الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / بطلان الاجراءات / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / البطلان المؤثر في حكم التحكيم / بطلان الاجراءات

  • الاسم

    عادل علي محمد النجار
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    609
  • رقم الصفحة

    224

التفاصيل طباعة نسخ

حكم التحكيم وان كان عملا قانونيا متميزا إلا انه إجراء من إجراءات خصومة التحكيم، ولما كان المشرع قد رسم لهذا الإجراء نموذجا محددا، يتمثل في قواعد منظمة لإصداره، وبيانات معينة يشتمل عليها، فان مخالفتها تؤدي إلى بطلان الحكم.

   حكم التحكيم قد يكون صحيحا في ذاته، بان يكون مطابقا للنموذج الذي رسمه القانون، إلا انه يبطل تأثرا بالإجراءات السابقة التي بني عليها، وبتعبير أخر، لما كانت خصومة التحكيم مجموعة من الإجراءات المتتالية أو المتتابعة، ولما كان حكم التحكيم هو الإجراء الأخير في تلك الخصومة، فلابد وان يكون قد بني على ما سبقه من إجراءات، فإذا كانت تلك الإجراءات باطلة فان ذلك يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم.

  والواقع أن بطلان الحكم – قضائيا كان أو تحكيميا- نتيجة لبطلان الإجراءات التي بني عليها تمليه اعتبارات منطقية و إجرائية عامة.

  ونظرا لطبيعة تلك الاعتبارات نجد أن المشرع المصري قد اعتبر بطلان الإجراءات المؤثر في الحكم سببا من أسباب بطلان حكم التحكيم، سواء في قانون التحكيم الحالي أو في القوانين السابقة؛ فقد أجازت المادة [849] من قانون المرافعات رقم (77) لسنة 1949 رفع دعوى ببطلان حكم التحكيم " إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات اثر في الحكم ' ما نصت عليه أيضا المادة [٥١٢] من قانون المرافعات رقم (١٣) لسنة ١٩٦٨، ولم يختلف الوضع بعد أن ألغيت المواد المنظمة للتحكيم في القانون السابق، بصدور قانون التحكيم الحالي رقم (٢٧) لسنة ١٩٩٤، حيث أجازت المادة [1/53/ز] رفع دعوى بطلان حكم التحكيم " إذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم".

  وعلى الرغم من إشارة الفقه السابق لهذا القصور، فان المشرع لم يستدرك ذلك في القانون الجديد، فلم يضمن تلك الحالة، بنصها، في المادة[53] والتي تعدد حالات البطلان، وان كان قد أدرج بطلان الإجراءات كحالة من حالات بطلان حكم التحكيم، إلا انه استخدم للتعبير عنها صياغة غير دقيقة.

وقد تضمن قانون التحكيم الانجليزي النص على هذه الحالة في المادة [68] حيث تناولت تلك المادة الطعن في حكم التحكيم لوقوع مخالفة إجرائية جسيمة أثرت في هيئة التحكيم أو في الإجراءات أو في الحكم، وعرفت المادة السابقة المخالفة الإجرائية الجسيمة بأنها إحدى الفئات الواردة حصرا في الفقرة الثانية، وبالنظر إلى ما يعد مخالفة إجرائية مؤثرة، وفقا لمفهوم المادة السابقة نجد أنها أكثر اتساعا من تلك المقصودة في الفقرة(ز) من المادة [1/53] من قانون التحكيم المصري إذ تشمل مسائل تتعلق بالاختصاص، كتجاوز هيئة التحكيم لصلاحيتها، الفقرة(ب) وعدم الفصل في كل المسائل المطروحة على هيئة التحكيم الفقرة (د)، وتجاوز المركز التحكيمي أو أي مؤسسة أو شخص منحه الأطراف صلاحيات تتعلق بالإجراءات، الفقرة(هـ)، كما تشمل مسائل تتعلق بحكم التحكيم ذاته، كغموض منطوق الحكم أو عدم اشتماله على الشروط الشكلية، الفقرتين (و، ح) أو بمضمون الحكم كتعارضه مع النظام العام، الفقرة (ز).

أما بقية الفئات الواردة في المادة [٢/٦٨] فإنها تشكل مخالفات إجرائية بالمعنى المقصود في الفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم المصري " مخالفات إجرائية سابقة على صدور الحكم " وهي عدم امتثال هيئة التحكيم للواجب العام المفروضة عليها بموجب المادة [۱/۳۳]، الفقرة (أ)، وعدم مراعاة الإجراءات الاتفاقية، الفقرة (ج)، والحصول على حكم التحكيم بوا الغش أو بطريقة مخالفة للنظام العام، الفقرة (ز)، أو أية مخالفة إجرائية أخرى اعترفت بوقوعها هيئة التحكيم أو المركز التحكيمي أو أي شخص خوله الأطراف صلاحيات تتعلق باجرات التحكيم، الفقرة (ط).

وقد تضمنت العديد من قوانين التحكيم العربية النص على حالة بطلان الإجراءات المؤثر في الحكم، كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم، كالمادة [1/50/ز] من قانون التحكيم السوري رقم (4) لعام ٢٠٠٨، والمادة [7/1/49] من قانون التحكيم الأردني رقم (۳۱) لعام ٢٠٠١، والمادة[6/43] من قانون التحكيم الفلسطيني رقم (3) لعام ۲۰۰۰ ، والمادة [1/53/ز] من قانون التحكيم العماني رقم (47/97) لعام ١٩٩٧، والمادة [١/٢١٦/ج] من قانون الإجراءات المدنية الاتحادي في الإمارات رقم (۱۱) لعام 1993، والمادة[١٨٦/ج] من قانون المرافعات الكويتي رقم (۳۸) لعام ١٩٨٠.

   كما أشارت بعض قوانين التحكيم الأجنبية إلى مضمون الحالة التي نصت عليها الفقرة (ز) من المادة[1/53] من قانون التحكيم المصري – تأثير بطلان الإجراءات أو المخالفات الإجرائية على الحكم، كسبب من أسباب بطلانه من تلك القوانين:

- قانون التحكيم السويدي رقم (١١٦) لعام ١٩٩٩:

فوفقا للمادة [34] " يمكن طلب إبطال حكم التحكيم، في الحالات الآتية، كليا أو الجزئيا، بناء على طلب احد الأطراف:

- قانون التحكيم النرويجي لعام ٢٠٠٤:

 فوفقا للمادة [5/43] يمكن إبطال حكم التحكيم بواسطة القضاء إذا الإجراءات خلافا لقانون مكان التحكيم أو خلافا لاتفاق الأطراف، واثر ذلك في الحكم".

- قانون التحكيم الدولي التركي رقم (4686) لسنة ٢٠٠١:

فبناء على المادة [١/١٥] ، يجوز طلب إبطال حكم التحكيم إذا " لم تتم إجراءات التحكيم وفقا لما اتفق عليه الطرفان، أو إذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق- وفقا لأحكام هذا القانون، بشرط أن تؤثر تلك المخالفة في مضمون حكم التحكيم ".

