التنفيذ / بطلان الاجراءات / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / بطلان احكام التحكيم الدولية من منظور الاختصاص الدولي والوطني / وقوع بطلان فى حكم التحكيم أو في إجراءاته
السبب الثالث الذى قد يرد في مرحلة الخصومة والذي يؤدى إلى بطلان حكم المحكم؛ فهو وقوع بطلان في الحكم ذاته، أو في أحد الإجراءات أثناء سير الخصومة بحيث يكون له تأثير على الحكم.
لذلك فإنَّ الدراسة تقتضى أنَّ أتعرض لأهم الأمور التي قد تؤدى بهذا الحكم إلى البطلان وكذلك أهم الأمور الإجرائية التى قد يكون بطلانها سبباً لبطلانه وذلك على النحو التالي:
أولاً: بطلان حكم التحكيم ذاته:
وفى حالة تصحيح القرار من قبل هيئة التحكيم فإنه لا يجوز أن تتجاوز الهيئة سلطتها في التصحيح فإنَّ تجاوزت جاز التمسك ببطلان هذا القرار المادة (٢/٥٠) من قانون التحكيم المصرى والمادة (٤٦) من قانون التحكيم الأردني، وهذا ما نصت عليه أيضاً المادة (٤٢) من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودى حيث نصت على أنه: (... ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت فيه الهيئة حقها المنصوص عليه فـي هـذه المادة...).
لهذا يلتزم أن يتضمن بيان المدعى تجديد مسائل النزاع وطلباته إذا كان بخصوص شرط في اتفاق التحكيم، أما إذا تعلق الأمر بمشارطة، فعندئذ يجب أنَّ يتضمن التحديد الدقيق لموضوع النزاع، وهذا ما يحدد نطاق مهمة المحكم، وبالتالي صحة المحكم.
ويلتزم المحكم أو هيئة التحكيم بأن يصدروا حكمهم وفقاً للقانون الذي اختاره الأطراف، سواء أكان بالنسبة للموضوع أو للإجراءات، ويعد سبباً لبطلان الحكم تجاهل إرادة الأطراف والحكم وفقاً لقانون آخر، وهذا سبق أنَّ أسرت إليه آنفاً في هذا البحث، لذك سوف أتناول الأسباب التي تؤدى إلــــى إبطال الحكم من الناحية الشكلية، ولذا فالسؤال المطروح: هل كل مخالفة لأى شرط شكلي تؤدى إلى إبطال حكم المحكم.
فلابد من التفرقة بين الشروط التي تتعلق بمصلحة الأطراف مباشرة وبين الشروط التى وضعها المشرع من أجل التيسير في عمل هيئة التحكيم وتنفيذ الحكم.
وبذلك يكون حكــم التحكيم معرضاً للبطلان وفقاً للمادة (١/٥٣ز) من قانون التحكيم المصرى، والأمر كذلك في قانون المرافعات الفرنسي الذي أوجب أنَّ يصدر الحكم بعد محاولات سرية (م ١٤٦٩).
وكذلك الأمر في حالة عدم صدور الحكم كتابة أو عدم توقيعــه مـــن أغلبية المحكمين، وعدم إثبات الحكم لأسباب عدم توقيع الأقلية، استناداً للمادة (٤٣) من قانون التحكيم المصرى والمادة (٤١) من قانون التحكيم الأردني، فإنَّ ذلك يعرض الحكم للبطلان، بسبب أنَّ الأمر يمس مصالح الأطراف بشكل مباشر، ولذلك فإنه يعد سببا للبطلان.
كما أنَّ عدم تسبيب الحكم في حالة عدم اتفاق الأطراف علـى عـدم التسبيب أو فى حالة اختيار الأطراف لقانون يطبق على الإجراءات يقتضى التسبيب، فإنَّ خلو الحكم من النقض المصرية في قرار لها بأنه: (إذا كان الثابت من الأوراق أنَّ الطاعن حضر بشخصه أمام محكمة الاستئناف وخلا من محضر الجلسة، مما يفيد تمسك الطاعن بما يثيره في سبب النص من تمسكه أمام محكمة الاستئناف فبطلان الحكم لخلوه من الأسباب بالمخالفة لأحكام المادة (٢/٤٣، ٣) من قانون التحكيم المصرى رقم ١٩٩٤/٢٧، وخلو الأوراق من اتفاق طرفي التحكيم على أن يكون التحكيم مسبباً، فإنه لا يجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لعدم تعلق تسبيب الحكم بالنظام العام.
أما فيما يتعلق بموضوع إيداع نسخة من الحكم قلم المحكم المختصة، فقد أوجبت المادة (٤٧) من قانون التحكيم المصرى إيداع نسخة الحكم قلم المحكمة المختصة، وكذلك المادة (١٤٧٧) من قانون المرافعات الفرنسي التي أوجبت أيضاً إيداع النسخة وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية في الطعن رقم ٢١ لسنة ٤٤ ق جلسة ١٩٧٨/٢/١٥.
أما فيما يتعلق بالبيانات التي يشتمل عليها حكم التحكيم، فمنها ما هـو ضروری وجوهرى ويمس مصالح الخصوم، وبالتالى فإنَّ أى إغفال له يعتبر سبباً للطعن بالبطلان، ومنها ما لا يعد كذلك.
أما فيما يتعلق بعدم ذكر أسماء المحكمين في القانون الفرنسي، فإن ذلك يرتب البطلان طبقاً لنص المادة (١٤۸۰) من قانون المرافعات الفرنسي كون هذه البيانات تسمح بالتأكيد من أنه هو المحكم الذي سماه الخصوم فى وثيقة التحكيم وأنه شخص طبيعي وليس اعتبارى، وعلى عكس كــل مـن القانون المصرى أو الأردنى فعدم ذكر أسماء المحكمين لا يؤدى إلى أبطال حكم التحكيم إذ أنَّ مثل هذه المخالفة ليس من شأنها الإضرار بالأطراف.
أما بالنسبة للبيان الجوهرى المتعلق بصورة اتفاق التحكيم، فإنَّ إغفال ذلك يؤدى إلى اعتباره سببا للبطلان، وذلك للتحقيق من صدور حكــم المحكمين في حدود سلطاتهم المستمد من اتفاق التحكيم ورعاية لمصالح الخصوم، مما يؤدى إلى المساس بمصالحهم، لذلك فإنَّ إغفاله يــؤدي إلــى البطلان، وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية بضرورة بيان صورة اتفاق تحكيم .
أما بيان تاريخ إصدار الحكم ومكانه، فإنَّ إغفال هذه البيانات لا يعــــد سبباً لبطلان الحكم، وهذا ما قضت به محكمة التمييز الأردنية في قرار لهـا أنه لا يعنى عدم ذكر التاريخ بطلان الحكم ولا يمنع من تصديقه.