الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الإخلال بحق احد الخصوم في الدفاع / الكتب / طرق وأسباب الطعن في حكم التحكيم دراسة قانونية مقارنة / بطلان حكم التحكيم لتعذر تقديم الدفاع

  • الاسم

    محمد علي فرح
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    329

التفاصيل طباعة نسخ

بطلان حكم التحكيم لتعذر تقديم الدفاع

موقف التشريعات المقارنة ونطاق حالة بطلان حكم التحكيم إذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه

أولا: موقف التشريعات المقارنة من حالة بطلان حكم التحكيم إذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه :

   نص المادة (1/42/ج) بصياغته الحالية نص مستحدث في قانون التحكيم لسنة 2016م ولم يكن منصوصا عليه بذات الصياغة فقد كانت المادة (1/41/ج) من قانون التحكيم لسنة 2005م الملغي تنص على حالة الإهمال الخطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم كحالة من الحالات التي تستوجب بطلان حكم التحكيم ويبدو أن المشرع استقاها من اتفاقية واشنطون الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمارات بين الدول ورعايا الدول الأخرى لسنة 1965م التي نصت على نفس الحالة إهمال خطير لإجراء أساسي من إجراءات المحاكمة .

  بطلان حكم التحكيم لحالة تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه يأخذ بها المشرع المصري في قانون التحكيم إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته، وذات الحالة تأخذ بها العديد من التشريعات فقد نص عليها المشرع الأردني ،العماني، السوري ، ونجد أن اللبناني عبر عنها بصدور القرار دون مراعاة حق الدفاع والليبي بعدم مراعاة المحكمون قواعد المرافعات التي التزموا بمراعاتها التي نص القانون على أن مخالفتها توجب البطلان ، واليمنى إذا كانت الإجراءات غير صحيحة، واتفاقية تسوية منازعات الاستثمار بين الدول المضيفة للاستثمارات العربية وبين مواطني الدول الأخرى بوقوع تجاوز خطير لقاعدة أساسية من قواعد الإجراءات، وفرنسا بعدم احترام مبدأ المواجهة ، وكذلك المشرع السويسري ، الولايات المتحدة الأمريكية إذا حصل خطأ في التصرف من المحكمين برفضهم تأجيل المناقشات بالرغم من وجود سبب شرعي أو برفضهم الأدلة الثبوتية التي لها علاقة بالنزاع أو إذا ارتكبوا أي خطأ في التصرف ، وقانون التحكيم الانجليزي بالمخالفة الجوهرية ، والاتفاقية الأوروبية للتحكيم الدولي لسنة (1961م) إذا كان الطرف الذي يطلب الإبطال لم يعلن بتعيين المحكم أو بإجراء من إجراءات التحكيم أو تعذر عليه لأي سبب تقديم دفاعه ، وكذلك قانون الاونسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة (1985).

  على الرغم من أن المحكم يستمد اختصاصه وسلطاته من إرادة الأطراف واتفاقهم على التحكيم إلا أنه وفي ذات الوقت يمارس وظيفة القاضي وهى الفصل في الخصومة المطروحة عليه بحكم ملزم للخصوم منتهجا في ذلك المبادئ الأساسية التي تحكم الخصومة الإجرائية.

ثانيا: نطاق حالة بطلان حكم التحكيم إذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته :

  أن المشرع نص على بطلان حكم التحكيم كنتيجة للحرمان من تقديم الدفاع بسبب عدم الإعلان بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم ويهمنا قبل أن نبحث في الحالة أن نحدد المقصود بإجراءات التحكيم ينصرف لفظ إجراءات التحكيم الوارد في نص المادة أعلاه إلى القواعد التي أوردها المشرع قانون التحكيم في نصوصه التي ألزم هيئة التحكيم بإتباعها في حالة غياب اتفاق الأطراف على قواعد أخرى.

   من خلال دلالة التضمن التي هي دلالة اللفظ على بعض ما عناه المتكلم نجد (لفظ إجراءات التحكيم) يتضمن الإجراءات التي تتعلق بتشكيل هيئة التحكيم وتعيين المحكمين كما تتضمن القواعد المتعلقة بكيفية سماع الدعوى التحكيمية ويتضمن أيضا القواعد المتعلقة بصدور الحكم فالذهن يتصور مباشرة كل تلك القواعد عند النطق بلفظ إجراءات التحكيم وهذا ما يقود إلى القول من أن أسباب دعوى البطلان وإن كانت واردة على سبيل الحصر في قانون التحكيم إلا أن الحالات التي تدخل ضمن تلك الأسباب الحصرية هي حالات لا حصر لها وبالتالي فإنه يدخل في هذه الحالة أي إهمال خطير لإجراء أساسي من إجراءات التحكيم وذلك بغض النظر عن تداخل بعض الحالات التي ترد داخل سبب آخر من أسباب دعوى البطلان الواردة في المادة (42) من قانون التحكيم.

