الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التنفيذ / اسباب ترجع الى تشكيل او تعين هيئة التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد السابع / قانون التحكيم لسنة 2005 – فساد او سوء سلوك محكم – قرار محكمة الموضوع بالخصوص نهائي – قانون الاجراءات المدنية لعام 1983 كان يجيز الطعن في قضاء محكمة الموضوع الطعن بفساد المحكم - مهلة تقديمه

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد السابع
  • تاريخ النشر

    2010-10-20
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    294

التفاصيل طباعة نسخ

إن منطوق المادة 41/ 2 من قانون التحكيم لسنة 2005 قد نصت صراحة على ان قرار محكمة الموضوع المختصة في شأن فساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم نهائي ولا يجوزالطعن فيه امام محكمة الاستئناف – ان النصوص والاجراءات التي تسن وتنظم طرق الطعن في الاحكام لا تسري من الناحية القانونية على ما صدر قبل العمل بها من أحكام- منطوق المادة 2/41 من قانون التحكيم لعام 2005 واضح وصريح ويتعلق بالاختصاص الموضوعي وليس بالاجراءات المتعلقة بطرق الطعن في قرار هيئة التحكيم او حكم المحكمة- الدفع بعدم الاختصاص يقود الى تطبيق احدى اهم القواعد والمبادئ الاساسية التي يقوم عليها التحكيم بصفة عامة والتي نص عليها بروتوكول جنيف لسنة 1923 واتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ احكام التحكيم الاجنبية 1958 والاتفاقية الاوروبية للتحكيم في اختيار وتحديد القواعد الاجرائية الواجبة التطبيق على اجراءات التحكيم- من الناحية القانونية، إن اختيار او موافقة
اطراف التحكيم على هيئة التحكيم لا يمنع اي منهم من المطالبة بالغاء قرار التحكيم استنادًا الى فساد او سوء سلوك المحكمين – منطوق المادة 149/2 من قانون الاجراءات المدنية 1983 .

لم يشترط اي شرط لتقديم هذا الطلب والمطالبة بالغاء قرار المحكمين سوى اشتراط ان يقدم هذا الطلب خلال عشرة ايام من تاريخ اخطار الخصوم بقرار التحكيم- عدم استعمال الطاعن لهذا الحق والمطالبة بعزل احد المحكمين او اكثر اثناء مسيرة التحكيم ولا يحول من الناحية القانونية بينه وبين استعمال حقه القانوني في المطالبة بالغاء قرار المحكمين لفساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم – الثابت من أسباب حكم محكمة الموضوع ان الذي قررته ورتبته على حكمها ثبوت سوء سلوك احد المحكمين هو الغاء قرار التحكيم فإنه لا يعقل بعد ذلك ان تناقش محكمة الموضوع اسباب ووقائع الدعوى والنزاع على هدي ووفق ما احتواه ذات المحضر- ان كافة قوانين التحكيم قد نصت على بطلان قرار التحكيم اذا شابه فساد او سوء سلوك المحكمين او أحدهم- مخالفة- ان كل ما نسب لا يشكل فسادًا او سوء سلوك بالدرجة التي تبطل وتلغي اجراءات التحكيم بناء على طلب الخصوم- كان متاحًا للطاعنة ان تحتج على كل ما تراه مخالفًا للقانون وتثبته في المحضر طالما اثار ذلك في نفسها الشك والريبة لا ان تستعمل الرخصة التي منحها لها القانون وتلوذ بالصمت في انتظار ما يسفر عنه قرار التحكيم ثم تطعن في سلوك المحكمين وحيدتهم ونزاهتهم لأنه لم يكن القرار في الصالح فهو امر لا يستقيم ولا يجد قبولاً ولا يلتفت اليه. 

(المحكمة العليا- الدائرة المدنية- رقم القضية (م ع/ ط م/ 1167/2005 )

وحول موضوع مناقشة الطاعن المقدمة في مواجهة الحكم المطعون ضده أرى ان نبدأ
الطرح والنقاش بالطعن الذي دفع بعدم اختصاص محكمة الاستئناف المطعون في حكمها بنظر الاستئناف الذي قدم أمامها من الشركة المطعون ضدها الآن، وذلك على أساس ان الحكم المطعون ضده لم يصدر حتى صدور قانون التحكيم لسنة 2005 في 26 /يونيو/ 2005 والذي نص صراحة في منطوق المادة 2/24 منه على ان قرار محكمة الموضوع في شأن فساد او سوء سلوك المحكمين او اي منهم يكون قرارًا نهائيًا. 

