، فإنه يكون معيبـاً بمـا يستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنـه وإن كـان مفاد نص المادة 15 والفقرة (هـ) من المادة (53) من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المـواد المدنيـة والتجاريـة الواجب التطبيق على كل تحكيم يجرى في مصر أياً كانت أشخاصه أو طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، ومنها طلب بطلان التحكيم محل الطعن، ووفقاً لحكم المادة الأولى من هذا القانون والمعمول به إعتباراً من يوم ۲۲ مايو سنة ١٩٩٤، أن هيئة التحكيم إنما تستمد ولايتها في الفصل في النزاع محل التحكيم من إتفاق الخصوم على إختيار أعضائها، ورتب على ذلك بطلان التحكيم الذي يصدر من هيئة تم تشكيلها أو تعيينهـا علــى وجـه مخالف لاتفاقهم، إلا أن من شأن إتفاق طرفي العلاقة العقدية على تعيين هيئة التحكيم في أحد طلبي التحكيم المقام من أحدهما على الآخر، ويدعي فيه كل منهما إخلال المتعاقد الآخر بالتزاماته التعاقدية، إمتداد ولاية هذه الهيئة للفصل في الطلب الثاني دون حاجة إلى إتفاق جديد بتعيين هيئة تحكيم أخرى بإعتبارهما ناشئين عن سبب قانوني واحد هو العقد، وأنهما وجهان لنزاع واحد، وأن كل طلب منهما يعد دفعاً للطلب الآخر مع إتحادهما سبباً وخصوماً بما يؤدي إلى إندماجهما وفقدان كل منهما إستقلاله وبالتالي إعتبار الاتفاق على تعيين هيئة التحكيم في الطلب الأول ممتداً إلى الطلب الآخر . لما كان ذلك، وكان الثابت مما إتخذته هيئة التحكيم بتاريخ ٢٥ من يناير سنة ۱۹۹۳ من إجراء بندب خبير لأداء المأمورية المحددة بمنطوق هذا القرار أنها بعد أن عرضت في أسبابه إلى طلبات كل من طرفي التحكيم في الطلبين رقمي ۱۰۰ لسنة ۱۹۹۱و ١٨ لسنة ۱۹۹۲ وإعتبرت الأخبر طلب تحكيم «قابل» - وفق تعبيرها - أي طلب عارض، وأوضحت أن الفصل فيهما إنما يتوقف على تحديد مسئولية كل من طرفي التحكيم في عدم تنفيذ الالتزامات الناشئة عن عقد المقاولة المحرر بتاريخ ۱۹۸۹/۸/۱۷ وإتفاقهما اللاحق بشأنه والمؤرخ ۱۹۹۱/٦/٦، فإن ذلك مؤداه أن هيئة التحكيم كانت قد فطنت - قبل فصلها في هذين الطلبين - إلى حقيقة ذلك وإعتبرتهما ناشئين عن سبب قانوني واحد هو عقد المقاولة والاتفاق اللاحق عليه وإلى أنهما وجهان لنزاع واحد مما يؤدي إلى إندماجهما في طلب ،واحد وقضت على ضوء ذلك بامتداد ولايتها للفصل فيهما معاً ، فإن الحكم المطعون فيه وقد إنتهى إلى رفض القضاء ببطلان قرار هيئة التحكيم الصادر في الطلب رقم ١٨ لسنة ۱۹۹۲ يكون قد خلص إلى نتيجة صحيحة ولا يعيب قضاءه قصوره في أسبابه القانونية عن مواجهة هذا الدفع بما يصلح رداً عليه، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بما يقومه دون أن تنقضه. ومن ثم يضحى النعي بهذين السببين على غير أساس.