التنفيذ / مخالفة النظام العام / الكتب / اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية / المقصود بالنظام العام كسبب لعدم قابلية النزاع للتحكيم
المقصود بالنظام العام كسبب لعدم قابلية النزاع للتحكيم
ومن الأهمية بمكان أن نحدد المقصود بالنظام العام عند البحث في قابلية النزاع للتحكيم التجارى الدولى، هل المقصود به النظام العام الداخلى لكل بلد، أم أنه النظام العام الدولى؟
وبالتالي فإن الأخذ بمفهوم النظام العام الداخلى للحكم على قابلية أو عدم قابلية النزاع للتحكيم سوف يؤدى إلى بطلان العديد من اتفاقات التحكيم الدولية، بسبب النظرة الضقية لمفهوم فكرة النظام العام في المجال الداخلي.
ولذلك فقد أوضحت محكمة النقض الفرنسية أن المقصود بالنظام العام عند تقدير صحة اتفاق التحكيم الدولى وعلى الأخص فيما يتعلق بقابلية النزاع للتحكيم ليس هو النظام العام بمفهومه في القانون الداخلى الواجب التطبيق على الاتفاق، وإنما بمفهوم النظام العام الدولي.
وهكذا يتبين مما تقدم أن الأخذ بمفهوم النظام العام الدولى للحكم على مدى قابلية النزاع للتحكيم يحقق فاعلية كبيرة لاتفاق التحكيم تجعله قابلا لتسوية منازعات عديدة حتى ولو كان بعضها غير قابل للتحكيم وفقا لمفهوم النظام العام الداخلي، وفى هذا يكتسب اتفاق التحكيم ميزة جديدة كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية.
ولكن ماذا لو كان النزاع غير قابل للتحكيم وفقا للنظام العام الدولى؟
هل يصبح الاتفاق باطلا فى هذه الحالة لكون محله قد بات غير ممكن؟
أم يظل الاتفاق بالرغم من ذلك صحيحا حتى يستطيع المحكم تقرير مصير العقد الناشئ عنه النزاع؟
خلاصة القول
إن اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية يبرهن على كفالته لتسوية هذه المنازعات حتى ولو كانت تتعلق بمسائل تمس النظام العام الدولى. ويأخذ الاتفاق سبيله في تسوية هذا النوع من المنازعات ببطلان كل عقد يأتى بالمخالفة لأحكام هذا النظام؛ أي دون أن يؤدى إلى الفصل في طلبات الخصوم لأنها تصبح في هذه الحالة طلبات غير مشروعة. وهذا الأثر الذي يرتبه اتفاق التحكيم هو بلا شك أثر فعال ،ذلك أن إعلان المحكم عدم اختصاصه بنظر النزاع معناه أن يفقد الأطراف السبيل إلى تسوية النزاع الناشى بينهم والفرض أنه قد ورد بشأنه اتفاق على التحكيم.