الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الإخلال بحق احد الخصوم في الدفاع / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / رفض تنفيذ حكم التحكيم بسبب انتهاك حقوق الدفاع

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    529
  • رقم الصفحة

    511

التفاصيل طباعة نسخ

رفض تنفيذ حكم التحكيم بسبب انتهاك حقوق الدفاع

 

تنص المادة الخامسة من معاهدة نيويورك في فقرتها الأولى (ب) على أنه:" يجوز للدولة المطلوب منها تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي على أرضها أو الاعتراف به أن ترفض تنفيذ هذا الحكم إذا قدم الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ أن الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه لم يعلن إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكمة أو بإجراءات التحكيم أو كان المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه.

والسبب الأساسي وراء نص المادة الخامسة فقرة (ب) يستمد من المبادئ الأساسية التي تحكم الدعوى القضائية، وهو مبدأ احترام حقوق الدفاع ومبدأ المواجهة والمساواة بين الخصوم.

فعلى الرغم من ان المحكم شخص خاص يستمد سلطاته من ارادة الأطراف واتفاقهم على منحه الاختصاص بالفصل في المنازعة المفروضة عليه إلا أنه عند ممارسته لهذه المهمة يعد بمثابة قاضي يؤدي ذات الوظيفة المنوطة بالقاضي القيام بها، ألا وهي الفصل في المنازعة المعروضة أمامه بحكم ملزم للخصوم ويتقيد بالمبادئ والقواعد الأساسية التي تنظم الخصومة بين الأطراف وفي مقدمتها مبدأ احترام حقوق الدفاع ومبدأ المواجهة والمساواة بين الخصوم.

ولهذا إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين المحكم أو بإجراء التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته، ومع ذلك قامت هيئة التحكيم أو المحكم المنفرد بإصدار حكم التحكيم على الرغم من عدم تقديم هذا الطرف لدفاعه فإن هذا الحكم يجوز رفض تنفيذه إعمالاً لنص المادة الخامسة (١\ ب) من معاهدة نيويورك.

وتثير المادة الخاصة فقرة1 / ب التساؤل التالي : هل تعد القاعدة الواردة في هذه المادة قاعدة مادية تضع حلاً مباشراً بمعنى أنه لا يتعين الفصل في مسألة صحة الإعلان بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم من خلال اللجوء إلى منهج التنازع، أم أن نص هذه المادة يعد نصاً تنازعياً بمعني أنه يتعين لتقدير صحة الإعلان بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم البحث عن القانون الذي يقرر هذه الصحة؟ وفي هذا الشأن يطرح تساؤل آخر: هل هذا القانون هو قانون دولة التنفيذ أم قانون دولة المقر؟

وللإجابة على التساؤل المطروح ذهب جانب من الفقه الفرنسي الى القول بإن المادة الخامسة من معاهدة نيويورك الفقرة الأولى (ب) تضع قاعدة دولية يترتب على مخالفتها رفض تنفيذ حكم التحكيم أو الاعتراف به. إلا أن صياغة المادة الخامسة فقرة (أ) (ب) تسم بقدر كاف من العمومية على النحو الذي يجعل من القاضي المختص بالتنفيذ قادراً على أن يدمج في ثناياها مفهومه الخاص عن مبدأ المواجهة واحترام حقوق الدفاع.

 وينتقد هذا الاتجاه الرأي الآخر القائل بأن هذه المادة تخضع تنفيذ حكم التحكيم لضرورة احترام الإجراءات المنصوص عليها في دولة التنفيذ وهو الرأي الذي أعملته U.s Court of Appels الدائرة الثانية قضية الشركة المصرية لصناعة الورق (راكتا) مع الشركة الأمريكية Persons & Whittamore Overeas.

والواقع من الأمر أن المادة الخامسة فقرة (أ) (ب) لم تشر من قريب أو من بعيد إلى قانون دولة التنفيذ كقانون حاكم لإجراءات التحكيم، علاوة على أن إعمال هذا القانون قد يكون من شأنه إعاقة تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية في حالة تضمنه لقواعد أكثر تشدداً من قواعد دولة المقر، وهو الإعمال الذي يتعارض مع الأهداف الأساسية لمعاهدة نيويورك والمتمثلة في ضمان فاعلية احكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها.

ولعل هذه المثالب التي تؤخذ على الرأي الذي يرى إخضاع الإجراءات لقانون دولة التنفيذ تؤدي إلى رجحان الرأي القائل بأن المادة ٥-١ - ب من معاهدة نيويورك تشكل قاعدة دولية حقيقية لا ترتبط بأي قانون وطني سواء كان هذا القانون هو قانون محل إجراء التحكيم أو قانون دولة التنفيذ.

ومع ذلك وعلى الرغم من الخلاف الواضح بين الرأيين المتقدمين وما إليه إعمال كل منهما من نتائج مختلفة على الصعيد النظري على الأقل، الذي كشفت عنه الأحكام القضائية التي تعرضت لإعمال هذه المادة والتي انطلقت أساساً من مؤازرة إخضاع صحة الإجراءات لقانون القاضي، قد أثبت عدم الخلاف بين الاتجاهين.

إذ أن الاتجاه الأول الذي يرى في نص المادة ١- ٥ - ب قاعدة ذات طابع دولي لم ينكر أن مضمون هذه القاعدة يتأثر بشكل قاطع بالمفهوم الخاص للقاضي المطلوب منه التنفيذ بشأن حقوق الدفاع ومبدأ المساواة.

وكذلك فإن الاتجاه الآخر الذي يخضع صحة الإجراءات القانون دولة التنفيذ خفف من غلواء النتائج التي يمكن أن تترتب على هذا الإعمال المطلق لقانون القاضي المعني وما تؤدي إليه من عدم تنفيذ أحكام تحكيم صدرت صحيحة بالنسبة لقانون دولة المقر، وذلك من خلال اعتناق مفهوم أكثر مرونة لقانون القاضي يتعين إعماله بشأن تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي الخاضع لمعاهدة نيويورك.

وإعمالاً لهذا النظر ذهبت المحكمة العليا المكسيكية إلى أنه ليس من الضروري أن تكون الإعلانات التي وجهت لإعلان المدعى عليه بسير إجراءات التحكيم قد تمت وفقاً لأحكام قوانين الإجراءات المكسيكية التي تشترط الرسمية.

 ويستفاد من هذا القضاء أن الإعلان لا يخضع لشكل معين، ولكن يتعين أن يتحقق الهدف منه وهو علم كل طرف من أطراف التحكيم بإجراءاته.

119