وحيث أن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي بـه الطاعنـة على الحكم المطعون فيه أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصـلة أن الحكم الابتدائي أخطأ - إذ قضى بعدم إختصاص المحكمة ولائيـاً بنظر الدعوى وباختصاص هيئة التحكيم في جنيف بالفصل فيهـا - على ما ذهب إليه من أن مبنى المديونية هو عقد المقاولة المبـرم بين الطرفين في ١٩٧٤/٧/٣١ والذي تضمن شرط التحكيم - فـي حين أن الدعوى مطالبة بـديـن سـنـدها إقـرار المطعـون عليهـا بالمديونية المؤرخ ۱۹۷۸/۱۰/۲۲ – الملزم لها – ولا تعتبر فـي تكييفها القانوني الصحيح منازعة ناشئة عن ذلك العقد ممـا يـدور حول تنفيذه أو تفسيره أو وقفه أو إنهائه، غير أن الحكم المطعـون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه وقضى بتأييد الحكم المستأنف معتنقاً الأسباب التي أقيم عليها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن مفاد ما نصت عليه المادة (501) من قانون المرافعات – وعلى مـا جـری بـه قضاء هذه المحكمة – تخويل المتعاقدين الحق في الالتجـاء إلـى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحـاكم أصلاً، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز إستثناء سلب إختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة على إتفاق الطرفين، وأنه ليس في القانون مـا يمنع أن يكون التحكيم في الخـارج وعلـى يـد أشخاص غيـر مصريين، ولأن التحكيم طريق إستثنائي لفض الخصومات قوامـه الخروج على طرق التقاضي العادية، فهو مقصور على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم، ويستوي في ذلـك أن يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معـين بوثيقـة خاصـة أو إنصرف إلى جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين، فـلا يمتد نطاق التحكيم إلى عقد لم تنصرف إرادة المتعاقدين إلى فـض النزاع بشأنه عن طريق التحكيم، أو إلى إتفاق لاحق له ما لم يكـن بينهما رباط لا ينفصم بحيث لا يستكمل – دون الجمـع بينهمـا - إتفاق، أو يفضي - مع الفصل بينهما – خلاف، كما أن المقـرر - في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فـي تحصيل فهم الوقائع في الدعوى وإعطائها وصفها الحق وتكييفهـا القانوني الصحيح وتفسير العقود والإقرارات وسـائر المحـررات والشروط المختلف عليها وإستظهار نية طرفيها بما تراه أو فـي مقصودهما مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وطالمـا أنها لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الظاهر لعباراتها. لما كـان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي – المؤيد بالحكم المطعون فيه - أنه خلص وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية – إلى أن المديونية الثابتة بالمحرر المؤرخ ۱۹۷۸/۱۰/۲۲ ناشئة عن عقد المقاولة المؤرخ ١٩٧٤/7/31 المبرم بين الطرفين والـذي تضمن البند ٢٤ منه تنظيم وسيلة التحكيم في جميـع المنازعـات والخلافات التي تثور بينهما عند تنفيذ هذا العقد أو تفسيره أو التـر تنشأ بسببه أو في حالة وقفه أو إنهائه، مطرحاً دفاع الطاعنة بـأن المطالبة محل الدعوى سندها إقرار بالمديونية مستقل بذاتـه عـن العقد، ورتبت على ذلك قضاءها بقبول الدفع المبدي من المطعـون عليها بعدم إختصاصها بنظر الدعوى وإختصاص هيئـة التحكــم بجنيف بالفصل فيها طبقاً لشرط التحكيم المتفق عليه بالعقد سـالف الإشارة، وكان هذا الاستخلاص سـائغاً ولـه سـنـده مـن أوراق الدعوى، ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه والرد على دفـاع الطاعن الذي تمسك به، فإن النعي على الحكـم بمـا ورد بـسبب الطعن يكون على غير أساس.