يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها: «أن في الاعتراف بحكم المحكمين أو تنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد».
وعلى هذا فإنه يجوز للمحكمة رفض تنفيذ حكم التحكيم من تلقاء نفسها لمخالفة هذا الحكم المطلوب تنفيذه للنظام العام في الدولة المطلوب إليها التنفيذ. وهذا السبب ذائع الصيت في كل من المعاهدات التحكيمية الدولية والقوانين التحكيمية الوطنية كسبب مانع لتنفيذ أحكام التحكيم، وذلك مراعاة للاعتبارات الواجبة المراعاه في هذه الدولة أو تلك من اعتبارات سياسية أو اقتصادية أو خلقية.
فبالنسبة للدول التي أجازت قوانينها أو محاكمها الضم الإجباري لقضايا التحكيم كالولايات المتحدة الأمريكية وهولندا وهونج كونج، فإن هذا الضم لا يخالف النظام العام السائد في هذه الدول، وذلك بعكس الحال بالنسبة للدول التي ترفض قوانينها فكرة الضم الإجبارى كانجلترا وفرنسا، وتعتبر هذا الضم مخالفاً للنظام العام في هذه الدول.
وعلى هذا فإن تمسك الطرف الذي صدر الحكم في مواجهته برفض الاعتراف أو تنفيذ هذا الحكم الصادر بناء على ضم إجباري للتحكيمات يمكن أن يستند، فضلاً عن الأساس الوارد في المادة (١/٥/د) من اتفاقية نيويورك ١٩٥٨ والمتمثل في مخالفة إجراءات التحكيم وتشكيل هيئة التحكيم لاتفاق الأطراف على الأساس الوارد في المادة (٢/٥ / ب ) من الاتفاقية المتمثل في مخالفة الحكم للنظام العام في دولة التنفيذ طالما كانت قوانين هذه الدولة لا تقر هذا الضم الإجباري لمخالفته لاتفاق الأطراف الذي يمثل حجر الزاوية في النظام القانوني للتحكيم كقضاء خاص لحل منازعات التحكيم التجاري متعدد الأطراف.
ففي انجلترا على سبيل المثال جاء نص المادة (٣٥) من قانون التحكيم الانجليزي الجديد ۱۹۹٦ واضحاً في اشتراطه موافقــة الأطراف على ضم التحكيمات أو على ضم الجلسات، الأمر الذى أضحت معه هذه الموافقة من النظام العام الانجليزي، ونصل إلى نفس النتيجة من خلال استعراض القانون القضائى الانجليزى الذى قرر فى مناسبات عدة أن موافقة لأطراف وخصوصية التحكيم تعد مسائل أساسية فى النظام القانوني الانجليزي المتعلق بالتحكيم، بحيث لن يتم الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الصادر بعد ضم إجباري دون موافقة الأطراف.
ولاشك أن هذه النتيجة تتمشى أيضاً، مع مبدأ المعاملة بالمثل المعمول به بين الدول، وذلك لأن توسيع فكرة النظام العام الداخلي في دولة التنفيذ ورفضها لذلك الحكم التحكيمي الصادر في الخارج دون أن يثير النظام العام فيها بشكل جوهري، سيترتب عليه توسيع الدول الأخرى لفكرة النظام العام الداخلي فيها لرفض تنفيذ الأحكام التحكيمية الصادرة في الدولة الأخرى، وهذا الرفض من هذه الدولة أو تلك لن يأتى فى صالح التحكيم التجاري الدولي متعدد الأطراف.
وهكذا نكرر أهمية اتفاق الأطراف على نظر تحكيماتهم في شكل تحكيم متعدد الأطراف، فضلاً عن تنظيمهم لكافة الإجراءات التحكيمية المترتبة على ذلك خاصة تشكيل هيئة التحكيم متعدد الأطراف، أما تجاوز هذا الاتفاق إلى الضم الإجباري فإنه سيعرض الحكم التحكيمي المنضم إلى مشاكل كبيرة عند طلب الاعتراف به وتنفيذه في معظم دول العالم وفــقـاً للأحكام الواردة في قوانينها والمأخوذة عن اتفاقية نيويورك ١٩٥٨.