وحول موضوع هذا الدفع القانوني فإنني اراه لا يثير فقط مسألة وموضوع النصوص
والاحكام القانونية التي تنظم وتحكم مسيرة اجراءات هذا التحكيم وطرق الطعن في الاوامر والأحكام الصادرة فيه، بل هو يثير في تقديري من الناحية القانونية ويشمل اساس دفع بعدم اختصاص اي عدم اختصاص المحكمة المطعون في حكمها الآن امام هذه المحكمة بنظرالاستئناف الذي قدم امامها في مواجهة قضاء محكمة الموضوع، وذلك استنادًا الى ان قانون التحكيم لسنة 2005 قد صدر في 25 يونيو 2005 ونص في مادته الاولى على ان يعمل به من تاريخ توقيعه في 2006/6/25م ونصت مادته الثالثة على ان تسري أحكامه على كل تحكيم يجري في السودان وعلى كل تحكيم يكون قائمًا وقت نفاذ القانون، وان منطوق المادة 2/41 من قانون التحكيم لسنة 2005 قد نصت صراحة على ان قرار محكمة الموضوع المختصة في شأن فساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم نهائي ولا يجوز الطعن فيه امام محكمة الاستئناف والأمر
الذي يجعل محكمة الموضوع في حكمها الآن غير مختصة بنظر الاستئناف الذي قدم امامها في مواجهة قلم محكمة الموضوع في شأن فساد او سوء سلوك احد المحكمين واصدرت بشأنه الحكم المطعون ضده وقبل الخوض في موضوع الاختصاص أرجو ان اشير الى انني اتفق تمامًا في شأن وموضوع النصوص والأحكام التي تنظم مسيرة الاجراءات مع ما ذكره الاستاذ الموقر نبيل اديب في مذكرة رده على عريضة الطعن من ان النصوص والاجراءات التي تسن وتنظم طرق الطعن في الاحكام لا تسري من الناحية القانونية على ما صدر قبل العمل بها من احكام ولذا نجد ان منطوق اعادة المراجعة من قانون الاجراءات المدنية 1983 والتي تبين تنظيم الاجراءات قد
استثنت صراحة النصوص المعدلة للاختصاص متى ما كان تاريخ العمل بها بعد بدء سماع الدعوى، وكذا النصوص المتعلقة والمنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من أحكام قبل تاريخ العمل بقانون الاجراءات المدنية سنة 1983 ومتى كانت تلك النصوص ملغية او منشئة لطريق من تلك الطرق وأحسب ان المسألة والموضوع كان يمكن ان يكون مفهومًا ومحسومًا من الناحية القانونية اذا كان هذا الالغاء او التعديل في نصوص واحكام قانون الاجراءات المدنية 1983 ولكن ما دعاني وأفضى الى القول بأن الدفع المقدم لم يعد فقط يتعلق بمسألة وموضوع الاحكام والنصوص الاجرائية التي تنظم طرق الطعن في الحكم بل ان الدفع يثير وبشكل اساسي عدم الاختصاص وهو منطوق المادة 2/41 من قانون التحكيم سنة 2005 والذي نص من الناحية الموضوعية بعدم اختصاص المحكمة المطعون في حكمها الآن بنظر اي طعن يقدم في مواجهة
قرار محكمة الموضوع في شأن فساد المحكمين او سوء سلوكهم. 

وحول هذه القطعة فانني ارى ان الثابت من الناحية القانونية ان منطوق المادة 2/3 من قانون التحكيم سنة 2005 قد نصت صراحة على انه... مع مراعاة المادة ( 2) تطبق أحكام هذا القانون على كل تحكيم يكون قائمًا وقت نفاذ هذا القانون.. كما ان منطوق المادة 2/41 من ذات القانون قد نصت صراحة على أن.. قرار محكمة الموضوع في شأن فساد وسوء سلوك المحكمين او احدهم يكون قرارًا نهائيًا..

وفي تقديري ان ما نص عليه منطوق المادة 2/14 من قانون التحكيم لسنة 2005 ليس فقط موضوعًا يتعلق بالنصوص والاحكام التي تنظم الحكم ومسيرة اجراءات التحكيم والطعن في قرارهيئة التحكيم او حكم المحكمة وانما هذا النص في تقديري نص يتعلق بالاختصاص وعدم الاختصاص من الناحية القانونية في شأن وموضوع تقرير محكمة الموضوع في مسألة فساد وسوء سلوك المحكمين او احدهم. 

وعلى هدي من هذا الفهم وعلى هدي ما نصت عليه المواد 2/14/3 من قانون التحكيم سنة 2005 انني ارى من الناحية القانونية انه اذا ما ثبت لنا من الناحية القانونية تطبيق أحكام قانون التحكيم سنة 2005 على اجراءات هذا التحكيم فإن انطباق منطوق المادة 2/41 منه يكون واجبا بحسبان ان النص واضح وصريح ويتعلق بالإختصاص الموضوعي وليس بالاجراءات المتعلقة بطرق الطعن في قرار هيئة التحكيم او حكم المحكمة والثابت ان منطوق المادة 2/3من قانون التحكيم لسنة 2005 قد نص صراحة على ان تسري احكامه على كل تحكيم يجري في السودان او في الخارج اذا اتفق اطرافه على اخضاعه لأحكام هذا القانون، اذ تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم يكون قائمًا وقت نفاذ هذا القانون في 25 /يونيو/ 2005 والسؤال الهام الذي يطرح
والذي يجب الاجابة عنه هو:

هل كان هذا التحكيم قائمًا في 25/يونيو/2005 وقت صدور قانون التحكيم سنة2005 ؟

الثابت بقطع الشك من محضر محكمة الموضوع انها قد أصدرت حكمها في الدعوى في 2005/2/25م اي قبل صدور قانون التحكيم لسنة 2005 في 2005/2/26م والمادة 34 (أ) من قانون التحكيم لسنة 2005 والتي توضح انتهاء اجراءات التحكيم تقول ان اجراءات التحكيم تنتهي بصدور الحكم المنهي للخصومة ولعل المعلوم من الناحية القانونية ان الحكم المنهي للخصومة يقصد به الحكم النهائي الذي تصدره محكمة الموضوع المختصة بعد سماع أدلة وبينات الدعوى الامر الذي ارى معه أن هذا التحكيم لم يكن قائمًا عند صدور قانون التحكيم سنة 2005 لأن اجراءاته قد انتهت بصدور حكم محكمة الموضوع المنهي للخصومة وذلك في معنى ما نص عليه منطوق المادة 34 /أ من قانون التحكيم لسنة 2005 الأمر الذي أرى معه من الناحية القانونية عدم تطبيق وانطباق نصوص وأحكام قانون التحكيم لسنة 2005 وبالتالي منطوق المادة 41 (ا) منه التي نصت على نهائية قرار محكمة الموضوع في شأن فساد أو سوء سلوك المحكمين او أحدهم على اجراءات الطعن بالاستئناف امام محكمة استئناف الخرطوم وقتئذ بحسبان ان اجراءات التحكيم لم تكن قائمة في تلك المرحلة من مراحل الاجراءات بحسبان ان اجراءات التحكيم قد انتهت قبل صدوره بصدور حكم محكمة الموضوع الذي انهى الخصومة وانهى اجراءات التحكيم الأمر الذي يثبت معه ان هذا التحكيم لم يكن قائمًا وقت نفاذ قانون التحكيم 2005 الأمر الذي يثبت معه تخلف الاشتراط الذي نص عليه منطوق المادة 3/2 من هذا القانون لتطبيق نصوصه وأحكامه على التحكيم وهو ان يكون التحكيم قائمًا وقت نفاذ القانون واضعًا في الاعتبار ان منطوق المادة 34 من قانون التحكيم لسنة 2005 قد أبان في جلاء انتهاء اجراءات التحكيم وبالتالي متى يكون التحكيم قائمًا ومتى تكون اجراءاته قد انتهت من الناحية القانونية. بغض النظر عما اذا كانت اجراءات هذا التحكيم قد بدأت وانتهت قبل صدور هذا القانون او بدأت هذه
الاجراءات بعد صدوره، لأن الغاءه والهدف من البحث والنقاش، وفي هذا الجانب التقرير حولمسألة دفوع متى يكون التحكيم قائمًا او غير قائم من أجل أعمال منطوق المادة 3/2 من قانون التحكيم سنة 2005 وبالتالي تقرير وتطبيق وانطباق نصوصه وأحكامه على اجراءات هذا التحكيم من عدمه. 