قبل البدء في بيان مفهوم وشرط الإجراء الباطل المؤثر في الحكم، كحالة من الحالات التي يجوز بناء عليها رفع دعوى البطلان، يتعين الإشارة إلى أوجه الاختلاف بين هذه الحالة وبين حالة بطلان الحكم لبطلان الاتفاق على التحكيم، فعلى الرغم من أن بطلان الحكم في كلتا الحالتين يكون راجعا إلى عمل قانوني سابق على صدوره وليس لعيب ذاتي في الحكم، فهو اتفاق التحكيم في الحالة الأولى، وإجراء من إجراءات خصومة التحكيم في الحالة الثانية، إلا أنهما يختلفان في عدد من النقاط :

اثر بطلان العمل السابق على الحكم: نظرا لأن اتفاق الأطراف يشكل أساس التحكيم ومنه ينبثق الحكم، فان المشرع قد افترض أن بطلانه لا مجالة مؤثر في الحكم الصادر بناء عليه، ولذا كان بطلان الاتفاق في كل الأحوال مؤديا إلى بطلان الحكم، أما بطلان إجراء من إجراءات الخصومة فليس بالضرورة أن يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم، فقد لا يبنى عليه الحكم، ولذا قيد المشرع بطلان الإجراء بان يكون مؤثرا في الحكم.

إعادة النظر في حكم التحكيم: تعطي قوانين التحكيم، في أنظمة القانون العام، المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان، صلاحية إحالة حكم التحكيم إلى هيئة التحكيم لإزالة أسباب البطلان وهو ما يعرف بـ Remission إلا أن إعمال تلك الوسيلة مقصور على حالات البطلان تمت المتعلقة بالإجراءات، ولا مجال لإعمالها عندما يكون بطلان حكم التحكيم راجعا إلى اتفاق التحكيم، وهو ما تنص عليه صراحة بعض قوانين التحكيم التي اعتمدت تلك الوسيلة، كالمادة [٢٤] من قانون التحكيم في هونج كونج –التحكيم المحلي والمادة [۲/۳۳] من قانون التحكيم مفهوم الإجراء الباطل المؤثر البرازيلي.

 

مفهوم الإجراء الباطل المؤثر في حكم التحكيم

  سبقت الإشارة إلى أن قانون التحكيم المصري قد استخدم في التعبير عن الحالة محل البحث "بطلان الإجراءات المؤثر في الحكم " ذات التعبير الذي استخدمه قانون المرافعات بصدد بيان حالات الطعن بالنقض، وانه يتعين الاسترشاد بتوجهات محكمة النقض – وكذا أقوال الفقه – في تفسير تلك الحالة. وسبقت الإشارة أيضا إلى أن حكم التحكيم وان كان عملا قانونيا متميز إلا انه إجراء من إجراءات خصومة التحكيم، ولذا فان نصا آخرا ينبغي أن يكون ماثلا أمامنا، أيضا، في هذه المحاولة لتحديد مفهوم الإجراء الباطل المؤثر في الحكم، وهو نص المادة [٢٤] من قانون المرافعات المصري والذي يقرر انه " لا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه أو الإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه "، ويقابل هذا النص في قانون المرافعات اليمني المادة [51] والتي نصت على انه " لا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه ولا الإجراءات اللاحقة عليه التي لا تكون مبنية عليه، أما الإجراءات المترتبة عليه فتبطل تبعا لبطلانه ".

  وقد جاءت العديد من أحكام القضاء- سواء فيما يتعلق بالحكم القضائي أو بحكم التحكيم – مؤكدة أن العبرة في مدى تأثير الإجراء الباطل في الحكم هي بالنظر إلى استناده أو عدم استناده على الإجراء الباطل، فقضي ببطلان حكم التحكيم وفقا للفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم المصري لاستناده على إجراء باطل اثر في قضائه، حيث استناد حكم التحكيم إلى معاينة باطلة، فبعد أن خلصت المحكمة إلى بطلان المعاينة التي أجرتها هيئة التحكيم لعدم تحرير محضر تبين فيه هيئة التحكيم الأعمال المتعلقة بالمعاينة، وما أسفرت عنه حتى يتمكن مدعي البطلان من إبداء دفاعه بشأنها، ولعدم توقيع كاتب حضر أجراءتها، بينت في حيثيات حكمها وجه تأثير بطلان المعاينة في الحكم بالقول؛ أن هيئة التحكيم قد استندت على تلك المعاينة في قضائها بأحقية المحكوم له في حبس باقي ثمن محل الأرض محل النزاع، وبمسئولية المحكوم عليه عن عدم تمكين المحكوم له من حيازة الأرض، وكذلك استندت هيئة التحكيم على المعاينة - الباطلة – في تقدير قيمة التعويض الذي قضت به.

وقضي بأنه إذا استند حكم التحكيم على ما قدمه احد الخصوم بعد حجز الدعوى للحكم، دون اطلاع الخصم الأخر عليه، فانه يكون باطلا وفقا للفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم المصري .

وقضي ببطلان الحكم الذي اعتمد في قضائه على تقرير خبير باطل، لعدم سلامة تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم التمهيدي بندب الخبير.

  لا شك أن الاتجاه الفقهي والقضائي السابق قد اقترب كثيرا في تحديد مفهوم الإجراء الباطل المؤثر في الحكم، فلا يمكن اعتبار بطلان إجراء من إجراءات التحكيم قد اثر في الحكم إذا لم يكن هذا الأخير قد استند إليه، ولكن هل يكفي مجرد استناد الحكم إلى الإجراء الباطل للقول بوقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم أم انه يتعين، بالإضافة إلى ذلك، النظر إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم في ضوء استناده إلى الإجراء الباطل، بحيث يمكن القول انه لولا وقوع الإجراء الباطل الذي استند إليه الحكم لصدر الحكم متخذا وجها أخرا ؟

  في كثير من الحالات يكتفي بالإشارة إلى استناد الحكم على الإجراء الباطل للقول بوقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم، إلا أن هذا لا يعني عدم الاعتداد بالنتيجة التي انتهى إليها الحكم في ضوء استناده إلى الإجراء الباطل، إذ يكون- في تلك الحالات- اثر الصلة بين العيب الإجرائي وبين الحكم واضحا في التقدير الذي تضمنه قضاء الحكم في الموضوع، فعلى سبيل المثال، عندما يقتصر منطوق الحكم على القضاء بالتعويض، مستندا في ذلك على تقرير خبير، ويكون ذلك التقرير باطلا، لعدم تمكين الخصوم من الاطلاع عليه ومناقشته، فلا شك هنا انه لولا استناد الحكم إلى تقرير الخبير لصدر الحكم متخذا وجها أخرا غير الوجه الذي صدر به.

