الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى تشكيل او تعين هيئة التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / البطلان المؤثر في حكم التحكيم / بطلان تشكيل هيئة التحكيم لمخالفة طرق  و إجراءات التشكيل

  • الاسم

    عادل علي محمد النجار
  • تاريخ النشر

    2011-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    609
  • رقم الصفحة

    408

التفاصيل طباعة نسخ

بطلان تشكيل هيئة التحكيم لمخالفة طرق  و إجراءات التشكيل

مخالفة مبدأ الوترية في تشكيل هيئة التحكيم:

   مضت الإشارة إلى استلزام قانون التحكيم المصري وترية عدد المحكمين، والی موقف القانونين اليمني والانجليزي من هذه المسألة، واللذان أجازا تشكيل هيئة التحكيم من عدد زوجي إذا اتفق الأطراف على ذلك.

   وتطبيقا لذلك قضي ببطلان حكم التحكيم لتشكيل هيئة التحكيم من عدد زوجي.

   ورغم اتفاق قانوني التحكيم اليمني والانجليزي، على جواز تشكيل هيئة التحكيم من عدد زوجي إذا وجد اتفاق صريح بين الأطراف على ذلك، إلا أنهما يختلفان في معالجة الحالة التي تشكل فيها هيئة التحكيم من عدد زوجي دون وجود مثل ذلك الاتفاق، فوفقا للمادة[۱۷] من قانون التحكيم اليمني يكون تشكيل هيئة التحكيم باطلا، وبطلان تشكيل هيئة التحكيم، والحكم الذي تصدره، بناء على المادة السابقة مقصور على حالة عدم وجود اتفاق صريح بين الأطراف على عدد زوجي، فإذا وجد مثل ذلك الاتفاق فان تشكيل هيئة التحكيم والحكم الذي تصدره يكون بمنأى عن البطلان، وتطبيقا ذلك قضي بنقض حكم الشعبة التجارية بمحكمة استئناف (عدن) الذي قضى بإبطال حكم التحكيم لتشكيل هيئة التحكيم من عدد زوجي، وكان حكم الاستئناف قد استند إلى المادتين [۱۷ ،۲۱] من قانون التحكيم، وقد خلصت المحكمة العليا إلى أن استنتاج محكمة الاستئناف لم يكن صحيحا، لأن اتفاق الأطراف كان صريحا في تحديد عدد المحكمين باثنين، وان المادة[17] وان كانت تجعل الأصل في تشكيل هيئة التحكيم أن يكون من عدد وتر، إلا أنها واضحة، أيضا، في استثناء الحالة التي يتفق فيها الأطراف على تشكيل هيئة التحكيم من عدد زوجي. فإذا اتفق الطرفان على تعيين محكمين اثنين وتعذر اتفاق المحكمين على الحكم فليس لهما أن يطلبا من المحكمة تعيين محكم ثالث، وإلا كان الحكم الذي أشترك في إصداره المحكم المعين بواسطة المحكمة في هذه الحالة باطلا لصدوره من هيئة تحكيم مشكلة بصورة مخالفة لاتفاق الأطراف.

   ونعتقد أن الجزاء الذي رتبه قانون التحكيم المصري على مخالفة مبدأ وترية تشكيل هيئة التحكيم يتسم بالشدة، وكان الأولى، قبل تقرير الجزاء السابق النص على إجراء يكفل الامتثال لذلك المبدأ في مرحلة التشكيل، طالما والغاية منه تصب في مصلحة الأطراف، والإجراء الذي يكفل تحقيق وترية التشكيل، والذي تضمنته العديد من نصوص قوانين التحكيم، هو وجوب تعيين محكم أخر عند تشكيل هيئة التحكيم من عدد زوجي، باتفاق الأطراف أو بواسطة القضاء، بناء على طلب احدهم، عند عدم الاتفاق.

   وترتيبا على ذلك فان مخالفة الشكل المحدد لقبول المحكم لا تؤدي إلى بطلان تشكيل هيئة التحكيم، وتطبيقا لذلك قضي بان موافقة المحكم على القيام بمهمة التحكيم كتابة ليست شرطا متعلق بالنظام العام وإنما إجراء تنظيمي، فيكفي حضور المرشح لجلسات التحكيم ليكون موافقة صحيحة منه على الترشيح.

