الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / الإخلال بحق احد الخصوم في الدفاع / الكتب / بطلان حكم التحكيم / عدم احترام حقوق الدفاع

  • الاسم

    د. خالد أحمد حسن
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    666
  • رقم الصفحة

    174

التفاصيل طباعة نسخ

يبدو أنه من الأمور الأساسية التي وضعها المشرع في الإجراءات التحكيمية احترام وضمان حق الدفاع لكل طرف من أطراف النزاع، وأن تكون معاملة أطراف النزاع معاملة متساوية دون تفريق أو تمييز بينهم والالتزام بإعمال مبدأ المواجهة بين الخصوم، وإن أي خرق لهذه المبادئ من قبل المحكمين يعرض قرار التحكيم للطعن مما يؤدي إلى إبطال القرار.

ولا يفوتنا التعرض لموضوع الإعلان الذي قد يكون سبباً لعدم احترام هذه الحقوق والمبادئ الأساسية لإجراءات التقاضي أمام هيئة التحكيم لهذا سوف أقسم

هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب وهي:

المطلب الأول: احترام حق الدفاع ومبدأ المساواة بين الخصوم

حق الدفاع يعني إعطاء الفرصة الكاملة لكل طرف من الأطراف لأن يقدم كافة ما لديه من أقوال وأدلة إثبات، وتقديم الشهود، وطلب الخبراء، وتبادل اللوائح وتقديم كل ما يستطيع تقديمه من الأمور التي تجعل كل طرف في وضع يستطيع أن بدافع عن نفسه بكافة الوسائل التي يمكنه تقديمها إلى القضاء، وكذلك إعطاؤه الوقت الكافي لتقديم هذه الأمور.

فقد أتاح القانون للمدعي حق الدفاع عن دعواه، وبنفس الوقت أتاح للمدعى عليه حق الدفاع للرد على الدعوى، وتمكين الخصوم من تقديم الدفوع والأدلة المثبتة لحقوقهم وهذه ضمانة أساسية لحسن أداء العمل القضائي، فليس هناك من هو أقدر من الخصوم على تزويد القاضي بوسائل اكتشاف حقيقة الدعوى. ونجد أن مظاهر

ونظرا لأهمية هذا المبدأ وخطورة الآثار المترتبة على مخالفته، وبالتالي تعريض قرار التحكيم للطعن فيه ، فقد حرصت معظم القوانين والتشريعات الحديثة التي تعنى بالتحكيم على النص عليه، فقد نص قانون التحكيم المصري في المادة (1/53/ج) على بطلان حكم التحكيم، واعتباره سببًا لإقامة دعوى بطلان حكم التحكيم فنصت على أنه إذا تعذر على أحد طريقة التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحاً بتعيين محكم، أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته "

هذا وقد نصت المادة (1/15) من قواعد اليونسترال على حرية المحكمين في ممارسة التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة، شريطة أن تعامل الطرفين على قدم المساواة، وأن تهيئ لكل منهما في جميع مراحل الإجراءات فرصة كاملة لعرض قضيته.

وكذلك المادة (18) من القانون النموذجي، حيث نصت على أنه: "يجب أن يعامل الطرفان على قدم المساواة وأن يمنح كل طرف في أية مرحلة من الإجراءات فرصة كاملة لعرض قضيته.

ونصت المادة (5) فقرة (ب/ج) من اتفاقية نيويورك لسنة 1958 على جواز إبطال قرار التحكيم إذا استحال على أي من الخصوم أن يقدم دفاعه أو إذا كان القرار قد

فصل في نزاع غير وارد في مشارطة التحكيم. أما القانون الفرنسي، فقد نصت المادة (4/1502 من قانون المرافعات الجديد على أن من بين حالات الرجوع بالبطلان على حكم التحكيم الصادر في فرنسا في حالة عدم احترام مبدأ المواجهة بين الخصوم.

هذا ونجد أن المشرع المصري قد حرص على تقرير هذا المبدأ، فقد نصت المادة (26) من قانون التحكيم المصري على أنه يعامل طرفا التحكيم على قدم المساواة (2)

وتهيأ لكل منهما فرصة متكافئة وكاملة لعرض دعواه.