وقد تضمن قانون التحكيم الأردني الجديد، صياغة واضحة للحالة محل البحث تشير إلى أن مسألة تأثير بطلان الإجراء في الحكم، مسألة يتم بحثها بعد تحقق استناد الحكم على الإجراء الباطل، فبناء على الفقرة السابعة من المادة [49/] - يمكن إيطال حكم التحكيم إذا استند الحكم على إجراءات تحكيم باطلة أثرت فيه. "

وقد وردت بعض الأحكام القضائية التي تضمنت الإشارة إلى مفهوم تأثير بطلان الإجراء في الحكم بالمعنى السابق، مبينة أن المقصود بتأثير بطلان الإجراء في الحكم هو ما يترتب على استناد أو تعويل الحكم على الإجراء الباطل من اثر في تكوين عقيدة المحكمة أو المحكم، فقضي انه حتى نكون بصدد بطلان اثر في الحكم فيجب أن يكون الحكم قد عول على شيء مما جاء بالمذكرة التي لم يطلع عليها الخصوم، والتي أثرت في تكوين عقيدة المحكمة.

وقضي ببطلان حكم التحكيم بناء على الفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم المصري، لابتنائه على إجراءات باطلة، حيث اعتمدت هيئة التحكيم في قضائها على تقرير خبير قدم بعد حجز الدعوى للحكم، ولم تتح الفرصة للخصم الأخر لمناقشته والرد عليه، وعلى الرغم من استناد هيئة التحكيم في قضائها على أدلة أخرى، بالإضافة إلى تقرير الخبير- إلا انه لم يكن بالإمكان معرفة مبلغ اثر الدليل الباطل في تكوين عقيدة هيئة التحكيم، والمبدأ المستفاد من هذا الحكم هو إمكانية إثبات عدم تأثير بطلان الإجراء في الحكم رغم استناده إليه، لان تأثير بطلان الإجراء في الحكم يكون بمدى إسهام الإجراء الباطل في تكوين عقيدة المحكم وبالتالي اختلاف نتيجة الحكم تبعا لذلك.

  كما تم تأكيد مفهوم تأثير بطلان الإجراء في حكم التحكيم، بالمعنى المتقدم، في سياق رفض تنفيذ حكم التحكيم عند الاحتجاج بوقوع مخالفات إجرائية في خصومة التحكيم، وتطبيقا لذلك قضي في هونج كونج بعدم رفض طلب تنفيذ حكم التحكيم لأن نتيجة التحكيم ما كانت لتتغير حتى لو أتيحت للمنفذ ضده فرصة العرض قضيته، وكان المنفذ ضده في هذه القضية قد طلب رفض تنفيذ حكم التحكيم استنادا إلى المادة[1/36/أ] من القانون النموذجي، لأنه لم يتمكن من عرض قضيته بصورة كاملة، حيث أجرت هيئة التحكيم تحرياتها عند مباشرة الإجراءات، وكان يتعين إعلانه بتلك النتائج، ورغم أن محكمة الدرجة الأولى قد خلصت إلى وقوع مخالفة إجرائية من هيئة التحكيم إلا أنها قضت بعدم رفض التنفيذ لأن نتيجة حكم التحكيم ما كانت لتتغير رغم وقوع تلك المخالفة.

  وقضت محكمة استئناف Hamburg في ألمانيا بأن عدم إرسال هيئة التحكيم لصورة من المستندات المقدمة من احد الخصوم إلى الخصم الأخر، لا يشكل إخلالا بالقواعد الإجرائية الملزمة يسوغ رفض تنفيذ حكم التحكيم إلا إذا كانت T 700 تلك المخالفة ستؤدي إلى تغير نتيجة الحكم.

   أن النظر إلى التقدير الذي يتضمنه الحكم لمعرفة مدى تأثير بطلان الإجراء فيه، قد يثير شكا في أن تلك الخطوة رقابة موضوعية على حكم التحكيم، والواقع أن تلك الخطوة لا تعدو عن أن تكون رقابة على الطريقة المنظمة لتكوين ذلك التقدير، لا على موضوع التقدير ذاته، فهي في جوهرها رقابة إجرائية.

وتطبيقا لذلك قضي بأنه " ولئن كان قبول مذكرات أو أوراق قدمت من احد الخصوم دون اطلاع الخصم الأخر عليها جزاؤه البطلان، إلا أن هذا البطلان لا يصلح سببا للطعن بالنقض وفقا للمادة [٢/٢٤٨] " وقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم " إلا إذا كان من شأن ذلك البطلان التأثير في الحكم، وإذا كان الطاعن لم يبين في سبب النعي ما أحتوته مذكرة المطعون ضدها من دفاع حرم من مناقشته وكان له اثر في الحكم المطعون فيه، فان نعيه ببطلان الحكم يكون غير مقبول.

   وقضى أيضا بان إغفال حكم التحكيم بيان واقعة المعاينة التي أجرتها هيئة التحكيم، لا اثر له في صحة الحكم، طالما لم يبين المدعي ما أسفرت عنه المعاينة، واثر إغفالها في قضاء حكم التحكيم.

  كما قضي في السويد برفض دعوى بطلان حكم التحكيم، والتي استندت على عدة أسباب من بينها، وقوع مخالفات إجرائية أثناء الخصومة من المحتمل أن تؤثر على نتيجة الحكم، بناء على المادة [6/1/34] من قانون التحكيم السويدي، حيث وجدت المحكمة أن المدعي اخفق في إثبات وقوع تلك المخالفات، فضلا عن إثبات تأثيرها في نتيجة الحكم.

نطاق تطبيق القيد الوارد في الفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم المصري:

اشرنا في مقدمة هذا الفصل إلى أن تنظيم حالات بطلان حكم التحكيم المتعلقة بالإجراءات في قانون التحكيم المصري قد جاء في صورتين؛ الأولى: النص على مخالفات إجرائية محددة كأسباب للبطلان، كتعذر تقديم دفاع احد الأطراف، أو تشكيل هيئة التحكيم على نحو مخالف للقانون أو لاتفاق الأطراف، أما الصورة الثانية: فهي اعتبار بطلان أي إجراء من إجراءات التحكيم سببا لبطلان الحكم بشرط أن يكون ذلك البطلان مؤثرا في حكم التحكيم ، فهل ينطبق القيد الذي أوردته الفقرة (ز) " تأثير بطلان الإجراءات في الحكم " على حالات البطلان المتعلقة بالإجراءات التي ورد النص عليها صراحة كأسباب لبطلان الحكم، كالإخلال بحق الدفاع والمخالفات المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم ؟

ونعتقد أن القيد الوارد في الفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم : المصري لا ينطبق على حالات بطلان الإجراءات التي ورد النص عليها في القانون كأسباب مستقلة لدعوى البطلان، فإذا تحققت إحدى تلك الحالات فان ذلك يكون سببا كافيا لإبطال الحكم دون الحاجة للبحث عن مدى تأثيرها في الحكم، لأن المشرع لم يضع مثل ذلك القيد في تلك الحالات، ولذا قضي بان تعيين المحكم بأمر على عريضة يقع باطلا لحصوله بغير الإجراءات التي يتطلبها القانون، وان هذا البطلان يمتد إلى الحكم فيؤدي إلى بطلانه هو الأخر ، فلم يشر القضاء السابق إلى مسألة مدى تأثير البطلان المتعلق بتشكيل هيئة التحكيم على الحكم لأن القانون لم يشترط ضرورة تأثير البطلان في تلك الحالة، في الحكم، على اعتبار انه تأثير البطلان في تلك الحالة مفترض. أما حالات بطلان الإجراءات الأخرى فيشترط لاعتبارها سببا لإبطال الحكم، بالإضافة إلى إثبات وقوعها، إثبات تأثير بطلانها على الحكم إعمالا لصريح النص.