بعض صور المخالفات المتعلقة بالطريقة القضائية والاتفاقية لتشكيل هيئة التحكيم وأثرها على الحكم:

- مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالتدخل القضائي في تشكيل هيئة التحكيم: تضمن إقرار مبدأ التدخل القضائي في تشكيل هيئة التحكيم تحديد قواعد معينة تبين المحكمة المختصة بالتدخل، فوفقا للمادة [١٧] من قانون التحكيم المصري يكون الاختصاص بتشكيل هيئة التحكيم، في الحالات التي تستدعي تدخل القضاء

- للمحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع، في التحكيم الداخلي، ولمحكمة استئناف القاهرة، أو لأي محكمة استئناف أخرى يتفق عليها الطرفان، إذا كان التحكيم تجاريا دوليا.

   تشكيل هيئة التحكيم بواسطة محكمة غير مختصة يكون باطلا لتشكيلها خلافا لأحكام القانون. وعلى المحكمة غير المختصة، التي يطلب منها تعيين المحكم، أن تقضي بعدم اختصاصها وان تأمر بإحالة طلب التعيين إلى المحكمة المختصة.

   وفي المقابل فان اللبس والتناقض قد اكتنف مسألة تحديد المحكمة المختصة بتشكيل هيئة التحكيم، في قانون التحكيم اليمني، حيث نصت المادة [٢] على أن المراد بالمحكمة المختصة؛ المحكمة المعنية بنظر النزاع، أي المحكمة الابتدائية المختصة أصلا بنظر النزاع، بينما نصت المادة[8] على انه " تختص المحاكم الاستئنافية بنظر القضايا التي يحيلها هذا القانون على القضاء ما لم يتفق طرفا التحكيم على جعل الاختصاص لمحكمة أخرى." ومع ذلك فإننا نعتقد أن الاختصاص بتعيين المحكم أو المحكمين بواسطة القضاء، في الحالات المنصوص عليها في قانون التحكيم اليمني، ينعقد للمحكمة الابتدائية المختصة أصلا بنظر النزاع، وهو ما أقرته المحكمة العليا، ضمنا، في العديد من أحكامها.

 

   فإذا تم تشكيل هيئة التحكيم بواسطة محكمة غير مختصة، فان تشكيلها يكون باطلا، ويكون الحكم الذي تصدره باطلا أيضا، وتطبيقا لذلك قضي في فرنسا بإبطال حكم محكمة استئناف (رينس) الذي قرر انعقاد الاختصاص بتعيين المحكم لرئيس محكمة الدرجة الأولى في ( تروا) في تحكيم دولي، بالمخالفة لنص المادة [٢/١٤١٣] من قانون المرافعات الفرنسي، والتي تجعل الاختصاص في حل الصعوبات المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم لرئيس محكمة باريس الكلية ما لم يتفق على غير ذلك.

   أما إذا كان اتفاق الأطراف يخالف النصوص القانونية التي تحدد المحكمة المختصة بتعيين المحكم عند عدم اتفاق الأطراف، فيتعين تطبيق النصوص القانونية و الالتفات عن ذلك الاتفاق، دون أن يشكل ذلك سببا لبطلان تشكيل هيئة التحكيم، أو بطلان الحكم الذي تصدره، وتطبيقا لذلك قضي في تونس، بان النعي على حكم التحكيم بالبطلان لمخالفة اتفاق الأطراف المتعلق بطريقة تشكيل هيئة التحكيم، نعي غير مقبول لأن ذلك الاتفاق يخالف نصوص القانون، فاتفاق الأطراف على أن يعين المحكم عند عدم الاتفاق بواسطة رئيس المحكمة الابتدائية، يخالف المادة[56] من قانون التحكيم التونسي التي تعقد الاختصاص بتعيين المحكم، في التحكيم الدولي، لرئيس محكمة استئناف تونس، وبتعيين المحكم بواسطة الجهة المحددة في المادة[56] فان تشكيل هيئة التحكيم قد تم وفقا لأحكام القانون.