عليه فإنني على هدي ما اثبتُّه سالفًا ارى عدم صحة وعدم سلامة الدفع المقدم من الطاعن بعدم اختصاص المحكمة المطعون في حكمها بنظر الاستئناف الذي قدم امامها في مواجهة تقرير محكمة الموضوع بفساد او سوء سلوك أحد المحكمين على اساس ان تقرير محكمة الموضوع في هذا الشأن تقرير نهائي ولا يجوز الطعن فيه بالاستئناف وذلك على اساس اننا قد بينا فيما سلف عدم انطباق وتطبيق نصوص واحكام قانون التحكيم سنة 2005 على هذا التحكيم في تلك المرحلة من مراحل اجراءات الطعن بالاستئناف، بحسبان ان الذي ثبت من الناحية القانونية أن اجراءات هذا التحكيم قد انتهت وتم الحكم فيه قبل صدور قانون التحكيم سنة 2005 الامر الذي يثبت معه ان اجراءات هذا التحكيم لم تكن قائمة وقت صدور هذا القانون في معنى ما نصت عليه المادة من قانون 2/ 34 من قانون التحكيم لسنة 2005 وبالتالي يتخلف اهم اشتراط طالبت به المادة 3 التحكيم لسنة 2005 من اجل تطبيق أحكامه ونصوصه وهو اشتراط ان يكون التحكيم قائمًا وقت العمل بهذا القانون الامر الذي ارى معه ان المحكمة المطعون في حكمها كانت مختصة من الناحية القانونية بنظر الطعن بالاستئناف الذي قدم امامها واصدرت في شأنه الحكم المطعون ضده، ولعل هذه النتيجة القانونية والتقدير حول هذا الدفع بعدم الاختصاص يقود الى تطبيق واحدة من اهم القواعد والمبادئ الهامة والاساسية التي يقوم عليها التحكيم بصفة عامة والتي نص عليها بروتوكول جنيف لسنة 1923 واتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم الاجنبية 1958 والاتفاقية الاوروبية للتحكيم التجاري الدولي سنة 1961 وهي ضرورة الاعتداد واحترام ارادة اطراف التحكيم في اختيار وتحديد القواعد الاجرائية الواجبة التطبيق على اجراءات التحكيم والثابت أن اطراف هذا التحكيم قد اختاروا نصوص وأحكام قانون الاجراءات المدنية 1983 لينظم الحكم مسيرة اجراءات هذا التحكيم وهو كان يجيز بالقطع من الناحية القانونية الطعن في قضاء محكمة الموضوع في شأن فساد او سوء سلوك المحكمين او أحدهم.
أما السبب الرئيسي الثاني من اسباب الطعن في الحكم فيقول أن الثابت من اسباب وحيثيات الحكم المطعون ضده أنه أسس على افتراض قانوني خاطئ مفاده عدم إمكانية طعن الاطراف من الناحية القانونية بفساد او سلوك المحكمين او احدهم ما دام انهم قد وافقوا ابتداء على تكوين هيئة التحكيم في الوقت الذي يجيز فيه منطوق المادة 149 من قانون الاجراءات المدنية 1983 - والذي يقابل منطوق المادة 1/41 من قانون التحكيم سنة 2005 - للمحكوم ضده في التحكيم المطالبة بالغاء الحكم للبطلان استنادًا الى عدة أسباب من بينها فساد او سوء سلوك المحكمين اواحدهم، وهذا وقد رد المطعون ضده بصحة وسلامة تقرير الحكم المطعون ضده في هذه النقطة حول هذه الجزئية الهامة قال الحكم المطعون ضده الآتي: 

(وفيما يتعلق بالفساد، فيما بدر من رئيس الهيئة لا يرقى لمستوى الفساد الذي اشارت اليه المادة 149 (أ) من قانون الاجراءات المدنية سنة 1983 ، وكذلك الامر فيما يتعلق بالمحكم... وذلك لأن اختياره للتحكيم ابتداء كان بالاتفاق مع العلم المسبق بالتحكيم السابق وبالتالي فلا يعقل الدفع بفساده لهذا السبب.. ومن جانب آخر لم يطالب بمعالجة أمره باختيار محكم آخر بديل وفقًا للمادة 142 اجراءات مدنية لسنة 1983 والتي مكنت من ذلك ان وجد مانع من مباشرة التحكيم حال دون تحقيق الغرض المطلوب من التحكيم..).