   وجاء في التعليق الرسمي على قانون التحكيم في النمسا التأكيد على أن مخالفة تشكيل هيئة التحكيم لأحكام القانون أو لاتفاق الأطراف تشكل سببا لبطلان حكم التحكيم، ولا يشترط في هذه الحالة أن تؤثر المخالفات المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم في نتيجة الإجراءات.

 شروط الإجراء الباطل المؤثر في حكم التحكيم

يتعين توافر عدة شروط لإمكانية طلب بطلان حكم التحكيم لابتنائه على إجراء باطل، ففضلا عن وقوع بطلان في إجراء من إجراءات خصومة التحكيم أو وقوع مخالفة إجرائية، وفقا لتعبير القانون الانجليزي، فيتعين إلا يكون مدعي البطلان قد نزل عن حقه في الاعتراض على بطلان الإجراء، ويشترط، أيضا، أن يكون حكم التحكيم قد استند على الإجراء الباطل. وبالإضافة إلى ذلك فانه لا يجوز لمدعي البطلان التمسك بها ذا كان قد تسبب في وقوع المخالفة الإجرائية التي أدت إلى بطلان الإجراء الذي بني عليه الحكم.

وجـود إجراء باطل

  إن أول شرط لإمكانية طلب بطلان حكم التحكيم لابتنائه على إجراء باطل، أن يتخذ إجراء باطل في خصومة التحكيم.

  ولا يهم بعد موقع الإجراء الباطل في الخصومة، فيستوي أن يكون ذلك الإجراء قد اتخذ في بداية الخصومة، كبطلان طلب التحكيم أو بطلان إعلانه للمحتكم ضده، أو أثناء ء سیر ها، كعدم إرسال ما قدمه احد الطرفين من مذكرات أو مستندات إلى الطرف الأخر، أو عند تحقيقها، كبطلان المعاينة إذا لم يتم تحرير محضر بها(، أو في نهايتها، كإعـادة فتح باب المرافعة لتمكين خصم من تقديم مستند دون إعطاء الخصم الأخر الفرصة للـرد على هذا المستند.

ويستوي أيضا أن يكون الإجراء الباطل قد اتخذ بواسطة الخصوم أو بواسطة هيئة التحكيم.

أما في التحكيم فانه يكفي للاحتفاظ بالحق في مراجعة حكم التحكيم، لوقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم، إثارة الاعتراض على وقوع المخالفات الإجرائية أمام هيئة التحكيم بصرف النظر عن قضائها في ذلك بصحة أو عدم صحة وقوع تلك المخالفات، فإذا رفض الدفع ببطلان الإجراء أو بوقوع مخالفة إجرائية فيستطيع مدعي البطلان أن يتمسك أمام المحكمة المختصة، ببطلان الحكم استنادا إلى وقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم قياسا على ما صرحت به المادة [۳/۲۲] من قانون التحكيم المصري فيما يتعلق برفض الدفوع المتعلقة باختصاص هيئة التحكيم، فقد نصت على انه إذا رفضت هيئة التحكيم فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة[53] من هذا القانون".

عدم نزول مدعي البطلان عن حقه في الاعتراض على الإجراء الباطل

نصت المادة[8] من قانون التحكيم المصري على انه " إذا استمر أحد طرفي بوقوع مخالفة لشرط في اتفاق التحكيم أو النزاع في إجراءات التحكيم مع علمه لحكم من أحكام هذا القانون مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضا على هذه المخالفة في الميعاد المتفق عليه أو في وقت معقول، عند عدم الاتفاق، اعتبر ذلك نزولاً منه عن حقه في الاعتراض".

  وقد تضمن قانون التحكيم اليمني هذا الحكم أيضا، فنصت المادة [9] على انه " إذا لم يعترض الطرف الذي يعلم بوقوع مخالفة لأحكام هذا القانون أو لشرط من شروط اتفاق التحكيم ويستمر رغم ذلك في إجراءات التحكيم دون تقديم اعتراضه في الميعاد المتفق عليه أو في أقرب وقت، يسقط حقه في الاعتراض ويعتبر متنازلاً عنه ما لم تكن المخالفة على وجه لا يجيزه الشرع ".

ونصت المادة (١/٧٣) من قانون التحكيم الانجليزي على انه " إذا شارك احد الأطراف أو استمر في المشاركة في الإجراءات دون أن يقدم أي اعتراض، فورا أو في الوقت المحدد بواسطة اتفاق التحكيم أو بواسطة هيئة التحكيم، أو بواسطة أي حكم من أحكام هذا الفصل ، على :

أن هيئة التحكيم غير مختصة .

أن سير الإجراءات غير صحيح.

أن هناك إخفاق في الامتثال لاتفاق التحكيم أو لأي حكم من أحكام هذا الفصل.

أن هناك أية مخالفات أخرى مؤثرة في هيئة التحكيم أو في الإجراءات.

فانه لا يستطيع أن يثير ذلك الاعتراض لاحقا، أمام هيئة التحكيم أو أمام المحكمة، ما لم يثبت انه، وقت مشاركته أو استمراره في المشاركة في الإجراءات، لم يكن يعلم أو لم يكن يستطيع بجهد معقول اكتشاف أسباب الاعتراض ".

  كما يأتي تقرير هذا الحكم أيضا محققا لتوجه قوانين التحكيم الحديثة والمتمثل في الإقلال من أسباب بطلان حكم التحكيم.

وقد تضمنت العديد من قوانين التحكيم العربية(")والأجنبية(أ) مثل هذا الحكم.

أنواع النـزول:

 وفقا للقواعد العامة في البطلان المنصوص عليها في قانون المرافعات، يجوز للخصم الذي شرع البطلان لمصلحته أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنا ماعدا الحالات المتعلقة بالنظام، المادة[٢٢] من قانون المرافعات المصري والمادة[54] من قانون المرافعات اليمني.

وقضي بان عدم الاعتراض على تعيين المحكم الفرد طوال مدة إجراءات التحكيم حتى صدور الحكم، يعد نزولا عن الحق في الاعتراض طبقا للمادة [8] من قانون التحكيم المصري.

  كما قضي بأنه وان كان المشرع قد اوجب اشتمال بيان الدعوى على بيانات معينة وأي بيانات أخرى يوجب اتفاق الطرفين ذكرها، إلا انه إذا استمر احد طرفي النزاع في إجراءات التحكيم رغم علمه بوقوع مخالفة في هذا البيان وعدم اعتراضه في وقت معقول أو في الوقت المحدد باتفاق التحكيم فان ذلك يعتبر نزولا عن الحق في الاعتراض.