- مخالفة الطريقة المحددة لتشكيل هيئة التحكيم بواسطة القضاء:

  وفقا للقول الراجح فقها وقضاء - في مصر، فان طلب تعيين المحكم بواسطة القضاء يجب أن يقدم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، ويكون التعيين بحكم وليس بأمر على عريضة، فإذا تم تعيين المحكم أو المحكمين بأمر على عريضة فان تشكيل هيئة التحكيم يكون باطلا، ويكون الحكم الذي تصدره باطلا أيضا، وتطبيقا لذلك قضي بان تعيين احد المحكمين بأمر على عريضة يقع باطلا وان هذا البطلان يمتد إلى تشكيل هيئة التحكيم التي أصدرت الحكم فيؤدي إلى بطلانه هو الأخر.

   ويجب على المحكمة المختصة الالتزام بعدد المحكمين الذي ينص عليه القانون، عند عدم اتفاق الأطراف على عدد المحكمين، وتطبيقا لذلك قضي في المملكة المتحدة بأنه ليس للمحكمة أن تعين أكثر من محكم واحد عند عدم اتفاق الأطراف على عدد المحكمين لأن قانون التحكيم الانجليزي، يوجب، في هذه الحالة تعيين محكم فرد.

مدى صحة اختيار المحكم بواسطة احد الأطراف بعد انقضاء الميعاد المحدد لتعيينه وقبل تعيينه بواسطة القضاء:

    إذا رفض أحد الأطراف تعيين محكمه، وانقضى الميعاد المحدد لذلك، فطلب الطرف الأخر من المحكمة المختصة تعيين محكم عن خصمه، وقبل أن تبت المحكمة في موضوع الطلب عين الخصم الممتنع محكما عنه، فهل يعد هذا التعيين صحيحا ؟

   عرض هذا الفرض في قضية على إحدى المحاكم الألمانية وانتهت فيه إلى عدم صحة تعيين احد الأطراف محكما عنه بعد أن انقضى الميعاد المحدد لذلك، وبعد أن تقدم الطرف الأخر إلى القضاء بطلب تعيين محكم عن خصمه، ولو لم يكن الحكم بالتعيين قد صدر، فقد اعتبرت المحكمة أن مسألة تعيين المحكم- في الفرض السابق – قد انتقلت إلى القضاء، ورفضت الرأي القائل بان حق الخصم في تعيين المحكم لا يسقط إلا عندما يكون تعيين المحكم بواسطة القضاء قد تم بحكم لا يقبل المراجعة، نظرا لأن المهلة المحددة في المادة [1035] من قانون الإجراءات المدنية الألماني إنما تستهدف الحيلولة دون استخدام أساليب المماطلة في تعيين المحكمين.

   وهذا أيضا ما يتجه إليه القضاء في الهند، فقد قضي بأنه إذا طلب احد الأطراف من خصمه تعيين محكما عنه، ولم يقم بالتعيين المطلوب منه خلال الميعاد المحدد في المادة[6/11] من قانون التحكيم الهندي، وهو ثلاثون يوما من تاريخ استلام الطلب، فان ذلك لا يؤدي تلقائيا إلى سقوط حقه في التعيين طالما لم يتنقل الطرف الأول إلى القضاء لطلب التدخل في تعيين المحكم وفقا للمادة[۱]، وقضي أيضا بأنه وان كان حق المدعى عليه في التعيين لا يسقط بانقضاء ثلاثون يوما من تاريخ تسلمه طلبا بذلك، إلا انه إذا طلب المدعي تدخل القضاء في تعيين المحكم، بناء على المادة[6/11] فان التعيين الذي يتم، بواسطة المدعى عليه، بعد تقديم طلب التعيين بواسطة، يعتبر باطلا، بل ولا يعد تعيينا في نظر القانون.

 - مخالفة الإجراءات الاتفاقية المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم:

   إذا اتفق الأطراف على إجراءات معينة لتعيين المحكمين أو لتشكيل هيئة التحكيم ثم شكلت هيئة التحكيم خلافا للإجراءات التي اتفق عليها الأطراف، فان تشكيلها يكون باطلا، ويجوز رفع دعوى ببطلان الحكم الذي تصدره المادة/1/53/هـ من قانون التحكيم المصري والمادة[53/هـ من قانون التحكيم اليمني.

   وتطبيقا لذلك قضي ببطلان حكم التحكيم الذي صدر من هيئة تحكيم تم تشكليها على وجه مخالف لاتفاق الأطراف("). وقضي في فرنسا ببطلان تعيين المحكم بواسطة رئيس إحدى الغرف التجارية لأن اتفاق الأطراف كان يقضي بأن يتم تعيينه بواسطة رئيس غرفة تجارية أخرى.

    وفي سويسرا انقسم الفقه حول ما إذا كان تشكيل هيئة التحكيم على نحو غير صحيح، يشمل مخالفة الإجراءات الاتفاقية في تشكيل هيئة التحكيم، فذهب البعض إلى إن عدم إتباع الإجراءات الاتفاقية في تشكيل هيئة التحكيم لا يشكل سببا للبطلان وفقا للمادة[أ/٢/١٩٠] من القانون الدولي الخاص، في حين ذهب البعض إلى عكس ذلك، وقد أخذت المحكمة العليا بالاتجاه الأول، فقضت بان مخالفة الإجراءات الاتفاقية المتعلقة بتشكيل هيئة التحكيم لا يؤدي إلى بطلان حكم التحكيم.

بعض صور المخالفات المتعلقة بعوارض هيئة التحكيم وأثرها على الحكم:

   إذا انتهت مهمة المحكم برده أو عزله أو تنحيته أو غير ذلك من الأسباب فيجب تعيين محكم بديل عنه طبقا للإجراءات التي تتبع في تعيين المحكم الذي انتهت مهمته المادة/٢١] من قانون المصري، المادة/٢٦] من قانون التحكيم اليمني، المادة [۳/۲۷] من قانون التحكيم الانجليزي.

   وإذا حكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم التحكيم كأن لم يكن [المادة/4/19] من قانون التحكيم المصري. ولم يشر قانون التحكيم اليمني إلى اثر الحكم برد المحكم على الإجراءات أو على الحكم أصدره، ومع ذلك فنعتقد انه يتعين الأخذ بما نص عليه قانون التحكيم المصري في هذا الصدد.

   وإذا تخلى المحكم عن مهمة التحكيم فان تشكيل هيئة التحكيم يصبح معيبا، ويكون الحكم الصادر منها عرضة للبطلان، على أن مجرد طلب احد الأطراف تنحي المحكم، لا يؤثر في صحة الحكم، إذا كان المحكم قد رفض التنحي واستمر في نظر الدعوى واصدر الحكم، طالما لم يطلب رده ولم يقض بذلك.

   وإذا أمرت المحكمة بإنهاء مهمة المحكم لعدم مباشرته مهمة التحكيم أو انقطاعه عن مباشرتها بما يؤدي إلى تأخير لا مبرر له[المادة/٢٠] من قانون التحكيم المصري، فلا يجوز له بعد ذلك الاستمرار في التحكيم وإلا كان الحكم الذي سيصدره باطلا.

   فإذا استمر المحكم المطلوب إنهاء مهمته في مباشرة التحكيم واصدر الحكم بعد تقديم طلب إنهاء مهمته وقبل صدور الأمر من المحكمة، فهل يكون حكم التحكيم صحيحا ؟

   نعتقد أن الأمر في نهاية المطاف يرتبط بنتيجة الأمر الصادر في طلب العزل، فإذا صدر الأمر بعزل المحكم فان الحكم الذي أصدره يكون باطلا، قياسا على حالة الحكم بالرد.

   أما إذا رفض طلب العزل، فلا مجال لإثارة مسألة صحة حكم التحكيم في ذلك الفرض، وكل ذلك ما لم يكن قد صدر الحكم بعد الميعاد المحدد لإصداره، فيكون ذلك سبب مستقل لبطلان الحكم.

 

  وقد نصت المادة[۱/۳۰] من قانون التحكيم المصري على أن" يرسل المدعي، خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم، إلى المدعى عليه وإلى كل واحد من المحكمين، بياناً مكتوباً بدعواه يشتمل على اسمه وعنوانه واسم المدعى عليه وعنوانه وشرح لوقائع الدعوى وتحديد للمسائل محل النزاع وطلباته وكل أمر آخر يوجب اتفاق الطرفين ذكره في هذا البيان ".