حول هذا الجزء من الطعن فإنني – مع الاحترام- اتفق تمام الاتفاق مع ما ذهب اليه الاستاذ مقدم الطعن حول ان اتفاق طرفي التحكيم على تكوين هيئة التحكيم ابتداء لا يمنعهم او يحول بينهم من الناحية القانونية وبين المطالبة بالغاء قرار المحكمين لفساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم حيث نصت على ذلك صراحة منطوق المادة 2/149/ب من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983 ولعل الثابت والمعلوم ان فساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم لا يمكن الدفع به والمطالبة بالغاء قرار التحكيم استنادًا اليه إلا بعد معرفته والوقوف عليه عبر مسيرة اجراءات التحكيم الامر الذي ارى معه من الناحية القانونية ان اختيار او موافقة اطراف التحكيم على هيئة التحكيم لا يمنع اي منهم من المطالبة بالغاء قرار التحكيم استنادًا الى فساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم حتى ولو كان هذا المحكم هو المحكم الذي اختاره الطرف مقدم الطعن نفسه ذلك ان منطوق المادة 1/149 من قانون الاجراءات المدنية 1983 والتي تعطي طرفي التحكيم الحق في المطالبة بالغاء قرار المحكمين لفساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم لم تشترط اي شرط لتقديم هذا الطلب والمطالبة بالغاء قرار المحكمين سوى اشتراط ان يقدم هذا الطلب خلال عشرة ايام من تاريخ اخطار الخصوم بقرار التحكيم. 

وحول ما ذكره الحكم المطعون ضده حول عدم معالجة الطاعن لموضوع فساد او سوء
سلوك المحكمين او احدهم في ذمته يعزل المحكمين او المحكم وفقًا لنصوص واحكام منطوق المادة 142 من قانون الاجراءات المدنية 1983 حول هذه النقطة أقول انه صحيحًا كان في الامكان استعمال الطاعن لحقه القانوني المبين في هذه المادة والمطالبة بعزل احد المحكمين او اكثر لما يطرحه من اسباب بيد انني في ذات الوقت ارى ان عدم استعمال الطاعن لهذا الحق والمطالبة بعزل احد المحكمين او اكثر اثناء مسيرة اجراءات التحكيم لا يحول من الناحية القانونية بينه وبين استعمال حقه القانوني في المطالبة بالغاء قرار المحكمين لفساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم حسبما نص على ذلك صراحة منطوق المادة 2/149 من قانون الاجراءات المدنية 1983 .

وحول الشق الثاني من هذا الطعن في مواجهة الحكم المطعون ضده يرى الطاعن ان الحكم المطعون ضده قضى بالغاء حكم محكمة الموضوع في شأن فساد وسوء سلوك احد المحكمين والذي اسس واسند الى بينة كافية ومقنعة دون ابداء اي اسباب ودون الالتفات لما استمعت اليه محكمة الموضوع من ادلة وبينات حول هذا الموضوع الهام. وأن اسباب وحيثيات الحكم المطعون ضده في هذه القضية جاءت مقتضبه دون اي نقاش موضوعي او قانوني لما قام وأسس عليه حكم محكمة الموضوع حول موضوع فساد احد المحكمين وسوء سلوكه الامر الذي يجعله من الناحية القانونية حكم معيب وباطل من الناحية القانونية. 

وحول حقوق المطعن فإنني اتفق مع الاستاذ مقدم الطعن حول ان الجزئية الهامة من الطعن كانت تستحق من محكمة الاستئناف الموقرة طرقًا ومناقشة اكثر دقة وعمقًا من الناحيتين الموضوعية والقانونية وذلك استنادًا الى اهمية وحساسية هذا المطعن والذي قام واسس عليه  بشكل جوهري قضاء محكمة الموضوع بالغاء قرار هيئة التحكيم، وحول هذا الجزء من الطعن اقول اضافة لما بيّناه سابقًا بأن الثابت من محضر محكمة الموضوع ومن اسباب وحيثيات حكمها في هذا الصدد انها قد اسست حكمها بسوء سلوك احد المحكمين على عدة وقائع ثبتت امامها بالأدلة والبينات التي استمعت اليها في هذا الشأن وذكرتها بالتفصيل في اسباب وحيثيات الحكم على الصفحات من 403 الى 420 من محضر محكمة الموضوع، حيث لم يذكر الحكم المطعون ضده او يطرح او يناقش هذه الوقائع التي قام عليها حكم محكمة الموضوع ولم يتطرق لما قدم
وطرح من ادلة وبينات لأثباتها امام محكمة الموضوع الامر الذي اوافق معه على ان حكم محكمة استئناف في هذا الجانب جاء قاصرًا ومعيبًا من الناحية القانونية. 

وحول تقرير محكمة الموضوع في شان سلوك احد المحكمين فإن الذي ثبت ما بعد مراجعة محضر المحكمة انها قد استمعت لأدلة البينات الظرفية حول هذا الموضوع حيث قررت استنادًا الى ما ثبت امامها بالبينة والدليل سوء سلوك احد المحكمين وانني ارى واجد من الادلة والبينات ما يسند قضاء محكمة الموضوع في هذا الصدد واضعًا في الاعتبار ان محكمة الموضوع هي صاحبة الاختصاص الاصيل حول موضوع ووزن البيّنة والدليل حسبما نص على ذلك منطوق المواد 34/13  من قانون الاثبات السوداني سنة 1993 الأمر الذي ارى معه ان الحكم المطعون ضده لم يكن موفقًا عندما قضى بالغاء حكم محكمة الموضوع في هذا الجانب.
الثابت من اسباب وحيثيات حكم محكمة الموضوع أنها قد قضت اولاً بالغاء حكم المحكمين ثم دلفت بعد ذلك الى مناقشة بقية نقاط النزاع المتعلقة بالموضوع وخلصت عبر مناقشة طويلة ومستفيضة الى القرار بشطب الدعوى بالرسوم. 