وقضي لذلك بأنه لا يمنع أن يكون المحكم قريبا لأحد الأطراف طالما كان الطرف الأخر عالما بذلك، ولم يرد عن التحكيم، عملا بأحكام المادتين [۹، ۲۳] من قانون التحكيم اليمنى.

أما إذا كان النزول ضمنيا فيجب –بالإضافة إلى توافر الشروط السابقة- تحقق شروطه أو مفترضاته التي أشارت إليها نصوص قوانين التحكيم، المادة [8] من  قانون التحكيم المصري، المادة [9] من قانون التحكيم اليمني، المادة [73] من قانون التحكيم الانجليزي، سواء تعلقت بالخصم؛ علمه بالمخالفة، واستمراره في الإجراءات، وعدم اعتراضه على المخالفة، أو بالمخالفة ذاتها؛ عدم تعلقها بالنظام العام:-

وقد أكدت وجوب تحقق هذا الشرط نصوص قوانين التحكيم المشار إليها سابقا.

    والصورة الجلية لعلم احد الخصوم بوقوع مخالفات إجرائية لاتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام قانون التحكيم هي أن تصدر منه أو أن يتسبب في وقوعها.

  ولكن هل يشترط أن يكون العلم بوقوع المخالفة الإجرائية سبب البطلان علما واقعيا أو فعليا أم يفترض علم الخصم بوقوع المخالفة إذا كان بمقدوره العلم بها؟

  وهكذا أيضا اشترطت المادة [4] من قانون التحكيم النموذجي أن يكون العلم بالمخالفة الإجرائية علما فعليا، فجاء نصها" يعتبر متنازلا عن حقه في الاعتراض الطرف الذي يعلم بوقع مخالفة لحكم من أحكام هذا القانون يجوز للطرفين مخالفته، أو لشرط من شروط اتفاق التحكيم.

 فإذا كان مدعي البطلان قد أسس دعواه بناء على وقوع بطلان في الإجراءات تمثل في وقوع مخالفات إجرائية لاتفاق التحكيم أو لأحكام قانون التحكيم التي يجوز مخالفتها، فان للمدعى عليه أن يتمسك بإعمال المادة [8] إذا اثبت أن خصمه كان يعلم بوقوع تلك المخالفة واستمر رغم ذلك في إجراءات التحكيم، وهذا ينطبق أيضا على قانون التحكيم اليمني الذي لم يفترض علم الخصم بوقوع المخالفة.

   أما وفقا للمادة [73] من قانون التحكيم الانجليزي، فان الخصم الذي لم يعترض على وقوع مخالفات إجرائية لاتفاق التحكيم أو لأحكام قانون التحكيم، فأنه لا يستطيع أن يتمسك بتلك المخالفات كأسباب لبطلان حكم التحكيم إلا إذا اثبت انه" وقت مشاركته أو استمراره في المشاركة في الإجراءات، لم يكن يعلم ولم يكن يستطع بجهد معقول Reasonable diligence اكتشاف أسباب الاعتراض".

إذا علم الخصم بوقوع مخالفة إجرائية لشرط من شروط اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام قانون التحكيم التي يجوز مخالفتها، وشارك أو استمر في المشاركة في الإجراءات، فان ذلك يعتبر نزولا منه عن الحق في الاعتراض على تلك المخالفة، إذ لا تتفق مشاركته أو استمراره في المشاركة في الإجراءات – في هذه الحالة – مع إرادة التمسك بتلك المخالفة.

   ويعد اتخاذ الخصم الذي علم بوقوع المخالفة لأي إجراء من إجراءات التحكيم - بعد وقوع المخالفة – استمرارا في تلك الإجراءات، يتحقق به المفترض الثاني للنزول عن الحق في الاعتراض.

للخصم الذي علم بوقوع مخالفة إجرائية لشرط في اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام قانون التحكيم، أن يستمر في المشاركة في إجراءات التحكيم دون أن يشكل ذلك نزولا منه عن الحق في الاعتراض على تلك المخالفة، وذلك إذا أبدى اعتراضه على المخالفة التي وقعت.

بعض قوانين التحكيم لم تخضع تلك المسألة للسلطة التقديرية لهيئة التحكيم، بل حددت مدة زمنية معينة لإثارة الاعتراض، كالمادة [8] من قانون التحكيم العماني، والتي توجب إثارة الاعتراض خلال ستين يوما من تاريخ العلم بالمخالفة، ما لم يتفق الأطراف على ميعاد أخر.

كما اتفقت نصوص التحكيم السابقة على تخويل الأطراف، حرية الاتفاق على ميعاد معين يتعين خلاله إثارة مثل تلك الاعتراضات.

   وبعدم اعتراض مدعي البطلان على وقوع المخالفة الإجرائية فورا أو في وقت معقول أو في الميعاد المتفق عليه – أن وجد – أو اعتراضه بعد ذلك، يتحقق المفترض الثالث للنزول الضمني، ولا يمكن التمسك بتلك المخالفة كسبب _لدعوى البطلان إلا إن تعلقت بالنظام العام.

بينت المادة [8] من قانون التحكيم المصري أن المخالفات الإجرائية التي يشكل الاستمرار في الإجراءات رغم العلم بها وعدم الاعتراض على وقوعها نزولا عن الحق في التمسك بها، هي تلك المخالفات المتعلقة بالإجراءات التي اتفق عليها الأطراف أو المتعلقة بالإجراءات التي نص عليها القانون والتي يجوز للأطراف الاتفاق على خلافها.

   بينما قضي بان الاستمرار في الإجراءات مع العلم بعدم تحرير محاضر للجلسات – على فرض صحته – دون الاعتراض على ذلك، في وقت معقول أو غيره، يعد نزولا عن الحق في الاعتراض وفقا للمادتين [۸] و [۳/۳۳]من قانون التحكيم المصري.

    بينما ربط الرأي الفقهي الذي يرى تعلق مسألة تدوين محاضر الجلسات بالنظام العام، تلك المسألة بالغاية منها، التأكيد على احترام حقوق الدفاع، وهي غاية تتعلق بالنظام العام، وبالتالي تأخذ تلك المسألة حكم غايتها.

  أما بالنسبة للعبارة التي وردت في نهاية الفقرة الثالثة من المادة [33]، فالواضح – وفقا لهذا الرأي – أن تلك الفقرة تضمنت حكمين يمكن فصلهما؛ الأول، تدوين خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم، والثاني؛ تسليم صورة من محاضر تلك الجلسات إلى كل من الطرفين. ولما كانت غاية الحكم الأول تتصل بالنظام العام، بحيث لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه، فيتعين قصر الاستثناء الذي أوردت عبارة " ما لم يتفقا على غير ذلك " على الحكم الثاني فقط، وبالتالي جواز الاتفاق على عدم إلزام هيئة التحكيم بتسليم صورة من محاضر بلسات إلى الأطراف.