  بالرجوع إلى قانون التحكيم لسنة 2016م) نجد أن المشرع السوداني قد أطلق لفظ إجراءات التحكيم " على الفصل الثالث من القانون وضَمَنهُ القواعد المتعلقة بتطبيق القوانين الإجرائية والموضوعية، المتعلقة ببدء إجراءات التحكيم، مكان التحكيم ، لغة التحكيم ، مشتملات مذكرات الدعوى التحكيمية ،  كيفية السماع  ، حضور الأطراف وغيابهم ، الاستعانة بالمحكمة والخبراء، السير في إجراءات التحكيم فلفظ إجراءات التحكيم في قانون التحكيم لسنة 2016م لم يتضمن إجراءات التحكيم المتعلقة بهيئة التحكيم وهى المواد الواردة بالفصل الثاني بالقانون والتي تتضمن القواعد المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم ، وأهلية المحكم ، تعيين رئيس هيئة التحكيم، الموافقة الكتابية للمحكم ، أسباب رد المحكم ، وإجراءات رده ، وتعيين محكم بديل ، وما إلى ذلك.

  كذلك فإن ذلك اللفظ لم يتضمن الإجراءات المتعلقة بحكم التحكيم وهي المواد الواردة بالفصل الرابع من المادة (31) إلى (40) التي تنظم القواعد المتعلقة بالصلح ، مواعيد إصدار الحكم  ، وأركان الحكم ، كيفية انتهاء كل من إجراءات التحكيم ومهمة المحكم ، وحفظ محضر دعوى التحكيم تفسير حكم التحكيم  وتصحيحه ، ومراجعته ومدة الفصل في طلب المراجعة السؤال المطروح هنا هل تدخل جميع إجراءات التحكيم التي يتضمنها إطلاق لفظ إجراءات التحكيم لتشمل تلك الإجراءات المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم، وتلك المتعلقة بسماع الدعوى التحكيمية والحكم الذي يصدر فيها، في حالتي البطلان لتعذر تقديم الدفاع أو لبطلان إجراءات التحكيم بطلانا اثر في حكم التحكيم ؟ أم أن الإهمال الخطير لإجراء أساسي ينصرف فقط إلى مرحلة سماع الدعوى التحكيمية دون ما قبلها من مراحل أو ما بعدها؟

  كان قد تراء لي بعد النظر في نصوص قانون التحكيم أن المشرع قد قصد بتعذر الدفاع لعدم الإعلان بإجراءات التحكيم تلك الإجراءات المتعلقة بمرحلة سماع الدعوى ونظرها وذلك لما يلي:

   المشرع أطلق لفظ إجراءات التحكيم على الفصل الثالث من القانون وهي تلك الإجراءات المتعلقة بمرحلة نظر الدعوى التحكيمية ولم يطلق هذا اللفظ على مرحلة تشكيل هيئة التحكيم الواردة في الفصل الثاني وكذلك على مرحلة الإجراءات المتعلقة بصدور الحكم الواردة الفصل الرابع يعزز تلك الرؤية أن المشرع في الفصل الثاني والخاص بهيئة التحكيم قد جعل للمحكمة المختصة دورا آنيا في هذه المرحلة فمثلا في المادة (2/14) من القانون منح المشرع المحكمة المختصة سلطة تعيين رئيس هيئة التحكيم في حالة فشل المحكمون في اختياره وكذلك في المادة (3/14) منحها سلطة تعيين المحكم الفرد في حالة عدم اتفاق الأطراف على تعيينه وكذلك في المادة (17) منح المشرع المحكمة المختصة سلطة رد المحكم ويكون قرارها في هذا الشأن نهائيا، وفي المادة (2/17) منح المشرع المحكمة المختصة سلطة عزل المحكم في الحالة التي يتعذر فيها عليه أداء مهمته أو لم يباشرها أو انقطع عنها بما يؤدي إلى تأخير غير مبرر في إجراءات التحكيم ويكون ذلك العزل بقرار غير قابل للطعن فيه، مع ملاحظة أن المحكمة المختصة التي تتولى كل تلك السلطات هي ذاتها نفس المحكمة التي تتولى نظر دعوى البطلان حسب نص المادة (42) من قانون التحكيم لسنة (2005) ولم تصبح بعد قانون التحكيم (2016م) ذات المحكمة، ويعني ذلك أن الإجراءات الخاصة بمرحلة تشكيل هيئة التحكيم أخضعها المشرع في قانون (2005م) للإشراف والرقابة في مرحلة مبكرة من مراحل الخصومة التحكيمية وبالتالي لا يتصور أن تثور مطاعن من الأطراف حول هذه المرحلة عند الطعن في الحكم التحكيمي لأن تلك المطاعن قد استنفدت أو على الأقل كان على الأطراف إثارتها قبل مرحلة سماع الدعوى التحكيمية ،ونظرها واستثناء من ذلك عدم العلم السابق والعلم المتأخر باي واقعة تشير إلى عدم صلاحية المحكم بسبب عدم الاستقلال أو الحيدة أو سوء السلوك التي يعلم بها احد طرفي الخصومة عند أو بعد صدور الحكم. 