في تقديري ان محكمة الموضوع لم تكن موفقة في متابعة مناقشة نقاط النزاع في ضوء
الادلة والبينات المقدمة والمطروحة عبر مسيرة اجراءات التحكيم التي قضت بالالغاء ثم الوصول لحكم يقضي بشطب الدعوى بالرسوم وذلك لأن محكمة الموضوع نفسها قد س ّ طرت في أسباب وحيثيات حكمها على صفحة 426 ما يلي: 

(أن الحكم بسوء سلوك المحكمين او ايًا منهم يترتب عليه اعتبار ما تم من اجراءات التحكيم بما في ذلك حكم المحكمين كأن لم يكن والقضاء بالغائه والسير في الدعوى إن كان لذلك مقتضى وذلك وفقًا لأحكام المادة 150 من قانون الاجراءات المدنية 1983 ) 

فإذا كانت محكمة الموضوع الموقرة قد قررت بحق ان الذي يجب ان يترتب على الغاء
قرار المحكمين او احدهم لفساد او سوء سلوك المحكمين او احدهم هو اعتبار كل اجراءات التحكيم في حكم العدم فكيف يتسنى لها بعد ذلك موالاة السير في مناقشة نقاط النزاع التي كانت مطروحة على هدى ووفق الأدلة والبينات التي استمعت إليها هيئة التحكيم عبرالمحضر والاجراءات الملغية، كما أن منطوق المادة 150 من قانون الاجراءات المدنية 1983 لم يترك اي خيار لمحكمة الموضوع بل الزمها بموالاة السير في الدعوى واحسب ان السير في الدعوى معلوم من الناحية القانونية بموالاة السير في اجراءات الدعوى ولا تعني بأي حال من الاحوال اصدار حكم بديل لحكم المحكمين استناداً الى اجراءات التحكيم والادلة والبينات التي استمعت اليها هيئة التحكيم، والمادة 150 من قانون الاجراءات المدنية 1983 نصت على الآتي:

((اذا اصبح القرار باط ً لا بموجب المادة 1/149 أو الغي بموجب احكام المادة 2/149 يجب على المحكمة ان تصدر امرًا بإلغاء التحكيم وأن تسير في الدعوى.) .

عليه فإنني على هدي من ذلك أرى انه طالما ان الثابت من اسباب حكم محكمة الموضوع ان الذي قررته ورتبته على حكمها ثبوت سوء سلوك احد المحكمين هو الغاء قرار التحكيم وتقرير بطلان وعدم صحة كافة اجراءات التحكيم فإنه لا يعقل بعد ذلك ان تناقش محكمة الموضوع اسباب ووقائع الدعوى والنزاع على هدي ووفق ما احتواه ذات المحضر لتخلص الى حكم قضى بشطب الدعوى بالرسوم، بل ارى ان محكمة الموضوع ملزمة من الناحية القانونية استنادًا الى منطوق المادة 150 من قانون الاجراءات المدنية 1983 الذي كان يحكم الاجراءات وقتئذ بعد تقرير إلغاء وبطلان قرار التحكيم ان تتولى موالاة السير في اجراءات الدعوى من مرحلة احالة النزاع للتحكيم او مرحلة الرد على الدعوى ان اقتضى الحال ذلك، علمًا أن ما سطرته محكمة الموضوع حول ان منطوق المادة 150 من قانون الاجراءات المدنية 1983 لم يلزمها بموالاة السير في اجراءات الدعوى لقولها ان كان لذلك مقتضى فإن الثابت من منطوق
المادة انه استوجب عليها السير في اجراءات الدعوى وليس اصدار حكم فيها مستندة في ذلك إلى ادلة وبينات مضمنة في محضر التحكيم الذي قضت وقررت انه في حكم العدم. من الناحية القانونية في تقديري ان محكمة الموضوع لم تكن موفقة في هذه الجزئية من الحكم عندما اثيرت وتصدت بعد تقريرها بالغاء وبطلان حكم المحكمين الى مناقشة نقاط النزاع المطروح في ضوء اساس الادلة والبينات المضمنة في محضر التحكيم ومن ثم اصدار الحكم الذي قضى بشطب الدعوى بالرسوم وذلك وفقًا للأسباب التي سلف بيانها والتي اهمها ان القانون يستوجب عليها عند الحكم بالغاء قرار التحكيم موالاة السير في اجراءات الدعوى وليس اصدار حكم فيها استنادًا الى الأدلة والبينات التي طرحها الاطراف امام هيئة التحكيم عبر محضر واجراءات قضت محكمة الموضوع نفسها بأنه اضحى في حكم العدم، وأحسب وأرى ان هذه القناعة والنتيجة التي توصلت اليها تغنينا وتكفينا عن طرح ومناقشة اسباب الطعن المتعلقة بموضوع النزاع المطروح بحسبان
ان الدعوى والنزاع ليست صالحة للحكم فيها وان اجراءاتها بعد الغاء قرار التحكيم يجب ان تكون في المهد على اساس ان ما نص عليه منطوق المادة 150 من قانون الاجراءات المدنية 1983 هو موالاة السير في الدعوى علمًا أن منطوق المادة 43 من قانون التحكيم لسنة 2005 ينص على انه في حالة الغاء قرار التحكيم يجوز عرض النزاع على المحكمة المختصة بناء على طلب احد الاطراف..
.............
............. 

