الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / بطلان الاجراءات / الكتب / الاثار القانونية لقرار التحكيم التجاري الدولي / أسباب البطلان المترتبة عن قرار التحكيم

  • الاسم

    بشير عبد الهادي التميمي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

    285
  • رقم الصفحة

    161

التفاصيل طباعة نسخ

أسباب البطلان المترتبة عن قرار التحكيم

   إن أسباب البطلان في هذا المقصد تترتب على قرار التحكيم ذاتـــه الصادر من المحكمين فتتمحور هذه الأسباب حول خمس نقاط نتناولها ضمن هذا المقصد ، وهي صدور قرار التحكيم التجاري الدولي عن محكمين لم يجر تعينهم طبقا للقانون ، وخروج المحكم عن مهمته وتأمين حق الدفاع، ونواقص قرار التحكيم التجاري الدولي ومخالفة النظام العام الدولي .

أولاً: صدور قرار التحكيم عن محكمين لم يجر تعيينهم طبقا للقانون.

    إن وجود اتفاق تحكيم هو أهم شرط من شروط صحة قرار التحكيم ولكي يلجأ الخصوم إلى التحكيم لابد من وجود اتفاق تحكيم بينهما على حل نزاعهما عن طريق التحكيم. وتعد هذه المخالفة بكيفية تشكيل هيئه التحكيم واختيار المحكمين والشروط اللازم توافرها فيهم .

   وقد نصت غالبية التشريعات على بطلان قرار التحكيم في حالة عدم وجود الاتفاق على التحكيم . مثل ذلك المشرع الفرنسي في المادة (١/١٤٨٤) من قانون المرافعات الفرنسي، والمشرع الهولندي في المادة (۱۰٦٥ (۱) من قانون المرافعات الهولندي ، وكذلك المادة ( ٣٤ /۳/۲) من قانون الأونسيترال النموذجي ، وكذلك المشرع الكويتي في المادة ( ٢/١٨٤) من قانون التحكيم الكويتي والمادة (١/٥٣) من قانون التحكيم العماني والمادة ( ۱۸۰۰) قانون أصول المحاكمات اللبناني رقم (۹۰) لسنة ۱۹۸۳ . 

   أن الذي حل محل أحد طرفي العقد ليس ملزما بالشرط التحكيمي أو يحدث أن يتم تعيين شخص معنوي كمحكم وليس شخصا طبيعيا وهذا يعد مخالفة كما جاء في المادة (١/٧٦۸) من قانون أصول المحاكمات اللبناني فاذا صدر القرار التحكيمي عن شخص معنوي وقع  باطلا ولتفادي إصدار قرار التحكيم من شخص معنوي وتعرضه عندئذ للإبطال، فقد تضمنت المادة (١٧٦٨) من قانون أصول المحاكمات اللبناني رقم ۹۰ لسنة ۱۹۸۳ في إحالة التحكيم الى شخص معنوي اقتصرت مهمته على تنظيم التحكيم ، وفي هذه الحالة يجوز أن يعين المحكم او المحكمون وفقا لنظام الشخص المعنوي هذا، ويشترط هنا صدور القرار عن المحكم بصفته هذه وليس كمفوض عن الشخص المعنوي وإلا اعتبر صادرا عن هذا الشخص (المعنوي) بالذات وتعرض للإبطال.

   أو قيام سبب للرد في شخص المحكم عند تعيينه من دون اطلاع الطرفين المتنازعين عليه على السبب أو قبوله بالمهمة رغم ذلك خلافا للمادة (٢٦٩ / الفقرة الثانية ) مرافعات لبناني والمادة (٢٦١/ الفقرة الثانية ) مرافعات عراقي، فالقرار الذي يصدر عن المحكم في هذه الحالة يعد صادرا عن محكم معين خلافا للقانون، ويكون بالتالي عرضة للإبطال.

   وكما أضاف قانون المرافعات المدنية العراقي رقم ٨٣ لسنة ١٩٦٩ المعدل سببا آخر مانعا من تعيين المحكم بموجب نص المادة (٢٥٥) ،

 

(۱) جاءت المادة (٧٦۸) الفقرة (۱) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني رقم (۹۰) لسنة ۱۹۸۳ على انه : ۱ . لا تولى مهمة المحكم لغير شخص طبيعي وإذا عين عقد التحكيم شخصا معنويا تقتصر مهمته على تنظيم التحكيم. ٢. لا يجوز ان يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه او محروما من حقوقه المدنية او مفلساً ما لم يرد اعتباره". جاءت المادة (١/٢٦١) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم (۸۳) لسنة ١٩٦٩ المعدل على: "١ . يجوز رد المحكم لنفس الأسباب التي يرد بها الحاكم ولا يكون ذلك إلا

