قد يكون حكم التحكيم صحيحاً في حد ذاته، ولكـن قـد يشوب إجراءات التحكيم التي بني عليها الحكم البطلان، مما قد يؤدي إلى بطلانه، وقد نصت المادة (1/53/ز) من قانون التحكيم المصري، على قبول دعوى البطلان في حال إن: "كانت إجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم"، وجاء قانون التحكيم الأردني بـذات الحكم.
وباستقراء ما ورد في هذه النصوص نلاحظ بأنه، لا يكفي للحكم ببطلان حكم التحكيم استنادا إليها، أن يكون الإجراء باطلاً، إنما يلزم أن يبني الحكم على الإجراء الباطل، وأن يكون لهذا الإجراء أثر في حكم التحكيم، بحيث يتغير وجه الحكم في النزاع لو كان الإجراء صحيحاً.
وقـد سـبق وأن تعرضنا لمخالفة الإجراءات المتفق عليهـا بـيـن طـرفي التحكيم والإجراءات المحـددة قانوناً، ومـن ضـمنها ما يتعلق بتشكيل هيئة التحكيم وتعين المحكمين، وحتى نكمل ما بدأناه، فيما يتعلق بحالة مخالفة الإجراءات، نتناول في هـذا المطلب الإجراءات أو المبادئ التي لا يجوز للمحكمين مخالفتها، ولا للأطراف الاتفاق على ما يخالفها، إذ يترتب على مخالفتها بطلانها، وبالتالي بطلان الحكم إذ بني عليها ، وهـي الـتي تتعلق بعـدم مراعاة المبادئ الأساسية في التقاضي، وسنحاول عرض هذه المسألة في ثلاثة فروع على النحو التالي: