الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / بطلان الاجراءات / الكتب / الموجز فى النظرية العامة للتحكيم التجاري الدولي / رفض تنفيذ حكم التحكيم لعدم احترام المحكمين للمهمة المخولة لهم من قبل الأطراف

  • الاسم

    د. حفيظة السيد الحداد
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    منشورات الحلبي الحقوقية
  • عدد الصفحات

    529
  • رقم الصفحة

    514

التفاصيل طباعة نسخ

رفض تنفيذ حكم التحكيم لعدم احترام المحكمين للمهمة المخولة لهم من قبل الأطراف


تنص المادة الخامسة فقرة (۱) (ج) من معاهدة نيويورك على أنه:" لا يجوز رفض الاعتراف والتنفيذ إلا إذا قدم الخصم الدليل على أن الحكم فصل في نزاع غير وارد في مشارطة التحكيم أو في عقد التحكيم أو تجاوز حدودهما فيما قضى به. ومع ذلك يجوز الاعتراف وتنفيذ جزء من الحكم الخاضع أصلاً للتسوية بطريق التحكيم إذا أمكن فصله عن باقي أجزاء الحكم غير المتفق على حله بهذا الطريق".
يستمد المحكم سلطته في الفصل في المنازعة المعروضة عليه والتي اتفقت الأطراف المعنية على عرضها عليه للفصل فيها، من إرادة الأطراف التي تعد المصدر الأصلي الذي يشتق من المحكم كل سلطة وسلطان، ولذلك فإنه يبدو من المنطقي أن يتقيد المحكم عند فصله في المنازعة وإصداره الحكم فيها، بحدود المهمة الموكول له القيام بها على نحو يكون معه من الطبيعي أن يؤدي تجاوزه لأداء هذه المهمة وإصدار حكم تحكيمي في خارج نطاق المسألة المعروضة عليه بناءً على شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم، أن يكون هذا الحكم غير جدير بالتنفيذ، بل وتقرر العديد من الأنظمة القانونية ومن بينها القانون المصري إمكانية الطعن على هذا الحكم بالبطلان.
وتتفق المادة الخامسة فقرة (۱) (ج) مع الفقرة (1) (أ) في أن أساس رفض التنفيذ في كليهما هو غياب الأساس الاتفاقي لمهمة المحكم. ومع ذلك فإن هناك فارقاً بينهما يتمثل في أن غياب الأساس الاتفاقي بشأن الفقرة (۱) (أ) يرجع إلى بطلان اتفاق التحكيم ذاته، أما في شأن الفقرة (۱) (ج) فإن مبعثه ليس بطلان اتفاق التحكيم وإنما يرجع إلى تجاوز المحكم للمهمة الموكول إليه بفصله في منازعة غير واردة أصلاً في اتفاق التحكيم أو لتجاوزه لحدود الاتفاق.
ويثير إعمال نص المادة ٥-١ - مخاوف جدية، إذ يؤدي تطبيقها بشكل آلي إلى فتح الباب على مصراعيه أمام السلطات القضائية المنوط بها تنفيذ حكم التحكيم في التدخل في صميم دور هيئات التحكيم خاصة فيما يتعلق بحدود السلطات المخولة إليها لتفسير ما يدخل في اختصاصها من مسائل وما يخرج عنه.
كذلك فإن تطبيق هذا النص من الناحية العملية قد يؤدي إلى مراجعة موضوعية لحكم التحكيم ذاته وهو الأمر الذي يعوق التحكيم، ويحول بينه وبين تحقيق أهدافه وأهمها التحرر من سيطرة المحاكم العادية وهو ما يتنافى مع معاهدة نيويورك.
وللتخفيف من قسوة النتائج التي يؤدي إليها الإعمال الآلي والحرفي لهذه الفقرة (1) (ج) من المادة الخامسة يشترط القضاء أن يكون التجاوز أو الخروج عن حدود المهمة الموكول للمحكم الفصل فيها خروجاً صريحاً أو تجاوزاً واضحاً حتى يعتد به کمبرر لرفض التنفيذ، وهو ما يفيد ضرورة التفسير المضيق الحالة التجاوز أو الخروج المسبب الرفض التنفيذ.
ومن الأحكام القضائية التي أخذت بالتفسير الضيق لمفهوم التجاوز أو الخروج عن اتفاق التحكيم الحكم الصادر في قضية شركة (راكتا) المصرية ضد شركة Overseas الأمريكية. إذ اعترضت هذه الأخيرة على تنفيذ الحكم الصادر لصالح الشركة المصرية مستندة في ذلك إلى نص المادة الخامسة فقرة (1) (ج) من اتفاقية نيويورك، حيث قضى حكم التحكيم بتعويض قدره ١٨٥٠٠٠ دولار عن خسارة الإنتاج في حين أن الاتفاق المبرم بين الطرفين كان لا يلزم منهما بالمسؤولية عن خسارة الإنتاج، وهو الاعتراض الذي رفضته المحكمة الأمريكية واصدرت الأمر بتنفيذ حكم التحكيم بشأن التعويض عن خسارة الإنتاج والتي لم يتضمنها اتفاق الأطراف.
وإذا كانت المادة الخامسة فقرة (۱) (ج) وضعت حلا للفرض الذي يخرج فيه حكم التحكيم عن حدود النزاع المتفق على حله بالتحكيم أو يجاوز حدود الاتفاق، فإنها وضعت حلاً أيضاً لفرض آخر، وهو الذي يكون هناك حكم تحكيم جزئي صدر في منازعة قابلة للتسوية للتحكيم ويمكن فصله عن بقية الحكم التحكيمي الذي صدر بشأن منازعة لم يتفق على تسويتها بواسطة التحكيم، وقررت إمكانية تنفيذ هذا الحكم الجزئي طالما كانت هناك إمكانية لفصله عن بقية أجزاء الحكم.
119