الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الإخلال بحق احد الخصوم في الدفاع / الكتب / بطلان حكم المحكم / عدم احترام حقوق الدفاع

  • الاسم

    د. إبراهيم رضوان الجغبير
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    255
  • رقم الصفحة

    175

التفاصيل طباعة نسخ

فقد أتاح القانون للمدعي حق الدفاع عن دعواه، وبنفس الوقت أتاح للمدعى عليه حق الدفاع للرد على الدعوى، وتمكين الخصوم من تقديم الدفوع والأدلة المثبتة لحقوقهم. وهذه ضمانة أساسية لحسن أداء العمل القضائي .

تقديم مذكرات وتقديم الأدلة المنتجة والداحضة، وإعطاء الوقت الكافي لإعداد الدفوع، وحقوق الدفاع من الحقوق الطبيعية التي يعترف بها الدستور المصري حيث نصت المادة (19) منه على أن "حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول".

وينحصر مضمون حقوق الدفاع في تمكين الخصم من وسائل تكوين الرأي القضائي لصالحه توصيلاً لحكم لصالحه، وهي في الحقيقة جوهر المركز القانوني للخصم وأهم عناصره، ولذا يعترف بها القانون لكل خصم حيث يقتضى مبدأ المساواة بين الخصوم وحياد القضاء إتاحة فرصة متكافئة للخصوم في الدفاع.

ولما كان حق الدفاع مقرراً في الأصل لتحقيق غاية معينة وهي تحقيق المساواة بين الخصوم في المراكز الإجرائية أمام القضاء أياً كان نوعه، قضاء دولة أو قضاء تحكيم لذا يجب معاملة كافة الخصوم على قدم المساواة، بحيث لا يتم إجراء بتفضيل خصم ومراعاته دون الخصم الآخر.

خطورة الآثار المترتبة على مخالفته، وبالتالي تعريض قرار التحكيم للطعن فيه، فقد حرصت معظم القوانين والتشريعات الحديثة التي تعنى بالتحكيم على النص عليه، فقد نص قانون التحكيم المصري في المادة (1/53/ج) على بطلان حكم التحكيم، واعتباره سبباً لإقامة دعوى بطلان حكم التحكيم فنصت على أنه: "إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم يتعين على هيئة التحكيم تمكين كل محتكم من تقديم ملاحظاته ودفاعه ودفوعه شفاهاً أو كتابة بالقدر المناسب وفي المواعيد التي تحددها.....

شريطة أن تعامل الطرفين على قدم المساواة، وأن تهيئ لكل منهما في جميع مراحل الإجراءات فرصة كاملة لعرض قضيته.

يجب أن يعامل الطرفان على قدم المساواة وأن يمنح كل طرف في أية مرحلة من الإجراءات فرصة كاملة لعرض قضيته".

 المطلب الثاني : احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم

المقصود بمبدأ المواجهة الذي يتوجب على هيئة التحكيم احترامه باعتباره أهم تطبيق لحق الدفاع، حق كل خصم في أن يعلم أو يمكن من العلم بما لدى الخصم الآخر من وسائل دفاع وحجج.

لهذا فالغاية من تنظيمه الالتزام بالحد الأدنى من الأمانة ومراعاة القاضي عدم مفاجأة الخصوم في كافة التصرفات والأعمال التي تتم في إطار القضية بحيث لا يجوز للقاضي أن يباغت الخصوم بتكييف جديد للوقائع، وإلا تعين عليه إعادة فتح باب المرافعة، ووضع هذا التكييف تحت نظر الخصوم .

وكذلك نجد أن المادة (33) قد أبرزت بوضوح هذا المبدأ حيث نصت على أن:

 "1. تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح

موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته، ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.

 2. ويجب إخطار طريق التحكيم بمواعيد الجلسات والاجتماعات التي تقرر هيئة التحكيم عقدها قبل التاريخ الذي تعينه بوقت كاف تقدره هذه الهيئة حسب الظروف.

 3. وتدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم

صورة منه إلى كل من الطرفين ما لم يتفق على غير ذلك".

ترسل هيئة التحكيم صورة من تقرير الخبير بمجرد إيداعه إلى كل من الطرفين مع إتاحة الفرصة له لإبداء رأيه فيه ولكل من الطرفين الحق في الإطلاع على الوثائق التي استند إليها الخبير في تقريره وفحصها.

وتضيف الفقرة الرابعة منها: "مع إتاحة الفرصة للطرفين لسماعه ومناقشته بشأن ما ورد في تقريره....

كما أن المادة (40) من اللائحة قد أضافت إلى ذلك أنه "لا يجوز لهيئة التحكيم أثناء رفع الدعوى للتدقيق أن تسمع إيضاحات من أحد المحتكمين أو كليهما .

هذا ونجد أن المشرع الفرنسي قد قرر أن مبدأ المواجهة بين الأطراف من الأهمية بمكان على نحو يصلح معه أن يكون محلاً بسبب مستقل من أسباب البطلان. بل وتذهب محكمة النقض الفرنسية إلى وصف هذا المبدأ بأنه مبدأ أساسي لا غنى عنه السير الدعوى على نحو عادل. 

ويتم إعمال مبدأ المواجهة في جميع مراحل سير الإجراءات التحكيمية، وهو يفترض أن كل طرف كانت لديه الفرصة في أن يعرض ما يدعيه من أمور، سواء أكانت متصلة بالواقع أم بالقانون، ويطلع أيضا على ادعاءات خصمه ويناقشها.