   لأسباب تظهر بعد تعيين المحكم، وكذلك جاءت المادة (٢٥٥) من ذات القانون على انه: لايجوز ان يكون المحكم من رجال القضاء الا بأذن من مجلس القضاء ولا يجوز ان يكون قاصرا او محجورا او محروما من حقوقه المدنية او مفلسا لم يرد إليه اعتباره، وكذلك

وهو أن لا يكون المحكم من رجال القضاء فإذا كان المحكم من رجال القضاء وجب استحصال إذن ومو افقة مجلس القضاء، وإلا كان تعيينه باطلا و مخالفا للقانون، وبالتالي فان القرار الذي يصدره في قضيه التحكيم يعد باطلا أيضا. بالاضافه إلى أن المحكم المعين شخص قاصر محجور عليه كالمجنون، السفية، المعتوه)، أو كان محروما من حقوقه المدنية أو معلنا إفلاسه ولم يرد اعتباره . فإذا ما صدر القرار عن محكم في احد تلك الأوضاع كان قابلا للإبطال

أو قد يحدث تعيين هيئة التحكيم بعدد مزدوج خلافا لنص القانون الذي اوجب أن يكون عدد المحكمين وترا ، فيكون الحكم الصادر عن هذه الهيئة المشكلة خلافا للقانون باطلا . وذلك وفقا للمادة (۱/۷۷۱) مرافعات اللبناني)، والمادة (۲/۱۷٤ ) من قانون التحكيم الكويتي والمادة (٢٥٧) من قانون المرافعات المدنية العراقي أعلاه والذي استثنى حالة التحكيم بين الزوجين من العدد الوتر .

ثانيا: خروج المحكم عن حدود مهمته

إن السلطة التي تخول هيئه التحكيم في إصدار قرار تحكيم في النزاع تجد سندها في اتفاق التحكيم. 

   وتتميز هذه الحالة من حالات البطلات بأن الخطأ الذي يسمح بالبطلان ليس راجعا إلى فعل الاطراف ، ولكن إلى خطأ المحكم وحده ، فهذا السبب يعني الخروج عن موضوع النزاع الذي يتحدد بالادعاءات المتبادلة للخصوم والتي تحدد في أثناء المرافعة أمام هيئه التحكيم في شرط التحكيم ، أو تحدد في مشارطة التحكيم التي تبرم بعد وقوع النزاع . وان تجاوز هيئة التحكيم لحدود اتفاق التحكيم أو فصلها في مسائل لا يشملها الاتفاق يكون سبب للبطلان، ويتوقف ذلك على تمسك صاحب المصلحة فيه، اذا لم يتعلق الأمر بالنظام العام، وإذا ما تعلقت المخالفة بمسألة النظام العام ، فإن حكمها يقع باطلاً، وتجدر الاشار إلى أنه إذ كان بالإمكان فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن أجزاءه الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان الا على الأجزاء الأخيرة وحدها.

    وهذا ما نص عليه المشرع الأردني في النص الفقرة (٦) من مادة (٢/٤٩ ) من قانون التحكيم الأردني على أمر مؤداه أنه إذا أمكن فصل أجزاء الحكم بالمسائل الخاضعة للتحكيم عن الخاصة بالمسائل غير الخاضعة له ، فلا يقع البطلان الا على الأجزاء الأخيرة وحدها .  

   ولذلك اعتمد المشرع الأردني نظرية البطلان الجزئي واشترط ان إمكانية الفصل بين الأجزاء الباطلة وغير الباطلة لإعمالها. وكذلك المادة (٥٣/ و) من قانون التحكيم المصري .  وقد جاء هذا في قرار محكمة النقض المصرية بأن خروج المحكمين في حكمهم عن مشارطة التحكيم يجب أن يتمسك به الخصوم أمام المحكمة وإلا فلا يكون لها أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان الحكم لعدم تعلق ذلك بالنظام العام .

   وبنظر العديد من الدارسين الدوليين للقضايا المعروضة فإن مسألة تجاوز المحكم لحدود المهمة الموكلة إليه تعتبر من أهم ما يمكن أن يوكل لمراقبته للقاضي الوطني ، ذلك أن النظام القانوني سوف لا يدعم محكما يقدم على إصدار قرار تحكيم ضد شخص لم يوقع على اتفاق تحكيم ، أو إصداره للقرار بوسائل لم يوافق طرفا التحكيم على إتباعها ، فإذا اتفق طرفان مع محكم على وجوب تطبيق القانون الانكليزي على موضوع النزاع بينما لجأ المحكم إلى قانون الموجبات السويسري مثلا فان هذا القرار الذي صدر من المحكم يقع خارج إطار صلاحياته  التحكيمية .