  ونصت المادة[35] من قانون التحكيم اليمني أن " على الطرف المدعي أن يرسل بياناً مكتوباً إلى كل عضو من أعضاء لجنة التحكيم، وذلك خلال المدة الزمنية المتفق عليها أو التي تعينها لجنة التحكيم، ويجب أن يشتمل البيان المكتوب على المعلومات التالية: اسم وعنوان الطرف المدعي، اسم وعنوان الطرف المدعى عليه، شرح كامل لوقائع الدعوى، مع تحديد القضايا محل النزاع، وكذا طلباته وكل ما اتفق الطرفان على ضرورة ذكره في بيان الدعوى".

وقد كانت المادة السابقة قبل تعديلها توجب إرسال بيان الدعوى إلى المدعى عليه، أيضا، إلا أن النص الحالي لهذه المادة اقتصر على وجوب إرسال بيان الدعوى إلى هيئة التحكيم فقط، وهو تعديل غير مبرر وغير مفهوم، وإذا كان ركون المشرع في هذا التعديل على المادة[37] من قانون التحكيم والتي توجب على هيئة التحكيم إرسال صورة من كل ما يقدمه أحد الطرفين إليها، من مستندات وأدلة إلى الطرف الآخر، فان المقصود بالمستندات في المادة السابقة لا يشمل بيان الدعوى، بل المستندات التي تؤيد الوقائع التي عرضها المدعي بیان دعواه، وحتى على افتراض عكس ذلك، فان إلقاء مهمة إبلاغ المدعى عليه ببيان الدعوى على عاتق هيئة التحكيم يتنافى مع ما تتميز به إجراءات التحكيم من سرعة ومرونة، حيث قد يؤدي ذلك إلى تأخير إرسالها إلى المدعى عليه خصوصا وان المادة السابقة لم توجب ذكر موطن المدعى عليه، كبيان جوهري في مذكرة الدعوى.

    ووفقا للنصوص القانونية السابقة، في كل من قانون التحكيم المصري واليمني، فيجب أن تشتمل مذكرة الدعوى على البيانات الآتية:

- اسم وعنوان المدعي: وأي بيانات أخرى تسهم بالتعريف به على وجه الدقة، كصفته وجنسيته المادة/٢٥] من قانون التحكيم السوداني.

   وفيما يتعلق بمرفقات بيان الدعوى، فلا توجد مستندات أو وثائق محددة بعينها يتوجب إرفاقها ببيان الدعوى، ولكن الأمر في سياق الادعاء، أو الرد عليه، يقتضي أن يرفق المدعي ما يؤيد عرضه لوقائع الدعوى، كالوثيقة المنظمة للعلاقة القانونية مع المدعى عليه، والإخطارات أو التنبيهات التي أرسلها الى المدعى عليه وغير ذلك من المستندات والوثائق التي تؤكد ما سبق أن عرضه في بيانه لوقائع الدعوى، وله فضلا عن ذلك إرفاق أدلة الإثبات التي تؤكد مطالبه.

   وقد أجازت المادة[30] من قانون التحكيم المصري الاكتفاء بتقديم صور من تلك الوثائق والمستندات، ولهيئة التحكيم، وفي أي مرحلة كانت عليه الدعوى، أن تطلب من المدعي تقديم أصول المستندات التي سبق وان قدم صورا منها، ونعتقد أن للمدعى عليه، أيضا، طلب أصول المستندات والوثائق التي قدم المدعي صورا منها.

   كما أجازت المادة السابقة للمدعي الاكتفاء بالإشارة إلى المستندات وأدلة الإثبات التي يعتزم تقديمها، في حين كانت المادة[35] من قانون التحكيم اليمني توجب على المدعي إرفاق " كل المستندات والوثائق والأدلة الأخرى ذات الصلة بموضوع المنازعة "، إلا أن هذا الفقرة حذفت من المادة السابقة، وفقا للتعديل الذي ادخل على قانون التحكيم في عام ١٩٩٧، وهو تعديل موفق فالخصومة لا تزال في مرحلتها الأولى، فيمكن للمدعي أن يقدم المستندات والوثائق، في ضوء عرضه لوقائع الدعوى والطلبات التي حددها، ثم يرسل مستندات ووثائق أخرى في ضوء رد المدعى عليه على دعواه، مرفقة بالرد على مذكرة الدفاع.