  والراجح، كما نعتقد، أن مسألة تدوين محاضر جلسات التحكيم تتعلق بالنظام العام العام لاتصال غاية هذا الإجراء بحق الدفاع، ويتعين قصر الاستثناء الوارد في الفقرة الثالثة من المادة [33] على جواز الاتفاق على عدم إلزام هيئة التحكيم بتسليم صورة من محاضر الجلسات للأطراف. وقد اعمل الفقه النتيجة السابقة على نص قانوني مماثل، فعلى الرغم من أن المادة [40] من قانون التحكيم المصري قد خولت الأطراف حرية الاتفاق على الوجه الذي تتم به المداولة، إلا أن الفقه يرى أن تلك الحرية مقيدة بعدم جواز الاتفاق على مخالفة القواعد الآمرة المتعلقة بالمداولة، كوجوب اشتراك جميع المحكمين، واقتصار المداولة على المحكمين الذين نظروا النزاع، وإجرائها بصورة سرية، وإلا ترتب على مخالفة تلك القواعد بطلان الحكم، وللتأكيد على تعلق تدوين محاضر جلسات التحكيم بالنظام العام، فان بعض قوانين التحكيم أوجبت تدوين تلك المحاضر ولم تخول الأطراف الاتفاق على خلاف ذلك، فقد نصت المادة [٣٢/ج] من قانون التحكيم الأردني رقم (٣١) لعام ٢٠٠١ على انه " تدون وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة عنه إلى كل من الطرفين "، وهو ما نصت عليه أيضا المادة [٢٧] من قانون التحكيم الفلسطيني رقم (۳) لعام ٢٠٠٠م .

  فإذا تم تعيين المحكم بغير تلك الطريقة – بأمر على عريضة – فان المشاركة في الإجراءات وعدم الاعتراض على تلك المخالفة، لا يشكل نزولا عن الحق في الاعتراض عليها، ويجوز التمسك بها في دعوى البطلان.

   ومع ذلك فقد قضي بان عدم الاعتراض، رغم طول الإجراءات، على تعيين المحكم بأمر على عريضة يعتبر نزولا عن الحق في الاعتراض، وهو ما يعني عدم تعلق هذه المسألة بالنظام العام.

   أما قانون التحكيم اليمني فقد استدرك هذا الأمر، فبعد أن كان يطلق حكم النزول عن الاعتراض ليشمل أية مخالفة لأحكام قانون التحكيم، أضاف عبارة " ما لم تكن المخالفة على وجه لا يجيزه الشرع ".

  كما أن بعض قواعد التحكيم لا تستثني الأحكام المتعلقة بالنظام العام من نطاق النزول الضمني، كقواعد غرفة التجارة الدولية، ومع ذلك فان إطلاق الحكم بأفتراض النزول، دون الإشارة إلى استثناء ما يتعلق بالنظام العام أو القواعد الإجرائية الإلزامية، لن يؤخذ في الحسبان من قبل المحاكم الوطنية.

   وقد حرصت المادة [73] من قانون التحكيم الانجليزي على تأكيد نطاق هذا الأثر فبينت أن الطرف الذي يستمر في المشاركة في الإجراءات دون الاعتراض، حالا أو في الوقت المحدد، على المخالفات التي قد تقع " لا يستطيع أن يثير ذلك الاعتراض لاحقا، أمام هيئة التحكيم أو أمام المحكمة ".

إذا عبر احد الخصوم عن رغبته في التنازل عن البطلان، صراحة أو ضمنا، فلا يحق له العدول عن تنازله، فالنزول عن البطلان يقع باتا فلا يجوز التحلل من آثاره. وقد أشارت بعض قواعد التحكيم إلى الصفة النهائية للنزول عن الحق في الاعتراض وعدم قابلية للرجوع عنه، كالمادة [۱/۳۲] من قواعد محكمة لندن للتحكيم، فقد بينت أن الطرف الذي يعلم أن أي حكم من أحكام اتفاق التحكيم (بما في ذلك قواعد المحكمة) لم يتم مراعاته، ومع ذلك استمر في التحكيم دون أن يقدم اعتراضه فورا، فيعتبر انه قد تنازل، بصورة لا رجعة فيها irrevocably، عن حقه في الاعتراض.

  وقضاء محكمة النقض المصرية مستقر على عدم بطلان الحكم، رغم وقوع إجراءات باطلة سابقة على صدوره، طالما لم يستند إليها الحكم، فلا يبطل الحكم على الرغم من تقديم احد الخصوم مذكرة في فترة حجز القضية للحكم، دون اطلاع الخصم الأخر عليها، طالما لم يعول الحكم على شي مما جاء فيها، وإذا رفضت المحكمة إعادة فتح باب المرافعة للرد على مذكرة الخصم الأخر، فان ذلك لا يؤدي إلى بطلان الحكم طالما لم يعول على ما جاء بتلك المذكرة.

   أما إذا استند الحكم على إجراء باطل فانه يمكن طلب إبطاله لوقع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم، وتطبيقا لذلك قضي بأنه إذا رفضت هيئة التحكيم طلب احد الخصوم إعادة فتح باب المرافعة من اجل الاطلاع والرد على تقرير الخبير، ومع ذلك اعتمدت على ذلك التقرير في قضائها، فإنها تكون بذلك قد أخلت بحق الدفاع وشاب الإجراءات أمامها بطلان اثر في الحكم.

   ومسألة تقدير توافر الصلة بين الحكم والأجراء الباطل، من مسائل الواقع التي تخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.

   وقد تضمنت المادة [7/49] من قانون التحكيم الأردني الجديد، في بيانها لحالة بطلان الإجراءات المؤثر في الحكم، تعبيرا صريحا عن هذا الشرط، حيث جاء نصها " أو استند الحكم على إجراءات تحكيم باطلة أثرت فيه"

   وإذا قدم مستند بلغة غير لغة التحكيم، وبدون ترجمة، فان مسألة صحة حكم التحكيم لا تثار، إذا كانت هيئة التحكيم قد استبعدت ذلك المستند ولم تشر إليه في حكمها. وإذا كانت هيئة التحكيم قد قبلت مستند من احد الأطراف دون أن تعطى الطرف الأخر الفرصة لمناقشته، فان هذا لا يعد سببا لإبطال حكم التحكيم، طالما أن هيئة التحكيم قد أصدرت حكمها دون الاعتماد على هذا المستند.

   ويمكن أن يكون استناد حكم التحكيم على الإجراء الباطل كليا أو جزئيا، ومثال الاستناد الجزئي، أن يقضي المحكم بمسئولية المحكوم عليه، مستندا في ذلك على إجراءات صحيحة، إلا انه استند في تقدير قيمة التعويض على إجراء باطل، كمعاينة لم يحرر محضر بإجرائها. بيد انه إذا استند الحكم على عدة إجراءات، وكان احدها باطلا، ولم يكن بالإمكان معرفة مبلغ اثر الإجراء الباطل في تكوين عقيدة هيئة التحكيم فان الحكم يكون في تلك الحالة باطلا، لابتنائه على إجراءات باطلة أثرت فيه.

