إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم
يجمع هذا السبب بين عدة فروض للبطلان نصت عليها المادة ٥٣ ذاتها يجمع منها إنه إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانــا صحيحا بتعيين محكم بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته (٥٣ حـ ) وكذلك إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين علــى وجــه مخالف للقانون ولإتفاق الطرفين أو إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامـــه فـاقــــد الأهلية أو ناقصها وفقا للقانون الذي يحكم أهليته .
وقد نص المشرع المصرى فى قانون التحكيم المصرى الجديد على مجموعة من القواعد الإجرائية يتعين على المحكمين اتباعها عند إصدارهم لحكم التحكيم . فنص في المادة ٤٠ منه على أن " يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم على الوجه الذى تحدده هيئة التحكيم ، ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك ".
كما تنص المادة ٤٣ على أن : 1- يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون ، وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن تثبت فى الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية.
2 - يجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً إلا إذا اتفق طرفا التحكيم على غير ذلك أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط ذكر أسباب الحكم .
3 - يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة عن اتفاق التحكيم وملخص لطلبات الخصوم وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان ذكرها واجباً ".
والسؤال الذي يتعين طرحه هل مخالفة المحكم أو هيئة التحكيم لأية قاعدة من القواعد الواجبة الاتباع من قبلهم عند إصدار حكم التحكيم تعنى أن هناك بطلانا قد وقع في حكم التحكيم ذاته يخول للطرف صاحب المصلحة أن يطعن عليه بالبطلان ؟
تقتضى الإجابة على السؤال المتقدم إجراء نوع من التفرقة بـيـن هـذه القواعد والأحكام الواردة في نص المادتين المذكورتين على أساس مدى تعلق هذه الأحكام بمصلحة الأطراف في الدعوى بشكل مباشر أو كونها مجرد قواعـــــد وأحكام وضعت من أجل تسهيل عمل المحكم أو هيئة التحكيم أو لأسباب عمليــة محضة لتسهيل تنفيذ حكم التحكيم عند صدوره .
واستنادا إلى هذا المعيار ، لا يؤدى إغفال القواعد والأحكام المتعلقة بشكل الحكم من ضرورة اشتماله على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم إلى آخره، إلى إمكانية الطعن بالبطلان على حكم التحكيم الذي أهمـــل ذكر هذه البيانات ، إذا أن مخالفة هذه القواعد ليس من شأنه الإضرار بالأطراف المشاركة في التحكيم ولا المساس بمصالحهم بشكل مباشر .
وعلى العكس من ذلك ، فإن عدم قيام هيئة التحكيم بالمداولة قبل إصدارها للحكم ، قد يكون سببا لإمكانية الطعن عليه بالبطلان ، إذ أن إغفال إجراء المداولة يتضمن في ثناياه انتهاكاً لحقوق الدفاع ولمبدأ المواجهة وللمصالح المباشرة للأطراف في الدعوى ، ويجعل حكم التحكيم قابلاً للطعن عليه بالبطلان بسبب هذا العيب الذي لحق به ، استناداً إلى نص المادة ٥٣-١- ز .
كذلك يؤدى عدم تسبيب الحكم في حالة عدم اتفاق الأطراف علـــى عـدم التسبيب ، أو فى حالة اختيارهم للقانون المصرى كقانون واجب التطبيق على الإجراءات أو للائحة تحكيم تقتضي التسبيب ، إلى إمكانية الطعن على الحكم بالبطلان ، لمساسه بأحد القواعد الأساسية التى تتعلق بمصلحة الأطراف في الدعوى بشكل مباشر، ويعد بهذه المثابة داخلاً في إطار المادة ٥٣ -١- ز.
أما الحالة الثانية التى تعالجها المادة المذكورة فهى خاصة ببطلان حكم التحكيم نظراً لبطلان إجراءات التحكيم ذاتها على نحو أثر في الحكم .
ويعتبر حكم التحكيم أيضا باطلاً إذا لم يتضمن البيانات التي نص عليها القانون في المادة ٣/٤٣ ؛ فقد قضت محكمة النقض المصرية ببطلان حكم التحكيم لعدم اشتماله على صورة من اتفاق التحكيم ، وذلك على أساس أن الهدف من إثبات هذا البيان بالحكم هو التحقق من صدور حكم المحكمين في حدود سلطتهم المستمدة من اتفاق التحكيم ، وبالتالي فهو بیان جوهری لازم لصحة الحكم يترتب على إغفاله عدم تحقق الغاية التي من أجلها أوجب المشرع إثبات ذلك البيان بالحكم ما يؤدى إلى بطلانه.
أما البيانات التي يتطلبها القانون بالنسبة لأحكام القضاء فلا يلزم توافرهــا في أحكام التحكيم ، ولا يترتب على إغفالها بطلان الحكم ، وعلى هـذا قضت محكمة النقض بأن عدم صدور حكم التحكيم باسم الشعب لا يترتب عليه بطلان حكم التحكيم ، إذ إنه قضاء خاص يستند إلى إرادة الأفراد وبالتالي لـــم يوجـــب المشرع تضمينه كافة البيانات التي نص عليها القانون بالنسبة لأحكام المحاكم ، وإنما اكتفى ببيانات أوردها على سبيل الحصر.
وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن القضاء المصرى يتجه نحو تفسير هذا السبب من أسباب البطلان تفسيراً ضيقا .
أما بالنسبة لبطلان إجراءات التحكيم بطلاناً يؤثر في الحكم فيتعلق بالحالات التي يلحق فيها البطلان بأحد إجراءات التحكيم السابقة علــــى صـــــدور الحكم ؛ مما يؤدى إلى بطلانه إذا كان قد بنى على ذلك الإجراء الباطل . ومن أمثلة ذلك ألا تراعى أثناء إجراءات التحكيم الضمانات الأساسية للتقاضي من وجوب احترام مبدأ المساواة واحترام حقوق الدفاع ومبدأ المواجهة ، وهي جميعها مبادئ أساسية يجب مراعاتها في جميع مراحل الخصومة ، وإلا أصبحت إجراءات التحكيم باطلة وبطل حكم التحكيم بالتبعية إذا بنى عليها
وعلى العكس من ذلك قضت محكمة استئناف القاهرة بأن قيام هيئة التحكيم بتسليم صورة من الحكم إلى الأطراف خلال المدة المنصوص عليها في المادة ٤٤ من قانون التحكيم لا تعتبر من إجراءات التحكيم التي يترتب مخالفتها البطلان ؛ وبالتالي فإن مخالفتها لا يترتب عليها بطلان حكم التحكيم .