   أما قانون التحكيم الانجليزي فلم يتضمن تنظيما لبيان الدعوى أو مذكرة الدفاع على النحو الذي تناوله كل من قانون التحكيم المصري واليمني، وإنما ترك تنظيم تلك المسألة لهيئة التحكيم، سواء من حيث إمكانية تبادل تلك المذكرات أو أشكالها أو وقت تقديمها أو إمكانية تعديلها في وقت لاحق، وسلطة هيئة التحكيم في تنظيم تلك المسائل مقيدة بعدم اتفاق الأطراف على تنظيم أي من تلك المسائل، فقد خولت المادة[34] هيئة التحكيم صلاحية البت في جميع المسائل المتعلقة بالإجراءات أو بالإثبات، مع مراعاة حق الأطراف في الاتفاق على أي منها، وقد أشارت الفقرة الثانية من المادة السابقة إلى ما يدخل في إطار تلك المسائل، ومنها؛ ما إذا كان سيتم استخدام مذكرات للدعوى ومذكرات للدفاع، وإذا كان كذلك، بأي شكل وفي أي وقت سيتم تقديمها، ومدى إمكانية تعديلها لاحقا.

 

وفيما يتعلق بتخلف أو نقص بيان اسم المدعي أو المدعى عليه في مذكرة الدعوى، فنعتقد أن ذلك لا يؤدي إلى بطلانها طالما لم يؤد إلى التجهيل بالخصوم أو التشكيك في حقيقة شخصية أي من المدعي أو المدعى عليه، قياسا على تخلف أو نقص بيانات الخصوم في صحيفة الدعوى القضائية.

   وقد اتجهت بعض أحكام القضاء الألماني إلى من واجب هيئة التحكيم تنبيه الخصوم إلى  النقص أو الخطأ الذي يشوب مذكراتهم، فقد قضت محكمة استئناف(Hamm) بأن الواجب الذي تفرضه المادة[139] من قانون المرافعات الألماني على القضاة؛ والمتمثل في تنبيه الخصوم إلى ما يشوب مذكراتهم أو دفوعهم من نقص، ينطبق أيضا على المحكمين. ونعتقد انه ينبغي أن يكون لهيئة التحكيم دور ايجابي في تلافي النقص أو الأخطاء التي قد تقع في بيانات مذكرة الدعوى أو الدفاع، وذلك بتنبيه المدعي إلى البيانات غير المكتملة أو غير الصحيحة، خصوصا عندما يكون النقص أو الخطأ ظاهرا، كما لو لم يكن اسم المدعي أو المدعى عليه في بيان الدعوى مطابقا لاتفاق التحكيم المرفق بها.

 

   وقد رتبت المادة[1/34] من قانون التحكيم المصري والمادة[41] من قانون التحكيم اليمني جزاء إجرائيا على عدم تقديم المدعي بيان الدعوى في الميعاد المتفق عليه أو المحدد من قبل هيئة التحكيم، يتمثل في الأمر بإنهاء الإجراءات، وقد استثنت المادة[1/34] من قانون التحكيم المصري حالة اتفاق الأطراف على غير ذلك، كما لو اتفق الأطراف على الاستمرار في الإجراءات رغم عدم تقديم المدعي بيان الدعوى في الميعاد المحدد، وإعمال الجزاء السابق أمر وجوبي على هيئة التحكيم() ومع ذلك فان بعض الفقه يرى انه ليس لهيئة التحكيم أن تأمر بإنهاء الإجراءات من تلقاء نفسها، وإنما يكون ذلك بناء على دفع من المدعى عليه، فإذا رأت هيئة التحكيم رغم هذا الدفع أن التأخير كان لعذر تقبله فلها ألا تأمر بإنهاء الإجراءات، ونحن نؤيد ذهب إليه هذا الفقه، فاتفاق الأطراف على عدم تطبيق الجزاء السابق قد يكون ضمنيا، كما لو رد المدعى عليه على بيان الدعوى وقدم مذكرة دفاعه رغم استلامه لبيان الدعوى بعد الميعاد المحدد، ولذا فيجب على هيئة التحكيم ألا تأمر بإنهاء الإجراءات إلا بناء على دفع من المدعي.

