الأصل أن تتشكل هيئة التحكم بإرادة الأطراف وباتفاقهم، حيث يعد تشكيل البيئة من المواضيع الهامة التي يتفق عليها أطراف الخصومة في منازعاتهم.
وتتشكل هيئة التحكيم من محكم واحد أو عدد من المحكمين وذلك طبقاً الاعتبارات يقدرها أطراف النزاع، وفي هذا المجال يبرز الطابع التعاقدي لاتفاق التحكيم معطياً الأطراف كامل الحرية في تحديد عدد المحكمين والذين تتشكل منهم هيئة التحكيم.
أما إذا لم يلجأ الأطراف إلى اختيار مؤسسة تحكيمية، فان الأمر يعود لهم باختيار المحكمين بأنفسهم وبالطريقة التي يرونها مناسبة، حيث إن نظام التحكيم يقوم على الثقة الشخصية للخصوم في هيئة التحكيم من حيث خبرتها وقدرتها على إعطاء النزاع حلاً قانونياً وعادلاً وشرعياً وفي حالة عدم اتفاق الأطراف على تشكيل هيئة التحكيم نجد أن الكثير من القوانين الوطنية ولوائح مراكز التحكيم المنظمة والاتفاقيات الدولية غالبا ما تتصدى لهذا الموضوع وتقوم بمساعدة الأطراف على تشكيل هيئة التحكيم واختيار المحكمين.
لا يجوز للمحكمة المسماة في المادة(6) أن تلغي أي قرار تحكيم إلا إذا
أ- قدم الطرف طالب الإلغاء دليلا يثبت: ............... 4- أن تشكيل هيئة
التحكيم أو الإجراء المتبع في التحكيم كان مخالفا لاتفاق الطرفين، ما لم يكن هذا الاتفاق منافيا لحكم من أحكام هذا القانون التي يجوز للطرفين مخالفتها..............
أما اتفاقية نيويورك فقد أجازت رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم في البلد المطلوب إليها الاعتراف، إذا قدم الخصم ما يثبت أن تشكيل هيئة التحكيم
وانطلاقاً من أهمية تشكيل هيئة التحكيم وأثرها على الحكم، سوف أتناول طرق تشكيل هيئات التحكيم في النظامين الحر والمؤسسي.
ولا شك أن الأطراف التحكيم سلطة واسعة في تشكيل هيئة التحكيم، إلا أن هذه السلطة ليست مطلقة.
الفرع الأول : طريقة تشكيل هيئة التحكيم الخاص
الأصل أن تشكيل هيئة التحكيم يعود لإرادة واتفاق الأطراف، فقد يتفقون على أن تكون الهيئة مشكلة من محكم واحد أو أكثر، فإذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وتراً.
وقد أثارت فكرة تعدد المحكمين جدلاً بين الفقهاء، فيرى أصحاب فكرة تعدد المحكمين أن في ذلك تحقيق ضمانة مقررة لفض النزاع حياد القرار الذي يصدر عن هذه الهيئة المشكلة من أكثر من محكم واحد.
ويرى أنصار هذا الاتجاه أن المحتكمين غالباً ما يحرصون على تعدد المحكمين دون المبالغة في عددهم، لما يترتب على ذلك من نفقات أتعابهم التي لا يستهان بها خاصة إذا كانت قيمة النزاع كبيرة فيكتفي بثلاثة محكمين استفادة من تنوع خبراتهم، الأمر الذي سينعكس على سلامة ما ينتهون إليه من قرار.
أما في حالة تعدد المحكمين فهذا الأمر قد يعرقل إجراءات التحكيم أمام هيئة التحكيم بسبب عدم تعاون المحكمين، ناهيك عن إطالة مدة التحكيم.
ولكن قد تتخلف هذه الإرادة، فقد لا يتفق الأطراف على تعيين المحكم لأي سبب كان، ففي هذه الحالة بين قانون التحكيم المصري أنه في حالة إن كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد فإن المحكمة المختصة المشار إليها في المادة (9) هي التي تتولى تعيين المحكم في حالة طلب أحد الأطراف .
أما في حالة إن كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين، فعلى كل طرف أن يتولى تعيين محكم، أما الثالث فيتم اختياره بالتشاور والتراضي بين الطرفين أو باتفاق المحكمين، وهو الذي يتولى رئاسة التحكيم باعتباره أكثر المحكمين حياداً، ذلك أن المحكم الذي يختاره كل طرف مباشرة يحاط دائما بشبهة الانتصار لمن يختاره ويتكفل بأتعابه ويغلب عليه الدفاع عن مصالح من اختاره.
المادة (9) من هذا القانون اختياره بناءً على طلب أحد الطرفين. ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة رئاسة هيئة التحكيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين". ويكون قرار المحكمة المختصة باختيار المحكم الثالث على وجه السرعة ولا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن (المادة 3/17) كما أنه في حالة أن خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها، أو لم يتفقا على إجراءات الاختيار أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن تولت المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع القيام بهذا الإجراء أو بالعمل المطلوب بناء على طلب أحد الطرفين ما لم يتفقا على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل. (المادة2/17).
ويلاحظ هنا أن تدخل المحكمة في حالة تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين يفترض وجود شرطين هما: إذا لم يتفق طرفا التحكيم على عدد المحكمين، والثاني إذا اتفق الطرفان على أن يكون العدد ثلاثة لكن أحدهما لم يقم باختيار محكمه، أو لم يقم المحكمان المعينان باختيار المحكم الثالث.