نعود الى موضوع الطعن لنقول بأنني استنادًا الى ما اثبّته من أسباب أرى ان الحكم
المطعون فيه لم يكن موفقًا عندما قضى بالغاء قضاء محكمة الموضوع في شأن الغاء قرار التحكيم لسوء سلوك احد المحكمين وان محكمة الموضوع لم تكن موفقة ولم تلزم جانب القانون عندما ابدت وتصدت بعد حكمها بالغاء قرار التحكيم الى طرح ومناقشة الوقائع ونقاط النزاع مستندة في ذلك إلى الادلة والبينات التي استمعت اليها هيئة التحكيم عبر محضر واجراءات قضت هي نفسها بالغائه وبطلانه ثم انتهت بعد ذلك الى حكم بشطب الدعوى بالرسوم في الوقت الذي يوجب عليها القانون صراحة موالاة السير في اجراءات الدعوى، الأمر الذي أرى معه أن يكون الحكم، بعد موافقة الزملاء الاجلاء، بقبول الطعن والغاء الحكم المطعون ضده والغاء حكم محكمة  الموضوع الذي قضى بشطب الدعوى بالرسوم واستعادة قرار محكمة الموضوع الذي قضى بإلغاء قرار التحكيم مع اعادة الاوراق الى محكمة الموضوع لموالاة السير في اجراءات
الدعوى. 

 

يحيى الطيب ابو شوره
قاضي المحكمة العليا
15 / اغسطس/ 2006 

الشرط فيمن يتولى الفصل في خصومات الناس ان يكون محايدًا بين الخصوم سواء أكان
ذلك في اجراءات التقاضي العادية او في اجراءات التقاضي عن طريق التحكيم. وادنى درجات
الحياد هو الابتعاد عن اي مظهر يورث الشك في ان له علاقة زائدة مع احد الخصمين. وكل من
يقبل ان يكون محكمًا بين طرفين، عليه ان يخلع ربقة الانتماء حتى ولو كان وكي ً لا سابقًا لأحد
الطرفين او كان تابعًا له بوجه من الوجوه. فمنذ اللحظة التي يصبح فيها محكمًا يتعين عليه ان
يتمثل الحياد حتى في اظهار قناعاته الخاصة حول وقائع النزاع فلا يظهرها ا ّ لا عند ابداء رأيه او
اثناء المداولة مع باقي المحكمين. ولا يغير من هذا النظر ان يكون المحكم متفقًا على تعيينه من
قبل الطرفين او يكون الطرفان عالمين بنشاطه السابق فيما يتعلق بامور لها علاقة بالنزاع
المطروح للتحكيم. 

ولا شك ان عدم الحياد في القاضي او المحكم يعد فساداً او سوء سلوك منه في اداء
مهمة الفصل بين الخصوم، كما لا شك في ان كافة قوانين التحكيم "فيما اعلم" قد نصت على
بطلان قرار التحكيم اذا شابه فساد او سوء سلوك المحكمين او أحدهم. انظر المادة 2/149/أ  من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983 والمادة 1/41/ب من قانون التحكيم لسنة 2005 . 

وحيث كان ذلك وكان احد اعضاء هيئة التحكيم في النزاع موضوع الدعوى قد اتى اثناء
نظر هذا النزاع ما يتنافى وحياده على نحو ما اثبته زميلي صاحب الرأي الاول فإنني اتفق معه
على ما توصل اليه من نتيجة مؤداها تأييد حكم محكمة الموضوع في الشق المتعلق بابطال
اجراءات التحكيم، كما اتفق معه على ما توصل اليه ترتيبًا لذلك من ضرورة سير محكمة
الموضوع في الدعوى بطرح دفاع ودفوع الخصمين امامها على الوجه الذي تراه مناسبًا وفقًا لما 

تقضي به قواعد الاجراءات المدنية وبما يحقق للطرفين فرصة تمكينهما من ابداء حقهما في
الدفاع والدفوع دون ان تتقيد بخط السير الذي ح دده المحكمون للنزاع سواء تقيدوا في ذلك
بمشارطة التحكيم او حادوا عنها.
خلاصة الامر انني اتفق مع النتيجة التي انتهى اليها الزميل صاحب الرأي الأول. 

برعي محمد سيد احمد
قاضي المحكمة العليا
2006/9/16 

في تقديري إن كل ما نسب الى رئيس هيئة التحكيم والعضو الآخر إن كان واقعًا حقيقة فإنه
من وجهة نظري- لا يشكل فسادًا وسوء سلوك بالدرجة التي تبطل وتلغي اجراءات التحكيم بناء على طلب الخصوم اعما ً لا بالمادة 1/149 من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983 . اذ أن الفساد او سوء السلوك المقصود والذي يتخذ مبررًا للتقدم بطلب الالغاء ليس من قبيل ما نسب الى رئيس
الهيئة وعضو التحكيم، فقد اعتبر استلام المحكم لرشوة، او اصدار قرار على عقد باطل مث ً لا
يرقى لمرتبة الفساد او سوء السلوك.. وكذلك في حالة سماع شهادة كل طرف في غياب الطرف
الآخر او توقيع محكم على بياض دون ان يتداول مع الآخرين في القرار، او صدور قرار قبل
سماع كل البينات يمكن ان يكون فسادًا او سوء سلوك.. (انظر قواعد التقاضي في قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983 ص 236 للقاضي رمضان علي محمد) وذلك ما لم نلحظه في
هذه الاجراءات ولم يقل به الاستاذ محامي الطاعنة.. لذلك يبقى ما نسب الى المحكمين دون ذلك
بكثير.. إن كانت الطاعنة ترى في ما نسبته الى المحكمين فيه انحراف عن الاصول العامة بما
يزعزع الثقة الواجب توافرهما في المحكمين وبما يورث الشك في نزاهتهما وحيدتهما فانه كان
حريًا بها ان تتق  دم بطلبها مبدية اعتراضها على تلك المثالب وكان متاحًا لها ايضًا ان تحتج على
كل ما تراه مخالفًا للقانون وتثبته في المحضر وان تطالب بتنحية العضوين او احدهما بسبب ما
نسبته اليهما من افعال وتصرفات طالما اثار ذلك في نفسها الشك والريبة وعدم الاطمئنان وان
تصر على ذلك وتصدر قرارًا بشأنه اما أن لا تستعمل الرخصة التي منحها لها القانون وتلوذ
بالصمت في انتظار ما يسفر عنه قرار التحكيم ثم تطعن في سلوك المحكمين وحيدتهم ونزاهتهم
لأنه لم يكن القرار في الصالح فهو أمر لا يستقيم ولا يجد قبو ً لا ولا يلتفت اليه: ويقول الاستاذ
علي محمود حسين محامي الطاعنة انه انتوى التقدم بطلب تنحيه المحكم الاستاذ محمد الحسن الطيب إ ّ لا ان رئيس الهيئة رجاه ا ّ لا يفعل: هذا القول في تقديري- لا يعتد به الآن اذ الأمر متعلق
بحقوق اؤتمن عليها فلا يجامل فيها إن كان حقًا ما يعتقده ويراه.. ونتساءل هل كانت الطاعنة
تقبل بالقرار اذا كان في صالحها بعد ان تبين لها ما شاب تصرفات المحكمين بما يقدح في
حيدتهما ونزاهتهما كما يقول. 

