هذا وتبدو الأهمية في ذلك معرفة القانون الواجب التطبيق على الإجراءات ليتسنى للمحكمة تطبيقه على الإجراءات أثناء سير الخصومة.
يرى إبعاد التحكيم إقليميا عن كل دولة، وفصل إجراءات التحكيم عن أي نظام قانوني وطني وذلك لتفادي مشكلة التغيرات التشريعية في القوانين الوطنية.
وتختلف القواعد الإجرائية التي تحكم خصومة التحكيم بحسب ما إذا كان الأمر يتعلق بتحكيم خاص أو حر أو تحكيم مؤسسي يتم في إطار هيئات ومراكز تحكيمية دائمة، فالتحكيم المؤسسي لا يثير أي صعوبة فيما يتعلق بالقانون واجب التطبيق على الإجراءات، فمجرد اتفاق المحتكمين على إسناد التحكيم إلى مركز تحكيم يستدل ضمناً . على اتفاقهم على اتباع لوائح وتعليمات هذا المركز بما يشتمل عليه من قواعد إجرائية .
هذا ونجد أن المشرعين المصري والأردني قد اقرا مبدأ حرية اختيار الإجراءات من جانب الأطراف، حيث نصت المادة (25) من قانون التحكيم المصري والمادة (24) من قانون التحكيم الأردني على هذا المبدأ، حيث أعطي لطريف التحكيم حق الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم وإخضاعها لأي منظمة أو مركز تحكيم وفي حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة لحل أي نزاع.
إذ إن لتحديد مكان التحكيم أهمية قصوى فكثيراً ما يتوقف عليه تعيين القانون واجب التطبيق على بعض المسائل الإجرائية إذ تأخذ بعض الاتفاقيات الدولية بمعيار حدود حكم التحكيم لإثبات دوليته كاتفاقية نيويورك الخاصة بشان الاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها في المادة الخامسة منها، حيث تسمح هذه الاتفاقية للدول بأن ترفض الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه إذا كانت إجراءات التحكيم مخالفة لما اتفق عليه الأطراف، أو لقانون مقر التحكيم في حالة عدم الاتفاق ( المادة 5 / 1 / د ).
أما بالنسبة للقانون الفرنسي، فقد ذهب إلى حد بعيد فيما يتعلق بحرية الأطراف في اختيار إجراءات التحكيم، فقد ميز بين التحكيم الداخلي والدولي بهذا الخصوص حيث أفرد لكل منمها نصاً خاصاً فالمادة (1460) من قانون المرافعات تقرر بان هيئة التحكيم تحدد الإجراءات الواجبة الإتباع دون تقيد بقواعد وإجراءات التقاضي أمام المحاكم، إلا إذا اتفق الأطراف على خلاف ذلك في اتفاق التحكيم وإن هيئة التحكيم ملزمة باحترام المبادئ الأساسية الموجهة لسير الخصوم أمام المحاكم.
أما بالنسبة للتحكيم الدولي؛ فقد أقرت المادة (1/1494) من قانون المرافعات حرية الأطراف في تنظيم إجراءات التحكيم بطريق مباشر أو بالإحالة إلى لائحة تحكيم، أو إلى قانون مرافعات معين كما تضيف إليها الفقرة الثانية من نفس المادة بأنه في حالة غياب الاتفاق فإن هيئة التحكيم هي التي تتولى تلك الإجراءات بطريق. مباشر بالإحالة إلى قانون أو لائحة معينة .
وخلاصة القول إن المشرع المصري والمشرع الأردني قد رتبا بطلان حكم. التحكيم في حالة عدم مراعاة بعض قواعد الإجراءات التي حددها القانون، سواء المصري أم الأردني، بشرط أن تكون هذه الإجراءات لها أثر على بطلان حكم التحكيم في المادة 1/53 ز) من قانون التحكيم المصري والمادة 7/1/49) من قانون التحكيم الأردني، فمخالفة قواعد الإجراءات التي حددها قانون التحكيم والتي يترتب على مخالفتها بطلانها، وبالتالي بطلان الحكم تتعلق بمجالات عدم إعلان أحد الخصوم بطلبات خصمه، أو المستندات التي قدمها، أو أي إجراء من إجراءات الإثبات. كما يشتمل هذا السبب إغفال الحكم الرد على دفاع جوهري للخصم. وكذلك ينصرف هذا البطلان إلى القواعد التي أوردها قانون التحكيم في شأن إجراءات التحكيم التي الزم هيئة التحكيم باتباعها وتشمل القواعد المتفرعة عن المبادئ الأساسية للتقاضي منها مبدأ المواجهة بين الخصوم فإذا اتخذ خصم أي إجراء في غيبة خصمه، ولم تمكنه الهيئة من إعداد دفاعه وكان هذا الإجراء جوهرياً؛ حيث يكون له أثر في الحكم لو أتيح للخصم تقديم دفاعه فإن هذا الإجراء يكون باطلاً وبالتالي يبطل الحكم.
وإن أي مخالفة للقانون الإجرائي الذي اتفق الأطراف عليه أو نص القانون على أن يحكم النزاع يدخل ضمن هذا السبب، ويعرض بالتالي حكم التحكيم للبطلان .
تحرير المحكم محضرا بإجراءات التحكيم أمر جوهري كي تستطيع المحكمة الإطلاع على هذا المحضر وأن تعريف المحكمة فيما إذا اتبع المحكم في فصله في النزاع اتفاق التحكيم أو أنه فصل فيه دون مراعاة المبادئ الأساسية في التقاضي، وبالتالي فإن عدم تنظيم محضر تحكيم من قبل المحكم يثبت فيه كيفية السير في نظر النزاع يجعل قراره قراراً كيفياً ويكون القرار الصادر عن محكمة الاستئناف برد طلب التصديق على قرار التحكيم لخروج المحكم عن صلك التحكيم متفقاً والقانون.