كما أن المادة (31) من نفس القانون قد أرست هذا المبدأ بقولها: "ترسل صورة

مما يقدمه أحد الطرفين إلى هيئة التحكيم من مذكرات أو مستندات أو أوراق أخرى إلى الطرف الآخر وكذلك ترسل إلى كل من الطرفين صورة من كل ما يقدم إلى الهيئة المذكورة من تقارير الخبراء والمستندات وغيرها من الأدلة".

وكذلك نجد أن المادة (33) قد أبرزت بوضوح هذا المبدأ حيث نصت على أن ا. تعقد هيئة التحكيم جلسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته، ولها الاكتفاء بتقديم المذكرات

والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.

2. ويجب إخطار طرفي التحكيم بمواعيد الجلسات والاجتماعات التي تقرر

هيئة التحكيم عقدها قبل التاريخ الذي تعينه بوقت كاف تقدره هذه الهيئة حسب الظروف.

.3 وتدون خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم

صورة منه إلى كل من الطرفين ما لم يتفق على غير ذلك".

كما أن المادة (36) قد قررت في الفقرة (3) على أن ترسل هيئة التحكيم

صورة من تقرير الخبير بمجرد إيداعه إلى كل من الطرفين مع إتاحة الفرصة له لإبداء رأيه فيه ولكل من الطرفين الحق في الإطلاع على الوثائق التي استند إليها

الخبير في تقريره وفحصها. وتضيف الفقرة الرابعة منها: "مع إتاحة الفرصة للطرفين لسماعه ومناقشته بشأن

ما ورد في تقريره ......

وكذلك نجد أن اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي قد نصت على هذا المبدأ في المادة (36) بقولها: "على هيئة التحكيم مراعاة أصول التقاضي، بحيث تضمن المواجهة في الإجراءات وتمكين كل طرف من العلم بإجراءات الدعوى والإطلاع على أوراقها ومستنداتها المنتجة في الآجال المناسبة.....

كما أن المادة (40) من اللائحة قد أضافت إلى ذلك أنه لا يجوز لهيئة التحكيم أثناء رفع الدعوى للتدقيق أن تسمع إيضاحات من أحد المحتكمين أو كليهما إلا

بحضور الطرف الآخر وليس لها أن تقبل مذكرات أو مستندات دون إطلاع الطرف

الآخر عليها."

هذا ونجد أن المشرع الفرنسي قد قرر أن مبدأ المواجهة بين الأطراف من الأهمية بمكان على نحو يصلح معه أن يكون محلاً بسبب مستقل من أسباب البطلان، بل وتذهب محكمة النقض الفرنسية إلى وصف هذا المبدأ بأنه مبدأ أساسي لا غنى عنه السير الدعوى على نحو عادل وهذا ظاهر في صياغة النص (4/1502) من قانون المرافعات المدنية الفرنسي الجديد.

وكذلك نجد أن القانون الفرنسي قد أشار إلى الالتزام بإعمال مبدأ المواجهة حيث تصدت المادتان (14) و (15) من قانون المرافعات الجديد التي أحالت إليها المادة (2/1460) مرافعات إلى هذا المبدأ، فأقرت المادة (14) انه لا يمكن الحكم على خصم ما لم يسمع أو يدع ذلك، والمادة (15) نصت على وجوب أن يعلم كل الأطراف أو يمكنوا من العلم والاطلاع بطريق التبادل وية وقت مناسب على وسائل الدفاع الواقعية والقانونية - والحجج التي يستندون إليها في تأسيس ادعاءاتهم حتى يتمكن كل خصم من تنظيم وسائل دفاعه ودحض حجج خصمه

هذا وقد تقضت محكمة النقض الفرنسية حكم محكمة استئناف Rennes في حكم لها بقولها : إن حكم محكمة الاستئناف الصادر برفض الطعن بالبطلان استنادا على أن حكم التحكيم لم يتم ارتكانه على محادثة هاتفية بين أحد المحكمين وأحد الخصوم، ولكنه اعتمد أو ارتكز على العناصر محل الجدل من جانب الخصوم، يكون قد خالف بذلك المادتين (1484) - 1604) من قانون المرافعات.

المدنية الجديد، إذ يجب على محكمة التحكيم أن تطلع أطراف التحكيم على الاستدلالات التي قام بها أحد أعضائها، بحيث يحصل الأطراف (الخصوم) على

المعلومات".

