تنص الفقـرة «ج» على هـذه الحـالة البطلان فأتت صياغتها على النحو الآتي :
« اذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه اعلانا صحيحا بتعيين محكم أو باجـراءات التحكيم أو لأي آخـر خارج عن ارادته » .
ويلفت النظر ما تتسم به الصياغة من عدم « الاحكام » ، فبينما تبدو متجهة لنوع من حصر أسباب تعذر تقـديم أحد الأطراف لدفاعه ، فتشير الى عدم الاعـلان بتعيين محكم أو باجـراء من اجـراءات التحكيم ، اذ بنهاية الفقرة تفتح الباب للتمسك بالبطلان اذا تعذر على أحد الأطـراف تقدیم دفاعه « لأى سبب آخر خارج عن ارادته » ، فهـذا السبب من أسباب بطلان حكم التحكيم يستوعب كل الصور التي تمثل اخـلالا بالمبادىء الأساسية الموجهـة لسير الدعاوى . فالاخلال بالمساواة وتهيئة الفرص المتكافئة الأطراف لابداء دفوعهم وعرض وجهة نظرهم يعد سببا طلب بطلان حكم التحكيم.
ولذلك نجد مبررا أيضا القول بامكانية الاستناد الى هـذا السبب اذا تعـذر على أحد الأطراف تقـديم الدليل على تزوير الأوراق أو وجود شهادة شاهد قضى بتزويرها بعد صدور الحكم ، ففي هاتين الحالتين كان متعذرا على الخصم تقديم أوجه دفاعه التي لو قدمت لتغير وجه الحكم في خصومة التحكيم . ولكن يجب أن يتوفر ذلك لطالب البطلان قبل انقضـاء ميعاد رفع دعوى البطـلان فلا يمكنه الاحتجاج ببدء سريان الميعاد من تاريخ علمه بهذه الوقائع كما هو الشأن في حالة الطعن عن طريق التماس اعادة النظر . الا أن عمـوم عبارة النص التي تشير الى تعذر تقديم اندفاع لأي سبب خارج عن ارادة الخصم ، يمكن أن تسمح بالتفسير وسع الذي نرجحه لمواجهة حالات « العنت والظلم » الواضح الذي يتسم به حكم تحكيم يراد تحصينه.. صدوره بناء على مستندات أو شهادة شـاهد قضى بأنهـا مزورة ولا يصح في تصورنا الاعتراض أيضا على أساس أن القاضي الذي ينظـر دعوى البطلان ليس جهـة استئناف يعيد النظر في الموضوع ، وانما فقط يخـوله الحكم ببطلان الحكم لثبوت تعذر تقديم دفاع لم يتيسر للخصم الحصول عليه الا بعد صدور الحكم وقبل انقضاء ميعاد دعوى البطلان ، بشرط اثبـات تعـذر الحصول على هذا الدفاع لسبب خارج عن ارادة طالب البطلان.