هذا ومن ناحية اخرى، وبما ان محكمة الاستئناف قد اقتنعت بصحة اسباب قرار هيئة
التحكيم فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلا ً لا على كل ما اثارته الطاعنة امامها بشأن ما ورد في
قرار هيئة التحكيم لأن في اخذها به محمو ً لا على اسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما
يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه قرار هيئة التحكيم..

مؤدى ما تق  دم فإني اخالف زميّلي المحترمين الرأي في ما انتهيا اليه من ان ما نسب الى
المحكمين يرقى الى مستوى الفساد او سوء السلوك الذي يؤدي الى الغاء قرار هيئة التحكيم وارى
ان ما خلصت اليه محكمة الاستئناف كان صائبًا ومتمشيًا مع صحيح القانون ويتعين تأييده. 
محمد احمد عبد القادر
قاضي المحكمة العليا
2006/9/30 

الامر النهائي:
-1 يلغى قرار محكمة الاستئناف المطعون فيه.
-2 يلغى قرار محكمة الموضوع القاضي بشطب الدعوى بالرسوم وتعاد اليها الاوراق للسير في
اجراءات الدعوى بعد استعادة قرارها بالغاء قرار التحكيم. 

برعي محمد سيد احمد
قاضي المحكمة العليا
ورئيس الدائرة
2006/10/10 

تعليق المحامية وفاء عثمان علي إبراهيم (السودان)
على قرار الدائرة المدنية بالمحكمة العليا السودانية 

بالنمرة م ع/ط م /1167 /2005 

بين
الشركة الصينية للهندسة والإنشاءات البترولية (طاعنة)
ضد 

الشركة السودانية للطرق والكبارى (المطعون ضدها)
النزاع موضوع هذا الطعن والقرار الصادر من هيئة التحكيم والمحكمة المختصة ومحكمة
الإستئناف العليا يثير عدة مسائل قانونية وتحكيمية.
والتعليق في هذه المسائل يستخلص من المبادئ المدرجة وفقًا لقانون التحكيم السوداني لسنة 2005 م.

فالقضية منذ صياغة وقائعها والنظر والبت في نقاط النزاع لعام 2002 خضعت لقواعد
التحكيم المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983 م، ومحكمة الموضوع عند
( صدور قرارها استندت إلى قواعد التحكيم لسنة 1983 م. والدفاع قد استند إلى نص المادة ( 149
فقرة ( 12 ) التي تتيح للخصوم أن يطلبوا إلغاء قرار التحكيم في الحالات الآتية:-
( أ) _فساد أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم. 

(ب ) إذا أخفى أحد الخصوم بقصد الغش أية مسألة يجب عليه عدم إخفائها أو إذا ضلل المحكمين
أو خدعهم عمدًا. 

وعند بد ء محكمة الإستئناف النظر بالقرار المتعلق بحكم محكمة الموضوع كان قرارًا صادرًا طبقًا لقانون التحكيم الصادر لسنة 2005 م مستندة إلى نص المادة (41): 

( أ) يجوز للمحكوم ضده طلب إلغاء حكم هيئة التحكيم بالبطلان للأسباب الآتية فقرة (ب) فساد
أو سوء سلوك المحكمين أو أي منهم.
أصبح السؤال: 

هل قرار هيئة التحكيم الصادر في ظل القواعد المنظمة لقانون الإجراءات المدنية لسنة 1983 م يتوافق أم يتعارض مع أسباب الطعن بالبطلان الواردة في ظل قانون 2005 م وما عليه الحال. 

فالتعليق حول المبررات القانونية التي اعتمد عليها قرار المحكمة العليا.
أو ً لا- يجب أن ينص العقد ومنذ وضع مشارطة التحكيم أن تكون هنالك دراسة مستفيضة
وإدراج هل القواعد الواردة في القانون ستكون مكملة أم آمرة مع إشتراط إحترام مبدأ سلطان
الإرادة وهي آلية الرأسمالي ... وبما أن العقد فيه شراكة أجنبية أو جهة إستثمارية وفرض التعدد
يكون بالإرادة والإتفاق وجعل الأولوية لما جاء بالإتفاق. 

فالمسؤولية إذا خرجت عن بنود الإتفاق تصبح تحت طائلة المسؤولية العقدية لذا يجب
الإفصاح عن القبول مكتوبًا لأن المسؤولية عقدية بين الطرفين والمسؤولية العقدية بدعوى
التعويض تكون دائمًا ضيقة لأنها تكون عن الضرر المتوقع.
فالقاعدة العامة (أنه إذا بطل العقد الأصلي أو فسخ يفصل عقد التحكيم لأنه مستقل ويعتبر
عقدًا داخل عقد وهو عقد إجرائي لأنه آلية لفض النزاع يخضع للقانون الذي ينظمه لذا يعد
مستقلا). 

وفي رأيي الخاص أن المادة ( 41 ) من قانون التحكيم لسنة 2005 م ضمنت لفظ "حك م"
والأجدى أن تكون الكلمة "قرار" لأن كلمة قرار أعم من كلمة حكم فالقرار ينطبق على الحكم
وليس أي حكم قرارًا. 