   فضلا على أن القرارات التي أصدرتها المحكمة المختصة في قانون التحكيم (2005م) والمتعلقة بإجراءات هيئة التحكيم لا يمكن أن تكون محلا لإعادة النظر فيها من جديد من قبل تلك المحكمة عند نظرها لدى البطلان بحسبان أنها سبق وأن حسمت موضوعها بقرار استنفدت ولايتها بشأنه وهي مطلوب منها أن تراجع حكم التحكيم وليس الأحكام التي سبق وأن قامت بإصدارها في مرحلة سابقة الذي يترجح بأنه لا مطاعن من الأطراف حول الإجراءات الخاصة بهيئة التحكيم في مرحلة البطلان اللهم إلا في حالة العلم المتأخر بحالة فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أحد منهم.

   كما أن المشرع في قانون التحكيم قد أفرد إجراءات الحكم التحكيمي بحالة بطلان في المادة (1/42/ن) وهى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في إجراءات التحكيم اثر في الحكم ، فلكل ذلك فإن لفظ إجراءات التحكيم ينصرف إلى تلك الإجراءات الواردة في الفصل الثالث من قانون التحكيم المواد من 21 إلى 30).

  هذا ما كان قد تراء لي ويإمعان النظر في المادة (34) تنص على أنه: يجب أن يكون قرار هيئة التحكيم مكتوباً ومسبباً ومؤرخا وموقعاً عليه من أعضاء هيئة التحكيم أو أغلبيتهم على أن يتم تدوين رأي العضو المخالف في ورقة مستقلة إذا تقدم به والمادة (35) تنص على أن تنتهي إجراءات التحكيم بأي من الطرق الآتية بصدور الحكم المنهي للخصومة ويشمل ذلك حالتي التحكيم بالقانون أو التحكيم بالصلح نوعي الحكم أو بصدور أمر بإنهاء الإجراءات أو بصدور قرار من هيئة التحكيم بإنهاء الإجراءات في الأحوال الآتية: إذا اتفق الطرفان على إنهاء الإجراءات أو إذا ترك المدعي أو تنازل عن خصومة التحكيم مما يعني أن إجراءات التحكيم ليست مقصورة على مرحلة نظر الدعوى وسماعها ولكنها ممتدة إلى مرحلة صدور الحكم المنهي للخصومة، ونجد أن المشرع الانجليزي في قانون التحكيم يذهب إلى ذات المسلك فبعد أن سمح للأطراف التقدم بطلب إبطال الحكم التحكيمي حال حصول مخالفة جوهرية تتعلق بالمحكمة التحكيمية، قام بتعداد العيوب الجوهرية التي تبرر طلب الإبطال التي تتعلق بعدم عدالة وحياد المحكمة التحكيمية وعدم إدارتها للإجراءات التحكيمية بطريقة تناسب ظروف القضية بتجنب المهل والمصاريف غير الضرورية لكي تسمح بالفصل العادل في النزاع، عدم احترام الموجب العام في إدارة الإجراءات التحكيمية لدى اتخاذ القرارات المتعلقة بالإجراءات والإثبات إذا جاوزت المحكمة التحكيمية صلاحيتها، إذا لم تدير المحكمة التحكيمية الإجراءات وفقا لاتفاق الأطراف، إذا لم تبت المحكمة التحكيمية بكافة الطلبات المعروضة عليها، إذا كانت الفقرة الحكمية في الحكم التحكيمي غامضة إذا صدر الحكم التحكيمي نتيجة لغش أو بوسائل مخالفة للنظام العام أو إذا خالف المحكم قاعدة من قواعد النظام العام، إذا لم يراعي الحكم التحكيمي القواعد المتعلقة بالشكل حدوث مخالفة أثناء الإجراءات أو في إصدار الحكم اعترفت بوجودها المحكمة التحكيمية أو أي شخص خوله الأطراف صلاحيات تتعلق بالإجراءات أو بالحكم التحكيمي.

  يتمثل العيب الإجرائي الذي يستوجب بطلان الحكم التحكيمي في أن أحد إجراءات التحكيم الأساسية قد وقع باطلا وتشمل نوعين من الإجراءات، الأول الإجراءات الأساسية التي تسبق صدور الحكم التحكيمي يكون أحدها باطلا ثم يبنى الحكم عليه فيصبح بدوره باطلا وهذا السبب يتسع ليشمل كافة المخالفات التي تحدث أثناء إجراءات التحكيم منذ تشكيل هيئة التحكيم حتى اجتماعها للمداولة وإصدار الحكم التحكيمي، فتشمل مخالفة إجراءات تشكيل هيئة التحكيم مخالفة حقوق الدفاع، مخالفة أحكام الوقف، والنوع الثاني هو مخالفة قواعد إصدار الحكم التحكيمي التي نص عليها قانون التحكيم.

107