عدم تسبب مدعي البطلان في وقوع الإجراء الباطل

   ولا يستثنى من نطاق تطبيق تلك القاعدة إلا البطلان المتعلق بالنظام العام أو إذا كان الإجراء معدوما، وتطبيقا لذلك قضي بان عدم جواز التمسك ببطلان الإجراء من الخصم الذي تسبب فيه وفقا لنص المادة [٢١] من قانون المرافعات مقصور على حالة بطلان الإجراء غير المتعلق بالنظام العام أما إذا كان بطلان الإجراء متعلقا بالنظام العام أو إذا كان الإجراء معدوما، فانه لا يرتب أثرا ويجوز لهذا الخصم التمسك بانعدام آثاره في جميع الأحوال.

   وهكذا فإذا تعلق البطلان بالنظام العام فلكل طرف من أطراف التحكيم أن يتمسك به سواء كان هو المتسبب في البطلان أم لا، كما يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها الحكم بالبطلان.

   وتفريعا على ما سبق، فلا يجوز لمدعي البطلان أن يتمسك ببطلان حكم التحكيم لوقوع بطلان في الإجراءات اثر في الحكم إذا كان هو من تسبب في ذلك البطلان() - ما لم يكن متعلقا بالنظام العام، وإلا فلخصمه أن يدفع بعدم أحقيته التمسك بهذا البطلان، وعلى المحكمة الرد على ذلك، باعتباره دفاعاً جوهريا قد يتغير به وجه الرأي في دعوى البطلان و إلا كان حكمها مشوبا بالقصور في التسبيب.

   ولا يختلف هذا الوضع في قانون التحكيم اليمني فلم يصرح أيضا ببطلان أي إجراء من إجراءات التحكيم كجزاء لأي عيب شكلي في الأعمال الإجرائية في خصومة التحكيم.

   ومع ذلك فإننا نجد أن المادة [38] من قانون التحكيم المصري والمادة [44] من قانون التحكيم اليمني قد أحالتا فيما يتعلق بأحوال انقطاع خصومة التحكيم وشروطه وآثاره إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقد نصت المادة [۱۳۲] من قانون المرافعات المصري والمادة[٢٠٨] من قانون المرافعات اليمني على بطلان ما يتخذ من إجراءات أثناء فترة الانقطاع، فيقع باطلا كل إجراء يتخذ في تلك الفترة بما في ذلك الحكم الذي يصدر في الدعوى.

   وبناء على ذلك يمكن القول أن بطلان ما يتخذ من إجراءات أثناء فترة انقطاع خصومة التحكيم هي الحالة الوحيدة التي ورد النص فيها على البطلان صراحة - بشكل غير مباشر - في كل من قانون التحكيم المصري واليمني.

   في حالة النص الصريح على البطلان، وهي حالة بطلان الإجراء المتخذ في فترة انقطاع الخصومة، فيكفي إثبات وقوع المخالفة فقط، أي إثبات اتخاذ إجراء ما من إجراءات التحكيم في فترة الانقطاع.

 

ثانيا : النص على المخالفة الإجرائية كحالة من حالات بطلان حكم التحكيم:

   على الرغم من أن نص الفقرة (ز) من المادة [53] من قانون التحكيم المصري يتسع لكل المخالفات الإجرائية التي يتصور حدوثها في خصومة التحكيم، إلا أن القانون تضمن النص على مخالفات إجرائية معينة، كالمخالفات الإجرائية المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم، وتعذر تقديم دفاع احد الأطراف بسبب عدم إعلانه إعلاناً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته، وتحقق إحدى هذه الحالات يكون سببا كافيا لإبطال حكم التحكيم، دون الحاجة للبحث عن مدى تأثير بطلانها في الحكم.

   لإجراء التحكيم بطريقة عادلة وصحيحة يتعين مراعاة توافر حد ادني من المعايير الإجرائية التي تحقق ذلك الهدف، وتلك المعايير تعرف بمبادئ المحاكمة العادلة أو المبادئ الإجرائية الأساسية.

   والمبادئ الأساسية محل اتفاق في معظم الأنظمة القانونية إلا أن القواعد المحددة التي تعد تطبيقات لتلك المبادئ ليست كذلك، لأن كل نظام قانوني يحدد تلك التطبيقات بناء على مفاهيمه الخاصة، فعلى سبيل المثال، يعتبر انتهاكا لمبادئ المحاكمة العادلة، وسببا لإبطال حكم التحكيم، وفقا للقانون الأمريكي، عدم منح الأطراف فرصة للمرافعة الشفوية، في حين أن الإخلال بحق الخصم في الحصول على فرصة كافية لعرض قضيته أو الإخلال بحق الدفاع بمفهومه التقليدي، في أنظمة القانون المدني، يشكل سببا لإبطال حكم التحكيم.

   كما أن كفالة حق الدفاع قد ورد النص عليه مباشرة في الدستور المصري [المادة/69] والدستور اليمني [المادة/49].

   وقد أورد قانون المرافعات المصري تلك المبادئ في نصوص تشريعية متعددة، أما قانون المرافعات اليمني الجديد فقد أفرد مبادئ التقاضي الأساسية فصلا من فصوله بين فيه أهم المبادئ الحاكمة في التقاضي، واستهل تلك المبادئ بالنص على مبدأ المساواة بين الخصوم والتزام القاضي بإعماله [المادة /١٦]، ثم أكد على أن " حق الادعاء والدفاع مكفولان أمام القضاء وفقاً لأحكام القانون" المادة [١٧]، و اوجب على القاضي " المحافظة على مبدأ المواجهة أثناء التقاضي وان يضمن احترامه بين الخصوم. " المادة [١٩]، كما أكد على تقيد القاضي في قضائه بمبدأ الحياد، المادة [۲۱] ، وبالإضافة إلى ذلك أوجبت المادة [18] أن تكون ممارسة حق التقاضي على أساس حسن النية.

   ومن المقرر في قضاء محكمة النقض المصرية أن القانون إذا أناط بجهة ما الفصل في خصومة فانه يتعين عليها وجوب الالتزام بمراعاة المبادئ الأساسية للتقاضي، كتلك المتعلقة بمبدأ المواجهة بين الخصوم، وتمكينهم من إبداء دفاعهم، والتقيد بالطلب.

   وقد أكدت قوانين التحكيم ذلك بالنص على بعض تلك المبادئ أو على تطبيقاتها، كوجوب معاملة الطرفين على قدم المساواة، وتهيئة فرصة متكافئة وكاملة لكل منهما لعرض دعواه والدفاع عنها [المادة/٢٦] من قانون التحكيم المصري والمادة [33] من قانون التحكيم اليمني، وحق كل طرف في الاطلاع على المستندات والمذكرات المقدمة إلى هيئة التحكيم [المادة/31] من قانون التحكيم المصري والمادة [37] من قانون التحكيم اليمني، والعلم بمواعيد الجلسات قبل انعقادها بوقت كاف [المادة/٢/٣٣] من قانون التحكيم المصري والمادة [39] من قانون التحكيم اليمني، وإخطار الأطراف بقرار تحديد مهمة الخبير وبالتقرير الذي أعده المادة/36] من قانون التحكيم المصري والمادة [٤٢] من قانون التحكيم اليمني والحق في المناقشة الحضورية بعقد جلسات مرافعة شفوية لتمكين كل طرف من عرض قضيته وتقديم حججه وأدلته المادة/1/33] من قانون التحكيم المصري والمادة [38] من قانون التحكيم اليمني.

