أفرد المشرع حكم خاص لهذه الحالة . ومفهموم النظام العام يعبر عن الأسس الاقتصادية ولاجتماعية والسياسية والدينية التي تتعلق بالمصلحة العيا للمجتمع ويرتكز عليها كيان الدولة . ومفاد هذه الحالة ، أن مخالفة حكم التحكيم للنظام العام أو الآداب لعامة في مصر ، يكون موجباً لأن تحكم المحكمة بالبطلان من تلقاء نفسها ودون حاجة لتمسك رافع الدعوى ببطلان حكم التحكيم ، لذا فقد سارعت محكمة النقض لمصرية لتوضيح هذا المعني وقضت بأن :
مخالفة ما أوجبته المادة 502 /3 مرافعات من بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم أو في اتفاق مستقل لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق. لا يغير من ذلك تمسك الطاعنة بعدم إمكان الالتجاء إلى التحكيم في الخارج بسبب نفقاته الباهظة (3) . على أنه إذا أمكن فصل الشق الذي خالف النظام العام عن الشق الذي لم يخالف ذلك إلا أن التساؤل الذي يثور هل يقصد المشرع من فكرة النظام العام، مخالفة النظام العام الداخلي في مصر أم فكرة النظام العام في القانون الدولي المتعارف على إعمالها في إطار
(4) واعتبار أن ذلك تنفيذ جزئي للحكم.
العلاقات الدولية الخاصة؟
انقسم الفقه في الإجابة على هذا التساؤل إلى فريقين
فريق قام بالتفرقة بين النظام العام الداخلي في مصر والنظام العام في القانون الدولي
الخاص.
ذلك أن فكرة النظام العام في القانون الداخلي تهدف إلى ضمان عدم الخروج الإرادي عن أحكام القواعد القانونية الآمرة. أما في مجال القانون الدولي الخاص فإن فكرة النظام العام تهدف أساساً إلى استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الذي أشارت قواعد الإسناد باختصاصه. ويرى أنصار هذا الاتجاه أن فكرة النظام العام في التحكيم الدولي أضيق نطاقاً من فكرة النظام العام في التحكيم الداخلي، وبناءً عليه " فليس كل قاعدة أمرة تتعلق بالنظام العام في القانون الداخلي تعتبر من النظام العام في المعاملات الدولية "، ففكرة النظام العام فكرة متطورة ومرنة، تتغير من زمان إلى زمان وتختلف من مكان إلى مكان آخر. في حين أنكر آخرين هذا الاصطلاح منتقدين هذه التفرقة أصلاً في الأساس فلا توجد في نظرهم فكرة النظام العام الدولي المقصود منها طمس الهوية القومية للدول المراد تنفيذ الحكم وأنني أعتقد أن المشرع المصري لدى سنه لنصوص قانون التحكيم قرر أنها تسري على كل من التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي، كما يتضح من نصوص المواد من 1-3 من ذات القانون وبالتالي فإن فكرة النظام العام يقصد منها فكرة النظام العام الداخلي في مصر والنظام العام في القانون الدولي حسب الأحوال فيما إذا كنا بصدد تحكيم داخلي أم تحكيم دولي . وبالتالي فإن ما قصده المشرع هو النظام العام في مصر مقرراً ذلك صراحة في المادة (2/53) من ذات القانون لدى ذكره " .. إذا تضمن ما يخالف النظام العام في جمهورية مصر لعربية ، فلو كان لمشرع يقصد النظام العام في القانون الدولي لذكر ذلك .