   وإذا كانت المادة[41] من قانون التحكيم اليمني قد أوجبت إنهاء الإجراءات، الحالة السابقة، إلا أنها لم تشر إلى إمكانية اتفاق الأطراف على غير ذلك، أو إلى الحالة التي يكون فيها التأخير بعذر، ومع ذلك فنعتقد أن على هيئة التحكيم أن تتوخى الحذر في استخدامها لهذا الجزاء، فلا تأمر به إذا أبدى المدعي عذرا مقبولا لتأخره في تقديم بيـان الدعوى.

   فإذا مارست هيئة التحكيم سلطتها وفقا للأحكام والشروط السابقة، فلا يمكن على حكمها بالبطلان، وتطبيقا لذلك رفض طلب إبطال حكم التحكيم الذي برفض دعوى المدعي لتأخره في متابعة دعواه، حيث وجدت المحكمة أن المحكم قد مارس سلطته في رفض الدعوى وفقا لما تتطلبه المادة[3/41] من قانون التحكيم الانجليزي. وتجدر الإشارة إلى أن قانون التحكيم الانجليزي بتخويله هيئة التحكيم إصدار حكما برفض الدعوى، وليس أمرا بإنهاء الإجراءات يخالف معظم قوانين التحكيم الحديثة، ومع ذلك فان بعض قوانين التحكيم قد تأثرت بتوجهه هذا، فالمادة[۳/۲۹] من قانون التحكيم الداخلي في سنغافورا لعام ٢٠٠١، والذي صيغ إلى حد كبير على غرار القانون الانجليزي، تقرر ذات الحكم الذي قررته المادة[3/41] من قانون التحكيم الانجليزي.

   يبقى أن نشير هنا إلى انه في الحالة التي يحقق فيها طلب التحكيم المقدم من المدعي، الغاية من بيان الدعوى، كما لو كان مشتملا على كل البيانات الواجب توافرها في بيان الدعوى، فعلى هيئة التحكيم ألا تأمر بإنهاء الإجراءات أن لم يتم تقديم بيان الدعوى، وذلك بشرط أن يعبر المدعي صراحة عن إرادته في اعتبار طلبه للتحكيم بيانا للدعوى، وعلى هيئة التحكيم حينئذ أن تتنقل إلى الخطوة التالية وهي تحديد ميعاد للمدعى عليه لتقديم مذكرة دفاعه، إن لم يكن الأطراف قد اتفقوا على تحديد مثل ذلك الميعاد.

   وقد نصت المادة[٢/٣٠] من قانون التحكيم المصري على أن "يرسل المدعى عليه خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين أو الذي تعينه هيئة التحكيم إلى المدعى وكل واحد من المحكمين مذكرة مكتوبة بدفاعه رداً على ما جاء ببيان الدعوى وله أن يضمن هذه المذكرة أية طلبات عارضة متصلة بموضوع النزاع أو أن يتمسك بحق ناشئ عنه بقصد الدفع بالمقاصة وله ذلك ولو في مرحلة لاحقه من الإجراءات إذا رأت هيئة التحكيم أن الظروف تبرر التأخير".

    ونصت المادة[36] من قانون التحكيم اليمني أن " على الطرف المدعى عليه أن يقدم بيان دفاعه مكتوبا إلى كل عضو من أعضاء لجنة التحكيم، وأن يشمل رده كل ما ورد في بيان الادعاء وأي بيانات وطلبات ودفوع أخرى يرى أنها ضرورية وله أن يعدل طلباته أو دفوعه أو أن يضيف إليها خلال سير إجراءات التحكيم ما لم تكن القضية قد حجزت للحكم". وقد قصرت المادة السابقة، أيضا، إرسال مذكرة الدفاع إلى هيئة التحكيم فقط، دون المدعي، ولذا فان النقد الذي اشرنا إليه بخصوص المادة [35] ينطبق على هذه المادة أيضا.