يقضي باختيار عدد من المحكمين يفوق العدد الذي يقوم الآخر باختياره، ويقضي باستقلال المحكم المختار من قبله بالفصل في النزاع في حالة تخلف الطرف الآخر عن اختيار محكمه وبالتالي فإن تشكيل هيئة التحكيم بشكل مخالف لاتفاق الأطراف يؤدي إلى إبطال إجراء التحكيم مما يعد سببا لبطلان حكم التحكيم نفسه.
كما يلاحظ أن المادة (17) من قانون التحكيم المصري والمادة (16) من قانون التحكيم الأردني قد بينتا في الفقرة الأولى والثانية منهما أسباب تدخل القضاء ع تشكيل هيئة التحكيم، فأعطت الفقرة الأولى الحق في التدخل بسبب عدم اتفاق الأطراف على اختيار المحكمين أو على كيفية ووقت اختيارهم، أما الفقرة الثانية فقد ذكرت سببا آخر لهذا التدخل يتمثل في مخالفة إجراءات اختيار المحكمين.
هذا ونجد أن نظام التحكيم السعودي قد عالج موضوع اختيار هيئة التحكيم وفي حالة عدم اختيار الأطراف للهيئة فجعل الأصل في التعيين اتفاق المحتكمين في وثيقة التحكيم فقد نصت المادة (10) من النظام على أنه: "إذا لم يعين الخصوم المحكمين.
حيث أعطى صلاحية التعيين للجهة المختصة أصلاً بنظر النزاع في الحالات التالية:
1. إذا لم يعين الخصوم المحكمين.
2. امتناع أحد الطرفين عن تعيين المحكم أو المحكمين الذين ينفرد باختيارهم.
3. امتناع واحد أو أكثر من المحكمين عن العمل أو اعتزاله، أو قام به مانع من مباشرة التحكيم أو عزله عنه، ويتم التعيين وفقا للضوابط التالية :
أ. عدم وجود شرط خاص بين الخصوم على التعيين
ب. أن يكون التعيين بناء على طلب من يهمه التعجيل من الخصوم.
ج. أن يكون التعيين بحضور الخصم الآخر أو في غيبته بعد دعوته إلى
جلسة تعقد لهذا الغرض.
د. أن يكون عدد من يعينون مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو
مكملاً له.
ه. أن يكون القرار بهذا الشأن نهائياً.
حيث نصت المادة الخامسة من هذه القواعد على ترك تحديد عدد المحكمين لارادة المحتكمين فإذا لم يكن هناك اتفاق مسبق ولم يتم الاتفاق خلال خمسة عشر يوماً من تلقي المدعى عليه إخطار التحكيم على ألا يكون هناك إلا محكم واحد فقط. وجب أن تشكل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين .
وعندما يتعلق الأمر بتعيين محكم واحد ، فيجوز لكل من الطرفين أن يققترح على الآخر ما يلي :
1. إما اسم شخص واحد ليكون الحكم الوحيد أو أسماء جملة أشخاص يكون اختيار المحكم من بينهم.
2. أو اسم مؤسسة واحدة أو عدة أسماء المؤسسات يمكن اختيار سلطة التعيين من بينهما (المادة 1/1/6 ، ب).
فإذا انقضى ثلاثون يوما من تاريخ تسليم أحد المحكمين الاقتراح المقدم من الآخر دون أن يتفقا على تعيين المحكم الواحد، تولت تعيينه سلطة التعيين التي اتفق المحتكمان على تسميتها، فإذا لم يكن المحتكمان قد اتفقا على تسمية سلطة التعيين، أو إذا امتنعت السلطة عن تعيين المحكم
ويتم هذا التعيين في أقرب وقت ممكن وفقا لنظام القوائم التي ترسل للمحتكمين متضمنة ثلاثة أسماء على الأقل. المادة (3/6/أ ). ولكل من المحتكمين خلال خمسة عشر يوما من تاريخ تسلم هذه القائمة أن يعيدها إلى سلطة التعيين مبديا اعتراضه أو تفضيله الأسماء القائمة. المادة (3/6/ب).
أما في حالة اختيار ثلاثة محكمين، يختار كل طرف محكما واحدا، ويختار المحكمان المعينان المحكم الثالث وهو الذي يتولى رئاسة هيئة التحكيم، فإذا تقاعس أي طرف خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسليم إخطار عن اختيار محكم فإنه يجوز لأي طرف أن يطلب من سلطة التعيين تعيين المحكم الثاني إذا لم تسم سلطة التعيين أو امتنعت هذه السلطة أو لم تتمكن من إتمام التعيين خلال ثلاثين يوما من تسليم الطلب، جاز لأي طرف أن يطلب من الأمين العام لمحكمة التحكيم الدائمة تسمية سلطة التعيين، وله عندئذ أن يطلب من سلطة التعيين تعيين المحكم الثاني .
وعندما يطلب من سلطة التعيين اختيار المحكم، يجب على الطرف مقدم الطلب أن يرفق صورة من إخطار التحكيم، وصورة من العقد الذي نشأ عنه النزاع أو صورة من اتفاق التحكيم، وللسلطة حق طلب أي معلومات ضرورية لذلك.