   وقد أجمل قانون التحكيم الانجليزي الإشارة إلى كل تلك المبادئ، فقـد صدر نصوصه ببيان المبادئ التي يقوم عليها القانون؛ والتـي منها، أن الهدف من التحكيم هو الحصول على حل عادل للنزاع بواسطة هيئة تحكيم محايدة، وبـدون تأخير أو تكلفة غير ضرورية.

   ثم ألقى على هيئة التحكيم واجبا عاما تلتزم باحترامه أثناء سير الإجراءات وحتى إصدار الحكم، وهذا الواجب يتمثل في أن تتصرف بطريقة عادلة ومحايدة بين الأطراف، وان تمنح كلا منهم فرصة معقولة لعرض قضيته والـرد على دعوی خصمه، الفقرة الثالثة من [المادة /33] وبالإضافة إلى التأكيد على حق الأطراف في تعيين من يمثلهم أمام هيئة التحكيم من المحامين أو غيرهم المادة/36] وعلى حق الأطراف في الحصول على فرصة معقولة للتعليق على تقرير الخبير[ المادة1/37/أ].

   والمقصود بمبدأ المساواة بين الخصوم في التحكيم؛ المساواة الإجرائية، أي منح كل منهم فرصا متساوية لإبداء طلباتهم ودفوعهم.

    اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن مبدأ المساواة بين ا الأطراف تشكيل هيئة التحكيم من المسائل المتعلقة بالنظام العام الدولي.

    فلكل طرف الحق في الاستماع إلى قضيته، ووسائل دفاعه ودفوعه، وتقديم أدلته، وإتاحة الفرصة له لكي يناقش ما قدمه الطرف الآخر في صحيفة دعواه ودفاعه ووسائل إثباته.

مخالفة مبادئ التقاضي الأساسية وأسباب بطلان حكم التحكيم:

   الأسلوب الأول: النص على المخالفة الإجرائية التي تعد إخلالا بمبدأ من مبادئ التقاضي الأساسية كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم، فيعد سببا لإبطال حكم التحكيم؛ تعذر تقديم احد الأطراف لدفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين المحكم أو بإجراءات التحكيم، ولأي سبب خارج عن إرادته المادة [1/53/ج] من قانون التحكيم المصري، المادة [1/34] من قانون التحكيم النموذجي، ويمكن إبطال الحكم وفقا لقانون التحكيم الأمريكي الموحد- المعدل في ٢٠٠٠م – إذا أجري التحكيم بدون إخطار صحيح بطلب التحكيم وفقا لما تتطلبه المادة [9] واضر ذلك بحقوق جوهرية لأحد الأطراف المادة [٦/٦/٢٣] .

الأسلوب الثاني: النص على أن الإخلال بمبدأ أو أكثر من مبادئ التقاضي الأساسية يشكل سببا لبطلان الحكم؛ فيعد سببا لبطلان حكم التحكيم عدم احترام مبدأ المواجهة المادة 1484] من القانون الفرنسي، المادة [۹/۸۲۹] من القانون الايطالي، أو عدم احترام مبدأ المساواة بين الأطراف المادة/١/٩/١٥] من قانون التحكيم الدولي التركي، أو عدم احترام المبدأين السابقين [المادة٢/١٩٠/د] من القانون السويسري()، أو عدم احترام المبدأين السابقين بالإضافة إلى مبدأ الحياد، المادة/٣٢ ] من القانون البرازيلي.

الأسلوب الثالث: النص على أن عدم مراعاة المبادئ الأساسية للإجراءات يشكل سببا للبطلان، وذلك دون تحديد تلك المبادئ، ويأخذ بهذا الأسلوب قانون التحكيم النمساوي [المادة/٢/٦١١] وقانون التحكيم السويدي [المادة/3/33] وقانون التحكيم التونسي- فيما يتعلق بالتحكيم الداخلي- [المادة٤٢]، ويمكن الإشارة هنا إلى المادة [١/٥٢] من اتفاقية واشنطن والتي تجعل من أسباب بطلان حكم التحكيم، إهمال خطير للقواعد الأساسية في الإجراءات. كما يمكن اعتبار قانون التحكيم الانجليزي من القوانين التي تأخذ بهذا الأسلوب، حيث يعد إخلال هيئة التحكيم بواجبها العام المبين في المادة [1/33] إحدى المخالفات الجسيمة التي يجوز بناء عليها طلب إبطال حكم التحكيم وفقا للمادة [68]، والواجب العام الذي حددته المادة [1/33] هو أن تتصرف بطريقة عادلة ومحايدة بين الأطراف وان تعطي كل منهما الفرصة الكافية لعرض دعواه والرد على خصمه.

   والنتيجة التي يمكن استنتاجها من استقراء الأساليب التشريعية في التعامل مع مخالفة مبادئ التقاضي الأساسية كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم، هي أن النص على الإخلال بمبدأ معين أو أكثر أو على المخالفات الإجرائية التي تعد تطبيقا للإخلال بها لا يعدو أن يكون مزيدا من الاهتمام، من القوانين التي تبنت هذا الأسلوب، بتلك المبادئ أو معالجة للمخالفات الإجرائية الأكثر شيوعا والتي تعد إخلالا بأحد تلك المبادئ أو بتطبيقاته، ولا يعني بحال عدم وقوع حكم التحكيم تحت طائلة البطلان إذا لم تحترم بقية المبادئ غير المنصوص عليها، فمبادئ التقاضي الأساسية واجبة الاحترام ولو لم يرد بها نص، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فان النص على عدم احترام المبادئ الإجرائية الأساسية، كسبب من أسباب بطلان حكم التحكيم، هو الأسلوب الأكثر دقة فهو لا يثير شكا شموله لكل مبادئ التقاضي الأساسية، كما انه أكثر انضباطا من مصطلح في قواعد العدالة الطبيعية ".

  ويمكن الإشارة أيضا إلى الفقرة (ز) من المادة [٢/٦٨] من قانون التحكيم الانجليزي والتي نصت على أن من المخالفات الإجرائية الجسيمة التي تجيز إبطال حكم التحكيم؛ الحصول على حكم التحكيم عن طريق الغش أو إذا كان الحكم " أو الطريقة التي تم الحصول بها عليه " مخالفة للنظام العام ".

   والمخالفات الإجرائية المتعلقة بالنظام العام يمكن تقسيمها حسب مراحل سیر الخصومة، فقد تحدث مخالفة النظام العام الإجرائي في مرحلة تشكيل هيئة التحكيم كعدم احترام مبدأ المساواة بين الأطراف فيما يتعلق باختيار المحكمين، وعدم الإفصاح عن أسماء المحكمين.