وتتلخص هذه القضية في أن خلافا نشب بين شركة Doori لإنشاء مجموعات المشروعات بواسطة شركة ورش الأطلنطيك وذلك بموجب اتفاقية أبرمت بينهما. وعرض النزاع على التحكيم وقضى بإلزام شركة Duorib بدفع مبلغ من المال الصالح الخصم ثم طعنت شركة Duorib بالبطلان ضد هذا الحكم حيث دفعت الشركة الطاعنة بأنها علمت عقب صدور حكم التحكيم بأن أحد المحكمين قد هاتف ورش الأطلنطيك للحصول على بعض المعلومات وهذا الاستفسار الشخصي لم يتم إثباته في محضر رسمي يمكن الاطلاع عليه من جانب الخصوم، الأمر الذي شكل مخالفة الميدا المواجهة.

قضت محكمة الاستئناف بأن يرفض الطعن كون حكم التحكيم لم يستند إلى هذه المحادثة التي لا تعدو كونها عادية وأن المحكم اعتمد على العناصر الفنية والوسائل التي كانت موضوع التعايش بين الأطراف ثم تم نقض الحكم عند عرضه على محكمة النقض كما هو أعلاه.

المطلب الثالث: الإعلان

تبدأ الخطوة الأولى في التحكيم بالإعلان عن بداية الإجراءات، وتبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي ما لم يتفق الطرفان على موعد آخر، هذا ما نصت عليه المادة (27) من قانون التحكيم المصري .

وقد أكدت المادة الرابعة من لائحة الغرفة التجارية في باريس الفقرة الثانية منها على أنه تعتبر الدعوى مرفوعة من تاريخ تسليم الطلب إلى الأمانة العامة بالغرفة التي تقوم بتبليغ المدعي والمدعى عليه وتعتبر تاريخاً لبدء إجراءات التحكيم. كما أن المادة (21) من القانون النموذجي نصت على بداية إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه المدعى عليه طلبا بإحالة النزاع إلى التحكيم وكذلك المادة الثالثة الفقرة الثانية من قواعد اليونسترال التي اعتبرت أن بداية إجراءات التحكيم في التاريخ الذي يتسلم فيه المدعى عليه إخطار التحكيم.

هذا ونجد أن المشرع المصري قد أولى اهتمامه لسبل الإعلان في قانون التحكيم فأراد أن يبعدها عن التعقيدات التي تواجه الإعلانات القضائية، وأن ييسر طرق الإعلان بحيث تتلاءم مع ما يتسم به التحكيم من سرعة الفصل في المنازعات، ومن أجل ذلك جعل مسألة الإعلانات تخضع لإرادة اطراف التحكيم، حيث نصت المادة (1/7) من قانون التحكيم على أنه: "ما لم يوجد اتفاق خاص بين طرفي التحكيم، يتم تسليم أي رسالة أو إعلان إلى المرسل إليه شخصيًا ، أو في مقر عمله، أو في محل إقامته المعتاد أو في عنوانه البريدي المعروف للطرفين، أو المحدد في مشارطة التحكيم، أو في

الوثيقة المنظمة للعلاقة التي تناولها التحكيم.

فتجد أن المشرع قد حدد اربعة طرق للإعلان وهي

ا إعلان المرسل إليه شخصيا.

..2 إعلان المرسل إليه في مقر عمله

3 إعلان المرسل إليه في محل إقامته المعتاد.

4 الإعلان بواسطة عنوانه البريدي المعروف للطرفين أو المحدد في مشارطة

التحكيم

وإذا تعذر معرفة أحد هذه العناوين المبينة أعلاه ولم يستطع طالب الإعلان إيجاد عنوان آخر للإعلان بعد بذل التحريات اللازمة عن العنوان الذي يتواجد فيه الطرف الآخر، فإنه يعتبر أن التسليم قد تم بكتاب مسجل إلى آخر مقر عمل أو محل إقامة ولا تسري على الإعلانات القضائية أمام المحاكم المادة 3/7 من نفس القانون. المتحدة قد نصت في المادة الثانية على الأخذ بنفس هذه الطرق للإعلان واعتقد أن المشرع الأردني قد أحسن صنعا حين نص على سبل الإعلان في المادة السادسة منها حيث أضاف كلمة تحريات جدية، حتى لا يتعمد طالب الإعلان إجراء تم تسليمه إلى الطرف الآخر.