   وفيما يتعلق ببيانات مذكرة الدفاع، فلم تشر المادة ٢/٣٠] من قانون التحكيم المصري إلى استلزام تضمين مذكرة الدفاع البيانات المتعلقة بطرفي الدعوى، والتي أوجبت تضمينها في بيان الدعوى، ومع ذلك فيتعين أن تشتمل مذكرة الدفاع أيضا على تلك البيانات، وهو ما أكدت عليه المادة [36] من قانون التحكيم اليمني حيث نصت على أن يشتمل رد المدعى عليه على" ما ورد في بيان الإدعاء " والمقصود بذلك بيانات طرفي الدعوى، أما البيانات المتعلقة بموضوع الدعوى، فللمدعى عليه أن يرد على وقائع الدعوى التي عرضها المدعي، وله أيضا أن يضمن في مذكرة دفاعه " أية طلبات عارضة متصلة بموضوع النزاع أو أن يتمسك بحق ناشئ عنه بقصد الدفع بالمقاصة، وله ذلك ولو في مرحلة لاحقه من الإجراءات إذا رأت هيئة التحكيم أن الظروف تبرر التأخير" المادة[٢/٣٠] من قانون التحكيم المصري، وهو أيضا ما قررته المادة[36] من قانون التحكيم اليمني حيث أجازت أن تشتمل مذكرة الدفاع على" أي بيانات وطلبات ودفوع أخرى يرى –المدعى عليه- أنها ضرورية ".

   أما بالنسبة لمرفقات مذكرة الدفاع، فللمدعى عليه أن يرفق بمذكرة دفاعه صوراً من الوثائق التي يستند إليها وأن يشير إلى كل أو بعض الوثائق وأدلة الإثبات التي يعتزم تقديمها ولا يخل هذا بحق هيئة التحكيم في أي مرحلة كانت عليها الدعوى في طلب تقديم أصول المستندات أو الوثائق التي يستند إليها أي من طرفي الدعوى." المادة[3/30] من قانون التحكيم المصري. ولم تشر المادة[36] من قانون التحكيم اليمني إلى أن للمدعى عليه أن يرفق بمذكرة دفاعه المستندات أو الوثائق المؤيدة لمذكرته، ومع ذلك فان من حقه إرفاق تلك المستندات، فذلك من مستلزمات حق الدفاع المكفول دون نص.

 

بطلان مذكرة الدفاع

أ - شكل وبيانات مذكرة الدفاع:

   يجب أن تتخذ مذكرة الدفاع، وفقا لنصي المادتين[۲/۳۰] من قانون التحكيم المصري، و[36] من قانون التحكيم اليمني، الشكل المكتوب.

   وكبيان الدعوى، لا يلزم توقيع محام على مذكرة الدفاع، ويكفي توقيع المدعى عليه أو من يمثله، وفي الحالة الأخيرة يجب أن يكون الوكيل مزودا بوكالة خاصة.

   ومع وفيما يتعلق ببيانات مذكرة الدفاع، فان المادة[۲/۳۰] من قانون التحكيم المصري لم تستلزم اشتمالها على بيانات معينة، في حين أوجبت المادة[36] من قانون التحكيم اليمني، اشتمال مذكرة الدفاع على البيانات التي وردت في بيان الدعوى، ومع ذلك فان تخلف أو نقص بيانات مذكرة الدفاع لا يرتب أي بطلان طالما لم تجهل بهوية الخصوم أو موضوع النزاع.

ب- اثر عدم تقديم مذكرة الدفاع في الميعاد المحدد:

   يتعين على المدعى عليه، وفقا للمادة[٢/٣٠] من قانون التحكيم المصري، أن يرسل مذكرة بدفاعه، إلى المدعي والى هيئة التحكيم، خلال الميعاد المتفق عليه بين الطرفين، وعند عدم الاتفاق، فيتعين إرسال مذكرة الدفاع خلال الميعاد الذي تحدده هيئة التحكيم.

   وخلافا للمادة السابقة من قانون التحكيم المصري، فان المادة[36] من قانون التحكيم اليمني لم تشر إلى ميعاد إرسال مذكرة الدفاع، ومع ذلك فإذا اتفق الأطراف على ميعاد معين لإرسال مذكرة الدفاع فيجب التقيد به، كما على هيئة التحكيم إن هي حددت ميعادا معينا للمدعي لتقديم بيان دعواه، إعمالا للمادة[35] من قانون التحكيم التي تخولها ذلك، أن تحدد أيضا ميعادا للمدعى عليه لتقديم مذكرة دفاعه، فذلك ما يفرضه مبدأ المساواة بين الخصوم.