حيث أن الطاعنين ينعيان بالسبب الثـانـي علـى الحكـم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للدعوى الفرعية مخالفة القانون، وقالا بيانا لذلك أن الحكم أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيمـا قضی به من عدم إختصاص المحكمة ولائياً بالفصل فـي دعـوى الضمان الفرعية على سند من عقد التشغيل المبرم بين الطاعنـة والمطعون ضدها الرابعة، في حين أن هذه الدعوى لا تعـدو أن تكون طلباً عارضاً مما يختص بـه القـضـاء المـصري تبعـاً لاختصاصه بالدعوى الأصلية التي أبدى فيها رأيه عملا بالمـادتين ۳۳ و ۱۲۰ من قانون المرافعات، ولا تسوغ قواعد النظـام العـام الاتفاق على إستبعاد إختصاصه بها وتخليه عنه لقضاء أجنبي، هذا إلى أن إتفاقية فارسـوفيا تحظـر الاتفـاق علـى تعيـين قواعـد الاختصاص المعقود لمحكمة جهة. وإذ خالف الحكم المطعون فيـه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه. وحيـث أن هـذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المـادة 501 من قانون المرافعات تنص على أنه «يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين» فـإن مفـاد هـذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً، فاختصاص جهة التحكيم بنظـر النـزاع وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز إستثناء سـلب إختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة علـى حدة على إتفاق الطرفين، كما أن المشرع لم يـأت فـي نـصوص قانون المرافعات بما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج علـى يـد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر فـي أن طرفي الخصومة يريدان بمحـض إرادتهمـا وإتفاقهمـا تفـويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحـسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفي الخـصومة هو أساس التحكيم، وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد فإنـه يجوز لهما تفويض غيرهما في إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مصر وأن يجـرى التحكيم فيها أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهـم هناك، فإرادة الخصوم هي التي تخلق التحكيم كطريـق إستثنائي لفض المنازعات، وقد أقر المشرع جواز الاتفاق عليه ولو تم فـي الخارج دون أن يمس ذلك النظام العام. لما كان ما تقـدم، وكانـت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية فلا تعتبر طلباً عارضاً فيها، وكانت إتفاقيا فارسوفيا لا تنظم سوى مسئولية الناقـل عن إخلاله بالتزاماته الناشئة عن عقد النقل الجوي، فلا تسري مـا تضمنته نصوصها من قواعد الاختصاص على العلاقة بين مؤسسة الخطوط الجوية الليبية والشركة المطعون ضدها الأخيرة الناشـئة عن عقد التشغيل. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد إلتزم هذا النظر، وأقام قضاءه بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى الفرعية على أنها تستند إلى العقد المبرم بين مؤسسة الخطوط الجويـة الليبيـة والشركة المطعون ضدها الأخيرة بتاريخ ۱۹۷۲/۲/۲ والمتضمن لشرط التحكيم، وأن هذا الشرط صحيح ولا مخالفة فيه للنظام العام أو القانون، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.