 ثالثاً: عدم تأمين حق الدفاع لطرفي النزاع:

   البطلان بموجب هذا السبب هو عدم احترام حق الدفاع لطرفي النزاع من قبل هيئة التحكيم أو المحكم الذي ينظر النزاع المطروح عليه، ويقصد بحق الدفاع في مفهومه التقليدي حق الخصم في أن يسمع المحكم وجهة نظره ، فإذا صدر قرار التحكيم من دون تمكين الخصم من تقديم دفاعه ، كان الحكم مشوباً بالإخلال بحق الدفاع لأن المحكم لا يستطيع إصدار حكم عادل دون ان يستمع إلى رواية كل من الخصوم . هذه الحالة تستوعب كل الصور التي تمثل إخلالا بالمبادئ الأساسية لسير خصومة التحكيم ، وهي من أكثر حالات البطلان شيوعا في الممارسة العملية . فالاخلال بحق الدفاع والمساواة وتهيئة الفرص المتكافئة للمحتكمين لإبداء دفعوهم وعرض وجهة نظرهم يعد سببا للطعن في حكم المحكمين بالبطلان، وكذلك عدم اعلان احد المحتكمـين بندب خبير أو عدم تمكينه من الاطلاع على تقرير الخبير المقدم لهيئة التحكيم أو على المستندات المقدمة من المحتكم الآخر أو حدوث انقطاع لسبب من أسباب انقطاع خصومة التحكيم ، ويستمر المحكم بنظر النزاع في غيبة المحتكم الذي لحقه الطارئ وعدم حضور من يمثله مع عدم إعلانه إعلانا صحيحاً. 

   لقد تصدت بعض القوانين والتشريعات إلى هذه الحالة منها قانون التحكيم الأردني رقم (۳أي من طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغا صحيحا بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته، وكذلك المشرع اللبناني في قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني رقم (۹۰) لسنة ١٩٨٣ في المادة (۸۰۰) الفقرة (٤) وكذلك الفقرة ) لسنة ۲۰۰۱ وذلك فـــي المــادة (١/٤٩) الفقرة (۳)، إذ نصت على إذا تعذر على ك الفقرة الأولى (ج) من المادة (٥٣) من قانون التحكيم المصري رقم (٢٧) لسنة ١٩٩٤ .  ص 168

   وتطبيقا لذلك لقد قضت محكمة النقض المصرية ببطلان حكم التحكيم إذا لم تراع فيه المواعيد . وقد جاء ضمن حيثيات أسباب الحكم "ان الخصومة في التحكيم لم تتبع فيها أصول والمواعيد المقررة في قانون المرافعات .

 

   نصت المادة (۸۰۰) الفقرة (٤) من قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني رقم (۹۰) لسنه ۱۹۸۳ على أنه لا يكون الطعن بطريق الإبطال جائزا الا في الحالات التالية .. ٤. صدور القرار بدون مراعاة حق الدفاع للخصوم". وكذلك نصت المادة (٥٣ /أ/ج) مــن قانون التحكيم المصري رقم (۲۷) لسنة ١٩٩٤ على أنه: "لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال التالية : ...ج-إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه . عدم إعلانه إعلانا صحيحا بتعيين محكم او بإجراءات التحكيم او لأي سبب آخر خارج  عن إرادته.

رابعاً: إذا كان قرار التحكيم مخالفا لقواعد النظام العام:

   إن في هذه الحالة تستطيع المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان أن تتمسك به من تلقاء ذاتها، إن وجدت أن قرار التحكيم التجاري الدولي الصادر مخالف للنظام العام ، أو صدر في مسائل لا يجوز التحكيم فيها ، لأن فكرة النظام العام هي الإطار الذي يحمي الصالح العــام الاقتصادي والاجتماعي والديني للمجتمع من خطط الاتفاق بين الاطراف او تجاوز هيئه التحكيم عندما يكون من حقها اختيار القانون الواجب التطبيق على النزاع ، سواء تعلق الأمر بمخالفة قاعدة موضوعية او اجرائية. 

  لذا فإنه إذا وقعت مخالفة من هذا النوع فإن المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان تحكم من تلقاء نفسها ومن دون حاجة لتمسك رافع الدعوى ببطلان قرار التحكيم ، سواء كان في مرحلة الطعن أو التنفيذ . لذا فقد سبق لنا بيان فكرة النظام العام وعليه نحيل إلى الموضوع الذي بحثناه في هذا الفصل من الحالة الثانية من النتائج التي تترتب على التمييز بين التحكيم الدولي والتحكيم التجاري الداخلي وذلك منعا للتكرار في بحث الموضوع.

107