حيث أن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن هو في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن عقد المقاولـة موضوع الدعوى تضمن إتفاقاً على التحكيم في حالة وقوع خـلاف بين طرفيه. ولما كانوا قد تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى الماثلة طالما أن المطعون عليهم قد أقاموها قبل لجوئهم إلى طريق التحكيم، وكان الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا الدفاع، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. وحيث أن هذا النعي مردود، ذلك أن التحكيم المنصوص عليه في المادة (501) من قانون المرافعات هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – طريـق إستثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العاديـة، ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام، فلا يجوز للمحكمـة أن تقـضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك بـه أمامهـا، ويجـوز النزول عنه صراحة أو ضمناً، ويسقط الحق فيه فيمـا لـو أثيـر متأخراً بعد الكلام في الموضوع، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبـل نظر الموضوع نزولاً ضمنياً عن التمسك به. ولما كان الطـاعنون قد لجأوا إبتداء إلى القضاء وأقاموا دعواهم طالبين الحكـم بـإلزام المطعون عليهم بتعويضهم عن حرمانهم من إتمام المبنـى المتفـق عليه بالعقد موضوع الدعوى المتضمن شرط التحكيم، وتعرضـوا لموضوع الدعوى الأخرى التي أقامها ضدهم المطعون عليهم دون تمسك بهذا الشرط – إلا في مذكرة لهم أمام محكمة الاستئناف مما يفيد تسليمهم بقيام النزاع أمام محكمـة مختـصـة ومـواجهتهم موضوع الدعوى، وبذلك يكونوا قد تنازلوا ضـمناً عـن التمـسك بشرط التحكيم مما يسقط حقهم فيه. لما كان ذلك، فإن النعي علـى الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.