إن حكم محكمة الاستئناف الصادر برفض الطعن بالبطلان استناداً على أن حكم التحكيم لم يتم ارتكانه على محادثة هاتفية بين أحد المحكمين وأحد الخصوم، ولكنه اعتمد أو ارتكز على العناصر محل الجدل من جانب الخصوم، يكون قد خالف بذلك المادتين (1484 - 1604) من قانون المرافعات

قضت محكمة الاستئناف بأن يرفض الطعن كون حكم التحكيم لم يستند إلى هذه المحادثة التي لا تعدو كونها عادية وأن المحكم اعتمد على العناصر الفنية والوسائل التي كانت موضوع التعايش بين الأطراف. ثم تم نقض الحكم عند عرضه على محكمة النقض كما هو أعلاه.

وخلاصة القول إنه نظراً لأن مبدأ اتخاذ الإجراءات في مواجهة الخصوم يعتبر بحق من أهم المبادئ الأساسية التي لاغنى عنها لأي نظام قضائي أياً كانت السياسة التي تتبعها الدولة، لذا فهو من النظام العام الذي لا يجوز مخالفته أو الاتفاق على ما يخالفه حتى ولو كان المحكم مفوضا بالصلح

وتبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر

بداية إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلباً بإحالة النزاع إلى التحكيم وكذلك المادة الثالثة الفقرة الثانية من قواعد اليونسترال التي اعتبرت أن بداية إجراءات التحكيم في التاريخ الذي يتسلم فيه المدعى عليه إخطار التحكيم .

فالخصومة إذن تعتبر قائمة ومنعقدة من اليوم الذي يبدأ فيه إجراء التحكيم. ولا تخفى أهمية الإعلان سواء في بداية الخصومة أم أثناء مسيرتها وحتى بعد انتهائها إذا يتحقق به مبدأ المواجهة بين الخصوم واحترام حق الدفاع الأمر الذي ينأى بالحكم عن الطعن عليه بالبطلان بعد صدوره. 

وأن ييسر طرق الإعلان بحيث تتلاءم مع ما يتسم به التحكيم من سرعة الفصل في المنازعات، ومن أجل ذلك جعل مسألة الإعلانات تخضع لإرادة أطراف التحكيم، حيث نصت المادة (177) من قانون التحكيم على أنه: "ما لم يوجد اتفاق خاص بين طرفي التحكيم، يتم تسليم أي رسالة أو إعلان إلى المرسل إليه شخصياً، أو في مقر عمله، أو في محل إقامته المعتاد أو في عنوانه البريدي المعروف للطرفين، أو المحدد في مشارطة التحكيم، أو

الوثيقة المنظمة للعلاقة التي تناولها التحكيم".

فنجد أن المشرع قد حدد أربعة طرق للإعلان وهي:

 1. إعلان المرسل إليه شخصيا.

 2. إعلان المرسل إليه في مقر عمله.

 3. إعلان المرسل إليه في محل إقامته المعتاد.

 4. الإعلان بواسطة عنوانه البريدي المعروف للطرفين أو المحدد في مشارطة التحكيم.

أن هذه الطرق أو سبل الإعلان تسري فقط بشأن التحكيم ولا تسري على الإعلانات القضائية أمام المحاكم (المادة 3/7 من نفس القانون). 

ونجد أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي قد نص على نفس طرق الإعلان في المادة الثالثة الفقرة (أ، ب، وكذلك  قواعد التحكيم الخاص بلجنة الأمم المتحدة.

 لا يتعمد طالب الإعلان إجراء الإعلان على محل إقامة لا يتواجد فيه المطلوب إعلانه ويصدر حكم التحكيم في غيبته. وكذلك نجد أنه اعتبر التبليغ منتجاً لآثاره بعد أن يكون الكتاب المسجل قد تم تسليمه إلى الطرف الآخر.

لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الحالات التالية: إذا تعذر على أحد طريق التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته".

وإنما بسبب تعذر تقديم الدفاع من جانب الطرف الذي لم يعلن إعلاناً صحيحاً، فالعلاقة بين عدم تقديم الدفاع وعدم الإعلان علاقة سببية مؤداها أن يكون عدم تمكن الخصم من تقديم دفاعه سبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً إما بتعيين محكم أو بأي إجراء من إجراءات التحكيم أو وجود سبب آخر خارج عن إرادة الأطراف.

ومبدأ المساواة، ومبدأ المواجهة بين الخصوم، كل ذلك يعد سبباً يبرر بطلان حكم المحكم. ومثال ذلك عدم إعلان أحد الأطراف بندب خبير أو عدم تمكينه من الإطلاع على تقرير الخبير المقدم للهيئة أو المستندات المقدمة، أو عدم إعلان الطرف الآخر بمواعيد الجلسات وكافة الصور التي يمكن أن يكون من شأنها تعذر تقديم أحد الأطراف لدفاعه لسبب خارج عن إرادته

ويرى الباحث أنه كان من الأجدر بالمشرع أن يحصر أسباب تعذر إبداء أحد الأطراف دفاعه، حيث إن عبارة (لأي سبب خارج عن إرادته تفتح الباب على مصراعيه التفسير هذا السبب والتوسع فيه، مما يؤدي إلى عدم استقرار أحكام التحكيم وإعطاء فرصة كبيرة لإبطال أحكام التحكيم.

أن صحة وسلامة الإعلان أو بطلانه تخضع للقانون الذي يحكم إجراءات التحكيم. وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض المصرية بأنه: "إذا كان الطاعنان لم يقدما الدليل على عدم صحة الإعلانات طبقاً للقانون السويدي الواجب التطبيق،

 كيفية تبليغ أي إخطار متعلق بالخصوم حيث أوجب أن يتم أي إخطار بمعرفة كاتب الجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع (المادة 11 من اللائحة) ويحرر الإخطار أو التبليغ باللغة العربية بنسخ على عدد المحتكمين وينص النظام على بيانات الإخطار.