معتاد أو عنوان بريدي معروف للمرسل إليه (المادة 2/7 من نفس القانون وتجدر الإشارة إلى أن هذه الطرق أو سبل الإعلان تسري فقط بشأن التحكيم

ونجد أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي قد نص على نفس طرق الإعلان في المادة الثالثة الفقرة 1) (ب) ، وكذلك قواعد التحكيم الخاص بلجنة الأمم للإعلان على محل إقامة لا يتواجد فيه المطلوب إعلانه ويصدر حكم التحكيم في غيبته، وكذلك نجد أنه اعتبر التبليغ منتجا لآثاره بعد أن يكون الكتاب المسجل قد واجد أن المشرع سواء المصري أم الأردني من باب التيسير على المتخاصمين لم يشترط أن يقوم بالإعلان موظف معين أو تسليم هذه الإعلانات في وقت معين أو يوم معين، فأجاز الإعلان في يوم العطلة الرسمية، سواء أكان لبلا أم نهارا، واكتفى أن يتسلم الطرف الآخر الإعلان في الأماكن المذكورة، دون اشتراط تسليمها لأشخاص معينة كما هو الحال في الإعلانات القضائية، حتى أن المشرع لم يتطرق إلى نوعية الأداة التي قد يتم بواسطتها الإعلان سواء عن طريق الفاكس أم البرق أم التلكس أم أي وسيلة أخرى من وسائل الإعلان واعتقد أن ذلك يأتي من باب التيسير على المتخاصمين في سبل الإعلان ويلاحظ أن قانون التحكيم المصري وقانون التحكيم الأردني قد أوردا نصاً في المادة (1/53/ج) من قانون التحكيم المصري والمادة (1/49) من قانون التحكيم الأردني أنه (1) لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الحالات التالية: إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته.

حيث نجد أن جزاء البطلان في هذه الحالة ليس بسبب الإعلان، وإنما بسبب 12) تعذر تقديم الدفاع من جانب الطرف الذي لم يعلن إعلانا صحيحا، فالعلاقة بين عدم تقديم الدفاع وعدم الإعلان علاقة سببية مؤداها أن يكون عدم تمكن الخصم من تقديم دفاعه سبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا إما بتعيين محكم أو بأي إجراء من إجراءات التحكيم أو وجود سبب آخر خارج عن إرادة الأطراف

وقد نجد أن هذا السبب من الممكن استيعاب كل الصور التي تعتبر إخلالا بالمبادئ الأساسية الموجهة لسير الدعوى مثل مبدا حق الدفاع، ومبدأ المساواة، ومبدا المواجهة بين الخصوم، كل ذلك يعد سببا يبرر بطلان حكم المحكم، ومثال ذلك عدم إعلان أحد الأطراف يندب خبير أو عدم تمكينه من الإطلاع على تقرير الخبير المقدم للهيئة أو المستندات المقدمة، أو عدم إعلان الطرف الآخر بمواعيد الجلسات وكافة .

ويرى الباحث أنه كان من الأجدر بالمشرع أن يحصر أسباب تعذر إبداء أحد الأطراف دفاعه، حيث إن عبارة الأي سبب خارج عن إرادته تفتح الباب على مصراعيه لتفسير هذا السبب والتوسع فيه مما يؤدي إلى عدم استقرار أحكام التحكيم وإعطاء فرصة كبيرة لإيطال أحكام التحكيم.

أما فيما يتعلق بالإعلان في نظام التحكيم السعودي فقد تضمنت اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم كيفية تبليغ أي إخطار متعلق بالخصوم حيث أوجب أن يتم أي إخطار بمعرفة كاتب الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع المادة 11 من اللائحة) ويحرر الإخطار أو التبليغ باللغة العربية بنسخ على عدد المحتكمين وينص النظام على بيانات الإخطار المادة 12 من (اللائحة وتسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص في موطنه أو بالموطن المختار، وفي حالة عدم وجوده تسلم إلى من يقرر أنه وكيله أو المسؤول عن إدارة أعماله أو من يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والتابعين المادة 13 من اللائحة).