والحكم يعني القرار الذي يصدر في الفصل بالحكم.
وكلمة قرار تعني أن هنالك دعوى بطلان.
ودعوى بطلان يعني بطلان قرار التحكيم.
والبطلان يعني أن الحكم صدر صحيح ًا ويولد آثاره حتى يتقدم المحكوم عليه بطلب بطلان
ولا يزال الحكم مرتبًا لآثاره إلى أن تقضي المحكمة ببطلانه وهنا يكون له أثر رجعي. 

فقانون 2005 م أشار في المادة ( 41 ) في الفقرة الثالثة على سوء سلوك أو فساد المحكم.
وفي رأيي الخاص: 

كان على المشرع أن يضيف شرط الأ مانة والأخلاق لأن الغش واقعة مادية يجوز إثباتها
بكافة الطرق . فالمشرع لم يحدد من المتسبب في الإهمال، والإهمال يعني التقصير، وقد يجوز أن
يكون بعدم سوء النية.

أما في حالة الإهمال الخطير يقع على المحكمة عبء تحديده، ومن أسباب الإعتراض:
-1 أن المسألة لم تكن محالة ل لتحكيم وهذا يناقض الواقع لأن هنالك نص في العقد بحل أي نزاع
ينشأ بين الطرفين وتقدمت المحتكمة (الشركة السودانية للطرق والجسور ) بطلب لدى
المحكمة المختصة لإيداع الإتفاق بشأن التحكيم لدى المحكمة المختصة وذلك حسب ما ورد
في المادة ( 153 ) من قواعد التحكيم المنصوص ع ليها في قانون الإجراءات المدنية لسنة
1983 م. 

فالطرفان المتعاقدان عند إتفاقهما وإبرام العقد كان إتفاق التحكيم بينهما يتضمن شرطًا
تحكيميًا يمنح الطرفان حق اللجوء للمحكمة وهو ما يسمى التحكيم عن طريق المحكمة أو تحت
إشراف المحكمة (التحكيم الإجباري). 

إعتراض المحتكمة (الشركة السودانية للطرق والجسور).
1) فصل القرار في مسألة لم تكن محالة على أساس أن القرار قضى للمحتكم (الشركة الصينية )
للهندسة والإنشاءات البترولية) بأكثر مما يطالب به. 

هذه المسألة إذا لم تحل بجهة الإحالة تجعل قرار التحكيم قاب ً لا للبطلان وهذا ما نص عليه
التشريع السوداني السابق واللاحق وقواعد التحكيم الوطنية والدولية.
فالقانون السوداني (المواد السابقة المختصة بالتحكيم في قانون الإجراءات المدنية ) نص على
أنه تجاوزته الهيئة بما نص عليه في إتفاق التحكيم يعد هذا سببًا من أسباب البطلان.
فالمشارطة أو الإتفاق التح كيمي يجب أن يكون محددًا بدقة لتفاصيل المطالبات أما إذا كانت
غير محددة تحديدًا دقيقًا، فهنا يجوز للهيئة أن تحكم بما تشاء وفقًا لما توصلت إليه. 

أما بالنسبة الى إغفال قرار التحكيم الفصل في الدفع المبدئي، في رأيي أن الدفع المبدئي لا
يدخل ضمن المسائل المحالة ل ل تحكيم حسب ما ذهبت اليه المحتكم ضدها لأن المسائل المحالة
دائمًا تكون إبتدا  ء أي قبل البدء في نظر النزاع منذ إستلام صحيفة الدعوى والقيام بإحالتها
للمحتكم ضدها للرد. 

وأخيرًا الإستناد إلى فساد سوء سلوك رئيس لجنة التحكيم وعضو اللجنة المعين من قبل
المحتكم، حقيقة الفساد وسوء السلوك من بطلان التحكيم، ولكن في رأيي الخاص أنه إذا ظهر
خلال إجراءات التحكيم هذا الفساد فعلى الجهة المتشككة أن تتقدم بطلب رد المحكم أو عزله إذا
ظهرت بوادر الرشوة أو أي سلوك إنحيازي أو إيماء أو إيحاء قد يزعزع سير القضية أو يؤثر
في شهادة الشهود وهو ما يخل بسير العدالة. 

هنا الطعن بالبطلان هو الطريق الوحيد في قضاء التحكيم للإستئناف أو الطعن في قرارات
التحكيم.
يفهم في الإعتراض القبول إذا شابت الإجراءات عيوب شكلية.
فالقضية قيد النظر برغم أنها نظرت في ظل قواعد قانون سابق وأثناء النظر وقبل إصدار
القرار صدر قانون جديد فهذا لا يغير في الأمر شيئًا بالنسبة لآراء قضاة المحكمة العليا.
أتفق أثنان وخالفهما الرئيس فجميع الآراء في تقديري موفقة ولها مبرراتها وأسانيدها
القانونية التحكيمية.
وإتفاق الأغلبية على أن محكمة الموضوع عندما أصدرت قرار إلغاء قرار هيئة التحك ي م كان
عليها أن تقرر السير في نظر الدعوى بنفسها.
تعليقي على هذا وبرأيي المتواضع أن هنالك قصورًا (لأن في التحكيم يجب أن تكون نهائية
القرار لمحكمة الإستئناف أو المحكمة العليا). 

وللمحكمة المختصة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها وهذا في حالة ما إذا كان التحكيم
إجباريًا أي عن طريق (المحكمة) حيث يتم إيداع القرار أمام المحكمة بواسطة المحكمين أو حالة
إيداع القرار للتنفيذ.
فالعدالة تقتضي أن يكون طلب الطعن بالبطلان للمحكوم ضده وللمدعي أيضًا وهنا يتجلى
قصور المادة لأنها قصرت حق تقديم طلب الطعن بالبطلان للمحكوم ضده فقط.